فضاءات مدينة منفلوط

مدينة منفلوط

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
جمال هديه
مسجــل منــــذ: 2011-06-22
مجموع النقط: 109.11
إعلانات


كيف تبوأمحمد على باشا حكم مصر وهروب عثمان البرديسى أمير المماليك وحاكم القاهرةالى منفلوط


1 ـ كانت مصر في شهر يناير سنة 1803 منقسمة إلي ثلاث مناطق نفوذ , فالجيش الإنجليزي - وهو مكون من 4430 جنديا - يحتل الإسكندرية , والجيش العثماني - وهو مكون من عشرة آلاف جندي - يحتل منطقتي الدلتا والقاهرة , أما جيش المماليك - وهو مكون من ثلاثة آلاف فارس وستة آلاف من رجال القبائل و 80 جنديا فرنسيا من المدفعيين فروا من جيش الاحتلال الفرنسي وانضموا إلي المماليك ]- فكان يحتل الصعيد .
وكان جيش المماليك إذا التقي بالجيش العثماني ألحق به الهزيمة , لأن الجنود العثمانيين كانوا لا يثقون بقوادهم ولا يأبهون لأوامرهم .
وكان والي مصر في تلك السنة هو عدو محمد علي اللدود , محمد خسرو باشا , الذي صار فيما بعد الصدر الأعظم في الأستانة .
* كان هذا هو الحال في البلاد خلال الفترة الفاصلة بين جلاء آخر جندي فرنسي عن البلاد بعد فشل الحملة النابليونية الشهيرة (3 يوليو 1801) وخروج آخر جنود الحملة الإنجليزية التي ساهمت في إجلاء الفرنسيين (5 مارس 1803), وهو الخروج الذي تم بعد عقد معاهدة اميان Amiens, بين فرنسا من جانب والحلفاء في طليعتهم إنجلترا من جانب آخر , وكانت هذه المعاهدة بمثابة استراحة قصيرة في عمر الحروب النابليونية لم تدم أكثر من أربعة عشر شهرا .
* يكشف هذا المشهد , ربما لأول مرة , عن انخراط عدد من الجنود الفرنسيين في صفوف المماليك , بعد أن رفضوا الجلاء مع بقية قوات الحملة , وليس واضحا ما دفع هؤلاء إلي عدم العودة إلي بلادهم , هل لأسباب شخصية , زواج بمصريات وما إلي ذلك , أو لأسباب سياسية , كأن يكون قادة الحملة اختاروهم للبقاء في البلاد لتظل العين الفرنسية تتابع ما يجري فيها , وإن كنا نلاحظ في النهاية أن وجودهم في صفوف المماليك كان طبيعيا بحكم أن قواتهم قد تشكلت من أخلاط من البشر , وكان يمكن أن تقبل هؤلاء بين صفوفها , علي عكس الحال مع القوات الأخري التي كان يربط بينها في الغالب لون من الوحدة الجنسية , كما هو الحال بالنسبة للألبانيين مثلا , خاصة وأنهم كانوا من المدفعيين الذين يحتاجهم المماليك ..
2 ـوفي أواخر شهر يونيو سنة 1803 ثار الشعب المصري بمعاونة البكوات المماليك القائمين بالقاهرة علي طاهر باشا رئيس الجنود الألبانيين ( الأرنؤود ) وقتلوه , بينما أسر المماليك والأرناؤوط بقيادة محمد علي والي مصر محمد خسرو باشا .
وفي شهر يوليو عين ' علي باشا ' الذي جامل الإنجليز واليا . فنقم عليه المصريون والأوربيون , وفي الوقت نفسه أخذ الجنود الألبانيون يطالبون بمرتباتهم المتأخرة ووطدوا العزم علي مغادرة مصر , ولكن علي باشا استمالهم وعرض عليهم إبرام حلف ضد المماليك , غير أن المماليك اكتشفوا هذه المؤامرة فثاروا علي الوالي ونفوه إلي يافا .
* تختلف القصة التي رواها الجبرتي في يومياته عن مقتل طاهر باشا عما جاء في رواية الأهرام , إذ يقول أنه بعد أن أقيم طاهر باشا قائمقاما علي مصر أن طالبه الانكشارية برواتبهم ( جماكيهم ) المتأخرة , فأنكر عليهم ذلك , وأنه مستعد أن يدفع تلك الجمكيات منذ أن تولي المسئولية , فقامت جماعة منهم وثارت عليه ' وعاجلوه بالحسام وضربه أحدهم فطير رأسه ورماها من الشباك إلي الحوش '!
* إبان تلك الفترة خاض الوالي العثماني محمد باشا مجموعة من المعارك ضد قوات المماليك المتمترسة في الوجه البحري لحقه خلالها أكثر من هزيمة الأمر الذي هون من شأنه حتي أنه قبل خلال أيامه الأخيرة في العاصمة المصرية أن يكون تحت حماية أمرائهم , مما كان محل تعجب من المصريين .
3 ـ وقد طلب المماليك إسناد الولاية إلي خورشيد باشا محافظ الإسكندرية , وصادف أن عاد الألفي بك من بلاد الإنجليز , فأقلقت هذه العودة بال عثمان بك البرديسي , فاستدعي محمد علي قائد فرق الأرناؤوط ليتحدث إليه في هذا الموضوع وانتهيا إلي إبرام حلف بينهما .
وفي منتصف ليلة 20 فبراير عبر محمد علي وجنوده مجري النيل أمام ساحل مصر العتيقة , وهجم علي فرسان الألفي بك الذين كانوا يعسكرون بالقرب من الجيزة فأخذهم علي غرة , وتمكن الألفي الصغير من الفرار , فاحتل محمد علي مدينة الجيزة وأخذ يطارد فلول قوات الألفي حتي مدينة منوف , غير أنه لم يتمكن من القبض علي الألفي الكبير .
انكسرت شوكة المماليك من جراء تلك المعارك فسر الألبانيون لذلك وسطع نجم قائدهم محمد علي , فاتصل محمد علي علي الفور بقنصل فرنسا , وطلب إليه أن يتوسط لدي السلطان ليمنحه ولاية مصر , فكتب القنصل فورا إلي حكومته يقول ' أستطيع أن أؤكد لكم أن محمد علي لم يكن يخفي عزمه علي الوصول إلي الحكم , ولكني - علي الرغم من ميل هذا القائد إلي فرنسا - لا أدري إن كانت لديه الكفاءة اللازمة لإعداد برنامج شامل وتنفيذه '.
وفي شهر مارس تحدث محمد علي بصراحة إلي قنصل فرنسا وقال أنه ينوي إزالة سلطة المماليك . ثم صاح ' كيف تستطيع أن تعتمد علي هؤلاء الرجال الذين خانوا شقيقهم وزميلهم وصديقهم؟ .. أما نحن أعداؤهم الألداء فلا ننتظر منهم غير الخيانة والهلاك !'.
* خلال الفترة القصيرة التي تحكم فيها أمراء المماليك في القاهرة بالغوا في فرض الضرائب والفرد غير الشرعية , الأمر الذي أدي إلي الاحتجاجات التي بلغت ذروتها يوم 8 مارس 1804 حين ' خرج الفقراء والعامة والنساء طوائف يصرخون وبأيديهم دفوف يضربون عليها , والنساء يندبن وينعين ويقلن كلاما علي البكوات مثل قولهن ( إيش تاخد من تفليسي يابرديسي ) وصبغن أيديهن بالنيلة 'وهرب عثمان البرديسى الى منفلوط فى صعيد مصروقدوافته المنيه. فى8من رمضان عام 1221هجريه 19من نوفمبر1806ودفن عثمان البرديسى أميرالمماليك و حاكم القاهره فى منفلوط
* تؤكد هذه الرواية علي أن القائد الشاب الذي وصل إلي قيادة الألبانيين بعد اغتيال قائدهم كانت له منذ البداية طموحاته التي تمثلت في الرغبة في الاستيلاء علي مقعد الباشوية في العاصمة المصرية رغم ما تشير إليه الروايات من تمنعه عندما عرض عليه المشايخ وزعماء الشعب هذا المقعد .
4 ـ واجتمع محمد علي بعد ذلك سرا بخورشيد باشا , واتفقا معه علي أن يهاجما المماليك , وفي يوم 11 مارس هاجم الجنود الألبانيون منزلي عثمان بك وإبراهيم بك . وأرغموهما علي الفرار بعد أن أثخنوهما جراحا . ثم احتلوا القلعة . ولما علم خسرو باشا وعلي باشا بفوز الألبانيين غادرا مصر عائدين إلي استنبول .
5 ـ اطمأن لذلك بال خورشيد باشا , غير أنه كان قد تسلم زمام الحكم دون أن يؤيده السلطان بفرمان شاهاني , فصرح محمد علي بأن ولاية خورشيد باشا غير قانونية , وأنه سيتولي قيادة الجيوش .
ولما علم ' أحمد الجزار ' والي عكا بما حدث أرسل قواته إلي العريش لإبرام معاهدة بينه وبين محمد علي , فخشي السلطان سوء العواقب وبادر إلي إرسال الفرمان إلي خورشيد باشا , غير أن أحمد الجزار توفي بعد أيام معدودات .
* تدل التطورات السابقة علي ما كانت قد بلغته حكومة الأستانة من ضعف وقتئذ , إلي الحد الذي لم يكن أمامها معه إلا الموافقة علي ما يجري علي أرض الواقع , كما تؤكد متابعة الحوادث أن ما جري يوم 13 مايو عام 1805 من تنصيب المشايخ وزعماء المصريين لقائد بعينه من قواد الأتراك واليا لم تكن المرة الأولي التي يحدث فيها مثل هذا .
6 ـ ثم عاد الألفي بك فكر بقواته علي القاهرة وعرض الصلح علي خورشيد باشا الذي كان يقف من محمد علي موقف الريبة , وأخذ يتحصن في القلعة . وعند ذلك شعر محمد علي بحرج الموقف , فالمماليك قد طوقوا العاصمة , وهددوا سكان مصر المحروسة بالجوع بينما كان الجنود الألبانيون يطالبون بأجورهم ويتوعدون .
7 ـ غير أن الخلاف لم يلبث أن دب بين المماليك فلم يتفقوا علي الخطة العسكرية التي اتخذوها ضد الأرناؤوط , فانتهز محمد علي الفرصة وسدد إليهم ضربة شديدة مفاجئة , إذ هجم علي قوات الألفي الصغيرة المعسكرة بين طرة ومصر العتيقة واستولي علي أربعة مدافع . وفي 23 يوليو استولي علي مدينة شلقان واحتلها . بينما غمر النيل الأراضي بمياه الفيضان فاضطر المماليك إلي أن يفكوا الحصار , وانسحبوا مرة أخري إلي منطقة الفيوم , ولكن محمد علي لم يمهلهم فهاجم البرديسي وإبراهيم بك بعنف واضطرهما إلي الانسحاب إلي الصعيد .
8 ـ وفي شهر سبتمبر سنة 1804 قرر محمد علي مغادرة مصر , بعد أن أبدي جنوده الرغبة في العودة إلي بلادهم , ولكن خورشيد باشا خشي أن يستولي المماليك علي الحكم عقب انسحاب محمد علي , فأقنعه بالبقاء , فلبي محمد علي دعوة الوالي وقرر استئناف القتال مع بعض فرق الأرناؤوط التي عدلت عن السفر .
9 ـ وفي شهر يناير سنة 1805 أعاد ' القائد العام ' محمد علي باشا تنظيم جيوشه بعد أن ضم إليها الجنود العثمانيين , ثم حاصر مدينة المنيا التي كانت حصنا قويا في يد المماليك , وبعد قتال عنيف دام شهرين , اقتحم جنوده المدينة بعد أن هزموا المماليك شر هزيمة .
اوجست كودر : محمد على 1769 - 1838 حاكم مصر .. صورة منقوشة على الفولاذ من عام 1840
* جاء عن الحادثة الأخيرة في كتابات المعاصرين أنه في يوم الاثنين 10 رمضان 1921(13 ديسمبر 1804)' تواترت الأخبار بوقوع الحرب بين العسكر والأمراء المصريين ( المماليك ) في المنيا , وقتل من الأمراء صالح بيك الألفي , ومراد بك من الصناجق الجدد المقلدين الإمارة خارج مصر '.
10 ـ وقد قرر محمد علي بعد هذا الفوز العودة إلي القاهرة ومعه جميع قواته , وصرح بأن القوات التي تحت إمرته تطالب بأجورها . فخشي خورشيد باشا عواقب ذلك , واتخذ تدابيره للصمود أمام محمد علي . غير أن محمد علي ما كاد يجتاز شاطئ النيل حتي أرسل إليه خورشيد باشا مندوبا لمعرفة نواياه , غير أن محمد علي دخل القاهرة علي رأس قواته . وأصبحت العلاقات بين القائدين متوترة . فلم يتبادلا الزيارات , وطلب محمد علي إعداد كشف عن إيرادات الإيالة منذ اليوم الذي تسلم فيه خورشيد باشا زمام الحكم . كما طلب إرسال الكتخدا وقائد القوات المعسكرة بالقلعة إلي الصعيد وأبدي رغبته في أن يبقي هو بالقاهرة . وكتب قنصل فرنسا في هذه المناسبة يقول ' يبدو أن محمد علي له نفوذ كبير علي الجنود والسكان , وقد زاره القواد العسكريون والمدنيون جميعا مخالفين بذلك الأمر الذي صدر إليهم من خورشيد باشا يمنعهم عن زيارته '.
11 ـ مل سكان مصر حالة التوتر المستمرة التي سادت الجو من ذلك الوقت , بينما كان هؤلاء السكان ينشدون الاستقرار . وفي شهر مايو سنة 1805 كتب قنصل فرنسا إلي حكومته قائلا : علي الرغم من الإشاعات المتواترة من أن الأمور عادت إلي مجاريها , وأن الوئام حل محل الخصام بين خورشيد باشا ومحمد علي , فإني أراني مضطرا إلي طلب تعليمات وزارة الخارجية بشأن الخطة التي يجب أن أتبعها في حالة استيلاء محمد علي علي الحكم .
وبعد أيام ثار الشعب بقيادة المشايخ علي الجيش العثماني الذي كان لا يزال يرتكب الجرائم , فأظهر محمد علي استعداده لمناصرة الشعب , وأصدر أوامر مشددة إلي جنوده لمنع ارتكاب الجرائم والدفاع عن حقوق الشعب وسلامته .
* لأهمية هذه الحادثة التي يحتفل المصريون بمرور مائتي عام عليها نسوق نص رواية الشيخ الجبرتي عنها , قال :
' فلما أصبحوا يوم الاثنين اجتمعوا ببيت القاضي , وكذلك اجتمع الكثير من العامة , فمنعوهم من الدخول إلي بيت القاضي وقفلوا بابيه , وركب الجميع وذهبوا إلي محمد علي , وقالوا له ( إنا لا نريد هذا الباشا حاكما علينا , ولا بد من عزله من الولاية )) فقال ( ومن تريدونه واليا )), قالوا له ( لا نرضي إلا بك , وتكون واليا علينا بشروطنا , لما نتوسمه فيك من العدالة والخير )) فامتنع أولا ثم رضي , وأحضروا له كركا وعليه قفطان , وقام السيد عمر والشيخ الشرقاوي فألبساه له , وذلك في وقت العصر , ونادوا بذلك في تلك الليلة في المدينة , وأرسلوا إلي أحمد باشا الخبر بذلك , فقال ( إني مولي من طرف السلطان فلا أعزل بأمر الفلاحين , ولا أنزل من القلعة إلا بأمر من السلطنة )) وأصبح الناس وتجمعوا أيضا , فركب الباشا ومعه الجم الغفير من العامة , وبأيديهم الأسلحة والعصي , وذهبوا إلي بركة الأزبكية حتي ملئوها .
12 ـ وفي يوم 10 مايو سنة 1805 أحيط محمد علي بنبأ تعيينه واليا علي مدينة جده , وكان هذا التعيين قد صدر قبل شهرين . ولكن خورشيد باشا كتم الخبر لحاجته إلي محمد علي , ولما أصبح القائد العام يهدد سلطته قرأ الفرمان في جلسة رسمية , فأظهر محمد علي استعداده للسفر , غير أن الأرناؤوط أحاطوا بخورشيد باشا عقب قراءة الفرمان مطالبين بما تبقي لهم من المرتبات , فأعلن خورشيد رغبته في فرض ضريبة لهذا الغرض , ولكن الشعب أظهر تذمره .
وأذاع محمد علي عند مغادرته المعسكر خبر سفره بين الشعب , وفي اليوم التالي جمع عساكره وأخطر خورشيد باشا بضرورة استعفائه من منصبه , وانضم الشعب إلي قوات محمد علي , فانسحب خورشيد باشا إلي القلعة ومعه ألفا رجل .
13 ـ في ذلك الوقت أرسل المشايخ والأعيان مندوبا إلي الأستانة حاملا التماسا إلي الباب العالي بتعيين محمد علي واليا علي مصر بدلا من خورشيد باشا , فقرر الباب العالي إيفاد مندوب إلي مصر لرفع تقرير عن الحالة .
14 ـ في 10 يوليو سنة 1805 تلي الفرمان الشاهاني الذي جاء فيه أن السلطان - تلبية لرغبات الشعب - عين محمد علي قائمقاما لمصر المحروسة , وأمر خورشيد باشا بالذهاب إلي الإسكندرية . ولما علم علي باشا سلحدار خورشيد باشا بهذا النبأ , غادر الصعيد علي رأس 3000 رجل فقاتله محمد علي .
15 ـ وبينما كان الصراع قائما بين علي باشا ومحمد علي باشا وصل القبطان باشا إلي مصر , فانتظر نتيجة القتال قبل أن يتخذ الإجراءات التي يتطلبها الموقف , وأراد المماليك إفهامه أن الود قائم بينهم وبين خورشيد باشا , ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل , ثم أرادوا أن يظهروا سلطتهم فعينوا 400 فارس لدخول القاهرة صبيحة يوم 18 أغسطس وعلي رأسهم الطبل والزمار ليظهروا بمظاهر الفاتحين , ولكن هذه المحاولة فشلت أيضا بعد أن أظهر الشعب عداءه لهم , فحاولوا الهرب تاركين وراءهم مهماتهم وأسلحتهم وثروتهم , ولكن الشعب أبادوهم عن آخرهم .
* حسين باشا القبطان أمير البحار الذي جاء إلي مصر علي رأس حملة بحرية للمساعدة في إجلاء الفرنسيين , وتورط بعد ذلك في الصراعات الداخلية بين المماليك والأتراك , والتي استخدم فيها كل ما هو متاح للتخلص من ' الأمراء المصرية '.
16 ـ وعين خورشيد باشا واليا علي سلانيك , فغادر أمير البحار مصر , بعد أن أظهر عدم ارتياحه لوجود محمد علي علي رأس الجيوش .
17 ـ وفي 27 يونية عاد أمير البحار إلي مصر , وخير محمد علي بين ولايتي سلانيك وقبرص , ثم قرر أن الألفي بك هو والي مصر , وأن موسي باشا والي سلانيك قادم إلي مصر علي رأس جيش قوي ليتسلم زمام الحكم .
18 ـ وقد صرح محمد علي أنه سيطيع أوامر السلطان , وأظهر استعداده للسفر واشترط علي أمير البحار أن يدفع قبل سفره مائة ألف من الجنيهات للقوات العسكرية , وإن لم يفعل ذلك سيعرض نفسه للهلاك , كما يعرض مدينة القاهرة للمآسي والشدائد .
19 ـ غير أن القاضي والمشايخ والعلماء والأعيان وقعوا عريضة التمسوا فيها من الباب العالي إبقاء محمد علي في مصر , إذ أن حكمه أصلح من حكم المماليك . أما محمد علي فقد صرح بصوت جهوري إلي قنصل بريطانيا بأنه لا يخشي أحدا ولا يخشي أمير البحار وأن في إمكانه أن يقاوم القوات الأجنبية التي قد تجتاح مصر لمساعدة المماليك .
20 ـ ولما يئس أمير البحار من إقناع محمد علي عن طريق المفاوضات بوجوب مغادرة أرض مصر , أمر - بعد فوات الأوان - باتخاذ الإجراءات الكفيلة بإخراجه عنوة .
21 ـ وقد فشل الألفي بك أمام مدينة دمنهور , فاضطر أمير البحار أن يستأنف المفاوضات مع محمد علي . وفي 20 أكتوبر سنة 1806 عاد أمير البحار إلي الأستانة العلية ومعه إبراهيم بن محمد علي .
22 ـ وفي شهر يناير سنة 1807 انتقل الألفي بك إلي الدار الآخرة , وبموته اختفي ألد أعداء محمد علي , وانهارت كل مقاومة جدية ضد حكمه .
* توفي الألفي بك بالكوليرا في 10 من ذلك الشهر بعد أن كان قد نجح من قبل في التخلص من منافسه , الأمير المملوكي عثمان بك البرديسي بعد أن بعث إليه من دس السم في طعامه , وكان للألفي بك مكانة كبيرة حتي أن الشيخ الجبرتي الذي كان يتعاطف مع الأمير الراحل اعتبر وفاته نقطة نهاية لعصر بأكمله , الأمر الذي نتبينه فيما كتبه عن هذه الوفاة , وجاء فيه :
يامصر انظري إلي أولادك وهم حولك مشتتين متباعدين مشردين , واستوطنك أجلاف الأتراك واليهود وأراذل الأرنؤود وصاروا يقبضون خراجك ويحاربون أولادك ويقاتلون أبطالك ويقاومون فرسانك ويهدمون دورك ويسكنون قصورك ويفسقون بولدانك وحورك ويطمسون بهجتك ونورك '
وتؤكد كل الدلائل علي أن تلك المرثية كتبها الجبرتي تعبيرا عما كان يخالجه هو نفسه حين بدأ محمد علي ينفرد بحكم مصر , وكأنما كان بهذه المرثية يودع عصره , لأن مصر كانت تستقبل آنذاك عصرا جديدا من عصورها , وهو ما عبر عنه بتلك الكلمات التي وضعها علي لسان محمد الألفي بأنه قد ' قضي الأمر وخلصت مصر لمحمد علي ' أو بالأحري قد قضي الأمر وانقضي ذلك العصر الذي انتمي إليه المؤرخ الكبير !!

تقييم:

1

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة