فضاءات دمياط الجديدة

دمياط الجديدة

فضاء التربية والتعليم

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
عادل بدر بدر النجار
مسجــل منــــذ: 2011-05-22
مجموع النقط: 4.4
إعلانات


تجويد كلمة ( الرَّحْمَنِ )


{تجويد كلمة ( الرَّحْمَنِ ) من (الفاتحة: من الآية1)}
أولا : ميدان علماء النحو مع هذه الكلمة كالآتي:
قال الكعبري " (الرحمن الرحيم) صفتان مشتقتان من الرحمة والرحمن من أبنية المبالغة، وفى الرحيم مبالغة أيضا إلا أن فعلانا أبلغ من فعيل، وجرهما على الصفة، والعامل في الصفة هو العامل في الموصوف، وقال الأخفش: العامل فيها معنوي وهو كونها تبعا، ويجوز نصبهما على إضمار أعنى ورفعهما على تقدير هو. " اهـ [1]
ثانيا : عمل الشفتين ومقاطع المخرج مع هذه الكلمة كالآتي :
لام أل المعرفة مدغمة في راء الرحمن ومخرج الراء من طرف اللسان مع ما يحاذيه من لثة الأسنان العليا مائلا لظهر اللسان مع استعلاء مؤخرة اللسان معه هنا لأنه صوت مفتوح الحركة وذلك موجب لتفخيمه والميم تخرج من بين الشفتين والنون من طرف اللسان ينشأ صوتها مع أصول الثنايا ولها صويت من الخيشوم حال حركتها لا ينفك عنها البتة بدليل أنك لو أغلقت فتحة الأنف عند التلفظ بها حال حركتها لاختل الصوت . والراء الأولى مشددة بالفتح ويجب المباعد بين الفكين العلوي والسفلي وهيئة الشفتين متباعدة واحذر من مطهما للأمام فإن في ذلك إعمال لمخرج الضم وهو يؤدي لخلل صوت الراء المفخمة ويجب كذلك فتح الشفتين عند التلفظ بالميم الشفوية مع المحافظة على ترقيق الميم والألف في الرحمن مجراها جوفي والنون يجب خفض الفك السفلي بها لأنها مكسورة الحركة هنا .
ثالثا : ميدان علماء التجويد مع هذه الكلمة كالآتي :
لفظ كلمة ( الرحمن ) مجموعها ثماني أصوات : لام أل المعرفة والراء المشددة بالفتح وصوت الميم وبعدها صوت اللف ويليها صوت النون اللسانية الخيشومية
أولا: الخلل الذي يقع في صوت الراء المشددة في ( الرحمن ) عند التلفظ بها من بعض القراء
سُبقت كلمة ( الرحمن ) بهاء لفظ الجلالة مكسورة الحركة , فبعض القراء يضعف تفخيم الراء المشددة في الرحمن بسبب كسر حركة الهاء قبلها , بل الواجب بيان قوتها بالاستعلاء وهو الأصل فيها وترقيقها فرعي [2] وهنا من يلفظها بصوت مكرر وذلك لحن فاحش يزيد أحرفا في كتاب الله وصفة التكرار ذكرت لتجتنب ولكي تجتنبه لابد لك من معرفة ما هو التكرار عند المجودين , وهو عبارة عن زيادة ضربات رَأْس اللّسانِ عِنْدَ النُّطْقِ بهِ وكل ضربة بحرف , لو سألنا أبا عمرو الداني عن الراء في تحديده لأجاب بقوله " وأما الراء : فتجافى بها اللسان عن موضعها للتكرير الذي فيها فجرى الصوت "[3] وقال أيضا "... والمكرر الراء لما تحسه من شبه ترديد اللسان في مخرجه عند النطق به ... وامتنعوا من إمالة راشد ولم يمتنعوا من إمالة راشد وكل هذه الأحكام راجعة في المنع والتسويغ إلى التكرير الذي في الراء " [4]
ولو ذهبنا للبقري محمد بن قاسم ( ت 1111 هـ) لنعرف رأي في تعريفه للتكرار لقال " ... هو ارتعاد طرف اللسان بالراء " [5]عرفه ابن الطحان الاشبيلي ( ت حوالي 560 هـ ) بقوله " تضعيف يوجد في جسم الراء لارتعاد طرف اللسان بها " و[6] وأكد سيبويه هذه الصفة للراء وهو يتكلم عن صفات الحروف بقوله ( ومنها المكرر وهو حرف شديد يجري فيه الصوت لتكريره وانحرافه إلى اللام فتجافى للصوت كالرخوة ولو لم يكرر لم يجر الصوت فيه وهو الراء " [7] وقال في موضع آخر " والراء إذا تكلمت بها خرجت كأنها مضاعفة والوقف يزيدها إيضاحا " [8]
وفصَّل القول فيها مكي الأندلسي في رعايته بقوله "... الحرف المكرر وهو الراء سمى بذلك لأنه يتكرر على اللسان عند النطق به كأن طرف اللسان يرتعد به وأظهر ما يكون ذلك إذا كانت الراء مشددة ولابد في القراءة من ‘خفاء التكرير والتكرير الذي في الراء من الصفات التي تقوي الحرف والراء حرف قوي للتكرير الذي فيه وهو شديد أيضا وقد جرى فيه الصوت لتكرره وانحرافه إلى اللام فصار كالرخوة " [9] ووصف عبد الوهاب القرطبي التكرار بأنه تعثر طرف اللسان بسبب التكرار بقوله في موضحه " ومنها المكرر وهو الراء وذلك أنك إذا وقفت عليه رأيت طرف اللسان يتعثر بما فيه من المكرر ويرتعد لما هناك منه ولذلك احتسب في الإمالة بحرفين وإليه أشار سيبويه رضى الله عنه بقوله : والوقف يزيدها إيضاحا " [10] ويجب على القارئ أن يحذر من تكرير الراء هنا وخاصة أنها مشددة وتكريرها لحن وهل هو ذكر ليعمل به أو يجتنب ؟ اختلف علماء التجويد واللغة في ذلك فذهب الفريق الأول :
فقال الفريق الأول : التكرار يجب إخفاءه ومعنى إخفاءه فناء العمل بهذه الصفة والإخفاء هنا ضد الإظهار وقيل المقصود بإخفاء التكرير منع ظهوره وقيل وذكرت لتجتنب وقيل ذكرت لأن الراء قابلة للتكرار و والتكرار للراء عند هذا الفريق الأول ليست بصفة ذاتية ومتى جاء القارئ بتكرار الراء فقد لحن وزاد أحرفا في كتاب الله وأكد على ذلك مكي رحمه الله في رعايته أكثر من مرة الأولى بقوله " فواجب على القارئ أن يخفي تكريره ولا يظهره ومتى ما أظهره فقد جعل من الحرف المشدد حروفا ومن المخفف حرفين " [11] وقوله الثاني " والتكرير هو ارتعاد طرف اللسان بالراء مكررا لها فإخفاء ذلك التكرير لا بد منه " [12] وقال في الموضع الثالث " ... وإذا تكررت الراء والأولى مشددة أو مفخمة أو مخففة وجب التحفظ على إظهارها وإخفاء التكرير ... " [13] وقال في الموضع الرابع " ... التحفظ على إظهار الراء وإخفاء التكرير واجب " فقد أطنب مكي في التأكيد على التحذير من تكرار الراء , وعد الفخر الموصلي( ت 621 هـ) تكرير الراء من اللحن في كتاب الله بقوله في الدرر الموصوف " فيجب على القارئ إخفاء التكرير وإلا كان لاحَّنا " [14]
وكذلك عد ابن الجزري تكرير الراء من اللحن الخفي فقال في تمهيده " واللحن الخفي هو مثل تكرير الراءات " [15] وقال في نشره عند تحذيره من الإفراط في الحركات والتحذير من تكرير الراءات عند كلامه على مرتبة التحقيق " فالتحقيق يكون لرياضة الألسن وتقويم الألفاظ وإقامة القراءة بغاية الترتيل، وهو الذي يستحسن ويستحب الأخذ به على المتعلمين من غير أن يتجاوز فيه إلى حد الإفراط من تحريك السواكن وتوليد الحروف من الحركات وتكرير الراءات " [16] وقال أيضا " وقد توهم بعض الناس أن حقيقة التكرير ترعيد اللسان بها المرة بعد المرة فأظهر ذلك حال تشديدها كما ذهب إليه بعض الأندلسيين. والصواب التحفظ من ذلك بإخفاء تكريرها كما هو مذهب المحققين. وقد يبالغ قوم في إخفاء تكريرها مشددة فيأتي بها محصرمة شبيهة بالطاء. وذلك خطأ لا يجوز فيجب أن يلفظ بها مشددة تشديداً ينبو بها اللسان نبوة واحدة وارتفاعاً واحداً من غير مبالغة في الحصر والعسر نحو: ( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [17] ، ( َخَرَّ مُوسَى) [18] ،
وليحترز حال ترقيقها من نحو لها نحو لا يذهب أثرها وينقل لفظها عن مخرجها كما يعانيه بعض الغافلين. " [19] وقول ابن الجزري السابق وقد يبالغ قوم في إخفاء تكريرها يحذر هنا من إعدام صفة البينية للراء بحيث تتحول لصوت شديد وينتج من هذه الشدة حبس صوت الراء بالكلية وهذا ما يعرف بحصرمة صوتها , بل الواجب نطقها بصوت بين الرخاوة والشدة . وقد نبه ابن الجزري في موضع آخر من تمهيده من التحذير من تكرير الراء المشددة وعد تكريرها خطأ ولحنا في كتاب الله بقوله " وإذا أتت مشددة وجب علىالقارئ التحفظ من تكريرها، ويؤديها بيسر، من غير تكرير ولا عسر، فغالب من لا معرفةله يقع في ذلك، وهو خطأ ولحن ، وذلك نحو قوله:( وَخَرَّ مُوسَى)[20] ... وإذا تكررت الراء والأولى مشددة وجبالتحفظ على إظهارها وإخفاء تكريرها ... " [21] والتكرار من عيوب القراءة التي يقع فيها بعض القراء وأكد ذلك الحافظ بن الجزري في نشره بقوله " فتكريرها ربوها في اللفظ وإعادتها بعد قطعها ويتحفظون من إظهار تكريرها خصوصاً إذا شددت ويعدون ذلك عيباً في القراءة. " [22]
وتكريرها من اللحن في القراءة وهو قول مشهور عن الجعبري ( ت 7 32هـ) ونقل هذا القول أكثر شراح المقدمة , ونص كلامه هو " وتكريره لحن فيجب التحفظ عنه ... قال : وطريق السلامة منه أن يلصق اللافظ ظهر لسانه بأعلى حنكه لصقا محكما مرة واحد ومتى ارتعد حدث من كل مرة راء " [23] وقال العلامة المارغني شارح كلام ابن بري في النجوم الطوالع عن لصق اللسان عند التلفظ بالراء خشية حدوث التكرار " ومراده باللصق المحكم القوي بحيث لا يظهر التكرير في اللفظ والسمع لا المبالغة جدا في لصق اللسان حتى ينحصر الصوت بالكلية فإن ذلك خطأ لأنه يؤدي إلى أن تكون الراء من الحروف الشديدة شدة كاملة مع أنها من المتوسطة بين الرخاوة والشدة " [24]
وفصل الصفاقسي القول في المذهبين ورجح القول القائل أن التكرير ذكر ليجتنب ومعنى مكرر أن الراء قابلة له وذهب أن ذلك مذهب مكي والجزري والجعبري بقوله "... ويقع الخطأ فيها من أوجه : منها ترعيد اللسان بها إذا شددت في نحو الرحمن الرحيم ومن ربي حتى يصير الحرف حرفين أو أحرفا بل المطلوب حبس اللسان بها وإخفاء تكريرها وهذا مذهب المحققين كمكي والجعبري وابن الجزري قال الجعبري : ومعنى قولهم مكرر أن لها قبول التكرير لا أنها مكررة بالفعل فإنه لحن يجب التحفظ منه .... إذ وصف الشيء بالشيء أعم من أن يكون بالفعل أو بالقوة وطريق السلامة من هذا التكرير أن يلصق اللافظ بها ظهر لسانه على حنكه لصقا محكما .... وذهب ابن شريح وآخرين أن التكرير صفة لازمة لها وهو مذهب سيبويه لقوله إذا تكلمت بها خرجت كأنها مضاعفة والصواب الأول والله أعلم " [25]
وحذر الشيخ عامر السيد عثمان شيخ عموم المقارئ المصرية في وقته من تكريرها وهي عنده ذكرت لتجتنب بقوله في كتابه كيف يتلى القرآن " التكرير : وهو ارتعاد طرف اللسان وهو للراء خاصة وهذه الصفة تُعرف لتجتنب " [26]
إذن رجح الصفاقسي المذهب الأول القائل أن التكرير ليس بصفة أصلية في الراء وأن تكريره لحن في كتاب الله .
وأما الفريق الثاني من علماء التجويد : فيرون أن تكرير الراء صفة ذاتية واقله مرة كما عبر بعضهم بذلك وأصحاب هذا القول سيبويه وأبو الحسن شريح بن محمد الرعيني ( ت 539 هـ) والمرعشي التركي ساجقلي زاده وقال والراجح الأول لما علل به الصفاقسي في قوله السالف .
فعليك أخي القارئ اجتناب تكرار الراء أو مجاوز الحد ففي ذلك لحن وعيب في أداء القراءة , قال الداني " فإن كانت مشددة فأحسن النطق بها من غير مجاوزة للحدّ , وفي المجاوزة ما يجعلها راءات ... " [27] والبعض الآخر يعمل معها مخرج الضمة وذلك بمط الشفتين للأمام وهذا الأداء يدخل الخلل في صوتها , وتسمع بصوت خليط بين الفتحة والضمة , ويجب على القارئ الاهتمام بتمييز المتحرك من الساكن من ناحية عمل الشفتين ولا يتحقق لك إتقان قواعد التجويد إلا بمعرفة كيفية النطق بالمتحرك والساكن وأكد على ذلك أبو عمرو الداني في تحديده بقوله " ... ولا يتمكّن التجويد , ولا يتحصل التحقيق إلا بمعرفة حقيقة النطق بالمحرّك , والمسكن , والمختلس , والمرام , والمشم , والمهموز , والمسهل , والمحقق , والمشدد , والمخفف , والمدود , والمقصور , والمبين , والمدغم , والمخفي , والمفتوح , والممال ... " [28] ولتحقيق كمال التلفظ بما ذكره الداني يجب أخذ ذلك بالنقل الصوتي من شيوخ الأداء المسندين المحافظين على نقل ما سطره علماء التجويد الأوائل . ويجب على القارئ تجنب إخفاء الحركات الثلاث وذلك بكمال التصويت بهن ومعنى إخفاء الحركات كما عرفها الداني " أن تضعف الصوت بهن ولا يتم ّ ... " [29]
خلاصة المطلوب عمله مع صوت الراء المشددة في ( الرحمن ) كالآتي :
1. احذر ترقيقها بسبب كسر الهاء قبلها
2. ذكر التكرار لنفي العمل به مع المحافظة على توسط صوتها
3. حدوث التكرار فيها يزيد أحرفا في كتاب الله
4. التكرار ليس بصفة ذاتية فيها بل هي قابلة له
5. إخفاء التكرار بالكلية والإخفاء ضد الإظهار
6. ذكرت هذه الصفة ليجتنب العمل بها
7. احذر من إعمال مخرج الضمة معها
ثانيا: الخلل الذي يقع في صوت الحاء الحلقية في ( الرحمن ) عند التلفظ بها من بعض القراء
من الأخطاء الدارجة عند بعض القراء , إعمال مخرج الضمة عند التلفظ بالحاء الساكنة , وذلك بمط الشفتين للإمام , وهذا الخلل في أداء هيئة الشفتين يؤثر على صفاء صوت الحاء الساكنة , وفيه إشارة أيضا إلى الإشمام الحركي , [30] وفي الغالب أن السبب في إعمال مخرج الضمة مع الحاء الساكنة , أن تكون عادة القارئ مط الشفتين مع الأحرف الفخيمة , وقد سبقت الحاء هنا براء فخيمة فوقع القارئ هنا في خلليْن :ِ الأول إعمال مخرج الضمة عند الراء الفخيمة المفتوحة الحركة , وثانيا : إعمالها أيضا مع الحاء الساكنة . ويجدر التنبيه هنا من الوقوع في تفخيم صوت الحاء , فهو ينتشر بين كثير من القراء و حتى بعض من تصدر للإقراء والتعليم , بسبب غلبة اللهجة العامية على بعضهم وقيل : لسانك وما عودته , فمن عود لسانه حسن تخليص الفخيم من الرقيق جاء بالقراءة على أكمل وجه , وأكثر ما يقع هذا التفخيم فيما لو سبقت الأصوات الرقيقة بصوت فخيم , وهنا الحاء سبقت بصوت الراء المستعلية , وقد حذر من ذلك على القارئ من تفخيمها حال مجاورتها للأصوات الفخيمة , بقوله : [31] " ... لمجاورتها حروف الاستعلاء المفخمة حذرا من تفخيم الحاء حال المقاربة " ونبه على ذلك أيضا , الصفاقسي التونسي بقوله : " ... ويقع الخطأ فيها للناس من أوجه منها : تفخيمها وأكثر ما يقع عند حروف الاستعلاء " [32] وأشار إلى ذلك أحمد ابن الجزري المشهور بابن الناظم في شرحه لطيبة أبيه بقوله عن صوت الحاء : " ... يتعين التحفظ بترقيق الباء ... والحاء ... فكل ذلك يسبق اللسان إلى التفخيم من أجل الحرف المفخم ... " [33] ومن العيوب الدراجة في النطق بها , قلقلتها وصلا وإهمال جريان الصوت بها , وذلك مخل بصوتها بل صوت رخو , وزمن صوتها الجاري أطول من الحروف البينية , وهذا الخلل الذي يطرأ على بعض ألسنة العوام سببه نقصان الفترة الزمنية التي تتميز بها عن زمن غيرها من الأصوات الشديدة الانفجارية , أو الأصوات المتوسطة التي بين الشدة والرخاوة . وينبغي الاهتمام والحرص من تمكين سكونها وهمسها وتوق إزعاج سكونها وإلا تحول النطق بها إلى جزء الحركة وهو ما يعرف بالاختلاس , والاختلاس معناه : تجزئة الحركة [34] وقد حذر أبو عمرو الداني من إزعاج وإرباك السواكن بقوله " وأما المسكن من الحروف فحقه أن يخلى من الحركات الثلاث ومن بعضهن , من غير وقف شديد ولا قطع مسرف عليه , سوى احتباس اللسان في موضعه قليلا في حال الوصل " [35] ومحذور في لفظ التلاوة إبدال السكون بالكسر أو بجزئه ومن الظواهر الصوتية عند بعض الأفارقة والعجم نطقها بصوت هاء خالصة كما يفعله أهل السودان حيث أنهم يلفظون ( الرحمن) هكذا ( الرهمن ) وهذا لحن جلي لا تحل به القراءة . ومنهم من يبدلها خاء أو مشوبة بها كما ينتشر ذلك بين قراء أهل اليونان حيث أنهم يلفظون ( ِ الرَّحِيمِ) هكذا ( الرخيم ) وهذا لحن أيضا لا تحل به القراءة . [36]
خلاصة المطلوب عمله مع صوت الحاء الحلقية في ( الرحمن ) كالآتي :
1. إعمال مخرج الضمة معها وهي ساكنة
2. تفخيمها تباعا لمجاورتها لصوت فخيم
3. الحذر من قلقلتها بسبب حبس صوتها
4. توق إزعاج سكونها ونطقها بجزء الحركة
5. البعد عن إبدالها هاء أو خاء خالصة
ثالثا: الخلل الذي يقع في صوت الميم الشفوية في ( الرحمن ) عند التلفظ بها من بعض القراء
صوت الميم نصفه شفوي والنصف الآخر خيشومي , وهي صوت أغن متوسط مرقق [37] ولذا سماه علماء التجويد بالصوت البيني أي : بين الرخاوة والشدة , " والغنة صفة لازمة للميم تحركت أو سكنت مظهرة كانت أو مدغمة أو مخفاة لكن الغنة في الساكنة أكمل منها في المتحركة , وفي المخفاة أكمل منها في الظاهرة , وفي المدغمة أكمل منها في المخفاة ... " [38]
وزمنها في المدغمة والمخفاة يضبط بالمشافهة , ويقع الخلل فيها هنا بتفخيم لفظها [39] وينتشر بكثرة بين بعض العوام , وكَثُرت تنبيهات العلماء في التحذير من تفخيما , وهناك من يُعمِلُ الفك السفلي معها ويتولد نتيجة لذلك إمالة فتحة الميم ناحية الكسرة , والألف التي بعدها تساعد في ظهور الإمالة , فيجب الحذر من الوقوع في ذلك , وعليك بفتح الفم مع الأحرف المتحركة بالفتح ,
والألف التي بعد الميم رقيقة تباعا لرقة الميم , وابتعد مما يفعله بعض العوام من إمالتها , والألف تمد بقدر طبيعي من غير زيادة ولا إشباع [40] ويجب عليك أن تخرج صوتها بنسبة أكبر من الفم بسبب حركتها , مع صويت من الخيشوم , واجتنب ما ينتشر بين بعض من تصدر للإقراء من خروجها بنسبة أكبر من الخيشوم حال حركتها .
خلاصة المطلوب عمله مع صوت الميم الشفوية في ( الرحمن ) كالآتي :
1. اجتناب تفخيمها مع المحافظة على رقتها
2. إمالة فتحها لحن يجب أن يجتنب
3. حال حركتها يخرج معها صويت من الخيشوم
رابعا: الخلل الذي يقع في صوت النون اللسانية في ( الرحمن ) عند التلفظ بها من بعض القراء
النون أخت الميم في الغنة وهي أغن من الميم لقربها من الخيشوم [41], وهي صوت مجهور رخوٌ [42] و " إذا طرأ على الخيشوم آفة تمنع الجريان رأيت النون أقرب إلى التاء " [43] ويجب الحذر من تفخيم كسرتها [44] تباعا لمجاورة الراء الفخيمة المشددة بعدها , وكانت نصائح مشايخنا بتجنب تفخيمها في هذا الموضع تزيد عن الحصر , وهو خلل ينتشر بين كثير من قراء المجتمع , وعليك من عدم إعمال صوت الخيشوم معها بنسبة أكبر , لأنها متحركة الحركة بل يصحبها صويت من الخيشوم , بسبب أن مخرجها نصفان لساني والآخر خيشومي . " ويجب على مبتغي التجويد الاعتناء بالحركات , والإتيان بها من غير إفراط , ولا تفريط ؛ ... " [45] والإفراط في الحركة ينتج عنه حرف وذلك لحن .
وعندما يصف علماء التجويد المتقدمين صوتا معينا بأنه مرقق فإن ذلك مبني على كيفية قراءة النبي صلى الله عليه وسلم له وإلا فمن المحتمل أن يأتي في بعض المواقع في السلسة الكلامية المنطوقة مفخما , وقرر علماء أصوات التجويد أن الأصوات يتأثر بعضها ببعض بسبب المجاورة , فمن الأصوات ما هو سريع التأثر يندمج في غيره أكثر مما يطرأ على ما سواه [46]
خلاصة المطلوب عمله مع النون اللسانية في ( الرحمن ) كالآتي :
1. تجنب تفخيمها بسبب مجاورتها للراء الفخيمة
2. المجاورة بين الأصوات لها تأثير فانتبه لذلك
3. تلفظ كسرها رقيقة
قال الإمام الجعبري :
(( وَ فَخِّمْ لِرَا الرَّحْمَنِ ثُمَّ الرَّحِيمِ وَ اشْدُدًا ***وَ احْذَرِ التَّكْرِيرِ وَ الحَا فَاجْهَدِى ))
قال العلامة حسن المرادي عند شرحه [47] لهذا البيت : " الراء حرف مفخم ، و التفخيم إشباع صوت الحرف ، و قيل التفخيم تسمين الحرف ، و الترقيق إنحافه .و للراء أسباب ترقق لأجلها مفردة في أماكنها و لكن أصلها التفخيم ، و اللام في قوله ( لرا) زائدة مع المنقول كقوله تعالى : ( قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ)[48]. أي ردفكم في أحد الوجهين ، و ذلك غير مطرد ، و إنما يطرد إذا تقدم المفعول أو كان العامل مرفوعا كاسم الفاعل . و قوله ( واشدد) يعنى الراء فى الاسمين الشريفين ، و علة ذلك أن لام التعريف أدغمت فى الراء لتقاربهما ، و إنما أدغمت بعد إبدال لفظها برَاء مشددة و لم يلفظ بلام التعريف .
و قوله (واحذر التكرير ) يعنى الراء .و التكرير هو : إرعاد طرف اللسان عند النطق بها . و التكرير لغة : هو إعادة الشيء و لو مرة واحدة ، و اختلف أهل الأداء في التكرير هل هو صفه ذاتية للراء أو لا ؟ . فذهب قوم منهم شريح إلي أنه صفة ذاتية لها ، قال شريح : "و اعلم أن الراء متكررة في جميع أحوالها ، و أبين ما يكون ذلك عند الوقف عليها ، و قد ذهب قوم من أهل الأداء إلي أنه لا تكرير فيها مع تشديدها ، و ذلك لم يؤخذ علينا ، غير أننا لا نقول بالإسراف فيه ، و أما إذهاب التكرار جمله فلم نعلم أحدا من المحققين بالعربية ذكر أن تكريرها يسقط بحال " انتهى . و ذهب قوم إلي أن وصف الراء بالتكرار معناه أنها قابله له لأنها مكررة بالفعل ، كما يقال لغير الضاحك ضاحك أي بالقوة لا بالفعل فيجب على هذا التحفظ منه و هو مذهب مكي و أبى عبد الله المعلى .
قال مكي : " فوجب على القارئ أن يخفى تكريره متى أظهر فقد جعل في الحروف المشدد حروفا ، و في المخفف حرفين" [49] . و هذا اختبار الناظم [50] و قد قرر ذلك في شرحه للشاطبية قال : " وتكريره لحن فيجب التحفظ عنه لا به ، و هذا لمعرفة السحر ليتجنب ، و طريق السلامة منه أن يلصق اللافظ به لسانه بأعلى حنكه لصقا محكما مرة واحدة ، و متى ارتعد حدث في كل مرة راء" انتهى و ظاهر مذهب سيبويه أن التكرير صفه ذاتية للراء إذا تكلم بها خرجت كأنها مضاعفه ، و الوقف يزيدها إيضاحا . و قوله (و الحا فاجهدى) أي فاجهد في بيانها ، و اللفظ بها فإذا نطقت بها فَوَفِّهَا حقها من الصفات ، و بين همسها و رخاوتها ، و إلا عادت عينا لأنها من مخرج واحد ، واحذر تخشين لفظها قبل الألف نحو (الحاكمين و حاسدين) فإن بعض الناس يخشنها إذ ذاك و لا يفعلون ذلك في مثل (حكيم ) و لا فرق . "
للباحث أ / فرغلي سيد عرباوي
باحث في علم صوتيات التجويد
Fargh22@yahoo.com
Fargh22@hotmail.com
[1] ) إملاء ما منّ به الرحمن من وجوه القراءات في جميع القرآن لأبي البقاء الكعبري ص 2 وانظر مشكل إعراب القرآن للخراط
[2] ) لامية الشاطبي باب مذهبهم في الراءات ص 29
[3] ) التحديد : لأبي عمرو الداني
[4] ) التحديد : لأبي عمرو الداني
[5] ) غنية الطالبين ومنية الراغبين: للبقري محمد بن قاسم ( ت 1111 هـ) ص 16 انظر رسالة دكتوراة بعنوان : الدراسات الصوتية عند علماء التجويد : د غانم قدروي الحمد ص 361
[7] ) الكتاب : لسيبويه ج 4 ص 435
[8] ) الكتاب : لسيبويه ج 4 ص 136
[9] ) الرعاية لتجويد القراءة لمكي بن أبي طالب القيسي القرطبي الأندلسي ( ت 437 هـ ) ص 44
[10] ) الموضح في التجويد لعبد الوهاب القرطبي ( ت 461 هـ) ص 92 تحقيق د غانم قدوري الحمد
[21] ) التمهيد : للحافظ بن الجزري ص ( 81 , 82 )
[22] ) النشر في القراءات العشر : للحافظ بن الجزري ج 1 ص 167
[23] ) المنح الفكرية شرح المقدمة الجزرية لملا على قارئ ص 63
[24] ) النجوم الطوالع : للمارغني ص 222 انظر هامش هداية القاري للمرصفي ج 1 ص ( 89 , 90 )
[25] ) تنبيه الغافلين : للصفاقسي ص 59
[26] ) كيف يتلى القرآن : للشيخ عامر السيد عثمان ص 43
[28] ) المرجع السابق
[29] ) المرجع السابق
[30] ) الإشمام نوعان : حركي بحركة الشفتين وهو يقع في آخر الكلمات وبلا صوت, وإشمام صوتي وذلك بخلط حرف بحرف كقراءة خلف عن حمزة ( الصراط ) بالإشمام الصوتي انظر كتاب علم التجويد أحكام نظرية وملاحظات تطبيقية المستوى الثاني د يحيي عبد الزراق الغوثاني ص 77
[31] ) المنح الفكرية شرح المقدمة الجزرية لملا على قارئ ص 99
[32] ) تنبيه الغافلين : للصفاقسي ص 55
[33] ) شرح طيبة النشر : لابن الناظم أحمد بن الجزري ( ت 895 هـ ) ص 32
[34] ) جمال القراء وكمال الإقراء : لعلم الدين السخاوي تلميذ الشاطبي ( ت 643 هـ ) ج 2 ص 531
[35] ) التحديد للداني وانظر جمال القراء وكمال الإقراء : لعلم الدين السخاوي تلميذ الشاطبي ( ت 643 هـ ) ج 2 ص 531
[36] ) محاضرات د ايمن سويد ( حفظه الله ) المسموعة
[37] ) تنبيه الغافلين : للصفاقسي ص 77 , الرعاية لتجويد القراءة لمكي بن أبي طالب القيسي القرطبي الأندلسي ( ت 437 هـ ) ص 109
[38] ) المصدر السابق ص 78
[39] ) المصدر السابق ص 78
[40] ) جمال القراء وكمال الإقراء : لعلم الدين السخاوي تلميذ الشاطبي ( ت 643 هـ ) ج 2 ص 533
[41] ) تنبيه الغافلين : للصفاقسي 80
[42] ) الرعاية لتجويد القراءة لمكي بن أبي طالب القيسي القرطبي الأندلسي ( ت 437 هـ ) ص 84 الموضح في التجويد لعبد الوهاب القرطبي ( ت 461 هـ) ص 120 تحقيق د غانم قدوري الحمد
[43] ) الموضح في التجويد لعبد الوهاب القرطبي ( ت 461 هـ) ص 120 تحقيق د غانم قدوري الحمد
[44] ) تنبيه الغافلين : للصفاقسي ص 80 , النشر في القراءات العشر : للحافظ بن الجزري ج 1 ص 180
[46] ) رسالة دكتوراه , د غانم قدوري الحمد بعنوان : الدراسات الصوتية عند علماء التجويد ص 386 بتصرف
[47] ) "شرح الواضحة في تجويد الفاتحة" شرح ابنُ أُمِّ قاسم المرادي ( ت749هـ ) و طُبع هذا الشرح بتحقيق الدكتور عبد لهادي الفضلى ويقع هذا التحقيق بسبعة وثمانين صفحةً من الحجم المتوسط. ط دار العلم , بيروت لبنان انظر رسالة في تجويد الفاتحة للدكتور : محمد ابن فوزان بن حمد العمر ( حفظه الله )
[48] ) (النمل: من الآية72)
[49] ) الرعاية لتجويد القراءة لمكي بن أبي طالب القيسي القرطبي الأندلسي ( ت 437 هـ ) ص 85
[50] ) أي : الجعبري

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة