فضاءات برج عمر إدريس

برج عمر إدريس

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
كلثوم
مسجــل منــــذ: 2012-04-22
مجموع النقط: 17.2
إعلانات


من قصص سيدنا سليمان مع الحيوان


دات مرة سمع سليمان (عليه السلام) حواراً بين (عصفورٍ) و(عصفورةٍ) فقد كانت الأنثى تمنع نفسها عن معاشرة الذكر، فقال الذكر ـ مبيّنا قوّته لأنثاه ـ : لو شئت أخذت قبّة سليمان فألقيتها في البحر.
فعجب سليمان من كلام العصفور، وتبسم ضاحكاً.
ثم إن سليمان طلب العصفورين، وقال للعصفور: هل تطيق أن تفعل ما قلته للعصفورة، من إلقاء قبتي في البحر؟
قال العصفور: لا يا نبي الله، ولكن المرء قد يزين نفسه عند زوجته، والمحب لا يلام على ما يقول.
ثم توجه سليمان إلى العصفورة، قائلاً:
لم تفرّين من زوجك، وهو يحبك؟
قالت العصفورة: يا نبي الله، إن زوجي لا يحبني، وإنما هو يدّعي ذلك، والدليل على أنه لا يحبني، أنه يحب غيري.
هنا جاشت في نفس سليمان الخواطر الإلهية، فكيف يمكن أن يدّعي محبة الله، من يحب غير الله،؟ إن عصفورة صغيرة تعرف أن محبتين لا يجتمعان في قلب واحد، فكيف يقول الإنسان إني أحب الله، وهو يحب الدنيا؟ وهل يمكن أن تجتمع في قلب الإنسان محبتان: محبة الله ومحبة الدنيا؟
ولذا تأثر سليمان بكلام العصفورة، وبكى بكاءً شديداً، وأخذ يدعو الله سبحانه أن يملأ قلبه من محبته، ويفرغ قلبه من محبة ما سواه.
* * *
وفي يوم من الأيام كان سليمان (عليه السلام) جالساً، مع أصحابه، فصاحت الطيور، ففسر كلامها لأصحابه، حتى يعلموا أن كل طير يقول قولاً، وليست صيحات الطيور أصواتاً فارغة.
صاح (ورشان) فقال سليمان: يقول: لدوا للموت وابنوا للخراب.
وصاحت (فاختة) فقال سليمان: تقول: ليت الخلق لم يخلقوا.
وصاح (طاووس) فقال سليمان: يقول: كما تدين تدان.
وصاح (هدهد) فقال سليمان: يقول: من لا يَرحم لا يُرحم.
وصاح (صرد) فقال سليمان: يقول: استغفروا الله يا مذنبين.
وصاح (طوطن) فقال سليمان: يقول: كل حي ميّت، وكلّ جديد بال.
وصاح (خطّاف) فقال سليمان: يقول: قدّموا ضراً تجدوه.
وهدلت (حمامةٌ) فقال سليمان: تقول: سبحان ربي الأعلى ملء سماواته وأرضه.
وصاح (قمري) فقال سليمان: يقول: سبحان ربي الأعلى.
ثم.. إن سليمان (عليه السلام)، نشر لأصحابه كلام بعض الطيور الأخرى التي لم تكن حاضرة فقال (عليه السلام):
الغراب، يدعو على العشّارين.
والحدا، يقول: كل شيء هالك إلا وجهه.
والقطا، يقول: من سكت سلم.
والطائر الأخضر، يقول: ويلٌ لمن الدنيا همّه.
والباز، يقول: سبحان ربي وبحمده.
والدراج، يقول: الرحمان على العرش استوى.
وهذا الكلام الشيّق من سليمان فتح على أصحابه أبواب المعرفة، كما كان هذا الكلام فاتحة خير للبشر، حيث عرفوا أن الحيوانات تتكلم، وأخذوا يبحثون للتوصل إلى معرفة كلام الحيوانات.
* * *
وذات مرة كان سليمان (عليه السلام) جالساً على شاطئ بحر، فبصر بنملةٍ تحمل حبّة قمحٍ تذهب بها نحو البحر، فجعل سليمان ينظر إليها، حتى بلغت الماء، فإذا بضفدعة قد أخرجت رأسها من الماء وفتحت فاها، فدخلت النملة في فمها، وغاصت الضفدعة في البحر.
فدهش سليمان لهذا الحادث وأخذ يفكر متعجباً!
فلم يمر زمان حتى رأى سليمان الضفدعة تخرج من الماء، ثم فتحت فاها، وخرجت النملة من فمها، وليست معها حبّة الحنطة.
هنالك، دعا سليمان النملة، ليستفسرها عن الخبر؟
أجابت النملة: يا رسول الله، إن في قعر هذا البحر الذي تراه صخرة مجوّفة، وفي جوفها دودة عمياء قد خلقها الله هنالك، وهي لا تقدر على رزقها، وقد وكلني الله برزقها، فأنا أحمل رزقها، وهذه الضفدعة مأمورة أن تحملني إليها، فإذا وصلنا إلى الدودة، وضعت الضفدعة فمها على ثقب الصخرة، فأدخلها ـ وأنا آمنة من البلل ـ فألقم الدودة رزقها، ثم أخرج إلى فم الضفدعة لتردني إلى الجرف.
قال سليمان ـ وهو متعجب من فضل الله سبحانه في حكمته ـ : وهل سمعت أيتها النملة، من الدودة تسبيحة؟
قالت النملة: نعم.
إنها تقول: (يا من لا تنساني في جوف هذه الصخرة تحت هذه اللجة، برزقك، لا تنس عبادك المؤمنين برحتمك).
وقد كان في هذه القصة الطريفة تصديق لقول الله تعالى في القرآن الحكيم: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها).
وكذلك في هذه القصة تصديق لقول الله سبحانه: (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم).
كما أن فيها عبرة للإنسان وذكرى له: إنه لا ينبغي للحريص أن يعصي الله تعالى لتحصيل رزقه، كما يكون بعض الناس هكذا يرابون، ويغشون، ويسرقون، ويحتكرون، ويأكلون أموال الناس ظلماً، ويمنعون حقوق الله عدواناً.. كل ذلك ظنّاً منهم أن تلك الأعمال هي التي توفر لهم المعيشة، وهي التي تهيئ لهم الرزق.
ولذا قال القرآن الحكيم، تنديداً بهم: (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين). إن من لا ينسى دودة عمياء في جوف صخرة صمّاء، تحت مياه ظلماء، كيف ينسى الإنسان؟ وهل يمكن أن يحتاج الإنسان، لرزقه، إلى عمل الحرام؟ كلا! فمن خلق الإنسان يعطي ويرزق.

تقييم:

16

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع

| سبحان الله | 06/05/17 |
القصة مدهشه ابكتني
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم?

| zerrouki | برج عمر إدريس | 26/05/12 |
السلام عليكم
بارك الله فيك على هذه القصة الرائعة
سبحان الله والحمد لله والله أكبر
الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة


...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة