فضاءات الاحراز

الاحراز

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
ناصر قطب محمد سليمان
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 52
إعلانات


تفسير قوله تعالى: ?وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا...

الموضوع: استفسر عن الآية التي في سورة يوسف التي تقول: ?وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ? (يوسف: من الآية 24).
ورد في تفسير ابن كثير: اختلفت أقوال الناس وعباراتهم في هذا المقام، وقد روى عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وطائفة من السلف في ذلك ما رواه ابن جرير وغيره، والله أعلم.
وقيل: المراد بهمه بها خطرات حديث النفس، حكاه البغوي عن بعض أهل التحقيق، ثم أورد البغوي ههنا حديث عبد الرزاق عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: يقول الله تعالى: "إذا همَّ عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنةً، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها، وإن همَّ بسيئة فلم يعملها فاكتبوها حسنة، فإنما تركها من جرائي، فإن عملها فاكتبوها بمثلها"، وهذا الحديث مخرَّج في الصحيحين.
وقيل: همَّ بضربها، وقيل: تمناها زوجةً، وقيل: همَّ بها لولا أن رأى برهان ربه أي فلم يهم بها.. حكاه ابن جرير وغيره.
وأما البرهان الذي رآه ففيه أقوال أيضًا، فعن ابن عباس وسعيد ومجاهد وسعيد بن جبير ومحمد بن سيرين والحسن وقتادة وأبي صالح والضحاك ومحمد بن إسحاق وغيرهم: رأى صورة أبيه يعقوب عليه السلام عاضًّا على أصبعه بفمه، وقيل عنه في رواية: فضرب في صدر يوسف، وقال العوفي عن ابن عباس: رأى خيال الملك يعني سيده، وكذا قال محمد بن إسحاق فيما حكاه عن بعضهم: إنما هو خيال قطفير سيده حين دنا من الباب.
وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا وكيع عن أبي مودود، سمعتُ من محمد بن كعب القرظي قال: رفع يوسف رأسه إلى سقف البيت، فإذا كتاب في حائط البيت ?وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً? (الإسراء: 32).
وكذا رواه أبو معشر المدني عن محمد بن كعب، وقال عبد الله بن وهب: أخبرني نافع بن يزيد، عن أبي صخر، قال: سمعت القرظي يقول: في البرهان الذي رآه يوسف ثلاث آيات من كتاب الله ?إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ? الآية وقوله: ?وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ? الآية، وقوله: ?أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ? قال نافع: سمعتُ أبا هلال يقول مثل قول القرظي، وزاد آيةً رابعةً ?وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى?، وقال الأوزاعي رأى آيةً من كتاب الله في الجدار تنهاه عن ذلك.
قال ابن جرير: والصواب أن يُقال: إنه رأى آيةً من آيات الله تزجره عمَّا كان هم به، وجائز أن يكون صورة يعقوب وجائز أن يكون صورة الملك، وجائز أن يكون ما رآه مكتوبًا من الزجر عن ذلك، ولا حجة قاطعة على تعيين شيء من ذلك، فالصواب أن يُطلق كما قال الله تعالى.
وقوله: ?كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ? أي كما أريناه برهان صرفه عمَّا كان فيه، كذلك نقيه السوء والفحشاء في جميع أموره: ?إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ? أي من المجتبين المطهرين المختارين المصطفين الأخيار.
وفي تفسير القرطبي: قال تعالى: ?وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ? (يوسف: من الآية 24).. كان همها للمعصية، أما يوسف عليه السلام فإنه لو لم ير برهان ربه لَهَمَّ بها- لطبع البشر- ولكنه لم يهم؛ لوجود البرهان، إذًا في الكلام تقديم وتأخير، أي: لولا أن رأى برهان ربه لَهَمَّ بها.
قال أبو حاتم: كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة، فلما أتيت على قوله: ?وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا? قال أبو عبيد: هذا على التقديم والتأخير؛ كأنه أراد: ولقد همت به، ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها (القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 9/165).
وقال الشنقيطي في أضواء البيان (3/58): "الجواب عنه من وجهين: الأول: أن المراد بِهَمِّ يوسف خاطر قلبي صرفه عنه وازع التقوى، وقال بعضهم: هو الميل الطبيعي والشهوة الغريزية المزمومة بالتقوى، وهذا لا معصيةَ فيه؛ لأنه أمر جبلي لا يتعلق به التكليف، كما في الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك" يعني ميل القلب. أبو داود، السنن، رقم الحديث 2134.
ومثل هذا ميل الصائم إلى الماء البارد والطعام مع أن تقواه تمنعه من الشرب والأكل وهو صائم
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَن هم بسيئة فلم يفعلها كُتبت له حسنة كاملة" (أخرجه البخاري برقم 6491 ، ومسلم برقم 07).
الجواب الثاني: أن يوسف عليه السلام لم يقع منه الهم أصلاً، بل هو منفي عنه لوجود البرهان، إلى أن قال: هذا الوجه الذي اختاره أبو حسان وغيره هو أجرى على قواعد اللغة العربية.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة