فضاءات سيدي حمادي

سيدي حمادي

فضاء المرأة وشؤونها

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
أبو حكيم
مسجــل منــــذ: 2010-11-09
مجموع النقط: 1.8
إعلانات


العنف الأسري في بلدلن المغرب العربي


العنف الأسري في بلدان المغرب العربي
نحو كسر حاجز الصمت:الواقع و المقاربات
بحث من تقديم :
الأستاذة الجازية الهمامي
العنف الأسري ظاهرة عالمية
من نافل القول أن العنف الأسري و العنف ضد المرأة بالتحديد هو ظاهرة كونية تخترق كل المجتمعات الإنسانية و كل الطبقات الاجتماعية و ذلك دون تصادم مع الأيديولوجيات أو الأديان أو الحضارات أو النظم السياسية الخاصة بهذه المجتمعات.
كما أن العنف الأسري و هو الأكثر شيوعا يطال كل الشرائح النسائية حيث يمكن أن تكون من ضحاياه المرأة الفقيرة و المرأة الغنية، المتعلمة و الأمية،المتزوجة و الأرملة و العزباء،الطفلة و المسنة على حدّ سواء.
و تقدر إحصائيات المنظمة العالمية للصحة (1997) أن ما بين 10 و 69 % من النساء في العالم قد تعرضن في وقت ما من حياتهنّ للعنف الزوجي و أن 5 إلى 6 % من النساء المسنّات يتعرضن لسوء المعاملة بمختلف أشكالها (عنف جسدي و نفساني واستغلال مالي و إهمال...)
و يعتبر تقرير اليونيفام لسنة 2006 أن العنف "يهدم مواهب و قدرات عدد كبير من الفتيات و النساء و ينجم عنه كلفة صحية و اجتماعية و اقتصادية باهضة". و يبين التقرير أن النساء لسن بمنأى عن العنف الزوجي في أي مكان من العالم ففي بريطانيا على سبيل المثال تتعرض 30 % من النساء لممارسات عنيفة من قبل الزوج أو القرين، الحالي أو السابق، و تصل هذه النسبة إلى 52 % في الضفة الغربية و 21 % في نيكاراغوا و 29 % في كندا و 22 % في الولايات المتحدة الأمريكية. و يشير نفس التقرير إلى أن ظاهرة ختان البنات لا تزال تشكل انتهاكا صارخا لحرمة المرأة الجسدية و اعتداءا عل حقوقها الجنسية في أكثر من 25 بلدا إفريقيا بما فيها بلدان عربية،و لدى بعض الأقليات في البلدان الآسيوية و بعض المجموعات المهاجرة في بلدان كثيرة من الغرب.
و يقدر عدد النساء اللاتي تعرضن لهذا العنف الجسدي و الجنسي و المعنوي (الختان) منذ نهاية الثمانينات بـ 130 مليون امرأة كما تتعرض له سنويا حوالي مليوني طفلة.
و قد خلص تقرير منظمة الصحة العالمية لسنة 2002 حول العنف و الصحة إلى اعتبار العنف الموجه ضد المرأة مشكل صحة عمومية على المستوى العالمي نظرا لتفاقمه و لخطورة الآثار الناجمة عنه على المستوى الشخصي و الجماعي.
و من بين ما جاء في دراسة معمقة أنجزت بالتعاون بين اللجنة الأممية لحقوق الإنسان و المنظمة العالمية للصحة و اليونيساف و قدمت نتائجها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة2006 أن هنالك حوالي275مليون طفل في العالم كانوا شهود عيان لأعمال عنف متكررة في أسرهم.
لقد بات معلوما أن العنف يولد في الفضاء الأسري الخاص ليمتد فيما بعد إلى غيره من الفضاءات العامة. و في حين يعد العنف في الفضاء العام ظاهرة اجتماعية و خروجا عن المألوف و انحرافا يعاقب عليه القانون يعتبر العنف الأسري شأنا خاصا لا يجوز الخوض فيه علنا و لا يقع التنديد به أو الاعتراف بوجوده أو تناوله في فضاء خارج فضاء الأسرة ،الشيء الذي يجعل من الإحاطة به إحاطة تامة من حيث الحجم و المظاهر و المنطلقات و الآثار النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية التي يحدثها أمرا عسيرا إن لم نقل مستحيلا. ذلك أن العنف الأسري يتستر خلف حواجز كثيرة منها ما هو نفسي كالخجل و الخوف و الشعور بالمهانة أو الشعور بالذنب ،و ما هو اجتماعي كالمحافظة على كيان الأسرة و صون و حدتها - و إن كان ذلك على حساب المضطهدين- و كذلك عدم الاعتراف بالفشل في العلاقة الزوجية،و من الحواجز أيضا ما هو اقتصادي كالخوف من العوز و انقطاع أسباب الرزق و التشرد و ما إلى ذلك، ومن الحواجز أخيرا ما هو ثقافي ذهني يتعلق بنظرة العنيف و المعنف على حد سواء للعنف و التعامل معه على أنه حتمية و قدر تفرضه الأعراف الاجتماعية و موازين القوى في الأسرة ،و هي غالبا في غير صالح النساء و الأطفال .كل هذه الحواجز تلجم ضحايا العنف الأسري و هم غالبا من النساء،عن البوح به و إخراجه إلى دائرة الضوء بما يمكن من مقاومته و الوقاية منه.فعلى سبيل المثال و حسب ما أفادت به دراسة أنجزها معهد المرأة في اسبانيا ،ذلك البلد المتوسطي القريب جدّا من بلدان المغرب العربي، هنالك حوالي مليوني امرأة اسبانية تتعرضن للعنف و لسوء المعاملة بمختلف أشكالها،70% منهن انتظرن خمس سنوات بأكملها قبل أن يبحن بذلك إلى شخص آخر.
الإطار المفــاهـيمـي:
يعرّف الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 1993 (القرار 48/104 المادة 1-2) العنف على أنه "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس و يترتب عنه أو يرجح أن يترتب عنه أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.و يفهم بالعنف ضد المرأة على سبيل الذكر لا الحصر ما يلي:
أ- العنف البدني و الجنسي و النفسي الذي يحدث في إطار الأسرة بما في ذلك الضرب و التعدي الجنسي على أطفال الأسرة الإناث و العنف المتصل بالمهر و اغتصاب الزوجة و ختان الإناث و غيره من الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة، و العنف غير الزوجي و العنف المرتبط بالاستغلال.
ب- العنف البدني و الجنسي و النفسي الذي يحدث في إطار المجتمع العام بما ذلك الاغتصاب و التعدي الجنسي و المضايقة الجنسية و التخويف في مكان العمل و في المؤسسات التعليمية و أي مكان آخر،و الاتجار بالنساء و إجبارهن على البغاء.
ت- العنف البدني و الجنسي و النفسي الذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه أينما وقع.
و ينص الإعلان الأممي بوضوح على أنّه لا يمكن للدولة أن تتحجّج باعتبارات ذات علاقة بالعادات و التقاليد و الدين لتتخلى عن مسؤولياتها في القضاء على العنف الموجّه ضد المرأة. و يحثّ الدول (المادة 4 من القرار 48/104 ) على " العمل بالحزم المطلوب للوقاية من أعمال العنف الموجّه ضد المرأة و التحري حول هذه الأعمال و معاقبتها طبقا للتشريعات الوطنية حيثما اقترفت سواء كان ذلك من طرف الدولة أو من طرف الأشخاص".
مقاربة العنف الأسري في بلدان المغرب العربي:من المسار الدولي و الإقليمي إلى الواقع الوطني:
المسار الدولي و الإقليمي :
إن الوعي الدولي العام بخطورة ظاهرة العنف الموجه ضد المرأة بما في ذلك العنف الأسري، و ما ينجم عنه من تبعات سلبية و من خسائر على جميع الأصعدة من ناحية، و الأهمية التي بات يوليها المجتمع الدولي إلى مسألة تحرير المرأة وصون حقوقها الإنسانية و تمكينها من سبل المشاركة الفاعلة في التنمية بجميع أبعادها من ناحية ثانية،و الحركية الهائلة التي شهدها العالم في هذا المجال في الربع الأخير من القرن العشرين بدفع من الحركات النسوية من ناحية ثالثة، كان من نتائجها أن وردت الإشارة إلى العنف ضد المرأة و إلى ضرورة معالجته و الوقاية منه فيما لا يقل عن 10 اتفاقيات و بيانات و مفاهمات دولية مختلفة.و تعتبر الاتفاقية الدولية الخاصة بإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة (1979) التي صادقت عليها إلى حدود سنة 2006 ،185 دولة (من ضمنها 18 دولة عربية ) من أهم النصوص الدولية التي اعترفت بأن حقوق النساء هي حقوق هامة و شاملة في كل المجالات العامة و الخاصة، المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية. ووضعت مجموعة من الإجراءات العامة و الاستثنائية و التدابير و السياسات لضمان التمتع بهذه الحقوق .
و اعتبر القرار 15/1990 لسنة 1990 الصادر عن المجلس الاقتصادي و الاجتماعي (ECOSOC) أن العنف الموجه ضد النساء في الأسرة و المجتمع ظاهرة عالمية لا ترتبط بمستوى معيشي أو طبقة اجتماعية أو ثقافية معينة و نص على وجوب اتخاذ إجراءات عاجلة و ناجعة للقضاء على تبعاته.
أما المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان الملتئم بفيانا سنة 1993 فقد اعتبر أن العنف المبني على النوع هو اعتداء على الحقوق الأساسية للنساء التي نادي بإدماجها بشكل أكبر في نظام الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. و في نفس السنة (1993) تم إصدار الإعلان العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة الذي قدم تعريفا شاملا لمفهوم العنف ضد المرأة و أصبح بذلك يشكل مرجعية مشتركة لكل النشطاء في مجال محاربة العنف ضد المرأة زيادة على كونه يشكل التزاما معنويا للبلدان الموقعة عليه.
كما أعطى قرار لجنة حقوق الإنسان في هيئة الأمم المتحدة في سنة 1994 الخاص بتعين مقرر خاص حول العنف الموجه ضد المرأة و بتمكينه من صلاحيات القيام بتحريات في ما يتعلق بالاعتداء على حقوق النساء،دفعا قويا باتجاه اتخاذ إجراءات مناوئة للعنف ضد المرأة بجميع أشكاله.
و يعتبر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (54/134) في سنة 1999 بتخصيص يوم عالمي (25 نوفمبر من كل سنة ) للقضاء على العنف ضد المرأة من المحطات البارزة في المسار المناوئ للعنف ضد المرأة و آلية مهمة لتعبئة الرأي العام العالمي في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة.
و في المؤتمر العالمي الرابع حول المرأة (بيحين 1995) أكدت الدول المشاركة التزامها بتدعيم الإجراءات لمقاومة العنف المبني على النوع و بتوفير معطيات و إحصائيات دقيقة حول العنف الموجه ضد المرأة.و في نفس السياق أعلنت المنظمة العالمية للصحة في سنة 1996 العنف كمشكلة صحة عمومية ذات أولوية و اتخذت من الإصابات الجسدية و العاهات التي تنتج عنه سببا لهذا الإعلان و أفردته في سنة 2002 بتقرير كامل بينت فيه الآثار الخطرة للعنف الجسدي و النفسي على ضحاياه و الكلفة الباهضة التي يتحملها المجتمع نتيجة لذلك، و اعتمدت بالمناسبة خطة عمل عالمية لمقاومة العنف ضد النساء و المراهقات. كما أصدرت في سنة 2004 دليلا حول الوقاية من العنف.
و من جهتها تبنت منظمة العفو الدولية في مارس 2004 حملة عالمية لمناهضة العنف ضد المرأة و هي حملة متواصلة و نشرت تقريرها المفصل تحت شعار "مصائرنا بأيدينا.. فلنضع حدّا للعنف ضد المرأة " الذي سلطت فيه الضوء على مسؤولية الدولة و المجتمع و الأفراد في مقاومة هذه الظاهرة الخطيرة و المتنامية.
و في نفس هذا الإطار تعددت مبادرات الهيئات الدولية و المنظمات الأممية كصندوق الأمم المتحدة للسكان و صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، للحد من العنف المبني على النوع و ذلك بوضع و دعم برامج للوقاية و الحماية و العلاج في كل أنحاء العالم بما فيها بلدان المغرب العربي.
أمّا على المستوى الإقليمي و تناغما مع هذا المسار الدولي المناهض لكل أشكال العنف المبني على النوع فقد نصّ الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان و الشعوب و المرأة الصادر سنة 1995 في العديد من فقراته على القضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة و على الممارسات المؤذية و على حق المرأة في الكرامة و الحياة و الأمن و السلامة.كما عينت اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان و الشعوب مقرّرة خاصة بالعنف ضد المرأة.
وفي سنة 2006 عقد مؤتمر وزاري أورو- متوسطي في اسطنبول حول" تعزيز دور المرأة في المجتمع" و أفضى إلى خلاصة وزارية التزمت بتنفيذها كل الدول المشاركة، و تطرقت هذه الخلاصة إلى حقوق المرأة السياسية و المدنية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية وفي التنمية المستدامة.كما ركزت هذه الخلاصة على مكافحة ظاهرة العنف في أكثر من مادة من ذلك:
- إزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة و مناهضة كافة أشكال العنف الممارس ضدها و ضمان حماية المرأة و التعويض عن حقوقها في حالة التعرض للعنف و حماية الحقوق الأساسية للمرأة ضحية العنف المنزلي و المتاجرة بالبشر و الممارسات التقليدية الضارة و العنف ضد المرأة المهاجرة.
- ضمان توفير السياسات الملائمة و التشريعات و البني التحتية لمكافحة كافة أشكال العنف ضد المرأة.
و على المستوى العربي، خصّت جامعة الدول العربية مسألة العنف الموجه ضد المرأة بفقرة ضمن خطة عملها للنهوض بالمرأة إذ هنالك توجه نحو دراسة العنف من منظور الصحة الإنجابية.
كما أدرجت منظمة المرأة العربية موضوع مقاومة العنف ضد المرأة ضمن خطة عملها للأعوام 2008-2012 و خصته بعديد الأنشطة التوعوية و البحثية و الدراسات القانونية و أنشطة التدريب و بناء القدرات.
و في نفس السياق ينجز مركز المرأة العربية للتدريب و البحوث "كوثر" برنامجا للحدّ من ظاهرة العنف ضد المرأة يتمثل في:
- رفع الوعي و تقوية قدرات مقدمي الخدمات في مجال مكافحة العنف ضد النساء من خلال حقيبة تدريبية في الغرض.
- تأسيس شبكة إقليمية متفاعلة لمناهضة العنف المبني على النوع تضم 70 عضوا بين مؤسسات و خبراء و جمعيات و مدربين.
- انجاز "البيت المرجعي الإلكتروني" حول النوع الاجتماعي و التنمية و يشتمل على محور خاص بالعنف المبني على النوع (بصدد الإنجاز).
- إحداث قاعدة بيانات للممارسات الجيدة في مجال النوع الاجتماعي و التنمية بما فيها الممارسات الجيدة في مجال مقاومة العنف ضد النساء و الأطفال.
لقد كان لهذا المناخ الدولي و الإقليمي و ما أحدثه من و عي عام بخطورة العنف الموجه ضد المرأة و ما خلقه من ديناميكية لمواجهته أثر إيجابي على السياسات الوطنية في بلدان المغرب العربي و هي المصادقة على الاتفاقيات و المواثيق الدولية الصادرة في المجال،حيث شهدت سنوات الـ2000 بداية اهتمام رسمي و إن كان بدرجات متفاوتة بموضوع العنف المبني على النوع و العنف الأسري تحديدا و مقاربته على أنه شأن عام يتنزل صلب الاهتمامات التنموية و يندرج ضمن المقاربات الوطنية لمسألة حقوق الإنسان .
و تجدر الإشارة هنا إلى أن المنطلقات و المسارات السياسية المختلفة لبلدان المغرب العربي خاصة منها تونس و الجزائر و المغرب، كانت وراء مقاربة موضوع العنف ضد المرأة من زوايا و برؤى مختلفة حيث اختارت تونس منذ الاستقلال سنة 1956 منهجا في مقاربة قضية المرأة يقوم على اعتبارها عنصرا من العناصر الرئيسية في بناء الدولة و في تحديث المجتمع و تمت بالتالي مقاربتها من منظور تشريعي و مؤسساتي. من هذا المنطلق أتت مجلة الأحوال الشخصية، بما تكتسيه من طابع الحداثة و الريادة، بقوانين هي في جوهرها صون لكرامة المرأة و حماية لها من العنف بجميع أنواعه. و شهدت هذه المجلة باستمرار و على مر السنين تعديلات و تنقيحات لجعلها مواكبة لروح العصر و لتطور المجتمع في إطار نظرة شمولية لحقوق الإنسان واعتبار حقوق المرأة جزءا لا يتجزأ من حقوق الإنسان و بناء على ذلك تم إحداث الآليات المؤسساتية العديدة الكفيلة بتجسيم هذا التوجه في المحافظة على الحقوق و رعايتها.
و في المغرب ساهمت دمقرطة الحياة السياسية في منتصف التسعينات و انفتاحها على مكوّنات المجتمع المدني و فسح المجال أمام الجمعيات النسوية و مختلف القوى الناشطة في مجال حقوق المرأة و حقوق الإنسان للتعبير عن ذاتها و للمشاركة بقوة في رسم السياسات الوطنية خاصة ما يتعلق منها بمكافحة كل أشكال العنف ضد المرأة،في خلق ديناميكية حول قضايا المرأة بصفة عامة.
أمّا في الجزائر فقد دفع ظهور التيارات الدينية المتطرفة في التسعينات و ما أحدثه ذلك من أذى في المجتمع و ما تعرضت له المرأة بسبب ذلك من عنف بجميع أشكاله و أنواعه، إلى طرح موضوع العنف ضد المرأة على الساحة الوطنية بقوة بصفته شأن عام و الدفع باتجاه معالجته وطنيا و رسميا.
تجسم اهتمام الدول المغاربية بموضوع العنف المبني عل النوع و انخراطها في الديناميكية الدولية لمكافحته في عديد المبادرات و المحاولات الرامية إلى ملامسة الظاهرة و السعي إلى التعرف على حجمها و أشكالها ومدى تفشيها في المجتمع . و قد عبر المغرب رسميا في سنة 1998 عن اهتمامه بالموضوع عبر حملة وطنية رسمية تم تنظيمها بالشراكة مع مكوّنات المجتمع المدني و بدعم من الهيئات الدولية هدفها كسر حاجز الصمت حول العنف الأسري .
أما الجزائر فقد تولت في سنة 2002-2003 و بدعم من الهيئات الأممية (OMS, FNUAP, UNIFEM)إنجاز بحث وطني حول العنف الموجه ضد المرأة شمل 48 ولاية و 9033 امرأة معنفة، و سعت من خلاله إلى تجميع و تحليل المعطيات المتوفرة حول العنف ضد المرأة بهدف وضع إستراتيجية لمكافحته و الوقاية منه.
و في تونس تجلى الاهتمام الرسمي بمسألة العنف في الأسرة و المجتمع مع مطلع سنوات الـ2000 من خلال إنجاز ثلاث دراسات اهتمت الأولى بالعنف في الوسط المدرسي و علاقته بالعنف الأسري و اهتمت الثانية بالعنف اللفظي في الفضاءات العمومية أما الدراسة الثالثة و هي دراسة نوعية شملت عينة محدودة عدديا فقد اهتمت بالتمثلات حول العنف في الأسرة و المجتمع و سعت إلى تحديد أسبابه و انعكاساته الاجتماعية على النساء و الأطفال بصفة خاصة .كما ينجر الديوان الوطني للأسرة و العنوان البشري و هو هيكل حكومي،منذ سنة 2006 مشروعا نموذجيا في 10 ولايات حول "تكافؤ النوع و الوقاية من العنف ضد المرأة" يتخذ المشروع من الصحة الإنجابية مدخلا لمقاربة موضوع العنف المبني على النوع و يحتوى على أنشطة بحثية و أنشطة لبناء و تطوير قدرات المتدخلين و أنشطة إعلام و تربية و تواصل و مناصرة.
الحركات النسوية المغاربية، بداية الوعي و عمل في العمق لكسر حاجز الصمت حول العنف الأسري:
في بلدن المغرب العربي ،و في سياق التيار العالمي النسوي الذي انطلق مع بداية الربع الأخير من القرن العشرين،كان لنشوء حركات نسوية مستقلة في أواخر الثمانينات و بداية التسعينات في كل من تونس (الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات) و الجزائر(جمعية إغاثة -نساء في شدة) و المغرب (مركز الاستماع و التوجيه القانوني للنساء ضحايا العنف )دور رئيسي في جلب الاهتمام نحو ظاهرة العنف المبني على النوع و العنف الأسري تحديدا حيث وضعته هذه الحركات النسوية على رأس اهتماماتها النضالية و جعلت من مقاومته على جميع الأصعدة مطلبا أساسيا و مدخلا رئيسيا لتحقيق المساواة و العدالة الاجتماعية بين المواطنين نساء و رجالا دون تمييز،و اعتبرت ذلك شرطا من شروط بلوغ المواطنة الكاملة. و كان لهذه الحركات النسوية سواء في تونس أو الجزائر أو المغرب،و موريتانيا لاحقا، السبق في كشف النقاب عن العنف الأسري بجميع أشكاله و فضحه و كسر حاجز الصمت حوله و إخراجه من الفضاء الخاص المغلق إلى الفضاء العام،و ذلك بما أحدثته من مراكز استماع و توجيه و إيواء و إحاطة بالنساء المعنفات،و بما قامت به من تعبئة مجتمعية عبر مختلف قنوات الاتصال و في إطار عمل شبكي منظم يعتمد أساسا على جمع و نشر المعلومات حول العنف الأسري و تبادل التجارب في مقاربته و في الإحاطة بضحاياه.
كما كان لهذه الحركات النسوية دور هام في الدفع نحو تبني سياسات وطنية لمقاومة العنف المبني على النوع و ذلك بما ابتكرته من صيغ المناصرة و حشد الدعم و الضغط للفت نظر الرأي العام و المسؤولين إلى خطورة هذه الظاهرة و إلى ضرورة معالجتها في إطار مقاربة شاملة و متعددة الأبعاد، بما فيها البعد القانوني، تعتبر العنف الأسري شأنا عاما يرتبط في آن واحد بالتنمية و بحقوق الإنسان.
واقع العنف الأسري في بلدان المغرب العربي
المعطيات حول العنف الأسري :إضاءات جزئية لمشكل عائم
تشكل خصوصية العنف الأسري و كونه يدور ضمن الشأن العائلي و لا يصرحّ عنه إلاّ من قبل القليل من النساء المعنفات،عائقا كبيرا أمام التعرف على مدى استشراء هذه الظاهرة في المجتمعات المغاربية و التعريف بخطورتها و بانعكاساتها على المستويين الخاص و العام. فمؤسسات البحث العلمي لم تول موضوع العنف الأسري سوى حيّز ضئيل و هامشي في برامجها البحثية،و أغلب المحاولات المنجزة في المجال كانت من منظور سوسيولوجي و تناولت العنف الأسري من زاوية التمثلات و العنف الزوجي في علاقته بالتحولات الاجتماعية و بتغيير الأدوار بين الرجال و النساء في الحياة الخاصة.
كما أن ندرة المعطيات المتوفرة حول العنف الأسري في الوثائق الرسمية و في الإحصائيات و البيانات،إضافة إلى محدودية الدراسات حول الموضوع من ناحية الكم و العينات المدروسة و غلبة الطابع النوعي عليها،من شأنه إعطاء صورة منقوصة أو مبالغ فيها و في كلتا الحالتين غير مطابقة للواقع الخاص بالعنف الأسري و هو ما يدعو للتعامل معها بحذر و احتراس و اعتبارها مجرد إضاءات جزئية لمشكل عائم و خطير في آن واحد يستوجب الدرس على نطاق أوسع و بشكل أعمق .
إن معظم البحوث و الدراسات و المعطيات المتوفرة حاليا حول العنف الأسري و برامج التدخل للحد منه في البلدان المغاربية،كما في سائر البلدان العربية،قد تمت بمبادرة من المجتمع المدني و من الجمعيات النسائية خاصة منها الناشطة في المجال و هي معطيات تم تجميعها عبر مراكز الإصغاء و الإحاطة التابعة لهذه الجمعيات.و لكن هذه المعطيات رغم أهميتها البالغة تظل جزئية نظرا لعدم تواجد مراكز الإصغاء في كل الجهات.كما لا يمكن لها بشهادة القائمين عليها، أن تشكل قاعدة بيانات متكاملة و ذات مصداقية عالية في غياب عمل ممنهج وفق مقاييس علمية موحدة.
كما تظل المعطيات المستقاة من أقسام الشرطة أو المحاكم أو أقسام الاستعجالي بالمستشفيات نسبية إذ هي لا تنبئ إلاّ عمن التجأن إلى هذه المؤسسات.
و في انتظار انجاز مسوحات وطنية شاملة حول ظاهرة العنف المبني على النوع بما فيه العنف الأسرى في البلدان المغاربية لا مناص من اعتماد ما هو متوفر من معطيات أيا كان مصدرها للاستعانة بها في ملامسة الظاهرة و فهم أبعادها.
الفضاء الأسري واحة أمان أم مسرح للـ...!؟
أنواع و أشكال العنف الأسريفي بلدان المغرب العربي
تبوّب شبكة أناروز المغربية و هي شبكة وطنية لمراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف تضم في عضويتها 40 جمعية موزعة على أنحاء عديدة من المغرب، أطر العنف المبني على النوع حسب المكان الذي تمارس فيه مختلف أشكال العنف ضد المرأة و العلاقة التي تربط المرأة المعنفة بمضطهديها، إلى خمسة أطر و هي كالآتي:
الإطار الزوجي: و يضم كل أشكال العنف الممارس ضد النساء في إطار العلاقة الزوجية ويهم القرين.
خارج إطار الزوجية: و يضم كل أشكال العنف الممارس ضد المرأة من طرف أشخاص تربطها بهم علاقة حميمة و هم الزوج السابق و الخطيب أو الصديق.
الإطار العائلي:و يهم مختلف أشكال العنف المسلط ضد المرأة من طرف أفراد أسرتها أو أسرة زوجها.
الإطار الاجتماعي: و يضم كل أشكال العنف ضد المرأة في مواقع العمل و في الفضاءات العامة و في مؤسسات الدراسة و في الجوار أو من طرف مجهولين .
الإطار المؤسساتي:حيث توجهت المرأة المعنفة بشكوى و لم تجد إنصافا أو استجابة(أقسام الشرطة،المحاكم...)
يتبين من خلال هذا التبويب أن العنف الأسري يهم ثلاثة أطر من خمسة يمارس فيها العنف ضد المرأة و هي إطار الزوجية،خارج إطار الزوجية،الإطار العائلي.
كما يكتسي العنف المسلط على المرأة حسب شبكة أناروز خمسة أشكال و هي:
- عنف جسدي (الضرب و الصفع و الحرق و التهديد و محاولة القتل و العنف المؤدي إلى القتل).
- عنف نفسي ( الشتائم المتكررة، التعذيب المعنوي، الحرمان من الحرية، حجز الأغراض الشخصية الحرمان من الدراسة)
- عنف جنسي(التحرش الجنسي،الإخلال بالواجبات الزوجية،الخيانة الزوجية،زنا المحارم، علاقات جنسية شاذة،الاغتصاب)
- عنف اقتصادي (سلب الراتب،الزج بالضحية في قضايا ديون و قضايا صكوك بدون رصيد،الحرمان من الحاجيات الأساسية كالعلاج،الحرمان من الحق في الميراث،العمل القسري)
- عنف قانوني (أحكام غير منصفة للضحية أو غير منفذة ،عجز الضحية المعوزة أو ذات الأوضاع الهشة عن الوصول إلى المؤسسات المكلفة بحمايتها (المستشفيات ،الشرطة ،المحاكم...) و يتخذ هذا العنف شكل الحرمان من النفقة،عدم الاعتراف بالأطفال و رفض تسجيلهم في سجل الحالة المدنية سواء في إطار الزواج أو خارجه،الطرد من محل الزوجية، الحرمان من الحضانة أو من حق زيارة الأبناء،الزواج القهري،تعدد الزوجات و كل شكل من أشكال الظلم المترتب عن القوانين الميزية).
العنف الأسري في أرقام:
تعدّ المعطيات التي توفرها شبكة أناروز المغربية إلى جانب تلك التي أتت بها الدراسة الوطنية حول العنف الموجه ضد النساء في الجزائر في سنة 2003 من أوفى المعطيات المتوفرة حاليا حول العنف الأسري في المنطقة المغاربية سواء من حيث عدد الحالات المدروسة أو من حيث أنواع و أشكال العنف المسجلة،مع العلم أنه أمكن القيام بتقاطعات مع بعض المعطيات الخاصة بالعنف الأسري في تونس التي و إن كانت تهم عددا قليلا من الحالات المدروسة إلاّ أنها تؤكد أو تطابق مع الاستنتاجات التي جاء بها تقريرا أناروز الأول و الثاني (2006 و 2007) و الدراسات الجزائرية حول العنف الموجه ضد النساء سواء كان ذلك في ما يتعلق بأنواع و أشكال العنف ضد المرأة أو الملامح الرئيسية للمعنفات و المعنفين أو فيما يتعلق بالعوامل المساعدة على استشراء العنف الأسري و استمراره .
ففي المغرب و في ظرف سنة (1 سبتمبر 2005 منتصف أكتوبر 2006) سجلت شبكة أناروز 3500 تصريحا بالعنف (أي بمعدل 8 تصريحات في اليوم و 250 في أشهر) أسفرت عن وجود 5886 فعل اعتداء مورس ضد 3449 امرأة ضحية عنف مبني على النوع. كما بلغ عدد المعتدين المصرح بهم 3618 معتد أي هنالك من النساء من تعرضن إلى أكثر من فعل اعتداء من طرف أكثر من معتد. 67.6% من المعتدين تربطهم بالضحايا علاقة زواج.
و بالتمعن في أنواع و أشكال العنف الممارس على المرأة يتبين أن الفضاء الأسري و عش الزوجية تحديدا هو الفضاء الأكثر خطرا على المرأة حيث يحتل العنف الزوجي الصدارة ضمن كل أنواع العنف الأسري الأخرى و ذلك بنسبة 74 %.و يكتسي هذا العنف الزوجي شكلا قانونيا بدرجة أولى (43.6 % من حالات العنف الزوجي) و يتجسم خاصة في الحرمان من الإنفاق يليه الطرد من محل الزوجية و عدم الاعتراف بالأبناء،ثم يأتي العنف الجسدي في المرتبة الثانية من العنف الزوجي (30.4%) و يتمثل أساسا في الضرب (80.1 % من حالات العنف الجسدي) و الملفت للانتباه أن معظم حالات العنف الجنسي المصرح بها تمت في إطار الزوجية (63.2% ) .أما العنف النفسي أو البسيكولوجي (السباب و الشتائم و الضغط النفسي...) فهو يشكل جزءا قارا من العنف الزوجي إذ غالبا ما يرافق أشكال العنف الأخرى.
كما أن انفصام الرابطة الزوجية لا يحمي في كثير من الأحيان المرأة من عنف الزوج السابق أو الخطيب أو الصديق(8.6 %من حالات العنف المسجلة)و هو ما يدعو إلى الاعتقاد بأن العلاقات الحميمة،السابقة أو الحالية، بين المرأة و الرجل هي أيضا مسرح لتناحرات و لصراعات موازين قوى تكون غالبا في غير صالح المرأة.يكتسي العنف خارج إطار الزوجية حسب شبكة أناروز شكلا قانونيا بالأساس و يتمثل خاصة في الحرمان من النفقة من طرف الزوج السابق (49.2 %).
أما العنف العائلي ضد المرأة سواء كان من طرف أقاربها أو أقارب زوجها، الحالي أو السابق،و إن كان قليل الحدوث نسبيا (4.2% من الحالات المسجلة) إلاّ أنه يتمثل في معظم الحالات في عنف جسدي و في الضرب تحديدا (74.4 %) خاصة من طرف أحد أفراد عائلة الزوج.
هذه الملامح للعنف الأسري المسلط على النساء تؤكدها معطيات توفّرها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات (سنة1998)عبر دراسة عينة تهم ملفات118امرأة معنفة قصدن الجمعية حيث يبرز أن العنف الزوجي هو الأكثر شيوعا من أنواع العنف الأخرى(64 %).و في نفس السياق و إن لم يتسن فرز و تبويب المعطيات المتوفرة بمركز الإحاطة و التوجيه الاجتماعي التابع للإتحاد الوطني للمرأة التونسية لعدم تحديد المشكل بوضوح و عدم تحديد ظروفه و مكان وقوعه بدقة إلا أنه يستشف من الأرقام أن العنف الزوجي بكل أشكاله القانونية و الجسدية و الجنسية هو الأكثر ترددا(من2885حالة مدروسة في الفترة2000-2004 هنالك 2272حالة عنف في إطار العلاقة الزوجية).
في الجزائر تم تسليط الضوء على العنف الأسري من خلال دراستين هامتين حول العنف الموجه ضد النساء أنجزت الدراسة الأولى في سنة 2001 من طرف الفيدرالية الدولية لرابطات حقوق الإنسان و هي في شكل تقرير لفائدة المقررة الخاصة للجنة حقوق الإنسان حول العنف الموجه ضد النساء .أما الدراسة الثانية فقد أنجزها المعهد الوطني للصحة العمومية في سنة 2003 و شملت 9033 ملف إمرأة معنفة ممن ترددن على مراكز الصحة العمومية و أقسام الشرطة و المحاكم و مراكز الإصغاء و الاستقبال. رغم اعتمادهما لمناهج بحثية مختلفة إلاّ أن الدارستين خلصتا إلى نتائج متطابقة تماما فيما يتعلق بالعنف الأسري حيث تشير الدراسة الأولى،حسب المعطيات المجمعة بالمستشفيات،إلى أن الحالات تعد بالآلاف ففي مستشفى الجزائر العاصمة على سبيل المثال يقدر عدد النساء المعنفات اللاتي تترددن على المستشفى سنويا بـ 9000 امرأة (75 % من الاعتداءات حصلت في محل سكنى الضحية) ثلث هؤلاء النساء تقدمن أكثر من مرة إلى الأقسام الاستشفائية بسبب تعرضهن لأعمال عنف متكررة .أمّا المعتدي فهو في اغلب الحالات الزوج يليه حسب ترتيب تنازلي الأخ أو الإخوة ثم الخطيب أو "الحبيب" ثم الابن ثم الأب. معظم المعتدين لم تقع إدانتهم حتى في حالات العود. و تفيد الدراسة أن النساء المعنفات يتلقين إحاطة طبية و لكن بدون أي إحاطة أو مساعدة نفسية.
أما الدراسة الثانية حول العنف الموجه ضد النساء في الجزائر فقد بينت أن حوالي 54 % من النساء يتعرضن للعنف داخل الفضاء الأسري و أن الزوج هو المعنف بدرجة أولى (61.8% من الحالات المصرح بها في الهياكل الصحية)و يتراجع التصريح بالعنف الزوجي إلى الدرجة الثانية و الثالثة حسب الحالات المصرح بها في أقسام الشرطة و في المحاكم و هو ما يدل على أن الزوجة المعنفة قد تلتجئ تلقائيا إلى المراكز الصحية لتلقي الإسعافات الضرورية و لكنها تحجم عن الالتجاء إلى أقسام الشرطة أو المحاكم للإبلاغ عن زوجها العنيف أو رفع شكوى ضده. و هو ما يتطابق مع نتائج دراسة تونسية أجريت في سنة 2001 في أحد أقسام الطب الاستعجالي حول نساء معنفات و تفيد أن ثلثي المعنفات (60 من 159)لم تطلبن شهادة طبية بعد تلقي العلاج و هو ما ينم عن عدم رغبة في الإبلاغ عن الزوج أو القريب المعنف.
كما رفعت الدراسة الجزائرية الستار عن نوع جديد أو مسكوت عنه من العنف الأسري و هو عنف الأبناء على أمهاتهم حيث بلغ هذا العنف نسبة 8 % من الحالات المبلغ عنها في أقسام الشرطة و في المحاكم .و من ناحية أخرى بينت الدراسة أن النساء المعنفات تلتجئن بدرجة أولى إلى المراكز الصحية في حالات العنف الجسدي بينما تلجئن إلى مراكز الإصغاء و الاستقبال في حالات العنف النفسي و العنف الجنسي.
في تونس أغلب الدراسات التي تناولت موضوع العنف المبني على النوع هي دراسات ذات طابع نوعي قاربت مسألة العنف سواء في الأسرة أو في المجتمع من منظور المواقف و السلوكيات و التمثلات حولها. و نادرة جدا هي الدراسات الكمية التي اهتمت بالعنف الموجه ضد المرأة. و تلك التي أنجزت حول الموضوع لم تكن على نطاق واسع بل تناولت حالات محدودة عدديا و هو ما يقلل من تمثيليتها. و يمكن هنا الإشارة إلى دراستين شملت الأولى 500 امرأة (بلحاج 1998) جئن للفحص في مراكز الصحة الأساسية و الصحة الإنجابية.و اهتمت الثانية بالعنف الزوجي و شملت 424 امرأة ممن يترددن على مركزين للصحة الأساسية بضواحي تونس العاصمة (بوعسكر 2003) .
و قد خلصت الدراستان إلى نفس النتائج تقريبا حيث تبين أن ثلث النساء موضوع الدراسة (33 % ) قد تعرضن للعنف من طرف الزوج أو أحد أفراد الأسرة (أسرة الضحية أو أسرة زوجها) على الأقل مرة في حياتهن.كما تبين أن واحدة فقط من عشرة نساء تعرضن للعنف تتجاوز العوائق النفسية و الاجتماعية و ترفع أو تفكر في رفع شكوى ضد القرين العنيف أو في طلب الطلاق كحل لحمايتها من العنف.و هذا موقف نفساني اجتماعي من العنف الزوجي تؤكده إحصائيات السلط القضائية حيث تفيد أن 0.3 % فحسب من الشكاوي المرفوعة في حالات عنف زوجي يقع الحكم فيها أمام المحاكم أما باقي الشكاوي فيقع سحبها من طرف الضحايا .
كما تفيد إحدى الدراسات أن من 159 تصريحا بالتعرض إلى أعمال عنف لم تفصح النساء الضحايا إلا في 46 حالة عن هوية المعتدي أي 71 % من الضحايا لزمن الصمت خوفا على أنفسهن أو خوفا على المعتدي !
- في موريتانيا زيادة على الأنواع "المعتادة" من العنف الأسري تميط الإحصائيات الرسمية اللثام عن أشكال أخرى من العنف الأسري غير متداولة في البلدان المغاربية المذكورة سابقا (تونس و الجزائر و المغرب) و تتعلق بختان البنات و تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (عنف جنسي و جسدي ونفسي) و بالإطعام القسري للفتيات (عنف جسدي) و بالزواج المبكر أو القسري للفتيات (عنف قانوني). و تفيد إحصائيات سنة 2007 أن 65 %من النساء و الفتيات في موريتانيا قد تعرضن للختان و لتشويه الأعضاء التناسلية كما مورس الإطعام القسري (gavage) على 22 % من الفتيات.
و تم تزويج خمس الفتيات الموريتانيات (19 %) في سن دون 15 سنة و 43 % منهن في سن لم تبلغ 18 سنة.
و لا يخفى ما لهذه الأنواع من العنف الأسري المطبوعة بطابع العادات و التقاليد من آثار نفسية و صحية و اجتماعية سيئة على النساء و الفتيات من ذلك عل سبيل المثال ارتفاع نسبة وفيات الأمهات في موريتانيا حيث تبلغ 648 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية و هي أعلى نسبة في غرب إفريقيا.
الملامح السوسيو اقتصادية لضحايا العنف الأسري و للمعتدين
ملامح النساء ضحايا العنف:
تتعرض النساء إلى العنف الأسري في مختلف مراحل حياتهن و قد ورد في الدراسة الجزائرية أن المعنفات تتراوح أعمارهن من سنة واحدة إلى 93 سنة.إلاّ أن النساء الشابات يكن عرضة أكثر للعنف حيث يكون العنف في عدد كثير من الأسر أداة تأديب و تربية و رسم للحدود الاجتماعية. فحسب تقرير شبكة أناروز تمثل الشابات في سن دون 24 سنة 28.1% من النساء المعنفات و تسجل تقريبا نفس النسب لدى الفئة العمرية 25-34 سنة (30.8 %)و 35-44 سنة (31.3%)و تكون المرأة عرضة أكثر للعنف في الحالة الزوجية (70 % من الضحايا) حيث يبدأ العنف الزوجي مع السنة الأولى للزواج (11.6 %) و يشتد مع عدد سنين الزواج ليبلغ أشده في السنة العاشرة من الحياة المشتركة (30 %) و تكون هذه الفترة هي الأعنف من حيث حجم و أشكال العنف المصرح به (كل أشكال العنف).
و تبين الإحصائيات أن النساء الأميات أو ذوات المستوى التعليمي المحدود هن الأكثر عرضة للعنف حيث تمثل هذه الشريحة ثلثي النساء المعنفات في المغرب و نصفهن في الجزائر و في تونس.
كما أن هشاشة الأوضاع الاقتصادية للمرأة أو انعدام موارد رزق خاصة بها تكون في أغلب الحالات من العوامل الميسرة لتعرضها للعنف حيث تبين أن ربات البيوت العاطلات عن العمل يمثلن أغلبية النساء ضحايا العنف ( 73.3 % في الجزائر و 52.4 %في المغرب) .
ملامح المعتدين بالعنف:
تبين المعطيات أن المعتدي ينتمي غالبا إلى فئة الشباب (72.4%من المعتدين حسب شبكة أناروز تتراوح أعمارهم بين 25 و 44 سنة) و هو ذو مستوى تعليمي متواضع (أمي أو مستوى ابتدائي) ويلجأ غالبا إلى العنف الجسدي (حسب الدارسة الجزائرية) و هو متزوج و تربطه بالضحية علاقة قرابة أو علاقة زوجية،و هو في نصف الحالات عاطل عن العمل (حسب الدراسة الجزائرية)و هو في ثلث الحالات عامل يومي أو حرفي (32.6%) و في ربع الحالات (25 %) موظف (حسب تقرير شبكة أناروز) .
العوامل المسببة لحدوث العنف الأسري:
في المحيط الأسري تشكل الخلافات العائلية أحد العوامل المسببة لحدوث العنف الذكوري (23.2% حسب دراسة تونسية و 40.5% حسب تقرير أناروز) و في إطار العلاقة الزوجية تكون العوامل المادية المتعلقة بالمال و بالراتب الشهري (30.5 %) و استهلاك الكحول و المخدرات و العلاقات الجنسية غير المرغوبة أو الشاذة هي العوامل الرئيسية و راء اندلاع العنف الزوجي. و من الأسباب المصرح بها أيضا "عدم طاعة الزوجة (24.6 % في تونس و 9.1 % في المغرب).
و يمكن أيضا أن يكون العنف بدون سبب ظاهر (14.1 % من الحالات حسب أناروز).
الآثار المترتبة على العنف الأسري:
للعنف الأسري حسب ما تبينه الدراسات الوطنية و العالمية آثار صحية جسدية و نفسية و كذلك اقتصادية وخيمة على النساء ضحايا العنف و على أطفالهن حيث تشكو معظم النساء المعنفات من اضطرابات نفسية و أرق و حالات فقدان مؤقت للذاكرة و فقدان الشهية. كما أن النساء ضحايا العنف الجسدي يكن أكثر عرضة للاكتئاب النفسي و للإجهاض و للبرود الجنسي و في حالات العنف القصوى يمكن أن يصل الضرر إلى الإعاقة أو الموت.و تشير دراسة بوعسكر (تونس 2003) إلى أن النساء المعنفات هن أكثر إقبالا على الخدمات الصحية من متوسط عموم النساء و بذلك يكون للعنف تكلفة مادية باهضة على المرأة و الأسرة و المجتمع .
أما الآثار السلبية على أطفال المرأة المعنفة فتتمثل في اضطرابات نفسية متفاوتة الخطورة و في الإخفاق المدرسي أو الانقطاع عن الدراسة و في العدوانية و الانحراف.
و تفيد دراسات المنظمة العالمية للصحة و اليونيساف أن 50% من الأطفال الذين شاهدوا الاعتداء بالعنف على الأم من طرف الأب يصبحون بدورهم إمّا معتدين عنيفين أو ضحايا للعنف.
مواقف إزاء العنف الأسري:
إن الموقف من العنف،إن كان سلبا أو إيجابا،هو نتاج ثقافة مجتمعية معينة تكيفها العادات و التقاليد و لكن يمكن أيضا أن يشكلها العمل التوعوي لتطوير الذهنيات بما يدعو إلى إعادة النظر في العنف كأسلوب للتنشئة و تحديد المواقع من السلطة بين الإناث و الذكور و الكبار و الصغار داخل الأسرة و المجتمع .
في المجتمعات المغاربية تتراوح المواقف من العنف الأسري بين الاستنكار و اللامبالاة بل و التساهل في أحيان كثيرة ذلك إن هذا النوع من العنف لايزال يعتبر في أغلب المجتمعات "عاديا" و لا يسترعي الإهتمام أو التدخل حيث بينت دراسة أجراها الإتحاد الوطني للمرأة التونسية في بداية التسعينات حول المواقف و السلوكيات تجاه العنف أن 60% من النساء و 52 % من الرجال يشجبون العنف الزوجي و يرونه غير مقبول و في نفس الوقت يرى 32.3%من الرجال و 26.1% من النساء أن العنف الزوجي قد تكون له مبررات.
و حسب دراسة أجريت في تونس في سنة 2001 تكون الاستقلالية الاقتصادية و ما تمنحه للمرأة من ثقة بالنفس نتيجة مساهمتها في تحمل الأعباء المادية للأسرة ،عاملا من العوامل المساعدة للمرأة على رفض العنف الزوجي حيث تبين الدراسة أن 67 % من النساء اللاتي لهن نشاط مهني ترفضن العنف الزوجي و تصفن الزوج العنيف بالفضاضة مقابل 50.2 % من النساء ربات البيوت غير المشتغلات .
كما بينت نفس الدراسة أن لمتغيرات السن و المستوى التعليمي و النشاط المهني دور رئيسي في رفض النساء للعنف حيث أن النساء الشابات المتعلمات و الناشطات اقتصاديا يرفضن العنف في العلاقة الزوجية و في العلاقات الأسرية عموما.
سياسات مغاربية لمقاومة العنف الأسري:
تولى البلدان المغاربية أهمية لمقاومة العنف الأسري و الوقاية منه و الحد من آثاره.و قد شهدت العشرية الأخيرة حركية هامة في هذا المجال في كل المنطقة المغاربية تجسمت على المستوى القانوني في سن تشريعات جديدة مناهضة للعنف،أو في مراجعة أو تعديل أو تنقيح قوانين الأحوال الشخصية و القوانين الجنائية و قوانين الجنسية و قوانين الشغل بما يضمن أكثر عدالة بين الجنسين و يحفظ الحقوق الإنسانية للمرأة.
و على مستوى الآليات والبرامج و ضعت ثلاثة من بلدان المغرب العربي و هي تونس و الجزائر و المغرب استراتيجيات وطنية لمكافحة العنف المبني على النوع بما فيه العنف الأسري كما وضعت موريتانيا إستراتيجية و خطة عمل لمقاومة الممارسات التقليدية العنيفة ضد النساء و تشتمل هذه الاستراتيجيات على محاور تهم خاصة جمع و تحليل و استغلال المعطيات حول العنف المبني على النوع و تدعيم و تطوير قدرات المتدخلين و تطوير و تحسين خدمات الإحاطة و المرافقة القانونية و الاجتماعية و الاقتصادية و النفسية للنساء ضحايا العنف و الحشد و التعبئة الاجتماعية لتغيير السلوكات و المواقف تجاه العنف المبني على النوع و كذلك تطوير القوانين و سن التشريعات المناهضة للعنف و التعريف بها.و تقوم هذه الاستراتيجيات الوطنية على مبدأ الشمولية و التدخل متعدد الأبعاد و القطاعات،إضافة إلى الشراكة الوثيقة بين الهياكل الحكومية و مكونات المجتمع المدني. كما تولي هذه الاستراتيجيات أهمية خاصة لدور رجال الدين ووسائل الإعلام الجماهيري في تشكيل وعي عام بخطورة العنف الأسري و في تعبئة المجتمع بكامله لرفضه و مقاومته .
كما تولى كل من تونس(سنة 2007) و المغرب ( سنة2006) إحداث خط أخضر لفائدة ضحايا العنف كما شهدت الشراكة بين الهياكل الحكومية و الجمعيات دفعا قويا حيث تكثفت البرامج و المبادرات الحكومية و الجمعياتية في مجال الإحاطة بالنساء المعنفات في كل المنطقة المغاربية فتم بعث مراكز للإيواء و خلايا توجيه و إرشاد قانوني سواء في القطاعات المكلفة بالمرأة أو صلب الجمعيات(الإتحاد الوطني للمرأة التونسية،جمعية أمّهات تونس،جمعية رافد في الجزائر،شبكة أناروز في المغرب) كما تم تنظيم حملات إعلامية و توعوية رسمية حول العنف المبني على النوع.
و في تونس تمت منذ مطلع التسعينات إضافة إلى مراجعة و تعديل القوانين بما يقضى على أشكال التمييز ضد المرأة و يحمي حقوقها،مراجعة المناهج الدراسية و تنقيتها من كل الصور النمطية حول المرأة و من الأفكار و النصوص المهادنة للعنف أو المشجعة عليه.كما تم إحداث آليات عديدة لحماية حقوق المرأة من ضمنها صندوق النفقة و جراية الطلاق.
و في إطار السعي إلى الإحاطة بظاهرة العنف المبني على النوع أنجزت الجزائر في سنة 2003 دراسة وطنية حول العنف الموجه ضد النساء و ستنجز تونس و المغرب في سنة 2009 مسحا وطنيا الهدف منه التعرف على حجم الظاهرة و الشروع في بناء بنك معطيات و منظومة لرصد العنف المبني على النوع:
الإجراءات التشريعية في البلدان المغاربية لمقاومة العنف الموجه ضد المرأة:
نظرا لخطورة القانون و أهميته في حماية الحقوق الإنسانية و تبعا لمصادقة البلدان المغاربية على الاتفاقيات و المواثيق الدولية ذات العلاقة بحماية المرأة من كل أشكال التمييز و العنف الموجه ضدها تم سن قوانين و تشريعات مناوئة للعنف ضد المرأة نذكر منها:
في تونس إلى جانب إلغاء تعدد الزوجات و إرساء الطلاق القانوني و تحديد سن الزواج الذي جاءت به مجلة الأحوال الشخصية في سنة 1956 شهدت هذه المجلة تنقيحات عديدة من أهمها تلك التي أدخلت عليها في سنة 1993و تم بموجبها إلغاء واجب طاعة الزوجة لزوجها و تعويضه بواجب الاحترام المتبادل و المعاملة بالحسنى بين الزوجين (فصل 23 جديد) كما تم تنقيح المجلة الجنائية بما يعزز حق المرأة في السلامة الجسدية و ذلك بإلغاء الفصل 207 الذي كان يعتبر الرابطة الزوجية ظرف تخفيف بالنسبة لقتل الزوج لزوجته أو لشريكها عند ضبطهما متلبسين بالخيانة الزوجية،و اعتبار هذا الفعل من قبل الجريمة التي يعاقب عليها القانون.
كما أصبحت الرابطة الزوجية ظرفا مشددا لعقوبة العنف على القرين مثلما ينص على ذلك الفصل 218 جديد من المجلة الجنائية.
كما ينص قانون العقوبات على إنزال عقوبات شديدة بالجاني في حالة الاغتصاب و تصل العقوبة إلى حد الإعدام عند اغتصاب القاصر.
و في سنة 2004 تم سن القانون عدد 73-2004 لسنة 2004 الذي يعاقب التحرش الجنسي.
كما تم في سنة 1993 إحداث صندوق النفقة و جراية الطلاق
و حرصا على حماية الحقوق الاقتصادية للزوجة تم في سنة 1998 إرساء نظام الملكية المشتركة بين الزوجين بمقتض القانون عدد 94/1998 و هو نظام اختياري عند إبرام عقد الزواج أو في تاريخ لاحق.
و في سنة 2006 و حماية للمرأة في حالة الخلافات الزوجية تمسن قانون يقع بموجبه إسناد محل السكنى للأم الحاضنة.
و في سياق آخر تم الإذن بفتح سجلات في أقسام الطب الاستعجالي بالمؤسسات الطبية و بمراكز الشرطة لضبط حالات العنف و الإبلاغ عنها لدى السلط المعنية بموجب منشور وزاري مشترك بين وزارتي الصحة و الداخلية.
في الجزائر تمت في سنوات الـ2000 مراجعة مدونة الأسرة و المجلة الجنائية و مجلة الجنسية و مجلة الشغل بما يدعم حقوق المرأة و يحميها من التمييز الاجتماعي و القانوني و يحمي حرمتها الجسدية كما تم تجريم التحرش الجنسي .
في المغرب شهدت برامج مقاومة العنف المبني على النوع دعما كبيرا بفضل الديناميكية التي أحدثها النسيج الجمعياتي و مكونات المجتمع المدني من خلال حملات وطنية لمناهضة العنف ضد النساء تم تنظيمها بالشراكة مع الهياكل الحكومية.و تعززت هذه الديناميكية بمراجعة القانون الجنائي في سنة 2003 بما يجرم العنف الأسري و التحرش الجنسي و كل أشكال العنف ضد النساء .
في موريتانيا تم وضع قانون تجريم تشويه الأعضاء التناسلية للإناث و انجاز برامج تدخل و توعية لمناهضة العنف الأسري و العنف ضد النساء.
في ليبيا و كخطوة نحو مكافحة بعض أنواع العنف المبني عل النوع تم إلغاء مهنة ختانة من قائمة المهن كما تم تنظيم حملة توعوية تحت شعار "معا من أجل محو الأمية القانونية".و قامت "جمعية و اعتصموا للأعمال الخيرية" بالتعاون مع اليونيفام بإطلاق مشروع الثقافة الداعمة لإنصاف المرأة تحت شعار "العنف ضد المرأة الخصائص و الآثار و آليات التصدي".
نحو عمل مغاربي مشترك لمقاومة العنف المبني على النوع:
في شهر جوان من سنة 2007 و بمبادرة تونسية احتضنت تونس ملتقى مغاربيا اسبانيا حول الوقاية من العنف المبني على النوع و قد شارك في هذا الملتقى عدد كبير من الهياكل الحكومية و المنظمات و الجمعيات و مؤسسات البحث العلمي في البلدان المغاربية الخمسة و اسبانيا إلى جانب المنظمات الدولية (صندوق الأمم المتحدة للسكان و اليونيفام و اليونيساف) و المنظمات الإقليمية (منظمة المرأة العربية و الجامعة العربية و مركز المرأة العربية للتدريب و البحوث...).اهتم الملتقى بتدارس القضايا و الإشكاليات المتعلقة بمقاومة العنف المبني على النوع و بعرض السياسات و المبادرات الوطنية و تبادل التجارب الجمعياتية في مقاومة العنف ضد النساء في المغرب العربي و في اسبانيا .
و توج الملتقى بإصدار إعلان تونس حول الوقاية من العنف المبني على النوع الذي نادى بتكثيف العمل المغاربي المشترك في هذا المجال لاسيما من خلال تركيز مرصد مغاربي حول العنف المبني على النوع من بين مهامه دعم و تقوية السياسات الوطنية في مجال مناهضة العنف ضد النساء و الفتيات و إنجاز البحوث و الدراسات الكمية و النوعية المقارنة في مجال مناهضة العنف المبني على النوع و تأسيس بنوك معلومات حول الظاهرة و رصد و تثمين المبادرات الحكومية و غير الحكومية الناجحة في هذا المجال من خلال دورية الكترونية تربط بين نقاط ارتكاز المرصد. كما نادي إعلان تونس باعتماد خطة اتصالية مغاربية مشتركة لمقاومة العنف المبني على النوع و معالجة أسبابه و تعزيز الوعي بخطورته و بدعم أنشطة المجتمع المدني في مجال مقاومة العنف المبني على النوع حتى تنهض بدورها الميداني المباشر المكمل و المتمم لنشاط الهياكل الحكومية.
و تجسيما لهذا النداء نظمت في السنة الموالية (فيفري 2008 ) في الرباط بالمملكة المغربية ورشة تفكير مغاربية حول إحداث مرصد مغاربي لمقاومة العنف المبني على النوع تم خلالها تدارس الجوانب التقنية و الإدارية لإحداث المرصد و تحديد التمشي الواجب اعتماده في مساعدة البلدان المغاربية على بناء قاعدة بيانات وطنية حول العنف المبني على النوع من أجل اتخاذ الإجراءات ووضع السياسات الكفيلة بمقاومته .
و في هذا الإطار تعمل الجمعيات المغاربية على توطيد عرى التعاون بينها في مجال نشر المعلومات و تبادل التجارب في مقاومة العنف المبني على النوع و هنالك توجه لتعزيز العمل الشبكي على غرار شبكة كوتر لمقاومة العنف المبني على النوع.
توصيات عامة
نظرا لما تستوجبه مقاومة العنف الأسري و الوقاية منه و الحد من آثاره من تكاتف الجهود بين كل القوى الحية في المجتمع من هياكل حكومية و جمعيات و أفراد ووسائل إعلام و مراكز بحث علمي، و نظرا لما تتطلبه الإحاطة الصحية و النفسية و القانونية بضحايا العنف من اعتمادات مالية و من موارد بشرية مؤهلة نوصي بـ:
- تكثيف التنسيق بين مختلف المتدخلين على المستوى الوطني و الإقليمي في مجال مقاومة العنف المبني على النوع .
- دعم الجمعيات ماديا و بشريا من طرف الهياكل الحكومية و ذلك بالمساهمة في التكفل بضحايا العنف الأسري.
- الحرص على اللامركزية في الإحاطة بضحايا العنف و تقريب الخدمات من مستحقيها في كل الجهات.
- التركيز على دور الإعلام المرئي و المسموع و المكتوب في كسر حاجز الصمت حول العنف الأسري و تكوين الإعلاميين في مقاربات مقاومة العنف المبني على النوع.
- الاعتماد على رجال الدين في نشر خطاب مناهض للعنف و داعم لقيم الاحترام و التآزر بين الرجل و المرأة .
- ترسيخ الحقوق الإنسانية بما فيها الحق في الحرمة الجسدية و الحماية من كل أشكال العنف في الذهنيات والمعتقدات منذ الصغر بإدماجها في المناهج التعليمية.
- دعم العمل الشبكي في مجال مقاومة العنف الأسري و التعريف بالممارسات الجيدة في الغرض.
بيبليوغرافيا
* العنف المبني على النوع في تونس،تشخيص الواقع،مقاربة تحليلية للدراسات و البحوث و برامج العمل الخاصة بمقاومة العنف ضد المرأة.درة محفوظ دراوي تونس 2007 .
* الدار البيضاء، الجزائر، تونس، نساء ضد العنف، الفنك 2004.
* العنف المبني على النوع في المغرب تقريري 2006 و 2007،الشبكة الوطنية لمراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف .
* العنف الأسري : من المسار الدولي إلى الواقع العربي،د سكينة بوراري،تونس 2008 .
* صوت ضحايا العنف المؤجل - مركز الإعلاميات العربيات للدراسات و الأبحاث و الاستشارات الإعلامية،عمان 2003 .
* النتائج الأولية للبحث الوطني الجزائري حول العنف الموجه ضد النساء -2005
* التقرير الوطني حول تنفيذ خطة عمل بيجين (بيجين +10) تونس 2005 .
* تكافؤ النوع و الوقاية من العنف ضد النساء الديوان الوطني للأسرة و العمران البشري تونس 2007.
* المرأة الجزائرية، واقع و معطيات، الوزارة المعتمدة المكلفة بالأسرة و بقضايا المرأة -2007.
* الإستراتيجية الوطنية الجزائرية لمحاربة العنف ضد النساء 2005.
* تجربة الجماهيرية الليبية في التصدي لظاهرة العنف ضد المرأة ،صفية إبراهيم بن عامر- تونس 2007.
* مشروع الثقافة الداعمة لإنصاف المرأة جمعية اعتصموا للأعمال الخيرية 2006/2007.
*التقرير الوطني (بيجين +10)كتابة الدولة المكلفة بالأسرة و الطفولة و المعاقين بالمملكة المغربية 2005
*كلمة الدكتورة ودودة بدران المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية في الملتقى المغاربي الاسباني حول الوقاية من العنف المبني على النوع- تونس 2007 .
Femmes entre violences et stratégies de liberté Maghreb et Europe du Sud- Editions Bonchen 2004.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة