فضاءات مولاي بوشتى

مولاي بوشتى

فضاء المرأة وشؤونها

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
مراد الرمادي
مسجــل منــــذ: 2011-04-23
مجموع النقط: 18.69
إعلانات


الشجاعة من اجل الوجود


الى كل النساء الجبليات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة إلى شامة الزاز المرأة التي تحدت الصعاب
"المراقم يا البقار انا سميتي خديجة وانتم سميتني السي عمار "، عبارة كتبتها امرأة انتحلت صفة إمام مسجد بدوار المراقيم بقبيلة فشالة ،فكانت تسكن في تربة تكن العداوة الآسرة التي لم ترزق بذكر ،وتحتقرها ،باعتبارها أسرة ناقصة سيكون الأخر دخيلا عليها في الإرث ،في ظل الهيمنة الذكورية التي تعرفها بلادنا ،وثقافته المترجلة الاستقصائية .
خديجة فتاة كتب لها أن تولد في قبيلة من قبائل جبالة ،تحلم كل ام فيها أن ترزق بولد،يحفظ القرآن ويصبح طالب ،فكان أقصى حلم أهل الجبل حسب ما يقال على شكل دعاء وتمني "مصاب يكون ولدي طالب إما احت طبال مطمعاش فيه ". حيث كان الطالب أو الفقيه يحظى بمكانة مرموقة في المجتمع باعتباره يملك السلطة الدينية ، والحامل لكتاب الله ، فهو يسهر على أمور الجماعة ويقدم النصائح ويستشار في الكبيرة والصغيرة ،وبالرغم من ذلك كانت مكانة الطبال أو الغياظ اسمي من مرتبة الطالب باعتباره يحمل قيم الفن التي تخاطب الأنفس وتحرك الوجدان ،ويوحد الكل في رقصات سواء النساء كانوا أم ذكورا ،يشرك الكل في الفرح والمرح ، ولا يحضر إلا في الأفراح ويغيب في الاقتراح .
خرجت خديجة إلى وجود وحيدة ،لم تلد أمها غيرها ، فربتها أحسن تربية ، وكان أبوها رجل متدين يحفظ القرآن ولكنه لم يمتهن مثل ناس الدوار مهنة الإمامة ، ولكنه كرس حياته لخدمة أرضه ،وكانت خديجة تنصت وتسمع الخصام الذي يدور بين أمهما وزوجة عمها ،التي كانت تعيب عليها عدم إنجاب الذكر ، وفي احد الأيام استيقضبت على صوت الخصام ، فاقتربت من الباب فإذا بزوجة عمها تقول لأمها :
- انا ولدت الرجل غدي يولي طالب وسيد الرجال ويلبس الجلاب البيضة ديال الحببة بحالوا بحال السلطان ، أما أنت ولد البنت بحلها بحال البقرة دسبايبي مكطولش في الرباط ،
عادت خديجة إلى فراشها تبكي وتحس بالحسرة ، وكأنها خطيئة اقترفت بولاتها ،لكنها سرعان ما تداركت الأمر متأملة في ذاتها ، وتجاوزت المشكل إلى مساعدة والدتها في أعمال البيت حتى لا تظهر علامة الحسرة عليها . وبعدما عاد أبها من الحقل يحمل المعول في يده ، اقتربت منه وسلمت له مقراج في ماء ساخن ، ليتوضأ تسلمه منها وهو يوزع عليها نظرات العطف ، وعبارات الرضا ....، وبعدما صلى ، جلست بقربه تتحدث معه وقالت له :
-أبي ألا يمكن للفتاة أن تتعلم وتحفظ القران
- لا يا بنتي العلم من حق كل مسلم ومسلمة نحن من امة اقرأ
- ولماذا لا تتعلم النساء الكتابة والقراءة وحفظ القران
-يا بنتي نحن لا تحكمنا القيم الدينية ولكننا سجناء القوانين العرفية وأحاديث المشعوذين
- لماذا لا تعلمني يا أبي القراءة والكتابة حتى أحفظ القران
- إن كانت لكي الرغبة لا مانع لدي
ففرح الأب وابنته معا ، وبدأ الأب يعلمها الحروف والسور الصغيرة من القران وواصلت العمل بجد حتى حفظت القران كله ، وأشعار ابن عاشير .....الخ ، حتى جاء ملك الموت ، فخطف روحه ، فحزنت خديجة حزنا شديدا ، لكن عزيمتها كانت قوية ، وعملت بجد من اجل إتمام ما نوت الوصول إليه .
وفي ليلة من ليالي الصيف ، بعدما تجردت الحقول من لباسها ، وجمع الفلاحون أمتاعهم في البيادر ، والمطامير ، وخرج أهل الحقوق من طلاب وشرفاء إلى جمع العشور ، وعاد اسكافي القبيلة إلى مكانه لإصلاح الأحذية الذي اعتاد كل صيف دق أوتاد خيمته فيه قرب المسجد ، هناك يجتمع الرجال ، ويخرج الفقيه ليكسر الصمت ، مع رجال الجماعة ، فمنهم من يتحدث في أمور الدنيا ومنهم من يحكي عن طرائف وقعت له أو لغيره ، ومنهم من يضحك ومنهم من هو مشتغل بتسريح سبسيه .....، تنكرت خديجة في لباس أبها المتوفى ،واقتربت من خيمة الطراف (الاسكافي ) ، فسمعت حديث الرجال لازال مطولا ، فتراجعت شيئا فشيئا حتى وصلت إلى القرب من سياج شوكي كثيف من السدرة ، وتسترت هناك تستمع أحاديث الرجال في الفحش ، و كلام النميمة ، وحديث عن النساء حتى انسحب الكل ، وبقي الإسكافي وحده ، وقفت من مكانها وسرحت نظراتها في كل الوجهات ، وتسللت إلى داخل خيمة ،اندهش الاسكافي منها وهي متنكرة ، أمرته بالهدوء والجلوس ، فنفذ آمرها ، وجلس ،وخلعت الستار على وجهها ، وعرفها وقالت له : أنا لم ادخل إلى هنا لانتقم ، ولا لأشارك معك الفراش ، أنا أتيت من اجل أن تساعدني في مهام صعبة علي واقسم بان لا يمسك مكروه ...
فروت له القصة بكاملها ، والهدف الذي تريده أن يساعدها لتحقيقه ، لم يمانع الاسكافي وقالت له أن الشرط الذي احصل عليه، لك النصف فيه ، وتراضى عن الشرط ، وقال لها ما الدور الذي سألعبه ؟ أجابت أن تتقدم إلى بيتي برفقة فقيه الدوار وأعيانه من اجل خطبتي ، وهذا لم يكن صحا و عليك أن تشرط شرطا واحد هو في العرس لا يذهب مع العروس احد ا، لان هذا من عاداتنا وتقاليدنا ومن خالف هذا يطرد من القبيلة ، ففعل الاسكافي كل ما أمرته به خديجة ، وتزوجها على أعين الناس ، حتى لا تنعت بالنعوت السيئة في مجتمع لا يرحم فيه اثنان الفقير والمرأة ، واتي ليأخذها لوحده وفي الطريق نزلت خديجة وتنكرت في لباس ذكوري ، وانطلقت هي والاسكافي حتى وصلوا إلى دوار المراقيم ودخلت الجامع ، طالبة الإمامة على أهل الدوار ، فقبل الدوار بطلبها هذا وحظيت بشرف الإمامة ، وطلبوا منها أن تقدم لهم نفسها أجابت السي عمار ، هذا هو الاسم الذي أطلقته على نفسها ، وبدأ ينادونها به في الأسواق والحفلات وليالي الادكار ، وفرضت سيطرتها ووجودها واثبت تفوقها على فقهاء القبيلة وطلبتها .
وعرفت بحسن ترتيلاها للقرآن وبقيمها الفضيلة والجميلة في القبيلة وداع صيت السي عمار في القبيلة ، حتى اصبح لايكون فرح او قرح بدون حضور السي عمار .حتى مرت ثلاث سنوات في هدا الدوار تطالع وتنقب في خبايا الرجال وافكارهم تطرح الاسئلة الحساسة في بعض الوقت قصد معرفة الثقافة الرجولية .
وفي فجر ليلة من ليالي الصيف المقمرة ، كتبت عبارة في باب الجامع " المراقيم يالبقار انا اسمي خديجة وانتم سميتموني السي عمار "
هذه حكاية تتردد على اللسن اهل قبيلة فشتالة ، كإحتقار لساكنة دوار لمراقيم بأن شمتتهم ، فهي تمثل اهانة لكل الرجال الدوار بأن المرأة اسقطتهم في الفخ وكانت سيدتهم ويحترمونها ويصلون وراءها ، ولعن الله قوم ولوا شؤونهم امرأة حسب الطابع الاصولي الاهل البادية .
وهناك من يعتبرها مجرد اسطورة ، هذا لا يهمنا المهم هو ان قوة المرأة وشجاعتها حاضرة من أجل وجودها ، ولو في المخيال والاسطورة ، فالمرأة من المحتمل ان ان تقود الرجال في الامور الصعبة والبعيدة والمسيجة بسياج التقاليد والعادات والممنوعات ، انها قوة صاعدة من أجل هدم الثقافة المترجلة الذكورية . مراد الرمادي في 27/02/2013
Morad.roumadi9@gmail.com

تقييم:

0

1
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة