فضاءات كلميم (البلدية)

كلميم (البلدية)

فضاء الأخبار والمستجدات

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
عيشتو وادنون
مسجــل منــــذ: 2018-05-04
مجموع النقط: 7.78
إعلانات


شكيب بنموسى: المساعدات الموجهة للصحراء ليست عيبا ، لكن العيب ألا تصل لمستحقيها


حوار مع جريدة المساء
يستعرض شكيب بنموسى، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في هذا الحوار، أهم محاور الورقة التأطيرية التي قدمها للملك محمد السادس حول التنمية الجهوية في الأقاليم الجنوبية،
قال لـ«المساء»: لا ينبغي أن يغيب عن إدراكنا الوضع الأمني في تحليل واقع التنمية بالأقاليم الصحراوية
يستعرض شكيب بنموسى، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في هذا الحوار، أهم محاور الورقة التأطيرية التي قدمها للملك محمد السادس حول التنمية الجهوية في الأقاليم الجنوبية، كما
يسلط الضوء على عدد من نقاط الضعف التي شابت تدبير ملف المساعدات المقدمة للصحراء، وكذا مظاهر الاختلال والتفاوتات التي عرقلت حدوث إقلاع اقتصادي بالمنطقة. ويرسم بنموسى، كذلك، معالم النموذج الجديد للتنمية في الصحراء الذي سينخرط فيه المغرب انسجاما مع مبادئ الجهوية المتقدمة.
- قدمتم مؤخرا ورقة تأطيرية حول نموذج التنمية الجهوية للأقاليم الجنوبية للملك محمد السادس، هل لهذه الورقة علاقة بملف الحكم الذاتي في الصحراء؟
*هذه الورقة التأطيرية عبارة عن خارطة طريق عمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، لبلورة تقرير حول نموذج التنمية الجهوية للأقاليم الجنوبية، استنادا إلى الخطاب الملكي يوم 6 نونبر الماضي، حيث جاء تأكيد التزام المملكة «بتفعيل الجهوية المتقدمة وجعل أقاليمنا الجنوبية في صدارتها»، واعتبارا «لما يتوفر عليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من كفاءات واختصاصات وتركيبة تعددية»، فقد انخرط في إعداد وبلورة نموذج تنموي جهوي مندمج ومضبوط، يمكن أن يشكل البعد المضموني الاستشرافي للجهوية المتقدمة، وهو بعد وجب أن يأخذ بعين الاعتبار الجوانب الإقليمية والوطنية والدولية والجهوية، حيث إن ملف الحكم الذاتي في الصحراء، ملف قيد النقاش راهنا في المحافل الدولية، وما يشكله البعد التنموي من ضمانات في مجال الاستقرار يؤهل الأقاليم الصحراوية للاضطلاع بدور صلة الوصل الآمنة مع بلدان جنوب الصحراء، مِمَّا من شأنه الإسهام في تهدئة من الاضطرابات الأمنية التي تشهدها المنطقة ككل، كما أن من شأنه إبراز الأهمية التي تكتسيها المقترحات المغربية الجادَّة بهذا الصدد.
*خلصت الورقة التأطيرية إلى أن تشخيص واقع التنمية للأقاليم الجنوبية يؤكد تفاوتات ومنازعات ومشاكل حقيقية تحول دون حدوث إقلاع اقتصادي واجتماعي بالمنطقة. ما هي أبرز مظاهر هذه الاختلالات؟
< بالفعل، كانت هناك جهود مقدرة في الأقاليم الجنوبية، غير أنها وصلت إلى مداها، حيث كانت الأولوية منذ 1975 وبحكم الطبيعة الميدانية حينئذ، لإرساء بنية تحتية، وبناء ظروف أمنية، وتأسيس الأجهزة والآليات الإدارية، أخذا بعين الاعتبار كل الخصوصيات الماثلة في المنطقة، كما أنه وبسبب هذه الضروريات، لم تعط الأولوية الكافية لتحقيق الانسجام بين مختلف السياسات العمومية، والتأسيس للا تمركز الوظيفي، وإنتاج نخب جديدة في المنطقة، كما أن الأبعاد الثقافية لم تُعطَ ما يكفي من الأهمية. وفي المجال الاجتماعي تم رصد بعض أنواع العجز الناجمة أساسا عن عدم الكفاية في مجال الإنصاف الذي يقتضي الاضطلاعُ به ضبط المصفوفات الخرائطية الاجتماعية التي تؤهل لاستيعاب الأوضاع على ما هي عليه، والاشتغال تأسيسا على ذلك، وهو ما أعطته الورقة التأطيرية كما تلاحظون أهمية قصوى.
*لماذا لم تنعكس المبادرات التي تم اتخاذها من طرف الحكومات المتلاحقة على الوضع التنموي بالأقاليم الجنوبية؟
*لا ينبغي أن يغيب الوضع الأمني الذي كان سائدا في المنطقة عن الإدراك، فقد قدمت بلادنا عددا لا يستهان به من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل وحدتنا الوطنية. كما لا يجب أن تغيب عن الإدراك كذلك مختلف مستويات التفاوض القانوني والدبلوماسي والسياسي والإعلامي التي كانت تلف المرحلة، وحين يتم استحضار مختلف حيثيات المرحلة التأسيسية، وما اقتضته من استثمارات معنوية ومادية ضخمة، فإنه لا يجب إغفال ما يرافق عادة المبادرات من هذا الحجم من إكراهات، وما يخترقها من أوجه القصور. الخطأ كل الخطأ هو عدم التأسيس على هذه التجارب، والإفادة منها للقيام بتجارب أمثل، في استحضار لكافة ما يمكن رصده من أوجه العجز التي تمت الإشارة إلى بعضها في الجواب السابق.
* أظهرت الورقة التأطيرية أن متوسط معدل البطالة البالغ 17 في المائة يظل في صلب إشكالية تنمية المناطق الجنوبية وأهم عامل من عوامل التوتر الاجتماعي، ألا ترون أن الدولة من خلال تقديم المساعدات المباشرة هي التي ساهمت في ذلك؟
*تبين من خلال الدراسات والخبرات التمهيدية التي أجراها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن أسباب البطالة متنوعة. منها ما يتعلق بالقصور في مجال إنشاء وظائف كريمة تتلاءم مع الخلفية الأعرافية والإنتاجية في المنطقة، وهو أمر يقتضي القيام بمجموعة من مستويات الجرد لأنماط الإنتاج وتراتبيتها، وكذا للميول الاقتصادية لأبناء وبنات المنطقة، والإمكانات الحقيقية الكامنة، في تجانف عن القوالب الاقتصادية الكلاسيكية. كما أن من هذه الأسباب، عدم إيلاء المكون الثقافي ما يستوجبه من أهمية في مجال إذكاء روح المبادرة المنبثقة من مؤهلات المنطقة الاقتصادية، والتي تنبغي صياغتها صياغة محلية، مراعية لخصوصية هذه المنطقة، صياغةٌ تكون ذات جاذبية لاستثمارات القطاع الخاص، بالإضافة إلى الاستثمارات الضخمة للدولة، ومن المعلوم أن القطاع الخاص محليا كان، أو وطنيا، أو دوليا، لا يمكنه الانخراط في استثمارات لا يكون مقتنعا بجذواها ومردوديتها، فلا الإعفاء الضريبي، ولا التيسير التشريعي والإجرائي وحدهما، يمكنهما جلب هذه الاستثمارات، إذا لم تكن مرفودة بسواعد تتميز بالاقتناع المتعدي للآخر.
من جهة أخرى، فإن المساعدات ليست عيبا في ذاتها، ولكن العيب هو عدم استنادها على رصد لذوي الاحتياج الفعلي، حتى يتم تصريفها بطريقة متلائمة مع الكرامة، مع عدم إغفال أي أحد من ذوي الاحتياج إليها. وهذا يقتضي إرساء بنى شفافة، ومؤسسة على الرصد الميداني العلمي والمستوعب، حتى تؤدي هذه المساعدات الوظيفة المتوخاة من ورائها في إنصاف وعموم.
*ثبت من خلال تحرياتكم أن آليات المساعدة المباشرة وغير المباشرة للأقاليم الجنوبية والتي تقدر قيمتها بـ 4,6 مليارات درهم، لا تستهدف بالضرورة الفئات الأكثر عوزا، من يستفيد إذن من هذه المساعدات؟
< 4.6 مليارات درهم المذكورة، يصرف جزء منها للدعم المتعلق بالمحروقات، باعتبارها عصب التنقل والإنتاج، وجزء منها في مضاعفة الأجور، وجزء منها في الدعم المتعلق بالسكن، وآخر في الإنعاش الوطني، وجزء لاستدراك الخلل الناجم عن الإعفاء الضريبي، وجزء في الدعم الغذائي، فالذي يبقى فعليا من مبلغ 4.6 مليارات درهم مخصصا للمساعدات المباشرة، ليس بالكبر المتصور. وينبغي على العموم إعمال جملة من مقتضيات، سلف ذكر بعضها، من أجل تصريف أمثل لهذا المتبقي بشكل يفي بالمقاصد المتوخاة منه.
*هل يمكن أن يكون ربط الانتقادات التي توجهونها لطريقة تدبير المساعدات الموجهة للمنطقة بملف إصلاح صندوق المقاصة؟
*التجليات المادية لصندوق المقاصة تنسحب على أقاليمنا الشمالية كما الجنوبية، فمقتضيات المقاصة عامة لكل تراب المملكة. وقد تم بالفعل الوقوف على ضرورة النظر المستأنف في كيفية تصريف المقاصة وما يقتضيه ذلك من ضبط للحاجيات ولذويها وإرساء مضبوط لقنوات التصريف الناجع لمقدراتها. وهذا طبع يستلزم وضع المعايير المنضبطة الشفافة والمنصفة، ومواكبة كل ذلك بما ينبغي من رافعات مواردية تكنولوجيا وبشريا، مما من شأنه أن يتيح إمكانيات فعلية للتقويم والتجاوز. وعلى العموم، فإن الحكومة عاكفة حاليا على دراسة هذا الملف.
*أثارت الورقة الانتباه إلى أن المقاولات الفاعلة في الجنوب تستفيد من الإعفاء الضريبي، بخصوص الضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة والرسوم المحلية، لكن هذه التدابير التحفيزية الرامية إلى تشجيع الاستثمار لم تحقق الأهداف المرجوة منها، لماذا؟
*يمكن تقسيم الشركات الفاعلة في سياق أقاليمنا الجنوبية، إلى شركات متوسطة وصغرى لا تستفيد بشكل كبير من الإعفاءات الضريبية، وإلى شركات كبرى، غير أن العائد على الاستثمار، بسبب النقص في وضوح الآفاق تشوبه بعض الاضطرابات، مما لا يشجع القطاع الخاص على حجم الاستثمار الذي من شأنه أن ينتفع بالإعفاء الضرائبي، بل إنه تم رصد كون الإعفاء الضرائبي في بعض الأحيان وراء الإرتخاء في الحرص على استجلاب الربح الأمثل من الاستثمارات استنادا على احتساب الإعفاء الضرائبي، مما يعد بدون شك من الأوجه ذات الأثر الراجع السلبي في مجال تشجيع الاستثمارات في المنطقة، أضف إلى ذلك النقص في الإدماج الكافي للساكنة تكوينا وتوظيفا في هذه المشاريع الاستثمارية، مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والميولات الاقتصادية المحلية وأنماط الإنتاج السائدة.
*تؤكد الورقة أن الإطار الجيوسياسي وحكامة الأقاليم الجنوبية لم يشجعا على بروز ثقافة مشتركة لتنمية الجهة، كيف ذلك ؟
*بالإضافة إلى الإطار الجيوسياسي الخاص في أقاليمنا الجنوبية الذي أشرت إليه، فإن النقص في الانسجام بين مختلف السياسات العمومية المعتمدة في المنطقة، والتي من أهم أسبابها عدم تأطير المخططات القطاعية برؤية شاملة وكلية، دبر كل قطاع على حدة وبطريقته الأبعاد المحلية والدولية أمنيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، مما فسح في أحيان كثيرة المجال واسعا أمام أنواع من المزايدات، وبالطبع، فحين ينضاف إلى ذلك التمركز في اتخاذ القرارات على مستوى البنى الإدارية في العاصمة وعدم احترام حقوق الإنسان الأساسية في إطار المواطنة المسؤولة والقصور في إعمال خيار اقتصاد السوق الاجتماعي والديمقراطية التشاركية والشفافية والمحاسبة في التزام بالارتقاء بحماية الوسط الطبيعي إلى مرتبة الرافعة الإستراتيجية للتنمية مع إشراك مستوعب للساكنة المحلية في سعي جاد لتشجيع التماسك الاجتماعي، وكلها عوامل ضرورية لبروز ثقافة مشتركة لتنمية الجهة، فإن تحقيق هذا البروز لابد أن يرتكز أساسا على الانخراط الجاد والفعلي لاستدراك كل ما سبق. وهو ما تسعى إليه ورقة المجلس التأطيرية لمشروع النموذج التنموي لأقاليمنا الجنوبية.
*طالبتم في المجلس بضرورة القيام بإعادة توجيه عميق للنموذج التنموي الحالي للأقاليم الجنوبية، والذي يبدو أنه قد بلغ حدوده إذ لم يعد قادرا على الاستجابة لطموح التنمية المرسومة من الملك ولا يتماشى مع تطلعات الساكنة المحلية، ما هي أبرز مضامين النموذج الجديد للتنمية في المنطقة؟
*يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بهذا الصدد، تركيز جزء من أشغاله للإجابة عن الأسئلة التي تعوق التنمية راهنا، ورصد الإجراءات القمينة بتحرير الطاقات وتحفيز التعبئة اعتمادا على خمسة محاور رئيسية: الأول، ويتعلق بتوفير الشروط الضرورية لظهور قطاع خاص منتج ولديمومته، وإرساء قواعد اقتصاد اجتماعي وتضامني يعتمد على التقاليد والممارسات المحلية، وتسهيل إقبال الاستثمارات المباشرة الخارجية التي تستهدف التنمية في تطوير لشروط عيش الساكنة المحلية. أما الثاني، فهو محور يتعلق بالمستوى الاجتماعي والثقافي حيث سيتم العمل لرصد وتفعيل مختلف آليات تشجيع الترابط بين كافة الشرائح الاجتماعية ذات الأصول المتنوعة في المنطقة، وكذا التشجيع والإعداد لعودة السكان الصحراويين من مخيمات تندوف بطرق تحفظ كرامتهم وتوفر شروط إنجاح اندماجهم في إطار احترام قواعد العدالة الاجتماعية والإنصاف مع تثمين الموروث الثقافي للجهة بصفته مكونا هيكليا من مكونات هويتها، ورافعة لخلق الثروات. والثالث، يتعلق بالتنمية البشرية، حيث إن تحسين مؤشرات التربية والتعليم والتكوين والصحة وكذا سياسات مكافحة الفقر والتهميش والهشاشة، وخلق تنمية بشرية تضمن العيش الكريم، كما تضمن إعادة توجيه عميق للنموذج التنموي الحالي. والرابع سينكب من خلاله المجلس على دراسة السبل الكفيلة بوضع سياسة محلية وظيفية لتدبير المدينة تأخذ بعين الاعتبار متطلبات إعداد التراب وتوفير أماكن العيش الكريم، والمحافظة على النظم الإيكولوجية المهددة خاصة حالة خليج الداخلة. في حين يتعلق المحور الخامس بمجال الحكامة، حيث سيهتم المجلس بشكل خاص بموضوع انسجام السياسات العمومية الخاصة بالأقاليم الجنوبية كما تمت الإشارة إليه آنفا، مع اقتراح آليات لضمان إقلاع مؤسسي حقيقي، وقيادة مشروع يرتكز على المشاركة الفعالة للساكنة، وعلى تعبئة جادة لمختلف القوى الحية للجهة في حرص على حشد مختلف العوامل الكفيلة لتقوية الانخراط والثقة.
*أكدتم أن النموذج الجديد سيطبق في مدة زمنية تتراوح ما بين 10 و15 سنة، ألا ترون أن هذه المدة طويلة نوعا ما إذا ما قورنت بالحاجة الملحة والعاجلة لتنمية المنطقة؟
*في سؤالك السابق، استفهمت عن مضامين المقترح الجديد للتنمية في المنطقة ولاشك أنك استحضرت أن كل نموذج للتنمية وجب أن يرتكز على تحولات كبرى عميقة الغور وبعيدة المدى تمس الثقافي والاجتماعي والتكويني والبيئي والمجالي، مما يفرض ضرورة أن يتم تدبيره بطريقة تدريجية وواقعية، غير أن المجلس يستحضر أن الانتقال من الوضعية الحالية إلى النموذج التنموي المستهدف يقتضي تبني مقاربة يندمج فيها البعد سالف الذكر مع جملة من التدابير والإجراءات التي تستهدف، من جهة، الحد من المخاطر، ومن جهة ثانية، تشجيع جملة من المبادرات ذات الربحية السريعة (quick-WINS) ذات الأثر الرمزي القوي، الذي يدفع إلى الانخراط الاستثماري، ويُرَسْمِلُ الثقة، خصوصا إذا تمت مواكبة ذلك بآليات تَتَبُّع، يكون هدفها بيان المراحل التي يتم قطعها، ويُمَكِّن من لمس عملي، وقياس منهجي، للتحسينات التي تطرأ على الأوضاع، مما يكون عائده المباشر، هو تأثيث الزمن الواقعي الذي يقتضيه إحداث التحولات الكبرى المنصوص عليها في الورقة التأطيرية، بعدد من الإنجازات الوظيفية النافعة والملموسة.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة