فضاءات دماء والطائيين

دماء والطائيين

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـولاية
يونس الزهيمي
مسجــل منــــذ: 2011-12-05
مجموع النقط: 28
إعلانات


الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي

ملحق رقم (1) منقول
إن هذه الدراسة التحليلية المختصرة التي نضعها اليوم بين يديك هي محاولة تمهيدية لفهم التاريخ العماني الحديث الذي تمتد جذوره العريقة إلى الإمام الكبير أحمد بن سعيد المتوفي رحمه الله سنة 1196هـ، لقد أعاد إلى الأمة العمانية العظيمة وجودها وكيانها داخليا وخارجيا، وحررها من الغزو الأجنبي الفارسي وأطماعه التوسعية، حيث تجشم مشقات حادة، وتضحيات كبيرة في سبيل حرية أمته.
إن هذا الشعور الدافق الذي يعترينا يجعلنا بالضرورة أن نلقي الأضواء على هذه الشخصية العظيمة في إطارها التاريخي.
ومن هنا يحسن بنا، أن نشير إشارة خاطفة إلى الأحداث التاريخية التي سبقته والتي تجسمت في دولة اليعاربة وذلك أن أحد أئمة اليعاربة المتأخرين وهو سيف بن سلطان الذي تولى الإمامة يوم الجمعة في العقد الأول من شعبان سنة 1145- انحرف عن سيرة آبائه وأجداده فانغمس في الملذات وأهمل أمور أمته فعزل بعد خمس سنوات من حكمه إلا أنه رفض هذا العزل فاتخذ كل وسيلة للحفاظ على ملكه فاستعان بغير أبناء جلدته وهم الفرس.
وما هي إلا أيام قليلة حتى وطأت أقدام الغزاة شواطئ عمان بقيادة تقي الدين خان، وكان جيشه مؤلفا من ستين ألفاً أرسله سلطان دولة الفرس وهو نادر شاه. إن هذا الجيش الكبير قد أحتل مسقط ثم توغل إلى داخل عمان وأحدث خرابا، هلك الحرث والنسل لقد صدق الله عز وجل في شأن هؤلاء ( وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لَيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ) - البقرة:205-
وهنا زلزلت الأمة العمانية زلزالا عنيفا بسبب هذا الغزو الأجنبي إضافة إلى الصراع الرهيب حول السلطة بين الأئمة الثلاثة، سيف بن سلطان يدعي أحقية الإمامة، وهو يقول أنا الإمام الشرعي وهناك إمام ثاني وهو: بلعرب بن حمير بن سلطان بن سيف الذي بويع بالإمامة في نزوى ومعه جانب من أهل عمان، ويوجد إمام ثالث وهو سلطان بن مرشد اليعربي وهو آخر أئمة آل يعرب وقد جاء به فريق من أهل عمان.
وهكذا عاشت الأمة العمانية في ظلام دامس فعظمت المحنة واشتد الخطب على كل أفراد المجتمع العماني الذي يريد الفرج والرجوع إلى شاطئ السلامة، حتى قيض الله لهذه الأمة المسلمة رجلا عظيما أنقذ أمته من هذا الهلاك المحدق بها وهو: الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي الذي سنعالج جانبا من جوانب شخصيته الكريمة.
2- الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي نسبه وطفولته ونشاطه التجاري:
لقد تحدثنا عن المحنة الضنك التي عاشتها الأمة العمانية بسبب الصراعات التي سادت آخر دولة اليعاربة، إلا أن الله عز وجل قد نقل هذا الملك إلى آل بوسعيد وهي العائلة الحاكمة المعاصرة إلى اليوم في سلطنة عمان وعلى رأسها جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور.
وعلى ضوء هذا يمكننا أن نقدم لمحة مقتضبة عن أصل هذه الأسرة الكريمة.
يقول العلامة الشيخ السالمي رحمه الله: (فلما غيرت اليعاربة سيرة السلف الصالح وظنوا بغباوتهم أن الدولة ميراث وتكالبوا على الملك أذهب الله ذلك من أيديهم وجعله إلى غيرهم.
وأول هذه الدولة أحمد بن سعيد بن أحمد بن محمد البوسعيدي وهو أبو ملوك العصر وهو ينحدر من قبيلة الأزد العمانية العريقة في تاريخ عمان القديم).
يقول العلامة سالم بن حمود السيابي رحمه الله: (واعلم أن قبيلة آل بوسعيد من القبائل المعدودة كثرة ونجابة وعدة بالنسبة إلى القبائل العمانية في هذا العهد، تعددت في عمان شرقها وغربها وقل أن تخلو منها بلد من أمهات البلاد كنزوى والرستاق وسمايل والباطنة، وآل بوسعيد قوم من الأزد من أحفاد مالك بن فهم الملك المعروف الفاتح لعمان- أما بالنسبة إلى مولد الإمام أحمد بن سعيد فقد ولد بمدينة أدم.
يقول الشيخ سالم بن حمود السيابي: اعلم أن أدم من النقط المهمة أيضا، واقعة في حوزة تجاه الجنوب من منح على مرحلة منها، ومن هناك تتوجه طرق المواصلات إلى شرقية عمان، وإلى ساحل الدقم ومحوت، وإلى مصيرة، وإلى غربية عمان، وإلى مواقع البادية العمانية، من دروع وهيبة وجنبة.
وأدم بلدة طيبة حسنة، بهجة المنظر، جميلة المخبر، تقع في سهل من الرمل، ويسايرها جناح مرتفع منه، وهي من أطيب البلاد هواء وأفسحها فضاء، وأمدها فلاة وأنعشها صحة.
ولأهلها ولع بالأسفار إلى إفريقيا، تحدوهم إليه همم حرة، وفي أدم أيضا قوم من آل بوسعيد، رهط السلطان سعيد بن تيمور، ومنها أصل نشأته، وفيها مقر آبائه، كما يعلم ذلك أهل التاريخ في عمان.
ومن خلال هذا النص نستطيع أن نقول إن البيئة الجغرافية التي نشأ فيها الإمام أحمد بن سعيد قد أثرت فيه، لأن البيئة الصحراوية لها أثر فعال على تكوين شخصية الإنسان بحيث يعتمد على إمكانياته الذاتية متحديا صعوبة الطبيعة وقساوتها.
ومن هنا يحق لنا أن نقول: أن الإمام أحمد بن سعيد يعد من الشخصيات العبقرية، لأنه تمكن من التغلب على الأزمة الحادة الخطيرة التي هددت مصير الأمة العمانية ووجودها معتمدا على إرادته الفولاذية وذكائه فاستطاع تحقيق الوحدة الوطنية عن طريق السياسة الرشيدة والقوة في بعض الحالات ما دام هدفه الأول هو أمن وسلامة المجتمع العماني في الدرجة الأولى.
وفي ضوء هذا المنظور التاريخي، فإن المصادر القديمة تشير إلى أنه نشأ يتيماً فقد قيل أن الشيخ خلف بن سنان الغافري معروفا بأسرار الكشف لقي أحمد بن سعيد في مدينته أدم فمسح على رأسه قائلا له: اتق الله في الرعية لأنه نفرس فيه الزعامة التي تؤهله ليكون منقذا للبلاد وسلطاتها.
ويبدو أن أحمد بن سعيد قد تأثر ببيئته الاجتماعية والاقتصادية لأن أهل أدم معروفون بتجارتهم ومغامرتهم فيها لتحقيق الربح الوافر وبالتالي قصد مدينة صحار التي هي مركز تجاري حيوي في عمان، وهي خزانة الشرق منذ القديم إلى يومنا هذا، لقد وصفها المؤرخون في كتبهم منذ القديم.
يقول ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان: وصحار مدينة طيبة الهواء والخيرات والفواكه مبنية بالآجور والسياج كبيرة ليس فيها تلك النواحي مثلها- وقيل عنها: هي دهليز الصين وخزانة الشرق والعراق ومغوثة اليمن قد غلب عليها الفرس-.
وعلى هذا فإن الإمام أحمد بن سعيد قد امتهن في شبابه التجارة في هذه المدينة فالتجارة تعد مدرسة تجريبية واقعية وذلك بأن التاجر الذكي يدرس سلوك الإنسان والجماعات في واقعها المحسوس ثم يدرس الظواهر النفسية والاجتماعية والاقتصادية المتحكمة في سلوك الأفراد والجماعات وانعكاسها على تصرفاتهم اليومية.
وعلى أية حال فإن الإمام أحمد بن سعيد أصبح معروفا في أسواق صحار وغيرها، وكان ناجحا في تجارته نجاحا كبيرا وأمسى حديث الناس بأمانته وشجاعته وكفاءته وإحسانه إلى الطبقة الفقيرة.
إن هذه الخصائص الأخلاقية جعلته يبرز كشخصية لها وزنها في أوساط المجتمع العماني فاختاره الإمام سيف بن سلطان اليعربي في دولته واليا على صحار، فكيف حدث هذا؟
3- أحمد بن سعيد البوسعيدي يتولى ولاية صحار:
إن أحمد بن سعيد قد لمع اسمه في مدينة صحار الساحلية الواقعة في مقاطعة الباطنة حيث كان من التجار الناجحين المعروفين بالحزم والصرامة في أعماله والتكيف مع الظروف التجارية التي لا تخضع لقاعدة ثابتة وكان الإمام سيف بن سلطان اليعربي يحتاج إلى رجل عظيم وكفاءة يعتمد عليه في المشورة وإبداء الرأي والحكمة لمعالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها دولة اليعاربة
الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي
1- تمهيد:

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة