فضاءات كفر علام

كفر علام

فضاء الإبداعات الأدبية والفنية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
أحمد فؤاد العدل
مسجــل منــــذ: 2010-11-12
مجموع النقط: 565.38
إعلانات


توابع الفوضى (14) بقلم : رجائى عطية

توابع الفوضى (14)
بقلم : رجائى عطية
من العوارض التى طفت على السطح ، شخصنة الدولة ، أو شخصنة الأمور فى الدولة .. رأينا شيئا من ذلك فى صيغة اليمين المعدلة التى أدى بها القَسَمْ ـ رئيس المخابرات العامة وهيئة الأمن القومى ، فالولاء يجب أن يكون للدولة ونظامها ودستورها وقانونها ـ لا للأشخاص ، فمصر هى الباقية ، والأشخاص أياً كانوا إلى رحيل وزوال .
وافتراض العصمة لغير الأنبياء غير جائز ، ولا محل له ، ونقل ولاء القَسَمْ إلى الشخص بدلاً من الدولة ، يحمل نذرًا يمكن أن تكون وخيمة إذا ما فرط من الوالى ما يدخله فى دوائر الخطأ والمساءلة والحساب ، وهو ما تجيزه وتنظمه دساتير العالم ، ومنها ـ فيما كان ـ دستور 1971 ، فقد كان يبيح محاكمة رئيس الجمهورية ، سواء عن الجرائم الجنائية ، أم عن ما قد يُعَد ـ لا قدر الله ـ خيانة عظمى !
ماذا يفعل من أقسم بالولاء للشخص لا للدولة ، إذا ما خرج الوالى عن الدستور والشرعية ، أو فرط منه ما يستوجب مساءلته .. هل يساير فى الخطأ التزامًا بالقسم ، أم يبقى على ولائه للوطن الذى هو بكل المقاييس فوق الجميع ؟!!!
شخصنة القَسَمْ فرع على شخصنة الدولة ، وهذا باب كبير للفوضى واضطراب الأمور وانبهام المقاييس . لقد أثير بمناسبة سفر الرئيس إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، أن الرئيس لم يفوض نائبه فى سلطاته ، وقال المتحدث الرسمى ـ فيما نقل عنه ـ أنه لا حاجة إلى ذلك مع ما تتيحه وسائل اتصالات العصر من إمكانيات تغنى ـ فى رأيه ـ عن هذا التفويض . وظنى أن الخطأ الأول فى هذا التصريح ، أن يعطى المتحدث لنفسه تفسير قرارات الرئيس ، فذلك قد يورد موارد الخطأ ، فضلاً عن كونه غير مقبول . مهمة المتحدث الرسمى أن يتحدث بما يكلفه به الرئيس ، لا بما يرى هو أن يفسر به قرارات الرئيس .
ربما كان للرئيس رأى فى عدم تفويض نائبه ، فإن كان ، فهو الذى يبديه بلا نيابة من أحد أو تطوع أحد . على أن ما أبداه المتحدث الرسمى لا يتفق مع موجبات التزام الموضوعية لا الشخصنة .. فتفويض نائب الرئيس حال غيابه عن البلاد ولأيام ، أمر واجب تفرضه المبادئ الدستورية والقانون والمنطق ، فمن غير المقبول أن تبقى الأوطان ولأيام محرومة من رئاسة دستورية تواجه ما عساه يحدث ، ودنيا الاحتمالات لا ينقطع مداها ، ومن أجل ذلك رأينا نائب الرئيس الأمريكى جونسون يؤدى القسم على متن الطائرة ، بغير انتظار ـ ولو لدقائق ـ لحين هبوط الطائرة التى تقله إلى أرض المطار .
والتعويل على وسائل العصر ، واتصالات العصر ـ تعويل ضرير فى غير محله .. وإمعان واعٍ أو غير واع فى الشخصنة .. فلا ضمان لاستمرار الاتصال فى كل الأوقات ، وانقطاعه وارد وحدث على المستوى الدولى لدى انقطاع الكابل البحرى من سنوات ، وحدث على المستوى المحلى فى ثورة يناير 2011 ، وتعليق التكليف على مثل هذه الاتصالات ينطوى إذن على أخطار ومحاذير ، سواء لعطل الاتصال ، أو تعذر التوصيل لاختلاف التوقيت بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية . وهو اختلاف يصل فارقه إلى نحو اثنتى عشرة ساعة ، فتكون الدنيا هنا فى منتصف الليل ، حين تكون هناك فى منتصف النهار ، وهذا عارض من عوارض إلقاء حمل هذه المهام التى قد تكون عاجلة وخطيرة ، على اتصال قد يحدث وقد يتعذر وقد يستحيل أن يحدث !!
المفترض أن العلّة الأساسية لمنصب نائب الرئيس ، أن يحل محل الرئيس حال غيابه ، فقد لا تكون له حاجة ـ أو حاجة كبيرة ، فى وجود الرئيس بالبلاد ، بينما تكون الحاجة إليه حالة ضرورة ، ولازمة ، إذا كان الرئيس غائبًا عن البلاد . ومواجهة هذا الواقع لا يجوز أن تكون إلاّ بناء على أسس موضوعية لا على اختيارات شخصية ، قد تصيب وقد تخطئ ، وقد تحسن وقد تسىء . وهذه الأسس الموضوعة توجب ، هى والدستور ، أن يفوض الرئيس نائبه فى سلطاته فى كل وقت يغيب فيه عن البلاد . هذا فرض لا يجوز أن يترك للخيارات أو المقادير . فمصائر الأوطان أهم وأخطر من أن تترك للتصرف الشخصى أو تعتمد على لطف المقادير !!

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة