فضاءات سيدي نعمان

سيدي نعمان

فضاء الإبداعات الأدبية والفنية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو عبد الله
مسجــل منــــذ: 2010-10-25
مجموع النقط: 25.34
إعلانات


زهـــــــــــــرة الياسميـــــن...


قصــــــــــة قصيــــــــــــــرة ــــــــ زهـــــــــــرة الياسمين ـــــــــــــــ
الاهداء : إلى هؤلاء الذين يحلمون بالحياة السعيدة لكل الناس ...الى كل عربي ..الى كل تونسي ...لانني استوحيت هذه السطور من قصة واقعية شاهدتها على التلفاز تروي قصة اسرة تونسية ...ولقد حكى لي صديق لي عن مايشبه هذه القصة لاخوين في احد ربوع الجزائرتبرع كل منهما بكلية لاخيهم المصاب بداء القصور الكلوي ...وحكايات اخرى حول نفس الموضوع ...فرايت ان انشر هذه القصة وهي قابلة للتطوير وكلي امل ان يستوحي منها ومن غيرها من قصص واقعية تعبر بصدق عن الانسان العربي المسلم وعن قيمه اعمالا تلفزيونية تعلي من شان الانسان وتبرز فيه القيم الراقية بدل استيراد مثل اقواما اخرى ....] ...تحية خاصة الى تلك الاسرة التي ألهمتني هذه السطور فهي وان عبرت عن شيء فهي تعبر عن تقديري واحترامي الكبيرين ...ودعائي الخالص لتلك الاسرة بالصحة والعافية والهناء...
في إحدى قرى تونس الخضراء ، تمتد على طول الافق بيوتات من الطين ...الناس يعتاشون من الفلاحة والرعي ويعانون شظف العيش ...يقوم الصبيان برعي الاغنام وأعمال المنزل رفقة الوالدين ...وكان من بين هؤلاء فتى يقال له " منصور" كان حلم ابيه ان يتعلم كأصحاب المدن ويكون موظفا في الدوائر الحكومية او استاذا ...وتشاء الاقدار ان يكون التلميذ "منصور"من تلاميذ مدرسة القرية تحت رعاية معلمين يجتهدون في بناء الأجيال التي تخلفهم مستقبلا في بناء الوطن ...وكبر الفتى وكبرت أحلامه وانتقل من نجاح الى نجاح ...ولقد كان نجاحه في شهادة البكالوريا فرحة كبرى للعائلة هاهو يحلم بان يكون مهندسا فكان له ما أراد ..وواصل دراسته الجامعية بجد واجتهاد وطموحاته وآماله تملأ القلب والجوانح ، يتخرج بعدها مهندسا يترقب العمل في إحدى المؤسسات الحكومية وكان له ماأراد..وهو الشاب المقبل على الحياة وكله حيوية ونشاط وهمة وعزم ، لاتفارقه الإبتسامة متواضعا بين زملائه خدوما لهم ..يسأل عنهم يواسي مريضهم ويعين محتاجهم ويتدخل لحل مشكلة وقعت لأحدهم ..لقد قرر الآن بعد استقراره الوظيفي ان يبني اسرة ..إنه حلم والدين ان يريا ابنهما متزوجا ومستقرا وله أطفال واسرة يرعاها وزوجة تخدمه ..نعم كان له ذلك فلقد وقع اختياره على ابنة من اسرة كريمة فتقدم لخطبتها وتمت مراسم الخطبة وبعدها حدد موعد الزواج واستدعي الأقارب لحضور حفل الزواج والتقى الجيران على موعد مع الفرح لابن قريتهم البار وقاسموه الفرحة..
ـــــــ 01 ــــــــ
بدأت حياة الأسرة الصغيرة المكونة ...هادئة لا تشوبها شائبة ككل اسر المجتمعات العربية ...الاسرة تقاسم ابنها فرحته وحياته الجديدة وتعينه في ذلك..
تتوالى الايام والشهور...تتوق الاسرة السعيدة الى مولود جديد ..الام حامل وتنتظر مولودها بفارغ الصبر ...حان موعد الميلاد انها بنت سموها على بركة الله ياسمين ..لقد ولد بعدها اطفال آخرون لكنهم كانوا الى الوفاة اقرب منهم الى الحياة ..انه شيءمن الابتلاء ويتلقى الاب ذلك بصبر على قضاء الله وقدره واحتساب ذلك عند الله ...الايام تجري ...تعرضت الام الى دوار خفيف ربما هو عرض مرض بسيط ...لكن احساسها بالضعف الشديد استدعى نقلها الى المستشفى وسرعان ماكشف الطبيب على المريضة وابلغها بأنها مريضة بداء القصور الكلوي ...فأصيبت بالذعر وانقلب هدوء الأسرة الى اضطراب ودهشة ..فالزوجة بدأت تشعر بان قطار مستقبلها قد فتح باب قاطرة المعاناة والالم والأوجاع التي لا تنتهي ...فكانت اول عملية دياليز مرعبة لمن كانت تقف على رجليها تقوم بعملها فإذا بحياتها تتحول الى مواعيد مع آلة التصفية في المستشفى ..ورويدا رويدا اعتادت المريضة على ذلك ..
ووقف الزوج بجانب زوجته يعينها ويقوم معها بشؤون البيت ورعاية شؤون ابنتهما الوحيدة ...وبصبر وتضحية قل مثيلها ..مطمئنا زوجته مذكرا لها بالله وان مصابها ليس إلا ابتلاءا لصبرنا وان الله سبحانه يجازي الصابرين ...بدات المعاناة مع الدياليز (آلة التصفية )..طرحت مسألة زرع الاعضاء (كلية) والقانون التونسي لا يجيز التبرع بالاعضاء الا للأفراد القريبين من المريض ...فتقدم للتحاليل إخوة وأخوات السيدة لكن هناك مايحول دون التبرع بالكلية من أي منهم بسبب المرض او كبر السن ...وغيرها من الاسباب الطبية ، الوحيد الذي تتناسب معطيات التشخيص الطبي لديه لامكانية التبرع بكلية الى المريضة هو زوجها "منصور"..ولقد خاض تجربة مضنية مع التحاليل والاطباء للتبرع بكليته الى زوجته ..وقوبل طيلة 10سنوات بالرفض بالسبب القانوني الذي لا يجيز التبرع لغير الاقارب ولم يكن مسموحا للزوج ان يتبرع لزوجته...لكن الرجل كان يرى معاناة زوجته تزداد يوما بعد يوم ففي كل اسبوع تقوم بعملية التصفية مرتين اوثلاث في الليل او النهار والمعاناة تزداد ...
لقد علم الله صدق نية الزوج الكريم ورغبته الاكيدة في مد يد العون لزوجته ، وصادف ان تقرر قانون جديد يجيز لكلا الزوجين بالتبرع للآخر بعضو من جسمه ..
فهب مسرعا الى المستشفى وقام باإجراءات والتحاليل اللازمة والتشخيصات فكانت المعطيات كلها ايجابية وتفيد بتطابق الأنسجة وكل مايسمح طبيا بنقل كلية من الزوج الى زوجته ..هاهي ملامح البشر تظهر على الزوجة التي عانت وبدأبصيص الأمل يلوح في الأفق ..
انها لا تصدق كيف ان هذا الرجل المتواضع الصبور مستعد للذهاب بعيدا حتى الى المغامرة بحياته والتبرع بكليته ...انها الرغبة والرهبة التي تملأ قلب الزوجة ..
رغبة في التخلص من معانانتها مع هذا الداء تصحبها رهبة وخوف من عدم نجاح العملية فتخسر زوجا صامدا صابرا محتسبا واقفا الى جنبها فستضيف الى معاناتها معاناة زوجها وهذا يجعل من ابنتهم تتعب كثيرا ..
.ــــــ 02 ــــــــ
انها ساعات قلق لكن الزوج الكريم لايرى لنفسه نجاحا او فشلا بل يرى انه مشروع انقاذ لنفس بشرية تشرف على الهلاك ..انه يرى انه لابد من تقديم المثل للبنت في التضحية من أجل الأم ومن خلالها من أجل الأبناء ...وتحدد موعد العملية الجراحية التي يتم خلالها زرع كلية الى الزوجة..ويقول السيد منصور انه قبل اجراء العملية بحث في الانترنيت حول كل مايدور حول العملية ومن جميع الجوانب وايضا جانبها الشرعي .نعم كان مشروع انقاذ لنفس بشرية تشرف على الهلاك....وتحدد موعد اجراء عملية الزرع ولكم كان المشهد مؤثرا لزوجين متحابين بصدق يقبلان على تقاسم الألم بعدما تقاسما الأمل والأحلام والسعادة والهناء ..فالفريق الطبي جاهز للقيام بالعملية المنوطة به ...والرجل محتسبا لله داعيا الله ان ييسر له أمر انقاذ زوجته لكي تواصل تربية ابنتهما الوحيدة ...
بدأمشرط الجراح يعمل هنا ومشرط جراح يعمل هناك ..
انها الاعضاء تنتقل من جسم الى جسم بعدما سبقتها مشاعر صادقة قبل ذلك ،انها النهاية الصادقة لمقدمات صادقة ..وتم النقل او الزرع بسلاسة وتم بنجاح وتبادل الأطباء تهاني نجاح عمليتهم وكانوا شهودا على روعة الإيثار من أجل الآخر ..وصدق الحب والمودة التي جمعت بين هذين الزوجين ، استفاق كل منهما من غيبوبة العملية وبدأت الحالة تتحسن لدى كل منهما ...
انها المياه الصافية تعود الى مجاريها متدفقة تقديرا وإجلالا كل منهما للآخر ..ترى هل هناك من قول بليغ ورد جميل يكافئ هذا العمل ..؟استفاقت الزوجة وفتحت عينيها على اخ زوجها المعين والسند لهذه الاسرة في تجاوز معاناتها ..فلقد كانت عائلة الزوج ايضا تقف الى جانبها في محنتها ...وتقاسمها الألم والبسمة التي رافقت الشفاء ..انها الآن تتعافى والأطباء يقولون انها سوف لن ترجع باذن الله الى معاناتها السابقة مع آلات التصفية ..انها البشرى السارة ،الزوج يسأل عن زوجته والزوجة تسأل عن زوجها ...انها عناية الله التي ترعى الكون فلقد ابتلى الله عباده بشيء من الضر فلما علم صدقهم ايسر لهم امر الحل ، فكان الفرج والبسمة على كل الوجوه وكانت عبرة لكل مؤثر ..بعد قضاء فترة النقاهة عادت الأسرة إلى حالها الأول من الأمل والفرحة وكأن ابنتهم زهرة سقيت بماء مقدس طهور ،انه محلول المودة والإيثار وتقديم الغالي من أجل الآخرين ..تعلو محياها اليوم مسحة من البشر والابتسامة لا تفارقها ...يكثر العائدون ..يهنئون الزوجة على السلامة والزوج على الصحة والعافية ..
ولم تجد الزوجة شيئا يرد جميل زوجها ..إن كلمات الشكر لا تكفي ..والزوج يقابل ذلك باحتسابه للأجر من ربه ويحمد الله على العافية ..انه يعلم أن ماعند الله خير وأبقى ..راودت خيال الزوجة فكرة اتصال بقناة تلفزويونية وعرض قصتها عليها وأنها تود من خلالها أن تشكر زوجها وتعترف بجميله عليها لأن كلمة "شكرا" واحدة لا تكفي ولا تفي هذا الرجل حقه فقررت أن تكون من خلال التلفزيون كلمة"شكرا" على لسان الملايين من المشاهدين ..وتحقق لها ما أرادت فلقد استدعيت الى حصة تلفزيونية وتحدثت عن تجربتها ومسار معاناتها ...ووقوف زوجها الى جانبها بتضحية وصبر قل مثيله وهي لا تملك الا أن تقول عبر الحصة "شكرا" وهي امرأة متواضعة أرادت تقديم ماستطاعت من العرفان لزوجها الكريم ..حدد موعد لزوجها أيضا بشكل مفاجئ فلما استدعي الى بلاتو الحصة قيل له أنت اليوم على موعد مع مفاجأة ..فلم يتركوا له كثير التفكير وأبلغوه أنها زوجته تريد أن تشكره أمام العالم على صنيعه معها ...ظهرت زوجته على الشاشة وهي تقول أنا أعرف انك لا تحب الشهرة فيما تقوم به من أعمال ..لكنها رأت أنه من واجبها أن تعبر له عن جميل شكرها وعظيم تقديرها في حصة تلفزيونية أمام العالم كله..
فاستقبل الأمر بابتسامة وهو يقول في الحقيقة ماقمت به ليس الا طلبا لأجر ربي وهو من قبيل الصدقة الجارية وليس طلبا للشهرة او الشكر..
بينما هو يتحدث بتواضع وثقة ..كانت دموع الزوجة تسيل لأنها تكشف أيضا فيه الإنسان الذي يعطي بدون مقابل فلقد قام بذلك لأن كان يرى معاناة العائلة ككل من خلال معاناة زوجته لذا قرر أن يتقدم صف التضحية من أجل الأسرة المكونة من زوجته وابنته فكان الله في عونه وحقق المراد الخير للعائلة والحمدلله رب العالمين...
فقال المنشط إذن اليوم سنشكرك بطريقتنا..حينها علت تصفيقات الحاضرين وهم يرمون الزهور على أكتاف منصور وهو يرد عليهم بيديه مبتسما متواضعا ...
وفتح السور الحاجز الذي بين ضيفي الحصة فتقابلا الزوجان وترافقا الى خارج الاستوديو والمنشط معجب بهذا المثل الذيشاهده وكأنه لا يصدق مايرى ...إن ابنتهم في انتظارهم فلقد نمت كزهرة في حديقة سياجها الكرم والوفاء وتربتها الحب والمودة ....
30 نوفمبر 2010

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع

| ابو عبد الله | 19/04/11 |
بارك الله في كل من قرأ كتاباتي ...وبارك الله في كل من أضاف تعليقا .....فلكم مني جميعا كل الشكر والتقدير ...

| fella | 15/04/11 |
ولو أنني أوتيت كل بلاغة ****** وأفنيت بحر النطق في النظم والنثر
لما كنت بعد القول إلا مقصرا ***** ومعترفا بالعجز عن واجب الشكر

| العوادي ريان | 26/12/10 |
UNE TRES BELLE HISTOIRE ..... MERCI


...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة