فضاءات الجديدة (البلدية)

الجديدة (البلدية)

فضاء الأخبار والمستجدات

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
المصطفى بنوقاص
مسجــل منــــذ: 2012-08-02
مجموع النقط: 2369.54
إعلانات


الساعة القانونية

كتبها - الحبيب الدائم ربي
هناك مؤشرات عديدة توحي بأننا لسنا خارج المكان وحسب -كما عبّر عن ذلك الراحل إدوار سعيد- وإنما خارج الزمن أيضا.. ذلك أننا «نعيش حيث لا نعيش»،

وفقا لتوصيف جاك بريفير، و«حيث» الظرفية، هنا، تفيد الزمكان: أي «المتى» و«الأين» معا.. يتجلى ذلك في علائقنا الملتبسة بذواتنا، أولا، وبالآخرين ثانيا، وبمحيطنا ثالثا ورابعا وعاشرا. في الحياة كما في الكتابة، تتلبسنا شيزوفرينيا غير قابلة للتفسير، أو لعلها تحتاج إلى منطق يعوزه بعض المنطق أو كله. فصلتنا بالمكان واهية أو تكاد، إذ نسكنه من دون أن يسكننا. ولا غرابة -بل هي الغرابة- في أن يصير المكان، بالنسبة إلينا، سجنا أو منفى، ويغدو الوقت متصرما من بين أصابعنا بدداً. فنقدره بوزن الحصى والتراب. نؤجل عمل يومنا إلى الغد.. ولا غد للغد. نتواعد، على أمر، بالأعوام والشهور، ونضرب المواعد بالأسابيع. وإذا دقـّقنا الحساب قلنا نلتقي غدا أو بعد يوم.. فلا مجال للتدقيق، لأننا لن نلتقي أصلا، وإذا التقينا فلن نفيّ بما قطعناه في ما بيننا ولن نحقق مزيّة..
تلك مقدمة ركيكة دعاني إليها ما سمعته يتكرر في وسائل الإعلام هذه الأيام (من دون تحديد دقيق للوقت إمعانا في التأكيد على التسيب في عدم الضبط) بكوننا، في المغرب، قد عدنا إلى «الساعة القانونية» و«التوقيت القانوني»، مما أثار الشكوك لديّ، أنا العبد الضعيف، في ما إذا كنا، لا سمح الله، قد عشنا خارج القانون طيلة أشهر التوقيت الصيفي.. أي منذ التاسع من شهر أبريل إلى ما بعد منتصف ليلة الثلاثين من شتنبر بثلاث ساعات، ما خلا شهر الصيام. والحمد لله. وهذا ، إن صحّ، أمر غاية في الخطورة يكون المغاربة جميعا قد سلكوه في دولة شعارها «الحق والقانون».. عدا شخصين اثنين هما: أنا، الفقير لله (ومعذرة عن عدم احترام الرتبة) والسيد رئيس الحكومة، الذي صرح في برنامج تلفزيوني، وعلى رؤوس الأشهاد، بأنه ترك ساعته على حالها من دون تغيير... فالعبرة بالنوايا لا بالأفعال. ومع ذلك فحسب علمي، القليل، فإن مشاريع القوانين التي تتم المصادقة عليها من قبل مجلس الحكومة ورئيسها، تصير فور المصادقة عليها ونشرها في الجريدة الرسمية، قوانينَ ذات قيمة إبرائية فعلية. ولا شك أن مرسوما معلوما قد أضاف ساعة إلى توقيتنا لفترة معلومة على أساس حذفها في ما بعد. وبالتالي فهي لا يمكن إلا أن تكون قانونية، في البدء والمنتهى.. كما هي قانونية الساعة الاعتيادية التي تنظم إيقاعنا الرسمي الاعتيادي، فيما تبقى ساعاتنا البيولوجية تارة قانونية وتارة غير ذلك وطورا بين بين.
والحق أن الخطأ ليس في منطوق وسائل الإعلام، بل في بلاغ وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، الذي صاغ مفرداته بعناية تفتقر إلى العناية اللازمة، وباللغتين، أمَا كان له أن يقول، مثلا: «لقد أضيفت إلى توقيتنا ساعة أو حذفت ساعة وكفى»؟.. اللهم إنْ كان فهمي القاصر لم يستوعب ما قيل من قبل ومن بعدُ... أو كان في البلاغ شيءٌ أجمل ُمن «حتى» في مواقع شتى... رغم أن «حتى» لم يسمع عنها أنها كانت يوما بليغة ولا جميلة.. يا حسرة على سيبويه!..


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة