فضاءات مول البركي

مول البركي

فضاء التواصل والإهداءات والتحايا

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
محمد الناصري
مسجــل منــــذ: 2011-08-02
مجموع النقط: 253.81
إعلانات


فوضى استغلال الملك العام بقلم محمد الحنفي


استغلال الملك العام وسيلة ناجعة لتحقيق التسلق الطبقي ...؟ .
مفهوم الملك العام :
فماذا نعني بالملك العام؟
هل هو الملك الجماعي؟
هل هو ملك الدولة؟
هل هو ملك النقابات، والأحزاب، والجمعيات؟
وعلى أساس هذا التمييز الضروري بين مستويات الملك العام، فإننا يمكن أن نقول إن الملك العام: هو كل ما تدعو الضرورة اليومية لجعله في تناول عامة الناس، الذين يترددون عليه لحاجتهم إلى استعماله، ودون حاجة إلى إذن من أحد، وفي إطار قيام حركة اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية.
فالملك العام إذن هو ملك للمواطنين،الذين يستعملونه وقت الحاجة إليه، حسب ما يتناسب مع طبيعة إعداده، لتقديم خدمة معينة إلى المواطن صاحب تلك الحاجة. وبناء عليه، يكون الملك العام ملكا اجتماعيا، كالزقاق، والمدرسة، والشارع، والمستوصف، والمستشفى، والكلية، وغير ذلك مما له علاقة بتقديم الخدمات العامة للمواطنين.
وعلى هذا الأساس فإن الملك العام، هو الذي لا يمكن التصرف فيه، أو تفويته إلا بموجب قانون، وإلا، فإنه سيتحول إلى ملك للأشخاص الماديين، أوالمعنويين، الذين يتصرفون فيه، وفق ما تقتضيه مصلحتهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.
ونظرا لغياب الوعي بضرورة احترام الملك العام، فإن هذا الملك يتعرض للسطو من قبل الخواص، الذين يضيفونه إلى أملاكهم الخاصة، أو يقيمون عليه منشآت خاصة، بدون وجه حق، وأمام أنظار السلطات المعنية، وبمباركة المجالس المحلية، ليتزايد المتضررون من ذلك الاستغلال، وليحرموا من الراحة في استعماله، أو من استغلاله بصفة نهائية، بسبب السطو عليه، وحيازته بطرق غير مشروعة، عن طريق احتلاله، أو ضمه إلى الملك الخاص بالأفراد، أو بالشركات، أو بالجماعات، ودون اعتبار لأصحاب المصلحة في الحفاظ على الملك العام.
وبالسطو على الملك العام، فإنه يتحول إلى وسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية، التي تهم ممارسي ذلك السطو، الذين ينتمون، في معظم الأحيان، إما إلى شرائح البورجوازية الكبرى، أو المتوسطة، أو الصغرى، التي تحرص، وبكل الوسائل المشروعة، وغير المشروعة، على تنمية ثرواتها، على حساب الحرمان الواسع الذي تعاني منه الجماهير الشعبية الكادحة.
ومدننا، وقرانا المغربية، تغرق في متاهات السطو على الملك العام، ومن قبل أناس في غنى عنه، ولا يحتاجون أبدا إلى استغلاله.
ولذلك فتحديد مفهوم الملك العام يقتضي من التسليم بوجود ملك للمجتمع، وأن هذا الملك يمكن أن يتحول إلى ملك جماعي، في حالة انتفاء الحاجة إليه، أو ملك فردي، عن طريق البيع، أو التفويت، من أجل جعله أكثر إفادة لأفراد المجتمع، الذين يعانون من الفاقة، ومن العجز على إمكانية الحصول على جزء من تلك الملكية، ومنه ما لا يمكن بيعه، أو تفويته، لحضور الحاجة المستمرة إليه، من قبل عامة الناس، كما هو الشأن بالنسبة للأزقة، والطرقات، والشوارع. لأنه لو تم تفويت هذا النوع من الملك، فإنه سوف يؤثر سلبا على حياة الناس، وسيحدث اضطرابا في العلاقات، وفي السير العادي للمجتمع. كما هو حاصل في العديد من شوارع مدننا الكبرى، وخاصة في الأماكن التي تزدهر فيها التجارة، حيث يضطر الناس إلى زيارتها بين حين، وآخر.
من هم الأشخاص المعنيون باستغلال الملك العام؟
غير أن هناك أنواعا أخرى من الملك العام، التي لا تخضع لحراسة خاصة، وتقع مباشرة تحت مسؤولية السلطات المحلية، والمجالس الجماعية، وهي ما يصطلح على تسميتها بالأملاك المخزنية، أو الأملاك الجماعية. وهذه الأنواع هي التي تكون مستهدفة بالسطو:
1) إما لأنها مجاورة للملك الخاص، فيعمل أصحاب ذلك الملك على إلحاقها به، لترتفع قيمة ذلك الملك الخاص، وينتقل مالكه من طبقة إلى أخرى، بسبب زيادة إيراداته، عن طريق استغلاله للملك العام، وليصير إلحاق الملك العام بالملك الخاص، وسيلة للتسلق الطبقي.
2) أو لأن المستغل للملك العام، يمارس السطو عليه، ويحوله إلى ملك خاص، يستغله ليدر عليه المزيد من الدخل، الذي ينقله من طبقة إلى طبقة أخرى، تقوم على أساس استغلال الملك العام، الذي هو بدون وجه حق، فيحرم منه عامة الناس، الذين تدعوهم ضرورة الحاجة إلى استغلال ذلك الملك.
3) وإما لأن ذلك الملك يزيد على الحاجة الاجتماعية. فتسمح السلطات المسؤولة، أو المجالس المحلية باستغلاله، لأسباب اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، فيعمل مستغلوه بحكم وضع اليد إلى تحويله إلى ملك خاص، ينقلهم من وضعية إلى وضعية أخرى، فيصيرون مصنفين إلى جانب الطبقات الوسطى، أو الطبقات العليا، لتجتمع في مثل هذه الحالة وسيلتان للتسلق الطبقي : العمالة، واستغلال الملك العام.
4)أو لأن الملك العام مخصص، أصلا، ليكون رهن إشارة الأفراد، لإقامة منشآتهم الخاصة، بطريقة قانونية، ووفق مسطرة محددة، تضعها الجهة الوصية على الملك العام.
وانطلاقا من هذا الواقع، فإن من له الحق في استغلال الملك العام، يتحدد حسب ذوي الحاجة، الآنية، إلى ذلك العام. فالطرقات يحتاج إليها مستعملو وسائل النقل المختلفة، ابتداء من باب السكن، وإلى ما لا نهاية. فلا يحق لأي كان، ومهما كان، أن يستغل الطرقات، حتى وإن كانوا من الفراشة الذين صاروا يحتلون الطرقات ببضائعهم التي تقدر بمآت الملايين، وأمام أنظار السلطات المحلية، وبموافقة المجالس الجماعية البلدية. كما هو الشأن بالنسبة إلي الفراشة، في جميع المدن المغربية، ليحرم السكان من إمكانية وصول السيارات إلى أبواب منازلهم، عندما يكونون في حاجة إليها. وقد يقضي بعضهم مرضا. لا لشيء، إلا لأن سيارة الإسعاف لا تستطيع أن تمر إلى بيته، بسبب احتلال الشارع الذي يؤدي إليه من قبل من يسمون أنفسهم بالفراشة، الذي يمكن أن يقيموا متاجر ضخمة، أو متوسطة، أو صغرى، وهم يقيمونها، فعلا، في أماكن أخرى من نفس الشارع، أو في شوارع أخرى، نظرا لكثرة البضائع المعروضة. بل إن احتلال الشارع، يجعل التواصل بين الأحياء ذات الكثافة السكانية، وبواسطة وسائل النقل المشروعة غير ممكنة..
محطات السيارات تكون مخصصة لوقوف السيارات عند الحاجة إلى ذلك، ولا يحق لأي كان استغلالها في أمور أخرى. وهو ما لا يحصل على سبيل المثال بالعديد من الشوارع، حيث تم احتلال محطات وقوف السيارات من قبل المدعوين بالفراشة.
الحدائق العمومية مخصصة للترفيه، والترويح عن النفس، والتخلص من الحالة النفسية المزرية، التي يعاني منها الكثير من الناس، على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، فيضطرون إلى زيارة الحدائق العمومية، التي تخفف من التوتر النفسي الذي يعانون منه. ولذلك فهي ملكهم في الظروف التي يرتادونها، للتمكن من تخفيف التوتر النفسي، فإذا غادروها لم تعد كذلك، لتصير لغيرهم ممن يعانون من نفس الوضعية، ولا يحق لأحد مهما كان، ومهما كانت الشروط التي ذكرنا، أن يستغلها لأغراض أخرى، فيسطو عليها، أو يلحقها بملكه الخاص.
والمدارس، والجامعات، هي ملك لعموم التلاميذ، والطلبة أثناء دراستهم، فإذا زالوا عنها لم تعد كذلك، لتصير ملكا، لمن يأتي من بعدهم، إلى ما لا نهاية، ما لم تعمل الطبقة الحاكمة على خوصصتها، عن طريق تفويتها إلى الخواص، وتتحول الدراسة فيها إلى دراسة بمقابل يحصل عليه من يملك التصرف في تلك المؤسسة.
والمستشفيات، وملحقاتها تكون ملكا للمرضى، أثناء الاستشفاء، ولا يحق لأي كان استغلالها لشيء آخر، غير استشفاء المريض، ما لم تقم الطبقة الحاكمة بخوصصة المستشفيات لتؤول ملكيتها إلى الخواص.
غير أن من يشرف على هذه الأملاك العامة، يعمل على تسخيرها لخدمة أغراضه الخاصة، التي تساعده على تحقيق تطلعاته الطبقية، فكأنها ملك له، يفعل بها ما يشاء.
إننا عندما نتكلم عن الملك العام، إنما نتكلم عن ما هو حق لجميع أفراد المجتمع، ينالون منه حاجتهم الضرورية، التي تتحول إلى ملكية فردية، يتصرف فيها المالك كيفما يشاء. ومن أجل استكمال الاستقلال الذاتي عن جميع أفراد المجتمع، بناء على مسطرة قانونية معينة، صادرة عن مجلس تشريعي منتخب انتخابا حرا، ونزيها، في إطار دستور ديمقراطي من الشعب، وإلى الشعب، وبإشراف حكومة منبثقة عن أغلبية ذلك المجلس، تكون مهمتها حماية مصالح الشعب المغربي، وتطبيق التشريعات المصادق عليها في المجالس التشريعية، وحماية الملك العام، الذي هو ملك للشعب، من النهب، ومن التفويت غير المشروع..
غير أن هذا الملك العام، وبحكم إلحاحه، وبعيدا عن الأماكن العامة، التي يحتاج إليها الناس في الاستعمال اليومي، كل حسب حاجته، قد يتحول إلى ملك:
1) لجماعة معينة، تقوم بتدبيره فيما يخدم مصلحة الجماعة، ومن أجل تمكين الجماعات المحلية من المساهمة الفعالة في التنمية المحلية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما له علاقة بالحياة اليومية للمواطنين المقيمين في الملك العام، المرتبط بجماعة معينة، حتى تتغير أحوالهم، ويتطورون انطلاقا من التطور الحاصل في التشكيلة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية العامة، ومن تطور نفس التشكيلة الجماعية، ليصير الملك العام الجماعي الخاص ملكا لجميع المقيمين على الجماعة، وفي خدمة مصالحهم المختلفة، وتحت مراقبة المجلس الجماعي.
2) لجمعية معينة، إذا كانت، تلك الجمعية، تخدم الصالح العام، من أجل تمكينها من الوسائل الضرورية لقيامها بدور تنموي لصالح المعنيين بتنوع التنمية، التي تقوم بها الجمعية. بشرط أن يكون مسئولو الجمعية، ممن ينالون الثقة العامة، و الثقة الخاصة، وممن لم يثبت في حقهم قيامهم بالدور اللازم، لإبطال تلك الثقة، أو التشكيك فيها، حتى تكون تلك الثقة محط اهتمام بالجمعية، وبما تقوم به، حتى يتوفر لها المناخ المناسب للقيام بدورها كاملا، في تطوير الواقع، في مجال اهتمام الجمعية التنموي.
واشتراط الثقة في الأشخاص، يعتبر ضروريا، لأنه يوجد من ينشئ جمعيات تنموية من أجل استغلالها للتلاعب بالأموال، التي ترصد للمشاريع التنموية التي تقترحها. الأمر الذي يسيء للعمل الجمعوي / التنموي. فتتحول الجمعيات التنموية إلى مجرد ممارسة انتهازية، تهدف إلى خدمة مصالح أعضاء مكتب الجمعية، الذين يتخصصون في عملية السطو على أموال المشروعات، باعتبارها ملكا عاما، كما هو حاصل على المستوى الوطني.
3) لشركة معينة، نظرا لدور الشركة، أي شركة، عامة، أو خاصة، في تشغيل الناس، وفي إغناء الاقتصاد الوطني، وفي المساهمة في تحريك، وتطوير التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية، بتحويلها من تشكيلة زراعية، إلى تشكيلة صناعية أكثر تطورا. غير أن ما يحال على الشركات من الملك العام، يجب أن يبقى محسوبا على الملك العام، حتى لا يحول لخدمة أهداف أخرى، غير أهداف إقامة المؤسسات الإنتاجية، والخدماتية العامة، والخاصة، التي تكون في خدمة المجتمع، وتساهم في تطوره، وتطويره، وحتى لا يتصرف فيه مالك الشركة، في حالة انتهاء قيامها بإنهاء وجودها.
4) للخواص، قصد استغلاله لمدة معينة، ولغرض محدد، وفق عقد محدد، وموثق، يتخلى بموجبه الخواص عن الملك العام، وعودة ذلك الملك إلى أصله، حتى لا يصير ملكا للخواص، فيحرم منه من هو في حاجة إليه، ولغاية محددة.
ويمكن أن يتحول الملك العام إلى ملك خاص، وبصفة مستمرة، في حالة الحاجة إلى بقع أرضية يقيم عليها ذووا الحاجة مساكنهم، أو دكاكينهم، أو أي شيء آخر، كالمحال التجارية، مما يدخل في إطار التنمية الاجتماعية، والاقتصادية. وهذا النوع من الملكية، يكون مشروعا، ومقبولا، وعنوانا للمواطنة الحقة، التي يصير فيها الملك العام، في خدمة الملك الخاص، والملك الخاص في خدمة الملك العام، حسب الحاجة المتبادلة بين الملك العام، والملك الخاص. فإذا لم تكن تلك الحاجة قائمة، فإن تحويل الملك العام إلى ملك للخواص، يجب إن يدخل في إطار العمل الذي تجب محاربته بكل الوسائل، بما في ذلك القانونية، حتى لا يصير الملك العام مستهدفا من قبل الخواص، الذين تقوم ثرواتهم الهائلة، على حساب نهب الملك العام، كما هو حاصل في جميع أنحاء المغرب، وبدون وجه حق، وبدون تحريك المسطرة التي يفترض فيها حماية ذلك الملك من الاحتلال، أو الضم إلى الملك الخاص.
محمد الحنفي

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة