فضاءات دماء والطائيين

دماء والطائيين

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـولاية
يونس الزهيمي
مسجــل منــــذ: 2011-12-05
مجموع النقط: 28
إعلانات


المقاربة بين التاريخ والادب

المقاربة بين التاريخ والأدب
" تاريخ المهلب القائد وآل المهلب أنموذجا "
ألف الشيخ الفقيه سيف بن حمود بن حامد البطاشي كتابا في " تاريخ المهلب القائد وآل المهلب " جمع فيه بين التاريخ والأدب ونحن هنا نقترب من هذا المؤلف لنكتشف هذا الثراء الأدبي التاريخي المنهجي الذي سار عليه مؤرخ الفذ والفقيه الأديب البطاشي الذي يعتبر من عمالقة المؤرخين العمانيين المعاصرين فقد جاء أسلوبه لطيفا جميلا سهلا جمع بين الطرافة والأدب وبين التاريخ والأحداث حيث يقول البطاشي عن السبب الذي دعاه للكتابة عن تاريخ المهلب القائد وآل المهلب " إن السبب الذي دعاني للاعتناء بالكتابة عن آل المهلب إنني رأيت أخبارهم لا يجمعها كتاب بل إنها أخبار متفرقة في كتب التاريخ والسير وكتب التراجم وغيرها ولم أطلع على تاريخ مستقل فيهم مع أن أبا الفرج الأصفهاني صاحب الوزير المهلبي في الدولة البويهية ألف كتابا أسماه " أخبار آل المهلب " وكتابا آخر اسمه " الأزارقة وحروب المهلب " ولكن لم تصل إلينا هذه الكتب ولم نطلع على شيء منها ومع أن القوم عمانيون ولهم صلة بعمان وأهلها فإن أصحابنا لم يعتنوا بشيء من تاريخهم كما هي عادتهم عدم الاعتناء بالتاريخ اهتماما بما هو أهم منه إلا ما ترى من بعض أخبارهم وأنسابهم في أنساب العوتبي الصحاري وفي تاريخ ابن رزيق وبعض الكتب الفقهية جاء في كتاب بيان الشرع وغيره إن رجلين من علماء أصحابنا العمانيين وهم جعفر بن السمان وحتات بن كاتب رحمهما الله سارا مع يزيد بن معاوية بن المهلب في حروبه فقتلا معه وكانا من فقهاء المسلمين فتكلم الناس في ذلك فأظهر أبو عبيدة رحمه الله ولايتهما فنزل الناس إلى قوله فيهما ورأي أصحابنا في كل من الخارج والمخروج عليه أي بنو المهلب وبنو أمية معروف .
ومع ما لآل المهلب من أعمال جليلة وأخبار مشهورة ومآثر مذكورة في السياسة والإقدام وفي الجود والكرم والعلم والأدب واشتهارهم في الدولتين الأموية والعباسية وغيرهما دعتني الهمة مع قلة اطلاعي أن أؤلف هذا الكتاب أجمع فيه بعض أخبارهم ومآثرهم تسهيلا للقارئ إذ ليس المجموع كالمتفرق وقصدي الإفادة والاستفادة"
وعند القراءة في مضمون هذا الكتاب لفت انتباهي أن الفقيه البطاشي قارب التاريخ والأدب في كتابه وهذا ليس بغريب عن التراث العربي القديم إذ أن وجود الخبر والإخباريين ممتد إلى العصر الثاني للهجرة وقد تأثر مؤرخنا الفقيه بكتابات أبي الفرج الأصفهاني من مزجه بين التاريخ والأدب بأسلوب فني جميل.
والبطاشي في كتابته التاريخية لا يشق له غبار باعتراف أهل العلم والباحثين في عمان وهو بهذا المؤلف طرق بابا في تاريخ المهلب الذي ينتسب إليه آلبو سعيد في عمان ومنهم الأسرة المالكة والتي كانت قد حكمت زنجبار وغيرها من شرق أفريقيا وتحديدا إلى أبي سعيد المهلب بن أبي صفرة الأزدي العتكي العماني وإن تأخر بظهور دولتهم الزمن فقد ارتبط حاضر مجدها التليد بماضيها المجيد بما أنجبته من رجال أفذاذ من علماء وأئمة وملوك وفقهاء وأفاضل وأدباء وقد مضى على قيام دولة آلبو سعيد قرنان ونصف قرن من الزمن .
فمن أشهر أولاد المهلب يزيد بن المهلب وولده خالد بن يزيد بن المهلب وبه يكنى أبوه:
أبا خالد بادت خراسان بعدكم
وصاح ذوو الحاجات أين يزيد([1])
ويزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب عامل أبي جعفر المنصور على مصر ثم على أفريقيا وهو الذي قال الشاعر فيه:
لشتان ما بين اليزيدين في الندى
يزيد سليم والأغرين حاتم([2])
واشتهر آل المهلب بحسن السياسة وتدبير الحروب والشجاعة وقيادة الجيوش ومقارعة الأبطال:
آل المهلب قوم إن نسبتهم
كانوا المكارم آباء وأجدادا
إن المكارم أرواح يكون لها
آل المهلب دون الناس أجسادا([3])
ومما لا شك فيه أن آل المهلب عمانيون حيثما حلوا وأينما كانوا في العراق أو في خراسان:
فلا تحسبن هند لها الغدر وحدها
سجية نفس كل غانية هند([4])
وكذلك كازر بأرض فارس التي خاض فيها حروبا طاحنة كما يذكرها الطبري في تاريخه قال الشاعر:
ثوى سيد الأزدين أزد شنؤة
وأزد عمان رهن قبر بكارز([5])
ولما جاء نعي يزيد بن المهلب يقول ابن خلكان قال محمد بن واسع:" أتتني باكية عمان تندب لي قتلى آل المهلب "
وقد عانى آل المهلب من نار الحروب وتنكيل أعدائهم بهم وقد قال الكميت في المهلب:
فأما الأزد أزد أبي سعيد
فأكره أن أسميها المزونا([6])
وقال جرير يصف حروبهم :
وأطفأت نيران المزون وأهلها
وقد حاولوا فتنة أن تسعرا
ولم تبق منهم راية يرفعونها
ولم تبق من آل المهلب عسكرا([7])
وهنا يمدح ابن المولى يزيدا بن حاتم بن قبيصة بن المهلب:
وما زال إلحاح الزمان عليهم
بنائبة كادت لها الأرض تخرب
فلو أبقت الأيام حيا نفاسة
لأبقاهم للجود ناب ومخلب
ألا حبذا الأحياء منكم وحبذا
قبور بها موتاكم حين غيبو([8])
وعن انتساب آل بوسعيد إلى المهلب يقول الشيخ العلامة محمد بن شامس البطاشي:
أول من أسس هذه الدولة
أحمد ذو النجدة ثم الصولة
نجل سعيد ذو العلا بن أحمد
من آل بوسعيد قوم نجد
نسبتهم إلى المهلب العلم
نجل أبي صفرة والطود الأشم
وهو الذي يدعى أبا سعيد
كذا روى لنا ألوا التمجيد([9])
إلى أن قال:
وانتشروا إلى عمان من قدم
في منح ونزوة وفي أدم
وسمد وغيها من القرى
وذاك واضح يراه من يرى([10])
هذا وقد قرأ البطاشي التاريخ بأسلوب أدبي جميل خالي من التعقيد والتكلف ، وبدأ بالمهلب القائد وتحدث عن مولده ونسبه وأولاده وأخباره ووفاته ثم انتقل للحديث عن كل ولد من أولاد المهلب القائد حيث بدأ بيزيد ثم سعيد ثم المغيرة ثم حبيب ثم المفضل ثم مروان ثم تابع سرد التاريخ مع أخبار أحفاد المهلب وأبنائهم المشهورين وبهذا ترجم المؤرخ عن تاريخ المهلب القائد وآل المهلب.
ومن ذلك قول الشاعر السَّري في المدح:
نروع بأسياف المدام همومنا
كأنا بأسياف الأمير نروعها
وأزهر ينقاد الزمان لأمره
وتأمره زهر العلا فيطيعها
همام ينقاد الزمان لأمره
وتأمره زهر العلا فيطيعها
همام وفي الأعداء من سطواته
تباعدها من سخطه فتروعها
أعل صدور السمر وهو حبيبها
وقل شفار البيض وهو ضجيعها
وقد علمت أمواله حين سامها
حفاظ المعالي إنه سيضيعها([11])
الباحث : ناصر حمود الحسني
[1])) تاريخ المهلب القائد وآل المهلب ، الشيخ الفقيه سيف بن حمود بن حامد البطاشي
[2])) السابق.
[3])) السابق.
[4])) السابق.
[5])) السابق.
[6])) السابق.
[7])) السابق.
[8])) السابق.
[9])) السابق.
[10])) السابق.
[11])) السابق.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة