فضاءات غور الحديثة

غور الحديثة

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
محمد الزراوقه
مسجــل منــــذ: 2011-07-01
مجموع النقط: 4.8
إعلانات


الاستاذ الكاتب عواد النواصره

سدوم وعمورة.. دراسة في تشكل البحر الميت وحادثة الخسف.. بقلم: عواد النواصرة
بقلم: عواد النواصرة
حظيت منطقة البحر الميت بأهمية حضارية منذ فترات زمنية موغلة في القدم، شكلت بمجملها صفحة من التاريخ تناقلته الكتب السماوية، وإرث حضاري توارثته أجيال تلو أجيال تؤرخ لحضارة الإنسان وعظمة ذلك المخلوق. وما سدوم إلاّ ملحمة تاريخية متكاملة رغم ما تحمله بين جنباتها من واقع أليم وعقاب من نوع آخر، حتى أضحت عبرة لمن اعتبر وشاهد حق مسطر على صفحات من التاريخ.
وقد نالت منطقة سدوم وعمورة أهمية لاهوتية في كتابات الكثير من الباحثين على اختلاف حقولهم العلمية ما بين الوصف تارةٌ كما في كتابات الرحالة العرب وغيرهم، وإتباع منهجية علمية في الدراسة عند بعض الباحثين ساهمت في تسليط بعض الضوء على حادثة الخسف الشهيرة التي عمت منطقة الحوض الجنوبي للبحر الميت. إلا أن المكتبة العربية لا زالت تعاني من قلة الدراسات والأبحاث الجغرافية والجيومورفولوجية عن منطقة سدوم والبحر الميت وخصوصا الحوض الجنوبي منه.ونتيجة لتعاظم أهمية البحر الميت في الوقت الراهن لتوافر المقومات الطبيعية والبشرية، إضافة إلى تزايد الاهتمام سواء على المستوى المحلي و الإقليمي والعالمي. فقد أصبح البحر الميت بالنسبة للدول المشاطئة موردا من موارد التنمية الاقتصادية لدول تفتقر إلى موارد داعمة لاقتصادها الوطني. وفي ظل هذه المعطيات جاءت هذه الدراسة وهي الأولى من نوعها التي تبحث وتحلل العوامل الجغرافية والجيومورفولوجية لحادثت خسف المدن في زمن نبي الله لوط علية السلام .
من خلال عرض الكتاب لموضوع خسف المدن التي سكنها لوط عليه السلام، و مما كتبه بعض المختصين في هذا المجال نلاحظ أن مكان الخسف قد تم في منطقة الأردن وتحديدا في مكان الحوض الجنوبي للبحر الميت الحالي.وقد اكد عابد،1985، في دراسته بعنوان جيولوجية البحر الميت بأن المدن التي ذكرت في القرآن الكريم، والتوراة كانت موجودة في مكان الحوض الجنوبي وان الخسف الذي حدث في الألف الثاني قبل الميلاد قد دمر المدن ومن سكنها وقد استبعد أن البحر الميت قد تكون في تلك الفترة فقد كان موجودا قبل حادثة الخسف.
وقد أكدت بعض الدارسات أن البحر الميت قد تشكل بعد تكون عدة بحيرات سبقت مرحلة البحر الميت الحالي وان بعض هذه البحيرات كانت ذات مياه عذبة ومن الذين تم الاسترشاد بنتائج دراساتهم عن البحر الميت Bentor,1961,Picard,1941, Begin,1974,Bowman,1971, ، اضافة إلى عابد1985، والياس سلامه، والريماوي،1986،وغيرهم الكثير من العلماء وقد اتفقوا على منخفض البحر الميت قد شغله عدة بحيرات سبقت تشكل البحر الميت الحالي وهي بحيرة أصدام، بحيرة السمرة،بحيرة اللسان ، وبحيرة دامية ، والبحر الميت الحالي .
فعندما بدأ تشكل منخفض الأغوار كانت الجبال الشرقية متصلة مع الجبال الغربية وعندما بدأ منخفض الأغوار بالتشكل أما بالحركة الأفقية أو العمودية كما أشار العديد من العلماء وهما يكن الأمر فقد انفرج منخفض الأغوار على شكل أحواض واسع لكنه غير عميق ويبدو انه كان متصلا مع البحر المتوسط ومع توالي عملية الانخفاض انقطع الاتصال ما بين البحر المتوسط ومنخفض البحر الميت ونقطع بذلك اتصال البحر المتوسط مع الأغوار والذي زودها بالمياه فترات زمنية طويلة نسبيا. وأصبح مصدر المياه التي تغذي منطقة الأغوار يعتمد بشكل مباشر على مياه الأمطار.
وقد تعرضت تلك البحيرات خلال تاريخها الطويل إلى اختلاف من حيث الانخفاض عن مستوى سطح البحر والامتداد الأفقي وملوحة المياه. وكان تعتمد بشكل مباشر على رطوبة الجو و معدلات الأمطار، حيث كانت تسود المنطقة فترات من الجفاف تليها فترات انتقالية ثم فترات رطبة مما يؤدي إلى جفاف تلك الأجسام المائية أو الامتلاء في الفترات الرطبة. وتشير المصادر الجيولوجية إلى أن بحيرة السمرة نتجت عن فترة رطوبة رافقها ازدياد كبير في معدلات الأمطار وأنها ترافقت مع إحدى العصور الجليدية إلي سادت الأرض وكانت ذات مياه عذبة. أما بحيرة اللسان فقد كانت مياهها عذبة أحيانا ومالحة في أحيان أخرى حسب رطوبة الجو وهي اكبر المسطحات المائية التي شغلت منخفض الأغوار حيث وصل طولها إلى 220كم .
ومع نهاية بحيرة اللسان حدثت فترة جفاف قبل 14 ألف سنة منذ الآن والتي أدت إلى جفاف معظم المسطحات المائية في منطقة الأغوار وهي متطابقة مع أخر عصر جليدي في فترة بحيرة دامية. ومع نهاية بحيرة دامية تشكل البحر الميت الحالي قبل 11 ألف سنة مضت، وقد كان مستوى سطحه يتعرض إلى تذبذب سببه الظروف الطبيعية الناتجة عن التقلبات المناخية إلى أن تحول التقلب في مستوى سطح البحر الميت إلى عوامل بشرية ناتجة عن تحويل مصادر تغذية البحر الميت بالمياه وأهمها نهر الأردن وإقامة السدود المائية على الأودية التي ترفد البحر الميت بالمياه حتى انخفضت كمية المياه الواردة إلى البحر الميت من 1200 مليون متر مكعب قبل عام 1960 إلى اقل من 300 مليون متر مكعب في الوقت الراهن. الجدول(1) مستوى سطح البحر الميت لسنوات طويلة.
أما عن تاريخ الاستيطان البشري في منطقة البحر الميت فتشير المصادر التاريخية إلى أن الجزء الجنوبي من البحر الميت كان مركزا حضاريا في الفترة التاريخية من3300 ق م إلى2300 ق م. وقد استدل على ذلك من خلال الحفريات التي اجريت في منطقة غور المزرعة وتحديدا باب الذراع حيث عثر هنالك على اكبر مقبرة في الشرق القديم والتي يعود تاريخها إلى أقدم من خمسة آلاف عام مضت في العصر البرونزي المبكر. وفي الألف الثاني قبل الميلاد وتحديدا في 1900ق. م. كانت منطقة الحوض الجنوبي تعج بالحضارة وهي الفترة ذاتها التي عاش فيها لوط عليه السلام حسب معظم المصادر التاريخية وكان فيها خمسة مدن مزدهرة هي: سدوم، عمورة، زغر، أدمة، وصوبيم. و شهدت في تلك المرحلة خسف ودمار لتلك الحضارات والتي كانت الموضوع الرئيس لهذا الكتاب وقد تم الاستشهاد بما نزل من آيات القرآن الكريم وبعض الكتب المقدسة وأراء الكثير من المفسرين وربط ذلك مع التاريخ الجيولوجي لمنطقة البحر الميت والتي ما تزال بحاجة إلى الكثير من الأبحاث والمؤلفات التي تعالج الموضوع من زوايا متعددة وقد حاولت في هذه الدراسة تسليط الضوء على بعض تلك النواقص من الأبحاث رغم ما واجهته من الصعوبات في عملية البحث إما بسبب قلة المصادر وبعضها يعود إلى المعوقات المادية والله من وراء القصد.
تحياتي محمد النواصره
مشاركة


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة