فضاءات كفر جايز

كفر جايز

فضاء الإبداعات الأدبية والفنية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
رافت علي النمارنة
مسجــل منــــذ: 2011-07-11
مجموع النقط: 2.8
إعلانات


الدكتور علي محافظة

علي محافظة في ذاكرة ايامه بين المؤرخ والراوي
2011/09/20
العرب اليوم - محمد ابو عريضة ...
يستطيع قارئ محايد لا يعرف الاكاديمي المؤرخ المعروف د. علي محافظة ان يدرك منذ قراءته اولى صفحات كتابه الاخير - ذاكرة الايام - الجزء الاول 1938 - ,1971 ان د. محافظة مؤرخ محترف, فالمنهج التاريخي في تحليل الاحداث وقراءتها واضح لا لبس فيه, صحيح ان مشاعر دافئة تفيض بها صفحات الكتاب, خاصة حينما يتحدث المؤلف عن احداث وقعت له في طفولته, وعن علاقاته بأفراد اسرته وباصدقائه, لكنك سرعان ما تكشف وانت تتوغل اكثر داخل دفتر ايامه ان الرجل لا يطيق الابتعاد عن صرامته كباحث, فاذا بك تغوص معه من جديد وهو يجتهد في تناول تفاصيل ذاكرته لا سيما ان محافظة يعيش في منطقة احوالها تتبدل بسرعة البرق, واحداثها جسّام لا يمكن لأي باحث من ابنائها ان يتعاطى معها بحياد وموضوعية.
تأرجح محافظة ما بين السارد - من السرد - كراو لسيرة حياته والاكاديمي الباحث, ولو ان الرجل ظل ساردا لتفاصيل دفتر حياته لخرج الكتاب اكثر جمالا, ولوجد فيه القارئ العادي متعة اكبر وهو ينتقل مع محافظة من بلدة كفر جايز التي تقع الى الشمال من مدينة اربد, وكان قد ولد فيها عام ,1938 الى مدينة اربد مرورا ببلدة سما الروسان, حيث درس الابتدائية في مدرستها الصغيرة, والثانوية في مدرسة اكبر في المدينة, والى دمشق التي درس في جامعتها, فإلى عمان. حيث ابتدأ حياته العملية, فإلى المانيا بعد ان انتقل من وزارة التربية, للعمل دبلوماسيا في وزارة الخارجية, والى تونس فالجزائر ففرنسا, واخيرا العودة عام 1971 الى عمان, لكن محافظة صاحب الباع الطويل في ابحاثه التاريخية لا يستطيع خلع ملابس الاكاديمي, ذات الالوان الرزينة, وارتداء ثياب القاص المبدع بالوانها الزاهية, والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:
هل استطاع محافظة الاحتفاظ بموضوعية الباحث في كل صفحات الكتاب?
محافظة لم يدع انه كان محايدا في تعاطيه مع تفاصيل احداث تخصه, او له معها صلة ما, صحيح انه لم يعد الى دفاتر مذكرات كان قد كتبها في مراحل حياته المختلفة, خاصة الاولى منها, فعادة كتابة المذكرات لم نألفها نحن العرب, كما هي الحال في الغرب, خاصة لدى الاسر العادية, كأسرة محافظة, لكنه كما جاء في مقدمة كتابه بدأ بكتابة مذكراته قبل سنين, وانه اعتمد على ذاكراته في معظم ما جاء في الجزء الاول من ذاكرة ايامه, وهو الكتاب الذي نحن بصدده, ويقول انه رغم البعد الزمني الطويل, فان ذاكرته كانت حاضرة, متوهجة, لكن من يغوص في تفاصيل الكتاب يكتشف ان محافظة اعتمد فقط على شذرات من ذاكرته, واستند الى رؤيته كباحث في معظم ما كتب, فمثلا وهو يتحدث عن قريته كفر جايز, وعن توزيع الاراضي بين حمائلها - جمع حمولة- يعود الى ما كان لصدور قانون »الطابو العثماني 1858« من اثر على ملكية الافراد من ابناء القرية, ويعود في السياق ذاته الى دفتر جباية الضرائب العثمانية في مطلع القرن السادس عشر الميلادي, ويعود لاحقا الى تفاصيل الحرب العربية - اليهودية عام ,1948 وهو يتحدث عن لاجئين فلسطينيين لجأوا الى قريته, اضافة الى تفاصيل اخرى جاءت في كتابه ينتقل محافظة من صيغة المتكلم وهو يتحدث عن تفاصيل حميمة دافئة لكنه سرعان ما يعود الى صيغة الراوي المحايد كأنه يتحدث عن احداث لا تخصه, ولا يتدخل في تفاصيلها, فحتى بعد ان يقترب اكثر من ذاكرته الحية, اي التي لم تمض عليها سنوات طوال, فانه يتدخل كمؤرخ في تفاصيل السرد.
فهو على سبيل المثال حينما يتحدث عن تفاصيل هزيمة حزيران 1967 وكان وقتذاك يعمل دبلوماسيا في سفارة الاردن بالجزائر, وموقفه تجاه ما جرى موضوعيا يجب ان يتماثل او ينسجم مع الموقف الرسمي الاردني, فنجده يسرد الرواية الرسمية ولكنه لا يفعل ذلك, متأثرا بموقفه كباحث في التاريخ تجاه الاحداث تجده يتحدث عن تحريض سورية والاردن لعبد الناصر, واتهام وسائل اعلام الدولتين لعبد الناصر بالاختباء وراء القوات الدولية الفاصلة بين القوات المصرية والاسرائيلية في سيناء وفي شرم الشيخ, وهذا يتنافى مع الرواية الرسمية التي تحدث بها اكثر من مسؤول حكومي وباحث قريب من الحكومة.
تفاصيل ذاكرة ايام محافظة كثيرة متنوعة وتستحق القراءة, فباسلوبه الممتزجة فيه صرامة الباحث بدفء السرد يتسلل الى داخلك من دون استئذان, يجعلك مسلوبا الى عوالمه الجميلة, خاصة عوالم القرى الاردنية الساحرة التي لم يكن فيها الاردني مهما كانت اصوله يشعر انه غريب, ففي خمسينيات القرن الماضي كما يورد محافظة في كتابه كانت صبايا القرى الاردنية يرددن اغنيات تتغنى بعبدالله الريماوي وعبدالله نعواس قائدي حزب البعث حينذاك, وهما من منطقة القدس, في حين انتخب اهالي القدس ابن الكرك الشيوعي يعقوب زيادين عضوا في مجلس النواب - من المحرر- ولا يتوقف الامر عند القرى الاردنية, وعوالمها الساحرة, بل يتنقل محافظة في كتابه من عالم جميل الى آخر اكثر جمالا وهو يعيش حياة غنية خاصة اثناء عمله دبلوماسيا لمدة عشرة سنوات فمن المانيا ووصفه للشعب الالماني وتفاصيل علاقاته المتشعبة مع الطلبة الاردنيين هناك وموقفه من السفير الاردني في بون مطلع ستينيات القرن الماضي عبدالله سراج, والسفير الذي تلاه مدحت جمعة, وشخصيته المختلفة عن الاول, وقصة الصحافي العراقي يونس البحري, الذي كان يعمل مذيعا في القسم العربي لاذاعة برلين ابان الحكم النازي لالمانيا, وكيف تقطعت به السبل حينما لجأ مع زوجته الى برلين, واصدر نشره باللغة العربية اطلق عليها اسم »العرب« واتصاله بالاسرائيليين واعترفاته بذلك امام محافظة, والدور الذي قام به السفراء العرب في تخليص البحري من براثن الموساد الاسرائيلي وحياته في تونس, وعلاقاته فيها, وفي الجزائر وزواجه من ابنه نابلس رفيقة عمره فوزيه جودت محمد علي شقو, التي تعرف عليها في الجزائر, حيث كانت تعمل مدرسة معارة, وانتقاله للعمل دبلوماسيا في فرنسا وولادة بكره باسل, واكماله لدراسة الدكتوراه وحصوله علىها وعودته الى الاردن منتصف 1971 .

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة