فضاءات الكلاحين

الكلاحين

فضاء أعلام ورجالات وعوائل

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
موسى ابراهيم آدم
مسجــل منــــذ: 2011-07-06
مجموع النقط: 34.3
إعلانات


عمرو بن العاص ..القائد المسلم.. والسفير الأمين الجزء الأول » عمرو .. في صراعه النفسي


لقد كان عمرو من فرسان قريش وأبطالهم في الجاهلية، مذكورًا بذلك فيهم، وكان شاعرًا نظم الشعر، متشفيًا بهزيمة المسلمين في غزوة أُحُـد، وفي أغــراض أخــرى، وكان أشدّ النـــاس على رســول الله صلى الله عليه و سلم، وعلى الإسلام والمسلمين.
وكان فوق ذلك معروفًا بالدّهاء، وحسن التصرف بين رجالات قريش، مما أدّى إلى إرساله سفيرًا إلى أرض الحبشة مرتين، لإقناع النجاشي، بتسليم المهاجرين من المسلمين إلى أرض الحبشة، للمشركين من قريش، ولكنه أخفق في سفارتيه إخفاقًا كاملاً، ولم يحقق شيئًا يُذكر لمشركي قريش، الذين اختاروه سفيرًا لهم، بل كان من ثمرات سفارتيه تعلق النجاشي بالمسلمين المهاجرين إلى بلاده، وإصراره على الدفاع عنهم، وإعجابه بعقيدتهم وبمنطقهم الصادق السليم.
وقد كان أمام عمرو -أسوة بغيره من قريش- مسلكان، لا ثالث لهما:
المسلك الأول: هو البقاء على عقيدة الآباء والأجداد، عقيدة الشرك.
والمسلك الثاني: اعتناق الإسلام، عقيدة التوحيد.
وقد كان إصرار عمرو على عقيدته إصرارًا إيجابيًا، إذ دافع عنها في بلاده مهبط الوحي، وخارج بلاده في أرض الحبشة، وأرض الشام، ومصر، وتحدى الإسلام والمسلمين في السلم والحرب، وبذل قصارى جهده، ليحقق نجاحًا للمشركين في ميدان القتال، وفي ميدان السياسة، فما حقق غير الإخفاق المطبق، والخيبة والقنوط.
ولعل إخفاقه الكامل في سلوكه المسلك الأول، بالرغم من جهوده المتواصلة، لإحراز شيء من النجاح، هو الذي حمله على سلوك المسلك الثاني، فقطع صلته نهائيًا بالشرك والمشركين، ويمم شطر الإسلام والمسلمين، وكان تحوّله من عبادة الأوثان، إلى عبادة الواحد الأحد، نتيجة تجاربه العملية الطويلة، فكان تحوّله تحوّل اقتناع، لا تحول عاطفة; تحول القائد القدير، الذي لم ينتصر على المسلمين أبدًا، وتحوّل السياسي الحصيف، الذي لم يوفق قط، وما انهزم القائد الفذّ، ولا أخفق السياسي البارع، ولكن أخفقت نفسه الخاوية من العقيدة السليمة، فاستسلم القائد، واقتنع السياسي، باندحار العقيدة السقيمة، في مواجهة العقيدة السليمة.. والهزيمة تلحق بالمرء، لا بسبب قلة أشيائه، بل بسبب ضحالة أفكاره، لأن (المادة) وحدها لا ترفع المعنويات، والعقيدة السليمة وحدها ترفع المعنويات، والمهزوم في نفسه، لا ينتصر في الحرب، ولا ينجح في السلام.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة