فضاءات الأوسط قمولا

الأوسط قمولا

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
ناصر بكر
مسجــل منــــذ: 2012-06-14
مجموع النقط: 9.85
إعلانات


فضل حسان بن ثابت رضي الله عنه

جاءت الرواية فى كتاب الأغانى للأصفهانى تحكى مفاضلة بين شاعر النبى صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت رضى الله عنه , والخنساء تماضر بنت عمرو رضى الله عنها , وهذه القصة حدثت فى سوق عكاظ فى الجاهلية , حيث كانت تُعقد مجالس للموازنة بين الشعراء, ويجلس للتحكيم فيها أكابر الشعراء أمثال النابغة الذبيانى وغيره , حيث كان هؤلاء الحكام يفاضلون بين الشعراء وينقدون أشعارهم , ويصححون ما قد يرد فيها من أخطاء , ووردت كما يلي: [ما كان بين النابغة وحسان بسوق عكاظ حين مدح النابغة الخنساء ]
عن ابن قتيبة: أن نابغة بني ذبيان كان تضرب له قبة من أدم بسوق عكاظ يجتمع إليه فيها الشعراء ؛ فدخل إليه حسان بن ثابت وعنده الأعشى وقد أنشده شعره , وأنشدته الخنساء قصيدتها التى مطلعها :
قَذىً بِعَينِكِ أَم بِالعَينِ عوارُ *** أَم ذَرَفَت إِذ خَلَت مِن أَهلِها الدارُ
حتى انتهت إلى قولها:
وَإِنَّ صَخراً لَتَأتَمَّ الهُداةُ بِـهِ *** كَأَنَّهُ عَلَــمٌ فـي رَأســــــــــِهِ نــارُ
وَإِنَّ صَخراً لَمولاِنا وَسَـيِّدُنا *** وَإِنَّ صَخــــــــراً إِذا نَشتو لَنَحّارُ
فقال النابغة :
لولا أن أبا بصيرٍ ؛ يقصد الأعشى وهو شاعر مشهور ،أنشدني قبلِك لقلت: إنكِ أشعر الناس.
فقال حسان: أنا والله أشعر منك ومنها.
وفي رواية قدامة بن جعفر: أنا والله أشعر منك ومن أبيك .
فأثار الحمية الجاهلية في نفس النابغة ؛فقال النابغة: حيث تقول ماذا؟
قال حسان حيث أقول:
لَنا الجَفَناتُ الغُرُّ يَلمَعنَ بِالضُحى ... وَأَسيافُنا يَقطُرنَ مِن نَجـدَةٍ دَما
وَلَدنا بَني العَنقاءِ وَاِبني مُحَـــرَّقٍ ... فَأَكرِم بِنا خالاً وَأَكرِم بِذا اِبنَما
ومعنى البيتين أن حسان رضى الله عنه يفخر بقومه وكرمهم وأن لهم جفان ضخمة أى أوعية ضخمة للطعام , تنصب فى الضحى ليأكل منها الناس , وفى نفس الوقت فهم شجعان وأسيافهم تقطر دماً من كثرة نجدة الناس , ثم يفخر بأنهم أخوال لهذين الحيين ( بنى العنقاء ) و ( ابنى محرق ) فأكرم بهم أخوالاً وأكرم بهم ابناء ،وكلمة ( ابنما ) تعنى ابن , ويجوز زيادة ( ما ) فيها ؛ فقال النابغة:
إنك لشاعر لولا أنك قللت عدد جفانك وفخرت بمن ولدت ولم تفخر بمن ولدك.
وفي رواية أخرى: فقال له: إنك قلت " الجفنات " فقللت العدد ولو قلت " الجفان " لكان أكثر. وقلت " يلمعن في الضحى " ولو قلت " يبرقن بالدجى ". لكان أبلغ في المديح لأن الضيف بالليل أكثر طروقاً. وقلت: " يقطرن من نجدة دماً " فدللت على قلة القتل ولو قلت " يجرين " لكان أكثر لانصباب الدم. وفخرت بمن ولدت ولم تفخر بمن ولدك. فقام حسان منكسراً منقطعاً. ]
موقف النابغة واضح [يحكم وهو غاضب على حسان] ونقده ينبه إلى أن حسان لم يوفق فى اختيار الألفاظ المناسبة التى تدل على معانى الكثرة والمبالغة , كما أنه نقده فى معنى من المعانى وهو أنه فخر بأبنائه ولم يفخر بآبائه , والعادة عند العرب أن يفخر المرء بآبائه , ويترك لأولاده الفخر به .
ولقد دافع قدامة بن جعفر فى كتابه ( نقد الشعر ) عن بيت حسان السالف ذكره فقال :
" فمن ذلك أن حسان لم يرد بقوله: الغر، أن يجعل الجفان بيضاً، فإذا قصر عن تصيير جميعها أبيض نقص ما أراده، وإنما أراد بقوله: الغر، المشهورات، كما يقال يوم أغر ويد غراء، وليس يراد البياض في شيء من ذلك، بل تراد الشهرة والنباهة.
وأما قول النابغة في: يلمعن بالضحى، أنه لو قال: بالدجى، لكان أحسن من قوله: بالضحى، إذ كل شيء يلمع بالضحى، فهو خلاف الحق وعكس الواجب، لأنه ليس يكاد يلمع بالنهار من الأشياء إلا الساطع النور الشديد الضياء، فأما الليل فأكثر الأشياء، مما له أدنى نور وأيسر بصيص، يلمع فيه، فمن ذلك الكواكب، وهي بارزة لنا مقابلة لأبصارنا، دائماً تلمع بالليل ويقل، لمعانها بالنهار حتى تخفى، وكذلك السرج والمصابيح ينقص نورها كلما أضحى النهار، والليل تلمع فيه عيون السباع لشدة بصيصها، وكذلك اليراع حتى تخال ناراً.
وأما قول النابغة، أو من قال: إن قوله في السيوف: يجرين، خير من قوله: يقطرن، لأن الجري أكثر من القطر، فلم يرد حسان الكثرة، وإنما ذهب إلى ما يلفظ به الناس ويعتادونه من وصف الشجاع الباسل والبطل الفاتك بأن يقولوا: سيفه يقطر دماً، ولم يسمع: سيفه يجري دماً، ولعله لو قال: يجرين دماً، لعدل عن المألوف المعروف من وصف الشجاع النجد إلى ما لم تجر عادة العرب به" . ثم إن حكم النابغة للخنساء رضى الله عنها بالتفوق لا يحط من شأن حسان بن ثابت (رضي الله عنه ) البتة , فهو أكبر الشعراء المخضرمين وسيدهم , وهو صاحب الرسول صلى الله عليه وسلم وشاعره , ولكن هو خلاف فني فحسب .
أنشد حسّان النابغة قصيدته المشهورة التي فخر فيها الشاعر بنفسه وقومه ، وهي قصيدة طنّانة ، قال عنها الدكتور شوقي ضيف : (ومن رائع شعره ميميته التي يملؤها ضجيجاً وعجيجاً بمفاخر قومه ) ، والتي يقول فيها :
لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى *** وأسيافنا يقطرن من نجدةٍ دمـا
ولـدنا بني العنقاء وابني محـرق *** فأكرم بنا خالاً وأكرم بنا ابن ما
اتفق الرواة والنقاد على أن حسان بن ثابت أشعر أهل المدر في عصره(الحواضر في زمنه)، وأشعر أهل اليمن قاطبة. قال أبو عبيدة: ( فـُضِّلَ حسّان بن ثابت على الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي (صلى الله عليه وسلم) في أيام النبوة، وشاعر اليمن كلّها في الإسلام).
وقد روى عدي بن ثابت ، عن البراء : أن رسول الله قال لحسان : "اهْجُهُم وهَاجِهِم وجبريل معك " . ومرَّ عمر بن الخطاب على حسّان وهو ينشد في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فانتهره عمر، فأقبل حسّان فقال: (كنتَ أنشد وفيه مَن هو خيرٌ منك)... فانطلق عمر حينئذٍ، وقال حسان لأبي هريرة: أنشدك الله هل سمعتَ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (يا حسّان، أجبْ عن رسول الله ، اللهم أيّده بروح القُدُس)... قال: (اللهم نعم). كما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) لحسان بن ثابت: (اهجهم وهاجهم وجبريلُ معك)... وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (لا تسبّوا حسّاناً، فإنه ينافحُ عن الله وعن رسوله) .
قال عنه الذهبي : سيِّد الشعراء المؤمنين، المؤيّد بروح القدس.
ونقل ابن عبد البر عن الأصمعي قوله: حسان بن ثابت أحد فحول الشعراء .
فقال أبو حاتم: تأتي له أبيات ضعيفة.
فقال الأصمعي: تأتي له أبيات لا تصحّ عنه .
وصدق الأصمعي ، فقد دسّ عليه كثيرٌ من الشعر المنحول لأسباب متعدّدة منها : معاداة حسان للقرشيِّين الذين آذوا النبيّ قبل إسلامهم . ومهاجاته زعيم قريش أبا سفيان مدافعاً عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؛ فكان القرشيّون ينسبون إليه ضعيف الشعر لإيذائه . ومنها انضمامه لأنصار عثمان في خلافة علي (رضي الله عنه) ، واشتداد المنافسة بين الأنصار وأهل مكة في صدر الدولة الأموية ؛ فقد أُدخل في شعره كثيرٌ مما ليس منه . وخوضه في حديث الإفك وغير ذلك من الأسباب التي غيرت القلوب عليه ؛ وإن يكن فلا ريب أنّ حسَّان شاعر فحل ، ولا يضيره ما دسّ عليه من ضعيف الشعر ، ولو كان في شاعريته خلل فنِّي ، لما اختاره الرسول (صلى الله عليه وسلم) ليكون شاعره وهو صلى الله عليه وسلم إمام أهل البيان والفصاحة وكتابه القرآن وأنعم به معجزة البيان ،وأصحابه فيهم الناقد المُجِيد ، وعدد كبير منهم يقرضون الشعر ،وهم عرب فصحاء يعرفون قيمة الكلمة ، وأسرار البيان .
وإنصافاً لهذا الشاعر الصحابي ، أعود لنقد النابغة لبيتَي حسّان:
تناقلت الروايات أنّ حسَّان قد ارفض وجهه عرقاً حينما انتقده النابغة ، وقال: أنا أشعر منك ومن أبيك. فردّ عليه النابغة يدل على أنّه انتصار لنفسه، ومنافسة واضحة لحسّان ، ونقد بعيد عن الموضوعيَّة ، قائلاً : أتستطيع أن تقول :
فإنَّك كالليل الذي هـو مـدركي *** وإن خلتُ أنّ المنتأى عنك واسع
وتصمت الروايات عند هذا الحدّ . بالله عليك أنت كقارئ لما حدث بين الخصم والحكم وبعدها يطلب النابغة من حسان أن ينشده أبيات على نسقه هو ماذا يكون رد حسان ؟
فصمتُ حسّان ليس دليلٌ على تفوّق النابغة . والنابغة شاعر لا جدال في ذلك ، ولكنّ حسّان لا يقلّ عنه شاعريّة . صمت حسان أبلغ رد على النابغة بأنه ليس جديراً بأن يكون حكماً على شعره بعد أن اعترض النابغة على قول حسّان في ميميته المشهورة :
لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى *** وأسيافنا يقطرن من نجـدةٍ دمـا
ولدنا بني العنقـاء وابنـي محرق *** فأكرم بنا خالاً وأكرم بنا ابن ما
وهنا نجد أن قدامة بن جعفر يُشير إلى نقطة هامَّة، وهي اضطراب آراء النقّاد من قديم، وتقديمهم عمل على عمل ، لا لجودة هذا العمل ، بقدر ما هو نظر بالدرجة الأولى إلى اسم من صاحبه ؛ يقول قدامة : "وأكثر الفريقين لا يعرف من أصله ما يُرجع إليه ويتمسك به ، ولا من اعتقاد خصمه ما يدفعه ويكون أبداً مضاد له . لكنهم يخبطون في ظلماء ، يعمد أحد الفريقين إلى ما كان من جنس قول خصمه فيعتقده، ومرة يعمد إلى ما جانس قوله في نفسه ، فيدفعه ويعتقد نقضه ". أخذ النابغة على حسّان قوله في البيت الأول "الجفنات الغر" ، وكان الأولى - حسب رأيه - أن يقول : لنا الجفان البيض ؛ لأنّ الغرة بياضٌ قليلٌ في لونٍ كثيرٍ ، والجفنات جمع قلة . ثمّ قال : "يلمعن بالضحى" ، ولو قال بالدجى لكان أحسن ؛ إذ كلّ شيء يلمع بالضحى. ثمّ قال : "وأسيافنا يقطرن" ، ولو قال يجرين لكان أكثر وأحسن . ثمّ إنّه في بيته الثاني كما يروي الناقد- فخر بمن ولد ، ولم يفخر بمن ولده .
هذه مآخذ النابغة على حسان ، وهي تبدو للناظر محقة ، ولكنّ حسّان لم يرض بهذا الحكم ، وأحسّ أنه قد ظلم به ؛ فهو ممَّن يحرص على المساواة والصدق في تناوله الشعري ، وهو شيء كان يُنادي به . وحِرصُ حسان على الجودة الفنيّة أفضل من المبالغة والغلوّ والتكلّف .
وحكم النابغة كما يظهر من الرواية- كان سريعاً؛ إذ لم يستمع إلى وجهة نظر الشاعر ؛ بل خرج بالحوار من القضية إلى الحمية، وأخذ ينتصر لنفسه وشاعريته. وكـم كنّا نتمنّى أن يُمهل حسّان ليُفصح عن وجهة نظره، ويُبيِّن سبب ثورته على نقد النابغة اللاذع لشاعريته أمام الملأ في ملتقى عكاظ الثقافي وقد يكون أنّ الحوار قد طال بينهما ، ويبدو أنّه مبتور ، كما بُتر شعر كثير من الشعر الجاهلي الذي لم يصلنا إلا أقلّه .
ولكنّ النقاد بعد النابغة- بيّنوا وجهة نظر حسّان التي أراد بيانها حول نقد النابغة ، وانتصروا لشاعريته ؛ فقدامة بن جعفر وقف موقفاً مغايراً لمن سبقه ، ونظر نظرة عميقة ، فيها مقارنة للشعر بالشاعرية التي تحرف النص عن مساره العادي إلى وظيفته الجماليّة ، والتي وصفوها بأنّها انتهاك لسنن اللغة العادية .
لقد كانت نظرة قدامة بن جعفر نظرة عميقة لماهية الشعر الذي تفسده المبالغة المتكلّفة ، حين قال: ( فإنّ النابغة كما حُكي عنه - لم يُرِد من حسّان إلا الإفراط والغلوّ بتعبيره ، فكان كلّ معنى وضعه ما هو فوقه وزائد عليه . ومن أمعن النظر علم أنّ هذا الطلب من حسّان سواء كان من النابغة ، أو من غيره هو خطأ بيِّن ، وأن حسان مصيب ؛ إذ كانت مطابقة المعنى بالحق في يده ، والرد عليه عادلاً عن الصواب إلى غيره) .
يقول قدامة رادّاً على النابغة : (فمن ذلك أنّ حسّان لم يرد بقوله "الغر" أن يجعل الجفان بيضاً ، وإنّما أراد بالغرّ : المشهورات ؛ كما تقول : يوم أغرّ ، ويد غرّاء ، وليس يُراد البياض في شيء من ذلك ، بل هو الشهرة والنباهة ) .
وأمّا قوله إنّ الجفنات جمع قلّة ، فلم يكن مصيباً ؛ إذ إنّ الجفنات والجفان كلاهما يُفيد الكثرة ؛ يقول ابن عقيل - شارحاً قول ابن مالك : أفعلـة ، أفعـل ، ثمّ فعلـة ثمـة أفعال جمـوع قلــة (هذه أمثلة جمع القلة، وما عدا هذه الأربعة من جموع التكسير، فجموع كثرة).
ومعلوم أن جمع المؤنث السالم لا تفريق فيه بين قلة أو كثرة ؛ فبناؤه ثابتٌ، ودلالته على الجمع مطلقة الكثرة والعموم .
وأمَّا قول النابغة "يلمعن بالضحى"، فلو قال "بالدجى" لكان أحسن منه؛ إذ كلّ شيء يكاد يلمع بالنهار من الأشياء ، ومما له أدنى نور وأيسر بصيص يلمع فيه ؛ فمن ذلك الكواكب وهي بارزة لنا ، مقابلة لأبصارنا دائماً تلمع في الليل ، ويقلّ لمعانها بالنهار حتى تخفى ، وكذلك السرج والمصابيح ينقص نورها كلما أضحى النهار . والليل تلمع فيه عيون السباع لشدة بصيصها .
وأمّا قول النابغة، أو من قال إن قوله في السيوف "يجرين" خيرٌ من قوله "يقطرن" ؛ لأنّ الجري أكثر : فلم يُرد حسّان الكثرة، وإنما ذهب إلى ما يلفظ به النَّاس ويتعاودونه من وصف الشجاع الباسـل، والبطل الفاتك، بأن يقولوا: سيفه يقطر دماً. ولعله لو قال "يجري" لعدل عن المألوف في وصف الشجاع النجد إلى ما لم تجر به عادة العرب .
لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى*** وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
أمّا ما قيل عنه من أنه فخر بمن ولد ، ولم يفخر بمن ولده ، فلا أرى لهذا الطعن وجهاً ؛ فقد فخر بهما في بيته الثاني جميعاً ؛ فخر بأنّهم ولدوا بني العنقاء ، وابني محرق ، وافتخر في شطر البيت الثاني بأنّ من ولدوهم أفضل منهم ضرورة ، ولذلك ترك مدحهم والفخر بهم مفتوحاً ؛ فهم أبناء ما يعجز الشعر عن وصفهم "وأكرم بنا ابن ما" . ولا شكّ أن التعمية في غالب الأحيان تكون في صالح الممدوح .
ولدنا بني العنقاء وابني محرق *** فأكرم بنا خالاً وأكرم بنا ابن ما
وبعـد : فلعلّ فيما سبق كشفٌ لحقيقة هذه الفرية على فنّ حسّان الشـعري إن ثبتت صحتها ، ولكنّها على العموم مشهورة ؛ فكل من يكتب عن النقد للعصر الجاهلي يجعلها من نماذج نقده ،وقليلٌ هم الذين يستقصون أبعاد الحقيقة، ويصنعون كصنيع قدامة بن جعفر ، الذي رفع ظلم الحكم الموقَع على هذين البيتين . وحتى يومنا هذا نجد أصحاب الأهواء من النقاد ومن يدور في فلكهم يُحجم عن ذكر الحقيقة فيبرز رأي النابغـة هـذا والذي يُسيء فيه إلى حسَّان، دون ذكر الرأي الآخر ! . وبذلك يتضح أنّ حسَّان ممَّن ظُلم في هذا الحرص الشديد على تشويه صورة الشاعر الصحابي والتقليل من شأن موهبة شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي خدم بشعره الإسلام ونافح عن الرسول وجاهد بلسانه أعدائه في مواقف مشهودة لا تنسى ما بقي الإسلام... ذلك هو حسان بن ثابت رضي الله عنه شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قربه واختاره من بين الشعراء ودعا له .. وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
(لا تسبّوا حسّاناً، فإنه ينافحُ عن الله وعن رسوله) . فكان روح القدس مؤيداً له ،لا يتسنى لدعيّ التشكيك بفصاحته وبلاغته وشاعريته ، ولا ضير فالكلاب تعوي والقافلة تسير.
[أبو جمال]

تقييم:

1

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة