فضاءات الشيخ تمى

الشيخ تمى

فضاء أعلام ورجالات وعوائل

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
MOHAMED NOSHY YOUSSEF
مسجــل منــــذ: 2012-08-03
مجموع النقط: 18.9
إعلانات


اللواء محمد الفاتح كريم ابو عمر

اللواء الفاتح كريم: "الملائكة" حاربت معنا في جبل المر
23rd September
قصص وبطولات جديدة تكشف عنها الأيام مع ذكرى نصر العاشر من رمضان- السادس من أكتوبر عام 1973، ورغم وجود أسماء لامعة سجَّلها التاريخ بأحرف من نور في ديوانه، إلا أن هناك أسماءً لعبت أدوارًا رئيسيةً في هذه الحرب، ولكن لم تكتب لها نفس الشهرة، ومنهم اللواء أركان حرب محمد الفاتح كريم، مساعد وزير الدفاع الأسبق، وأحد قادة حرب أكتوبر العظام، بل إنه يعدُّ من القلائل الذين خلدت أسماؤهم في مواقع عسكرية كانوا أبطالها، فكما أطلق اسم الشهيد "أحمد حمدي" على النفق المشهور الذي يربط بين القاهرة وسيناء نتيجة الجهد الذي بذله في سلاح المهندسين، فإن اللواء الفاتح كريم أُطلق اسمه على جبل المرّ وسط سيناء، وأصبح جبل الفاتح بعد أن استعاده هذا الرجل الصعيدي وبصحبته 26 جنديًّا، فخلَّده الرئيس السادات بأن أطلق اسمه على هذا الجبل الذي كان يوزِّع مرًّا على الجيش المصري في الضفة الغربية.
(إخوان أون لاين) التقى بهذا اللواء البطل، وأجرى معه حوار عن المعركة التي أطلق عليها الفاتح لقب "معركة الملائكة"، والعقيد الفاتح وقتها كانت قائدًا للواء الثاني (المشاة مدرَّع)، التابع للجيش الثالث الميداني.
كان يعتبره أصدقاؤه "أخيبهم"، وليس منه فائدة؛ فهو على حدِّ تعبيرهم "صعيدي قفل" لا يجيد التعامل ومشاكله كثيرة، وكان الفريق عبد المنعم واصل- قائد الجيش الثالث الميداني- بلدياته، يراه ضابطًا "فاشلاً"، إلا أن هذه الأمور اختلفت بعد نكسة يونية 1967؛ حيث كان الفاتح وقتها برتبة النقيب، وكان عائدًا لتوِّه من حرب اليمن، فصدرت له الأوامر بالذهاب للجبهة للاشتباك مع العدو، إلا أنه عندما ذهب للجبهة صدرت له الأوامر بالانسحاب قبل أن يبدأ الاشتباك وكانت المأساة، ومنها انطلقنا إلى هذا السؤال:
* لماذا كان الانسحاب مأساة؟
** الحرب كلها كانت مأساةً وليس الانسحاب فقط هو المأساة؛ فنحن دخلنا حربًا ولا نعرف الهدف منها، سواءٌ على مستوى القادة الكبار أو الصغار، فلم تكن هناك خطة للحرب ولا خطة للانسحاب، وحتى الآن لا أستطيع أن أنسى مناظر جنودنا وهم ينسحبون بشكل مهلهل سيِّئ، تاركين وراءهم أسلحتهم ومعداتهم، فكما أن الحرب بخطة، فإن الانسحاب أيضًا يكون بخطة، ألف باء هذه الخطة هو تدمير المعدَّات حتى لا يستفيد منها العدو، ولكن ما حدث كان مخالفًا لكل الأعراف العسكرية، وبالتالي كانت المأساة، فكل واحد منا- سواءٌ كان جنديًّا أو ضابطًا- كان همه أن يذهب للجبهة المصرية على الشاطئ الغربي من القناة.
* بعد سبع سنوات من هذه المأساة تحقق النصر، فما هو السر في هذا التغير رغم أن نفس القيادات كما هي عدا رؤوس الجيش؟!
** هذا يرجع للروح والإعداد الجيِّد، وإن كنا حقَّقنا انتصارًا في 73 إلا أن فترة الاستنزاف كانت هي الحرب الحقيقية لنا؛ حيث كان الإعداد النفسي والبدني والمعنوي والتسليحي، كما أن القيادة العامة كان لها تأثيرٌ كبيرٌ في تغير دفة الحرب، فما كان يحدث قبل النكسة كان عبارة عن تهريج، إلا أن ما حدث بعدها كان "شغل بجد".
* ارتبط اسمك بأحد أشهر معارك حرب أكتوبر، وهي معركة جبل المر.. فما قصة هذه المعركة؟
** أثناء حرب أكتوبر كنت أتولَّى قيادة اللواء الثاني (مشاة مدرَّع)، وكنت برتبة عقيد، وكانت لنا مهمة محددة وهي السيطرة وتحرير جبل المرّ الذي يقع وسط سيناء، وكان هذا الجبل عبارة عن قلعة حصينة، احتلَّه العدو وتمركز فيها ليصبَّ منها نيرانه على مدينة السويس خلال حرب 67 وحرب الاستنزاف، والجبل من الحصانة حتى أُطلق عليه (جبل الشيطان) يبلغ طوله 8.5 كيلو مترات، وارتفاعه 117 مترًا، وتحيط به الكثبان الرملية من كل جانب؛ مما يجعل صعود المركبات إليه أمرًا شبه مستحيل، ولكن هذا المستحيل لم يصمد أمام الجندي المصري، ففي أربع ساعات فقط من صدور الأوامر باقتحام الجبل كان العلَم المصري يرفرف فوقه ليتحوَّل اسمه من جبل المرّ إلى جبل الفاتح.
وتبدأ قصة هذه المعركة بعد أن قام الجيش الثالث الميداني بتنفيد دوره في خطة العبور العظيمة واقتحام خط بارليف الحصين، وبعد تطوير الهجوم المصري لتحرير المزيد من الأراضي في عمق سيناء كان احتلال جبل المرّ أحد هذه المهام القتالية، وكان تكليف المهمة هي عبور القناة والتمركز في منطقة الشرق، ثم أكون مستعدًّا للاشتراك في صد الهجمة المضادة للعدو خلال ست ساعات، ثم أكون مستعدًّا بعد وصول المركبات والدبابات لتطوير الهجوم والتقدم في اتجاه الشرق للاستيلاء على جبل المرّ، وكان لهذا الجبل أهميةٌ إستراتيجيةٌ خاصةٌ، وقد وصلت الأوامر محددةً بالتحرك والاستيلاء على جبل المر، والمسألة لا تقبل أنصاف الحلول والسرعة ضرورية لإنهاء المهمة.
جبل المر
* نفهم من ذلك أنك عبرت القناة ولم تكن معك المدرعات؟
عبور القوات المصرية لقناة السويس
** نعم أنا عبَرت باللواء المشاة مع القوات التي عبَرت يوم 6 أكتوبر، وقمت مع لوائي بصد هجوم العدو مساء يوم 6 وطوال يومَي 7، 8 حتى جاءت لي الأوامر يوم8 بتنفيذ مهمة تحرير جبل المر، وانتظرت للصباح لعبور المدرعات؛ حيث بدأ إنشاء الجسور المائية لعبور المدرعات والأجهزة الثقيلة، وعندما عبرت هذه المدرعات بدأت مهمتي، وأريد أن أشير هنا إلى موقف مهم، في مساء يوم 8 أكتوبر قابلت أحد أفراد كتائب الاستطلاع وسألته عن طبيعة الطريق لجبل المر، فقال إن الأرض صخرية وبها مدقات والوصول إلى الجبل سهل، وهنا بدأت الثقة تدبُّ في نفسي؛ فالطريق ممهد والمهمة سهلة، وأنا معي لواء كامل وكتيبة صواريخ، واللواء يتكون من ثلاث كتائب، وتعداد أفراده يقترب من 10 آلاف فرد، وبالتالي فإن أي جبل لن يستعصي علينا.
ومع نسمات فجر اليوم الرابع للحرب بدأت في تجهيز أفراد اللواء، وفور أن التحقَت بي المدرعات التي عبرت القناة اكتمل اللواء وانطلقنا لتنفيذ مهمتنا، وكنا نسير في شكل عسكري عبارة عن طابورين، وكانت قيادة اللواء تسير في وسطهما، وسيارتي كانت مميزة؛ حيث تسبقها سيارة جيب، وكان على السيارة ما يشبه أبراج اللا سلكي، وبالتالي كانت هدفًا سهلاً لأي هجوم، ومع اقترابنا من الجبل اكتشفنا أن الأرض الموصلة للجبل أرض رملية غرس، وكان ذلك قبل محيط الجبل بحوالي 500 متر، وهنا دارت الأسئلة في ذهني ماذا أفعل والمعلومات التي وصلت إلينا أن الأرض صخرية وبها مدقات، وهي معلومات صحيحة ولكنها غير كاملة؛ لأن المدقات- كما سبق الإشارة- انتهت قبل محيط الجبل بأكثر من نصف كيلو، وأثناء ذلك فوجئنا بصواريخ العدو تنهال من كل جانب على اللواء، وهي صواريخ أمريكية مضادة للمدرعات، وصلت من أمريكا بطائرات شركة العال الصهيونية صباح الثامن من أكتوبر، وقامت هذه الصواريخ بتدمير عدد من المركبات والمدرعات، وهنا لم يكن هناك مفرٌّ من ترك العربات المدرعة؛ حيث إن تدمير إحداها يعني استشهاد كل من فيها وتعطيل باقي الطابور، وهنا أمرت رجالي بالاحتماء بإحدى تبَّات الرمال، ووقفت أستطلع موقف القوات فوجدت نفسي في موقف لا أُحسد عليه، فالكتيبة اليمنى محاصرة تمامًا من جميع الاتجاهات، والكتيبة اليسرى ترجلت من مركباتها بعد تحطم هذه المركبات وتحاول مع ذلك اقتحام الجبل اللعين، والقصف يحيط بنا من كافة الاتجاهات، فماذا أفعل؟!
إلا أنني وجدت نفسي بشكل لا إرادي أهتف صائحًا: "لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.. يا رجال مصر.. مصر تناديكم يا شباب الوطن، الله أكبر والعزة لله، والنصر لنا، سيروا على بركة الله"، وتقدمت حتى مسافة 200 متر نحو الجبل، وهنا جاءني خبر سار، وهو أن الكتيبة اليسرى بقيادة المقدم علي الغليض تمكَّنت من اقتحام محيط الجبل رغم خسائرها الكبيرة، إلا أن قواهم أُنهكت وتغوص أقدامهم في الرمال، بعد أن أوقع العدو بغالبيتهم بين قتيل وجريح، وهنا وقفت أصيح مرةً أخرى في الجنود المتبقين معي "نحن قاب قوسين أو أدنى من قمة الجبل يا رجال؛ فلا بد من احتلاله".
وفي هذه الأثناء سمعت أصواتًا تشبه رهط دبابات؛ فقلت إن الفرج جاء، ولكني اكتشفت أنها دبابات العدو، فعرفت أنها جاءت للقضاء علينا، وبدأت في استطلاع القوات الموجودة معي ولم تكن تزيد على 18 فردًا وتسليحنا خفيف، وليس معنا إلا "آر بي جيه" وطلقتان، فقلت للرجال: إنه النصر أو الاستشهاد، واقتربت منا الدبابات، وفجأةً وجدناها تحوِّل مسارها، وكأن هناك من أرهبها، فخافت منه وانطلقت مذعورة، وقفنا أمام هذا الموقف لا نعرف ماذا يحدث، ولم يكن هناك مجال إلا بالتقدم نحو الجبل، وفي الطريق قابلت بقايا فصيلة صواريخ "آر بي جيه"، كانت تائهةً، وكان عددهم 4 أفراد، فضممتهم لقواتي، فأصبحنا 22 فردًا، وكل همنا هو الصعود للجبل قبل غروب الشمس، وما إن هممنا في المهمة حتى وجدنا رهط دبابات آخر يقترب منا وفوقنا الطائرات الصهيونية تحيط بنا وتغِير علينا، فماذا نفعل؟!
وقرأت علامات الاستفهام على وجه جنودي، كانت الأوامر واضحةً بأنني ذاهب لملاقاة الله عز وجل، ومن يرد أن يلحق بي فليحلق، وكان تسليحنا خفيفًا جدًّا، فلم يكن معنا إلا 2 "آر بي جيه" بـ4 طلقات، وعدد من المسدسات والرشاشات المتوسطة، والقرار هو الالتحام مع العدو والتقدم نحو قمة الجبل، وكان معنا شاويش متخصص في الـ"آر بي جيه" وكانت طلقاته لا تخيب، فقلت له نضرب أول وآخر دبابة حتى نستطيع أن نعطل هذا الرهط من الدبابات، ولكن ليس هناك وقت للخطأ، فقال لي أحد الأفراد: والطائرات يا أفندم، فقلت له: لن تشتبك معنا.
* لماذا؟
** لأنها ظلت فترةً تحوم حولنا ولا تقوم بضربنا، ولم نكن نعلم في البداية ما السرّ في ذلك، حتى ظهر رهط دبابات العدو الذي أشرت إليه، وبالتالي فقد أصبحنا نحن وهم في مرمى نيرانهم، وهم لن يضحُّوا برهط دبابات من أجل عدد من الأفراد، كما كنت في نفس الوقت على ثقة بأن الدبابات لن تضربنا؛ لأننا لم نكن في مرمى تصويبها، ولكن كان همنا هو وقف تقدمها؛ لما لها من قدرة على السير في الرمال، وهو ما حدث بالفعل؛ حيث استطاع هذا الشاويش ضرب أول دبابة فأصابها إصابةً مباشرةً، ثم ضرب الدبابة الأخيرة فأعطبها، وهنا وقف الرهط ولم يستطع التحرك، فتحركنا نحن نحو قمة الجبل، وسط نيران مدفعية وصواريخ العدو، وكانت المفاجأة أننا عندما صعدنا لقمة الجبل بعد مناوشات خفيفة مع بعض الأفراد وجدنا الجبل خاليًا من أية قوات صهيونية.
* وما قصة الرهط الذي هرب مذعورًا؟
** هذا الرهط كان بالفعل متوجِّهًا إلينا، ولكنه وهو في طريقه لنا أحسَّ بأن هناك دعمًا مصريًّا ففرَّت الدبابات الصهيونية هاربةً!
حرب الملائكة
* إذن هذا الدعم كان سببًا في نجاتكم واقتحام الجبل؟
** لم يكن هناك دعم.. هم ظنوا ذلك، وما حدث أن ما شاهدته دبابات العدو كانت بقايا الكتيبة اليمنى التي حاصرها العدو أثناء ذهابنا لاقتحام الجبل، وقد فضَّل قائدها الاشتباك مع العدو عن الوقوع في الأسْر، فحدثت معركة حامية بينهم، وعندما جاء رهط دبابات العدو لم يشاهد إلا الدبابات المصرية التي كانت تحاول الاشتباك مع القوات التي كانت تحاصرها، فظنوا أنهم في طريقهم لدعمنا، ففروا هاربين، وهي آية من آيات هذه الحرب.
* هل لهذا السبب أطلقت عليها "حرب الملائكة"؟!
** يحاسبني الله عز وجل على ما أقوله لك، فقد شاهدت بعيني قوات تحارب في صفنا، وأعدادًا غفيرةً ليست قليلةً وكانت ترتدي ثيابًا بيضاء، ولست وحدي الذي شاهدهم بل كان معي جنودي، وعندي الدليل على ذلك، فبعد أن قمنا بتعطيل رهط دبابات العدو حدثت اشتباكاتٌ مع قوات صهيونية أخرى، وكما أشرت فإن تسليحنا كان خفيفًا جدًّا، عبارة عن مسدسات ورشاشات متوسطة، ولأنه ليس باليد حيلة إلا الدفاع عن أنفسنا، فكنا نضرب رصاصنا، ونحن نعلم أنه لن يصيب أحدًا، ولكنها المعجزة حيث كنا نشاهد جنود العدو يتساقطون قتلى وجرحى، ولا نعرف من الذي يضربهم، إنها الملائكة التي حاربت معنا، كما حاربت مع نبينا- صلى الله عليه وسلم- في غزوة بدر، وهو الموقف الذي تكرر بعد ذلك أثناء وجودنا في الجبل وقت الثغرة.
* وماذا بعد احتلال الجبل؟
** بدايةً اسمه تحرير وليس احتلالاً، فنحن حررناه من العدو، وقد حررناه في حدود 4 ساعات، ومع صباح يوم 10 أكتوبر اكتشفنا أن الجبل كله أصبح تحت سيطرتنا، وأن العدو الصهيوني تركه هاربًا حتى دون أن يأخذ معداته وأسلحته، وقد اكتشفنا في هذا الجبل أمورًا غريبةً؛ حيث كان مسلحًا تسليحًا ضخمًا وبكافة أنواع الأسلحة، وكثير منها كان على "الزير" لم يشتغل، وكان باطن الجبل مقسمًا لغرف، وفيه معيشة كاملة للجنود، حتى إننا وجدنا ملابسهم الداخلية، وأدواتهم الشخصية، سواء كانت "حريمي أو رجالي".
"عملها الصعيدي"
* أشرت أنكم وجدتم أسلحةً ومعداتٍ عسكريةً.. فما نوعها؟
** كل أنواع الأسلحة التي تتوقَّعها عدا الطائرات، بل إننا وجدنا غرفًا لتخزين الدبابات، وكانت دبابات جديدة لم تستعمل بعد، وبالفعل كان تحرير الجبل كله مكاسب، سواءٌ على المستوى التكتيكي أو على مستوى الغنائم.
* وماذا حدث بعد ذلك؟
** أبلغت اللواء وقتها عبد المنعم واصل- قائد الجيش الثالث الميداني- ولم يصدق الرجل الخبر، حتى إنه سأل مدير عمليات الجيش الذي قمت بإخباره، سأله ثلاث مرات: هل احتل الجبل؟ فيقول له: نعم، وفي الثالثة قال: "عملها الصعيدي، وزارنا في الموقع بعد تحريره، وسأل الجنود ماذا نطلق على اسم هذه الجبل؟ قالوا له: جبل الفاتح يا أفندم، فقال لهم: أنا موافق وسأرجع للقيادة، وبالفعل وافق الرئيس أنور السادات على طلب الجنود، وأصبح اسم الجبل الفاتح نسبة إلى محمد الفاتح كريم.
* معنى ذلك أن مهمتكم انتهت بتحرير الجبل؟
** لا طبعًا.. فقد حدث بعد ذلك موضوع الثغرة وحاصر الجيش الصهيوني مدينة السويس والجيش الثالث، وكنا محاصرين كذلك، وقد حاول العدو استعادة الجبل لكنه فشل، وقد حمى هذا الجبل الجيش الثالث من كارثة، كما دعمنا المقاومة في السويس بشكل كبير، وهو ما أشاد به الشيخ حافظ سلامة- قائد المقاومة هناك- وأستطيع القول بأنه بسبب السيطرة على هذا الجبل لما وافق الكيان الصهيوني على وقف إطلاق النار والانسحاب من الثغرة، وأريد أن أشير هنا إلى دور المقاومة في مدينة السويس، فقد كانوا رجالاً بحق، وأذكر لهم موقفًا واحدًا يوضِّح مدى بطولتهم، ففي أثناء الحصار- نتيجة الثغرة- انقطع عنا الإمداد ونفد الطعام، وعشنا كل هذه الفترة على ما كان يرسله لنا الشيخ حافظ سلامة من قِطَع البسبوسة التي كان لها دور كبير في صمودنا.
آبار الماء
* أشرت إلى أن الله كان معكم وأن الملائكة حاربت معكم هذه الأثناء، فما هي التفاصيل؟
** عندما حررنا الجبل من العدو كانت الطائرت تضربنا ليل نهار، وكلما حاولنا حفر خنادق في محيط الجبل قامت الطائرت بضربنا، وطبعًا كانت مشكلة، فلم نستطع الحفر أثناء النهار؛ لأن الطائرات الصهيونية كانت تضربنا باستمرار، فكنا نحفر أثناء الليل، وعندما كانوا يجدون ضوءًا على الجبل في الليل يقومون بالضرب مكان هذه الضوء، فماذا نفعل؟ فطلبت من الجنود إحضار دبابة من دبابات العدو التي تركوها، وبالفعل وضعناها على مقدمة الجبل، فظن العدو أنهم عادوا واحتلوا الجبل مرةً أخرى، فكفوا عن ضربنا لعدة ساعات، استطعنا فيها إعادة الحفر، وهنا كانت المعجزة؛ حيث قام أحد الجنود بالحفر وبعد متر ونصف المتر وجد بئرًا من الماء، فدلَّنا أحد الأعراب أن الجيش الصهيوني- الذي كان متمركزًا في الجبل- حاول اكتشاف بعض آبار الماء في الجبل، ولكنه بعد أن حفرها اكتشف عدم وجود ماء؛ لأننا على جبل، فقام بردمها مرةً أخرى، فقمنا نحن بحفر كل الآبار التي قام بردمها، وكلها كان بها ماء، الذي حلَّ لنا مشكلة كبيرة كما حلَّ مشكلةً كبيرةً للجيش الثالث كله، فهل هناك بعد ذلك دليل أكبر من ذلك أن الله يحارب معنا، وأنه سخَّر لنا الملائكةَ كما سخَّرها لنبيه- صلى الله عليه وسلم- ثم انتهت أزمة الثغرة، وانتهت الحرب وحرَّرنا سيناء

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة