فضاءات الاحراز

الاحراز

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
ناصر قطب محمد سليمان
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 52
إعلانات


حكم الاختلاط في الأفراح


ما حكم الاختلاط في الأفراح إذا كان كل (المعازيم) هم من أهل العريس والعروسة، وكانت الأغاني إسلامية، ولا يوجد ما هو خارج عن العادات مثل الرقص وما شابه ذلك؟ جزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فللناس موقفان من الاختلاط، بعضهم يرى أن كل لقاء للرجل بالمرأة محرم مهما كانت دواعيه، ومهما عظمت أهدافه وكثرة ضوابطه، فلا اختلاطَ في العمل ولا المدرسة، ولا الجامعة، ولا حوار بين رجلٍ وامرأةٍ على الإطلاق.
وبعضهم يرى أن الاختلاط مباحٌ ومتاحٌ بغير ضابطٍ ولا رابطٍ مهما كانت أسبابه، وأيًّا كانت نتائجه، وكلا الموقفين جانبه الصواب.
وما نختاره للفتوى أن تكون العلاقة بين الرجل والمرأة منضبطةً بضوابط الشرع كما كانت العلاقة بين الرجل والمرأة في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين ومَن تبعهم إلى يومنا هذا.
وقد كانت المرأة تُكلِّم الرجل ويُكلِّمها، وتحضر في المسجد مع النبي- صلى الله عليه وسلم- وتكون في الصفوفِ الأخيرة، وكانت تخرج مع النبي في الغزوات وكانت عالمةً تُعلم الرجلَ ومتعلمةً تتعلم منه دون نكيرٍ من أحد.
وما نؤكد عليه أنَّ اللقاء المذكور في الأفراح إذا التزمت المرأةُ بزينتها ولباسها المشروع فلا (مكياج) ولا عطورَ ولا التصاق للأجساد ولا خلوةَ بالرجل، والتزم الرجل بغضِ البصر فلا مانعَ من الاجتماع في هذه الأفراح في مكانٍ واحد، وإن كان من الممكن أن يجلس الرجال في ناحية والنساء في ناحية فذلك أفضل.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
"والذي أَوَدُّ أن أذكره هنا: أن الواجب علينا أن نلتزم بخير الهدْي، وهو هدْي محمد صلى الله عليه وسلم، وهدْي خلفائه الراشدين، وأصحابه المهديين، الذين أمرنا أن نتبع سُنتهم، وأن نعَض عليها بالنواجذ، بعيدًا عن نهجِ الغرب المُتحلِّل، ونهْج الشرق المُتشدِّد.
والمتأمل في خيرِ الهدْي يرى أن المرأةَ لم تكُن مسجونةً ولا معزولةً، كما حدَث ذلك في عصور تخلُّف المسلمين.
فقد كانت المرأة تشهد الجماعة والجمعة، في مسجدِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ومنها: صلاة العشاء وصلاة الفجر وكان عليه الصلاة والسلام يَحُثُّهُنَّ على أن يتَّخِذْنَ مكانَهُنَّ في الصفوفِ الأخيرة خلْف صفوفِ الرجال، وكلَّما كان الصف أقرَب إلى المؤَخِّرة كان أفضل، خَشيَة أن يظهر من عورات الرجال شيء، وكان أكثرهم لا يعرفون السراويل، ولم يكُن بين الرجال والنساء أيَّ حائلٍ من بِناءٍ أو خشبٍ أو نسيج، أو غيره.
وكانوا في أول الأمر يَدخُل الرجال والنساء من أيِّ باب اتَّفَق لهم، فيَحدُث نوع من التزاحم عند الدخول والخروج، فقال عليه الصلاة والسلام: "لو تَركْنا هذا الباب للنساء" (رواه أبو داود، جـ 1 برقم (462) عن ابن عمر، وفي رواية أخرى لأبي داود (463) أن قائل ذلك هو عمر، قال: وهو أصح)، فخصَّصُوه بعد ذلك لهُنَّ، وصار يُعرف إلى اليوم باسم "باب النساء".
وكان النساء في عصر النبوة يَحضُرْنَ الجمعة، ويَسمعْن الخطبة، حتى إنَ إحداهنَّ حفِظَت سورة "ق" مِن في رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مِن طول ما سمعتْها من فوق منبر الجمعة.
وكان النساء يَحضُرن كذلك صلاة العيدَيْن، ويُشارِكْن في هذا المِهرجان الإسلامي الكبير، الذي يَضم الكبار والصغار، والرجال والنساء، في الخلاء مُهلِّلين مُكبِّرين.
روى مسلم عن أم عطية قالت: "كُنَّا نُؤْمَر بالخروج في العيدَيْن، والمُخَبَّأَةُ وَالبِكْرُ".
وفي رواية قالت: "أمرَنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن نُخرجَهُنَّ في الفِطر والأضحى: العواتق (جمع: عاتق وهي الجارية البالغة، أو التي قاربت البلوغ) والحُيَّض وذوات الخدور، فأما الحُيَض فيعتزلن الصلاة، ويَشهَدْن الخير ودعوة المسلمين، "الخطبة والموعظة ونحوها" قلت: يا رسول الله: إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: "لتُلْبِسُها أختُها من جلبابها". "أيْ تُعيرُها من ثيابها ما تَستغني عنه (والحديث في كتاب "صلاة العيدين" في صحيح مسلم، جـ 11، حديث رقم (890).
وهذه سُنَّة أماتَها المسلمون في جُلِّ البُلدان أو في كلِّها، إلا ما قام به مؤخرًا شباب الصحوة الإسلامية الذين أحيَوْا بعض ما مات من السُنن، مثل سُنة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وسُنة شهود النساء صلاة العيد، وذلك في بعض البلدان الإسلامية التي قَوِيَتْ فيها الصحوة وارتفعَتْ رايتها.
وكان النساء يَحضُرْن دروس العلم مع الرجال عند النبي- صلى الله عليه وسلم- ويَسألْنَ عن أمر دِينِهِنَّ ممَّا قد يَستحْيِي منه الكثيرات اليوم، حتى أثنت عائشة على نساءِ الأنصار، أنهن لم يمنعهن الحياء أن يَتفقهن في الدين، فطالما سألْنَ عن الجنابة والاحتلام والاغتسال والحيض والاستحاضة ونحوها.
ولم يُشبع ذلك نَهَمَهُنَّ لمزاحمة الرجال واستئثارهم برسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فطلبْنَ أن يجعل لهن يومًا يكون لهن خاصة، لا يُغالِبُهُنَ الرِّجال ولا يزاحمونهن، وقلن في ذلك صراحةً: "يا رسولَ الله، قد غلَبَنا عليك الرجال، فاجعلْ لنا يومًا مِن نفسِك" فوعَدَهُنَّ يومًا، فلَقِيَهُنَّ فيه ووَعَظَهُنَّ وأَمَرَهُنَّ. (رواه البخاري في كتاب "العلم" من صحيحه: 1/ 34 عن أبي سعيد).
وتجاوز هذا النشاط النسائي إلى المشاركة في المجهود الحربي في خِدْمَة الجيش والمجاهدين، بما يَقْدِرْنَ عليه ويَحسن القيام به، من التمريض والإسعاف، ورعاية الجرحَى والمصابين، بجِوار الخدمات الأخرى من الطهي والسقي وإعداد ما يَحتاج إليه المجاهدون من أشياء مدَنية.
عن أم عطية قالت: "غزوْتُ مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سبع غزوات، أَخْلُفُهم في رِحالهم، فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى، وأقوم على المرضى". (رواه مسلم برقم (1812).
وروى مسلم عن أنس: "أن عائشة وأم سليم كانتا في يوم "أُحد" مشمِّرَتَيْن، تنقُلان القِرَب على مُتُونِهما (ظهورهما) ثم تُفرِغانها في أفواه القوم، ثم تَرجِعان فتملآنها"، (رواه مسلم برقم (1811). ووجود عائشة هنا- وهي في العَقْدِ الثاني من عُمْرها- يَرُدُّ على الذين ادعوا أن الاشتراك في الغزوات والمعارك كان مقصورًا على العجائز في مثل هذه المواقف التي تتطلَّب القُدرَة البدنية والنفسية معًا؟
وروى الإمام أحمد: أن ستَّ نسوة من نساء المؤمنين كُنَّ مع الجيش الذي حاصر "خيبر": يَتناولْن السهام، ويَسقِين السَّوِيق، ويُداوِين الجرحى، ويَغزلن الشعر، ويُعِنَّ في سبيل الله، وقد أعطاهن النبي صلى الله عليه وسلم نَصيبًا من الغنيمة (رواه أحمد: 5 / 271، 6 / 371، وأبو داود جـ 3 برقم ( 2729 ).
بل صح أن نساء بعض الصحابة شاركْن في بعض الغزوات والمعارك الإسلامية بحمل السلاح، عندما أُتيحت لهن الفرصة، ومعروف ما قامت به أم عمارة نسيبة بنت كعب يوم "أحد" حتى قال عنها- صلى الله عليه وسلم-: "لمقامها خير من مقام فلان وفلان". (الطبقات: 8/415، وسِيَر أعلام النبلاء: 2/278- 279).
وكذلك اتخذت أم سليم خنجرًا يوم "حُنين" تبقَر به بَطنَ من يَقترب منها.
روى مسلم عن أنس ابنها: أن أم سليم اتخذت يوم "حنين" خنجرًا، فكان معها، فرآها أبو طلحة (زوجها) فقال: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر! فقال لها رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "ما هذا الخنجر"؟ قالت: اتخذتُه، إن دنا مني أحدٌ من المشركين بَقَرت به بطنَه! فجعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يَضْحَك. (رواه مسلم برقم (1809)، وقد عقد البخاري بابًا في "صحيحه" في غزو النساء وقتالهن.
ولم يقف طموح المرأة المسلمة في عهد النبوة والصحابة للمشاركة في الغزو عند المعارك المجاورة والقريبة في الأرض العربية كخيبر وحنين، بل طمحْن إلى ركوب البحار، والإسهام في فتح الأقطار البعيدة لإبلاغها رسالة الإسلام.
ففي صحيح البخاري ومسلم عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ- أي نام وسط النهار- عند أم حَرامٍ بنت مِلْحَان (خالة أنس) يومًا، ثم استيقظ وهو يَضْحَك، فقالت: ما يُضحِكُك يا رسول الله؟ قال: "أناس من أمتي عُرِضوا عليَّ غُزاة في سبيل الله يركبون ثَبَجَ هذا البحر، ملوكًا على الأَسِرَّة أو مثل الملوك على الأَسِرَّة"، قالتْ: فقلتُ: يا رسولَ الله، ادْعُ الله أن يجعلني منهم، فدعا لها (انظر الحديث رقم (1912) من صحيح مسلم)، فركِبتْ أم حرام البحر في زمن عثمان، مع زوجها عُبادة بن الصامت إلى قبرص، فصُرِعَتْ عن دابتها هناك، فتوفِّيت ودُفنَت هناك، كما ذكر أهل السير والتاريخ.
وفي الحياة الاجتماعية شاركت المرأة داعية إلى الخير آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر، كما قال تعالى: ?وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءِ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ? (التوبة: 71) انتهى باختصار وتصرف والله أعلم.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة