فضاءات بئر مقدم

بئر مقدم

فضاء أعلام ورجالات وعوائل

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
djamel68
مسجــل منــــذ: 2010-11-19
مجموع النقط: 343.35
إعلانات


شيخ الشهداء عمر المختار.. أسد أرهق جيش الاحتلال الإيطالي

شيخ الشهداء عمر المختار.. أسد أرهق جيش الاحتلال الإيطالي
تعيش ليبيا الذكرى التاسعة والسبعين لاستشهاد شيخ الشهداء عمر المختار الملقب بأسد الصحراء، والذي تعتبره ليبيا يوماً حزيناً أعلنت فيه الحداد الوطني في بعض السنوات، ويتزامن مع هذه الذكرى إعلان ليبيا عن إنشاء برج مكان ضريح شيخ الشهداء عمر المختار ويحمل اسمه ببنغازي.
ويطلق اسم عمر المختار على شارع رئيسي في كل مدينة من مدن ليبيا المختلفة، كما تسمى جامعة مدينة البيضاء باسمه، فضلاً عن عدة مدارس في مختلف المدن، وتحمل العملة الورقية الليبية من فئة 10 دينارات صورته على أحد وجهيها.
وحارب عمر المختار الذي تربى يتيماً قوات الغزو الإيطالية منذ دخولها أرض ليبيا عام 1911 وحتى عام 1931، وبدأت حربه مع الطليان وهو يبلغ من العمر 53 عاماً واستمرت هذه الحرب لأكثر من عشرين عاماً، لتنتهي باستشهاده بالحكم عليه بالإعدام شنقاً، عن عمر يناهز 73 عاماً.
ونقل التاريخ عن أحد القادة الإيطاليين قوله إن المعارك التي حصلت بين جيوشه وبين عمر المختار عددها 263 معركة، في مدة لا تتجاوز 20 شهراً فقط.
النشأة والتعليم
تلقى المختار تعليمه الأول في زاوية جنزور الشرقية، ثم سافر إلى الجغبوب ليمكث فيها ثمانية أعوام للدراسة والتحصيل على يد كبار علماء ومشايخ السنوسية، فدرس علوم اللغة العربية والعلوم الشرعية وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ولكنه لم يكمل تعليمه كما تمنى.
ظهرت عليه علامات النجابة ورزانة العقل، فتناولته الألسن بالثناء بين العلماء ومشايخ القبائل وأعيان المدن حتى قالوا فيه “لو كان عندنا عشرة مثل عمر المختار لاكتفينا بهم”، ولثقتهم به ولاه السنوسيون شيخاً على زاوية القصور بالجبل الأخضر.
وشارك عمر المختار في الجهاد بين صفوف المجاهدين في الحرب الليبية الفرنسية في المناطق الجنوبية والسودان الغربي وتشاد، ثم عين شيخاً لزاوية (عين كلكه) ليقضي فترة من حياته معلماً ومبشراً بالإسلام في تلك الأصقاع النائية، وبقي هناك إلى أن عاد إلى برقة.
بداية الجهاد
وعندما أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا عام 1911 وبدأت القذائف تنزل على مدن الساحل الليبي، كان المختار مقيماً في جالو، وبمجرد علمه بالغزو الإيطالي سارع إلى مراكز تجمع المجاهدين، حيث ساهم في تأسيس وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة.
وشهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا سنة 1912 وتوقيعهم معاهدة (لوزان) التي بموجبها حصلت إيطاليا على ليبيا، أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي، منها على سبيل المثال معركة بدرنة قتل فيها عشرة ضباط وستين جندياً إيطالياً وأربعمائة فرد بين جريح ومفقود، وانسحب الإيطاليون منها بلا نظام تاركين أسلحتهم ومؤنهم وذخائرهم، وتلتها عشرات المعارك الأخرى.
مرحلة جديدة
ووصلت معارك الجهاد إلى مرحلة جديدة بقدوم الحرب العالمية الأولى، حيث تغيرت الأوضاع داخل ليبيا واشتدت الضغوط على محمد إدريس السنوسي، واضطر إلى ترك البلاد عاهداً بالأعمال العسكرية والسياسية إلى عمر المختار، في الوقت الذي قام أخوه الرضا مقامه في الإشراف على الشؤون الدينية.
وبعد أن تأكدت للمختار النوايا الإيطالية في العدوان، سافر إلى مصر عام 1923 للتشاور مع ادريس فيما يتعلق بأمر البلاد، وعند عودته نظم أدوار المجاهدين، وبعد الغزو الإيطالي على مدينة اجدابيا مقر القيادة الليبية، أصبحت كل المواثيق والمعاهدات لاغية، وانسحب المجاهدون من المدينة وأخذت إيطاليا تزحف بجيوشها من مناطق عدة نحو الجبل الأخضر.
وتسابقت بعد ذلك جموع المجاهدين إلى تشكيل الأدوار والانضواء تحت قيادة عمر المختار، كما بادر الأهالي إلى إمداد المجاهدين بالمؤن والعتاد والسلاح، وعندما ضاق الإيطاليون ذرعاً من الهزيمة على يد المجاهدين، أرادوا أن يمنعوا عنهم طريق الإمداد فسعوا إلى احتلال الجغبوب ووجهت إليها حملة كبيرة في 8 فبراير/ النوار 1926، وقد شكل سقوطها أعباء ومتاعب جديدة للمجاهدين وعلى رأسهم عمر المختار، ولكنه حمل العبء كاملاً بعزم العظماء وتصميم الأبطال.
خطط حاسمة
وتوالت انتصارات المجاهدين ما دفع إيطاليا إلى إعادة النظر في خططها وإجراء تغييرات واسعة، فأمر موسوليني بتغيير القيادة العسكرية، حيث عين بادوليو حاكماً عسكرياً على ليبيا في يناير/ أي النار 1929، ويعد هذا التغيير بداية المرحلة الحاسمة بين الإيطاليين والمجاهدين.
لجأ الحاكم الجديد لأسلوب المناورة لكسب الوقت حيث أعلن عن رغبته في السلام وطلب مفاوضة عمر المختار، واستجاب الشيخ لنداء السلام وحاول التفاهم معهم على صيغة تخرج البلاد من دوامة الدمار وبدأت المفاوضات في عام 1929، ولكن الغرض منها لم يكن التفاوض ولكن المماطلة وشراء الوقت لتلتقط القوات الإيطالية أنفاسها، وقصد الغدر بالمختار والدس عليه وتأليب أنصاره والأهالي وفتنة الملتفين حوله.
عندما وجد المختار أن تلك المفاوضات تطلب منه إما مغادرة البلاد أو البقاء في برقة وإنهاء الجهاد والاستسلام مقابل الأموال والإغراءات، رفض كل تلك العروض، وكبطل شريف ومجاهد عظيم عمد إلى الاختيار الثالث وهو مواصلة الجهاد حتى النصر أو الشهادة.
خطة إبادة
دفعت مواقف المختار ومنجزاته إيطاليا إلى دراسة الموقف من جديد فتوصلت إلى تعيين (غراتسياني) وهو أكثر جنرالات الجيش الإيطالي وحشية ودموية، ليقوم بتنفيذ خطة إفناء وإبادة لم يسبق لها مثيل في التاريخ في وحشيتها وفظاعتها وعنفها.
وانتهت عمليات الإيطاليين في فزان باحتلال مرزق وغات ثم عمدوا إلى الاشتباك مع المجاهدين في معارك فاصلة، وفي 26 أغسطس/ هانيبال 1930 ألقت الطائرات الإيطالية حوالي نصف طن من القنابل على الجوف والتاج، وفي نوفمبر/ الحرث من نفس العام اتفق بادوليو وغرسياني على خط الحملة من اجدابيا إلى جالو إلى بئر زيغن إلى الجوف، وفي 28 يناير/ أي النار 1931 سقطت الكفرة في أيدي الغزاة، وكان لسقوطها آثر كبير على حركة الجهاد والمقاومة.
ووقعت في معركة السانية في شهر أكتوبر/ التمور عام 1930 حادثة شهيرة، حيث سقطت نظارة المختار منه أثناء المعركة فوجدها أحد الجنود الطليان ليقوم بإيصالها لقيادته، وعندما رآها غراتسياني قال “الآن أصبحت لدينا النظارة، وسيتبعها الرأس يوماً ما”.
سقوط الأسد
وفي 11 سبتمبر/ الفاتح من عام 1931، وبينما كان المختار يستطلع منطقة سلنطة في الجبل الأخضر في كوكبة من فرسانه، عرفت الحاميات الإيطالية بمكانه فأرسلت قوات لحصاره وألحقتها بتعزيزات، فاشتبك الفريقان في وادي بوطاقة ورجحت الكفة للإيطاليين فأمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن فرسه قُتلت تحته وسقطت مما شل حركته نهائياً.
فلم يتمكن من تخليص نفسه ولم يستطع تناول بندقيته ليدافع عن نفسه، وسرعان ما حاصره العدو من كل الجهات وتعرفوا على شخصيته، فنقل على الفور إلي مرسى سوسه في الجبل الأخضر ومن ثم نقل رأسا إلي بنغازي حيث أودع السجن الكبير بمنطقة سيدي اخريبيش.
ولم يصدق غراتسياني في بادئ الأمر أنه قد تم اعتقاله، وكان في روما حينها كئيباً منهار الأعصاب في طريقه إلي باريس للاستجمام والراحة تهرباً من الساحة، بعد فشله في القضاء على المجاهدين في الجبل الأخضر، حيث بدأت الأقلام اللاذعة في إيطاليا تنال منه، وفي حينها تلقى برقية مستعجلة من بنغازي مفادها أن عدوه اللدود عمر المختار وراء القضبان.
محاكمة ظالمة
وصل غراتسياني إلى بنغازي يوم 14 سبتمبر، وأعلن عن انعقاد “المحكمة الخاصة” يوم 15 سبتمبر 1931، وعقدت للشهيد محكمة صورية في بنغازي مساء يوم 15 سبتمبر 1931، وبعد ساعة تحديداً صدر منطوق الحكم بالإعدام شنقاً حتى الموت.
وكانت التهم الموجهة إليه كما وردت في نص الحكم “إثارة العصيان وقيادته ضد سلطات الدولة الإيطالية، داخل أراضي المستعمرة، واشتراكه في نصب الكمائن للوحدات المعزولة من قواتنا المسلحة وفي معارك عديدة وأعمال الإغارة للسلب والنهب واللصوصية مع ارتكاب جرائم قتل بدافع نزعته إلى القسوة والتوحش، وأعمال البطش والتنكيل، بقصد إحداث الدمار وسفك الدماء لفصل المستعمرة عن الوطن الأم”.
وعندما ترجم له الحكم، قال الشيخ “إن الحكم إلا لله … لا حكمكم المزيف… إنا لله وإنا إليه راجعون”.
إعدام الشيخ
في صباح اليوم التالي للمحاكمة الأربعاء، 16 سبتمبر 1931 الأول من شهر جمادى الأول من عام 1350، اتخذت جميع التدابير اللازمة بمركز سلوق لتنفيذ الحكم بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران، وأحضر 20 ألفا من الأهالي وجميع المعتقلين السياسيين خصيصاً من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم، وأحضر الشيخ عمر المختار مكبل الأيدي، وبدأت الطائرات تحلق في الفضاء فوق المعتقلين بأزيز مجلجل حتى لا يتمكن عمر المختار من مخاطبتهم.
وكانت آخر كلمات عمر المختار قبل إعدامه قوله “نحن لا نستسلم… ننتصر أو نموت…. وهذه ليست النهاية… بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه… أما أنا… فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي”.
وفي عام 2008 انحنى رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني أمام ابن عمر المختار الحاج محمد معتذراً عن المرحلة الاستعمارية وما سببته إيطاليا من مآسٍ للشعب الليبي، وذلك بحضور القائد معمر القذافي.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع

| ابو عبد الله | سيدي نعمان | 14/12/10 |
رحم الله شهداء المسلمين ...
“نحن لا نستسلم… ننتصر أو نموت…. وهذه ليست النهاية… بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه… أما أنا… فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي”. شيخ المجاهدين عمر المختار .....


...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة