فضاءات دماء والطائيين

دماء والطائيين

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـولاية
يونس الزهيمي
مسجــل منــــذ: 2011-12-05
مجموع النقط: 28
إعلانات


من روائع التفسير

من روائع التفسير
(في رحاب القرآن) للشيخ بيوض
(أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ) النمل 62
يعضنا ربنا تبارك وتعالى بهذه الآية الكريمة ويلفتنا إلى عظيم قدرته ومحض تصرفه في أمره بقضائه وقدره في مخلوقاتها الضعيفة التي ليس لها من الأمر شيء مهما قوي سلطان السلاطين، وعلم العلماء فليس لهم أدنى قدرة في كشف السوء إذا نزل، وصاروا في حالة العجز والاضطرار فلا ينفع حينئذ جنود الملوك، ولا علم الأطباء، ولا حيلة ذوي الحيل والدهاء، بل يبقي الناس مكتوفي الأيدي عاجزين لا حيلة لهم في صرف المكروه النازل والمتوقع إلا الدعاء والتضرع إلى الله، ينبهنا الله تعالى إلى هذه الأحوال العصيبة التي لا يسلم من يعيش في هذه الدنيا من الوقوع فيها، أفراد وجماعات وأمما، هي أحوال عجيبة تضطر الإنسان الغافل إلى الرجوع إلى ربه، والتضرع إليه أن يكشف السوء ويفرج الكرب.
يلقي الله في هذه الآية علينا هذا الاستفهام الذي يراد به تقريرنا بالحقيقة وإثباتها ، فكأنه يقول لنا : أليس الله هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلائف في الأرض !.
فمالكم تعبدون غيره؟ أفلا تعقلون أفلا تذكرون، ما لكم ، أنى تؤفكون؟ أنى تصرفون؟ ينزل السوء بالإنسان أو يحيط به من كل مكان في البر أو في البحر أو في الجو، أو يصاب في بدنه فيجأر بالدعاء إلى الله وقد علم أنه لا يكشف السوء إلا هو.
فيجيب الله دعاءه فيكشف عنه السوء الواقع والمتوقع بقدرته ولطفه، ثم ينسى ربه في حالة الرخاء أو يجعل له شركاء فما أكفره، ينكر الله علينا هذه الأحوال العجيبة ويذكرنا بلطفه وقدرته، فهو الذي يفرج عن المضطرين، وهو الذي يجعلنا خلفاء الأرض، أجيالاً يخلف بعضنا بعضاً، وذلك أنه قدر علينا الموت، ولو عاش الناس كلهم أوائلهم وأواخرهم ما وسعتهم الأرض، وكان بعضهم لبعض خصوماً وعاشوا في مشاكل فقدر الله عليهم أن يكونوا خلفاء بعضهم لبعض، حتى يفني أواخرهم عند قيام الساعة وفناء هذه الدنيا ثم يجمعهم يوم القيامة ليوم الجمع فيحكم بينهم ويحاسبهم ويجازيهم على أعمالهم، ويثيب المحسنين ويعاقب المسيئين، ففي التفكر في هذا ما يعظ العاقل ويذكره ويتخذ إلى ربه مآبا ويعلم أنه لا إله إلا الله.
وفي هذه الأيام يقدر الله نزول السوء على بلاد العرب والمسلمين، فيغلب عصبة الصهاينة على جيوش العرب في خمسة أيام، وما كنا نتوقع هذا فليس لنا اليوم حيلة إلا أن نتضرع إلى الله أن يكشف عنا هذا السوء بقدرته، حتى نتغلب على آثار هذه الهزيمة، ونسترجع قوانا المادية والمعنوية، حتى نستطيع أن نقهر هؤلاء الأعداء ونستنقذ منهم أراضينا المغصوبة، وما ذلك على الله بعزيز، والأيام دول، وفي هذه الهزيمة عبرة لنا حتى نتعظ ونتذكر ونرجع إلى الله، نرجع إلى الاعتصام بحبله المتين، ولا نتفرق، فإن الله يأمر المسلمين جميعاً أن يعتصموا ولا يتفرقوا، فلعل هذه الكارثة النازلة تنفعهم فيراجعوا أمر ربهم، وإلا يفعلوا فستكون لهذه الهزيمة آثار سيئة في بلاد العرب والمسلمين وفي العالم جميعاً، ويا لها من مشكلة أذهلت الناس عن مشاكل كثيرة هم فيها يتخبطون، فأصبحت أحاديثهم كلها في هذه المشكلة الكبرى التي تهدد سلام المنطقة والعالم كله.
فالله وحده المرجو أن يكشف عنا هذا السوء، ويفرج عن الناس هذا الكرب النازل، ويذيل الله تعالى هذه الآية بآية مناسبة فيها تقريع وتوبيخ لعباده الغافلين الذين يعدلون عن الحق والإنصاف، والذين هم بربهم يعدلون فيقول:
(ما تذكرون) أي أتغفلون وتنسون وتقسو قلوبكم فلا تذكرون، أليس في هذه الأحوال ما ينبهكم ويذكركم ويردكم إلى الله! إن أمركم لعجيب وإن شأنكم عن الصواب لبعيد، وإنكم لفي ضلال مبين وفي شقاق بعيد، وإن عاقبة من كان هذا شأنه لفي خسار، وإن مآله إلى بوار، نسأل الله أن يجعلنا من المنيبين المتذكرين، وأن يجنبنا عواقب الغافلين، آمين.
المرجع:
- مختضر تفسير الشيخ بيوض (في رحاب القرآن) ـ سورة النمل ـ للشيخ الناصر بن محمد المرموري ط وزارة التراث سلطنة عمان.
سلطان بن سيف بن سعيد اليحيائي
جريدة الوطن

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة