فضاءات عين السخونة

عين السخونة

فضاء الإبداعات الأدبية والفنية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
Ismail Hakmi
مسجــل منــــذ: 2012-07-22
مجموع النقط: 16.07
إعلانات


من دس في الهواء كل هذا الإختناق ؟ - بقلمي

في الطريق لمحطة الحافلة .. الوجوه متعبة، و نحيلة، و عابسة "ابتسامتك في وجه أخيك خطيئة" ، مدينة وجدة لا تبتسم في الصباح، تواجهك و كأنها تعاقبك على ساعات أحلامك !
يبتلعني زقاق و يتقيؤني آخر .. أنتضر الحافلة قبل ميعادها بعشر دقائق ، تأتي متأخرة كعادتها بعشر دقائق .. أمارس الرياضة يوميا -الجري خلف الحافلة- ،الكل يتحاشي النضر في وجه الآخر ، على يميني عجوز يمضغ التبغ و يبصق على قدمي ،أبتلعها و أصمت .
أبتلع -الإهانة- و أسترق السمع على (العملاق) خلفي ، يخبر أصدقاه كيف أنه أوسع أحد الأغبياء ضربا لأنه تجرأ و نضر في عينيه "ما بقا قيه ما يصلاح" يقول الوحش (العملاق) ، تلتقي عيني في عيني (العملاق) أزيحها برشاقة مواجهة النافدة و أواصل الصمت .
تتوقف الحافلة لدقائق في إشارة المرور، في الطرف الآخر من النافدة، على الطريق عجوز تفترش الأرض رفقة صبيين صغيرين تتسول بعض الدراهم ،البعض يستخدم أطفال الدين يُستدر بهم عطف الناس لا يمتون لهم بأي صلة قرابة ، لكنهم يستأجرون من أهاليهم الفقراء الدين يمنعهم حيائهم التسول ، سعر الولد يختلف تبعا لحالة السوق ، و قد تزيد التسعيرة أيام الأعياد .
"الله يطول عمرك و يبعد عنك ولاد لحرام"
" الله يسهل" يجيب أحد المارة
يستمر الصبيان في اللعب مع الصبية التي تبيع الزهور في الطرف الآخر من الشارع
" الله يزوجك .. بشي ولد لحلال "
"آآآمييين" تجيب الفتاة على جنب الطريق و تردف " الله يسهل " .
يغيب عن بالها أن الشخص الدي تتسول منه ، هو متسول أيضا و إن كان موضف حكومي ، نسمع كل يوم عن أحدهم بنى ثروته بالتسول ، هده الأمور تحدث .. فقط إقرأ الصحف .
أنقل نضري للنافدة المقابلة ،صاحب سيارة (البي/إم) لا يكلف نفسه عناء التوقف في الإشارة ، أستدير لتلتقي عيني مع عيني هيلك (العملاق) مجددا ،يستمر الصبية باللعب على قارعة الطريق ، يشغل شيفور الطوبيس المدياع ، يغلب صوت فيروز على ضجيج السيارات
"صبح الصباح .. فتح يا عليم
و الجيب ما فيهش و لا مليم "
بس المزاج لا رايق و لا سليم ، (الشيفور) أي السائق ، (الطوبيس) اي الحافلة ، افكر في الفرق بين (المليم) و (الدرهم) ، بين (الشيفور) و (السائق) و (الطوبيس) و (الحافلة) ، لو كنت تفهم ما اعنيه .
تتصيد الصبية بائعة الزهور -حبيبان- تقنعه بأن يشتري وردة لرفيقته باي ثمن، تربت على شعر الصبية و تأخد منها الوردة ، بعد شارعين سكنين سيتوجه إليهما صبي و يطلب منها أن تهديه الوردة ، لن تقاوم ابتسامته و تهديه الوردة ، هكدا يتم الأمر ، يتم بيع الزهرة مجددا حتى تدبل .. و غدا تتحول الصبية التي في عمر الزهور إلى وردة يمتص رحيقها بأي ثمن ..حتى تدبل !
ألا سحقا للورود و رحيقها و النحل الدي يحبها .
ألا سحقا لعالم يتم تسعير الأطفال فيه لسرقة دراهم من جيبك ببرائتهم .
ألا سحقا لعالم تتحطم عضامك لأنك نضرت في عيني الوغد (العملاق ) عن غير قصد -طبعا- .!
ألا سحقا للوغد التي لا يتوقف في إشارة المرور ، لا لشي غير أن لديه (بي/إم ) .
ألا سحقا للصباح الدي يسرق مني أحلامي !
يستمر الصبية في اللعب
" .. يا اللي معه المال
.. برضه الفقير له رب كريم "
يعود ضجيج السيارة و يتضائل صوت فيروز ، دخان الحافلة يغمر الأجواء ، و يحجب الصبية الدين يلعبون ..الساعة الثامنة صباحا ، و الوقت لا يمر ابدا في مثل هدا الوقت ..

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة