فضاءات الاحراز

الاحراز

فضاء التربية والتعليم

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
ناصر قطب محمد سليمان
مسجــل منــــذ: 2010-10-19
مجموع النقط: 52
إعلانات


اعلم أيها المشتاق إلى بيت الله الحرام


إن الحج المبرور هو قصد الكريم، وإرادة العظيم.. هو رد المظالم، وبذل المكارم.. هو النفقة الحلال، والبُعد عن الجدال.. هو جمال الاتباع، وروعة الاقتفاء.. هو تلمّس السُّنة، والبعد عن البدعة.. هو اللهج بالدعاء، والإلحاح في الرجاء.. هو الندم على الذنب والتوبة منه والإقلاع عنه، هو ذمُّ النفوس عن الهوى، وكبح الجوارح عن الزلل.. هو تعظيم الشعائر وإجلال المقدسات.. هو مرضاة الربّ وغفران الذنب.. هو رفعة للدرجة وطريق إلى الجنة.
أيها المشتاق.. إليك بشرى الحبيب صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الطبراني وحسَّنه الألباني، عن ابن عمر رضي الله عنهما: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمَّا خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكلِّ وطأة تطؤها راحلتك، يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنك بها سيئة، وأمَّا وقوفك بعرفة، إن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي، جاءوني شعثًا غبرًا من كلِّ فجٍّ عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج- أي متراكم- أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبًا غسلها الله عنك، وأمَّا رميك الجمار فإنه مدخور لك، وأمَّا حلقك رأسك، فإن لك بكلِّ شعرة تسقط حسنة، فإذا طفتَ بالبيت خرجتَ من ذنوبك كيوم ولدتك أمك".
أيها المشتاق ولم يمنّ الله عليك بالحج هذا العام..
فيا َمَن تحققت فيك الشروط الموجِبة للحج.. تذكَّر قول النبي- صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي أخرجه أحمد وابن ماجة وحسَّنه الألباني: "مَن أراد الحجَّ فليتعجل؛ فإنه قد يمرض المريض، وتضلّ الضالة، وتعرض الحاجة".
واستمع إلى شعر ابن شبرمة:
فيوشك أن يحول الموت بيني وبين جوار بيتك والطوافِ
فكم من سائلٍ لك ربِّ رغبًا ورهبًا بين منتعلٍ وحافي
أتاك الراغبون إليك شعثًا يسوقون المُقلَّدة الصَّوافي
ويا مَن تخلف عن الحجِّ لعذر أو لغير عذر.. اعلم:
أن الله لم يحرمك من الأجر في خير أيام طلعت عليها الشمس أيام العشر الأولى من ذي الحجة التي أقسم الله بها فقال سبحانه: ?وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)? (الفجر)، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن فضل العمل الصالح فيها في الحديث الذي رواه البخاري: "ما من أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فيها أَحَبُّ إلى اللَّهِ من هذه الأَيَّامِ"- يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ- قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ ولا الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ؟ قال: "ولا الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ إلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فلم يَرْجِعْ من ذلك بِشَيْءٍ".. وعن فضل هذه الأيام قال ابن حجر رحمه الله: "والذي يظهَر أنّ السببَ في امتياز عشر ذي الحجة بهذه الامتيازاتِ لِمَكان اجتماع أمّهات العبادة فيها، وهي الصّلاة والصّيام والصّدقة والحجّ وغيرها، ولا يتأتّى ذلك في غيرها".. فكان سعيد بن جبير إذا دخلت العشر اجتهد اجتهادًا لا يكاد يقدر عليه.
فكن في هذه الأيام متقربًا إلى الله بما تستطيع من قربات، وأكثر فيها من فعل الطاعات والخيرات:-
1- كن متفكرًا:
فاعلم أخي الحبيب أن عبادة التفكر والنظر في آيات الله أمر لفت الحق الانتباه إليه فقال: ?فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)? (الأعراف) ?كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)? (يونس) ?إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)? (الرعد).
قال ابن القيم رحمه الله: "أصل الخير والشر من قِبل التفكر؛ فإن الفكر مبدأ الإرادة والطلب في الزهد والترك، والحبِّ والبغض.. فإليك أفكار هي أجلّ الأفكار.. ورأسها: الفكر في آلاء الله ونعمه، وأمره ونهيه، وطرق العلم به وبأسمائه وصفاته من كتابه وسنة نبيه وما والاهما، وهذا الفكر يثمر لصاحبه المحبة والمعرفة".
فإذا فكَّر: في الآخرة وشرفها ودوامها، وفي الدنيا وخستها وفنائها، أثمر له ذلك الرغبة في الآخرة والزهد في الدنيا.
وكلما فكر في: قصر الأمل، وضيق الوقت، أورثه ذلك الجد والاجتهاد، وبذل الوسع في اغتنام الوقت.
وهذه الأفكار تعلي همته وتحييها بعد موتها وسفولها، وتجعله في واد والناس في واد.
2- كن تائبًا:
- وتذكر ذنوبك وتفريطك.. قال تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)? (الحشر).
واحذر أشد الحذر من أن تمنع عينيك إذا دمعتْ من البكاء.. دعها تسيل، فلها في هذا الوقت لذة لا يعدلها لذة، لذة الخلوة بالله.. ومراقبة النفس.. روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعةٌ يظلّهم الله في ظلّه.."، وفيه "ورجلٌ ذكر الله خاليًا ففاضتْ عيناه".
3- كن مصليًا:
احرص على صلاة الجماعة
فعَنْ أبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلاَتِهِ فِي سُوقِهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَذَلِكَ أن أحَدَهُمْ إذا توضأ فأحسن الْوُضُوءَ ثُمَّ أتى الْمَسْجِدَ لاَ يَنْهَزُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ، لاَ يُرِيدُ إلاَّ الصَّلاَةَ، فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلاَّ رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ، فإذا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي الصَّلاَةِ مَا كَانَتِ الصَّلاَةُ هِيَ تَحْبِسُهُ وَالْمَلاَئِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أحدكم مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ " ( رواه مسلم).
وعن ابنِ مسعود رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: "الصلاة على وقتها" قلتُ: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين" قلتُ: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" متفق عليه.
ب- احرص على صلاة النوافل
فعن اُمَّ حَبِيبَةَ قالتُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ "، قَالَتْ اُمُّ حَبِيبَةَ "فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم.
وعن ثوبان- رضي الله عنه- قال سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحطَّ عنك بها خطيئة" رواه مسلم.
ج- احرص على قيام الليل:
فإن سَعْدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، سأل أم المؤمنين عَائِشَة أنبئيني عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ ألَسْتَ تَقْرَأ ?يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)? (المزمل) قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أول هَذِهِ السُّورَةِ فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابه حَوْلاً، وَأمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا اثني عَشَرَ شَهْرًا فِي السَّمَاءِ، حَتَّى أنْزَلَ اللَّهُ فِي آخر هَذِهِ السُّورَةِ التَّخْفِيفَ، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ . رواه مسلم.
وعَنْ جَابِرٍ، قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أمر الدُّنْيَا والآخرة إلاَّ أعْطَاهُ إيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ " رواه مسلم.
4- كن صائمًا:
فمما يُسن فعله في يوم عرفة صيام ذلك اليوم لما رواه مسلم عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: "يكفر السنة الماضية والباقية".
كما يُسنُّ للمسلم أن يصومَ تسعَ ذي الحجة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على العمل الصالح فيها، والصيامُ من أفضل الأعمال الصالحة، وقد ورد ما يدل على صيام هذه الأيام ما ورد من حديث هُنَيدَة بنِ خالدٍ عن امرأته قالت حدثتني بعضُ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومُ عاشوراءَ، وتسعًا من ذي الحجة، وثلاثةَ أيام من كل شهر، رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وصححه الألباني.. قال النوويّ رحمه الله: "فليس في صومِ هذه التسعة- يعني: تسع ذي الحجّة- كراهةٌ شديدة، بل هي مستحبّة استحبابًا شديدًا".
5- كن ذاكرًا:
ا- بقراءة القرآن وسماعه وتدبره:
اعلم أن درجتك في الجنة عند آخر آية قرأتها في الدنيا، قال صلى الله عليه وسلم: "يُقال لقارئ القرآن يوم القيامة اقرأ ورتل كما كنتَ ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها".. فاجتهد في أن تختم القرآن في هذه العشر، فإن عدد أجزاء القرآن الكريم ثلاثون جزءًا، فتقرأ بواقع ثلاثة أجزاء يوميًّا، وتقرأ عقيب كل صلاة خمسة أرباع الجزء، وإذا أفاض الله عليك واستطعت أن تقرأ تفسيرها فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فتكون بذلك ختمة مفسرة.
وعليك محاولة الاستماع إلى جزء قرآني بصوت أحد القراء المتقنين، ثم إيقاف الشريط عند رأس كل 5 آيات ومحاولة تسجيل ما جدّ في الذهن من فوائد سواء إيمانية أو تربوية في دفتر خاص.
ب- بالتهليل والتكبير والتحميد:
فعن ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَل فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ" أخرجه أحمد والطبراني وأبو عوانة، وهو حسنٌ بمجموع طرقه وشواهده كما ذكر البخاري- رحمه الله تعالى- عن ابن عمر، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم، أنهم كانوا يقولون في أيام العشر: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.
ج- بالاستغفار:
ثم تُكثر من الاستغفار لقوله تَعَالَى: ?اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)? نوح، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُكثر من الاستغفار، وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ففي الحديث الذي رواه البخاري قال: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ في الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً" فتحرى أفضل الأوقات التي يُقبل فيها الاستغفار، ومنها السحر، فتجلس قبل الفجر بعشر دقائق.. تستغفر.. قال تعالى: ?الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17)? (آل عمران).
د- بالدعاء:
أن يكون من برنامجك اليومي الدعاء فلا يمر يومٌ من أيام عشر ذي الحجة إلا ونلتزم فيه جميعًا بالدعاء بخيري الدنيا والآخرة، فالدعاء هو العبادة، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، واللفظ للترمذي: عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ". ثُمَّ قَرَأَ:" ?وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)?"(غافر).
وإن أفضل الدعاء هو دعاء يوم عرفة، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خيرُ الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفة، وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" رواه مالك، والترمذي، وانظر الصحيحة للألباني.
6- كن منفقًا في سبيل الله:
فكفاك أن تدعو لك الملائكة بعطاء الله لك، فعَنْ أبي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخر: اللَّهُمَّ أعط مُمْسِكًا تَلَفًا ". رواه مسلم.
واعلم أن الله ينمِّي لك صدقتك فتصير أعظم من الجبل، فعن أبي هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا تَصَدَّقَ أحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ- وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إلاَّ الطَّيِّبَ- إلاَّ أخذها الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ وَإنْ كَانَتْ تَمْرَةً، فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ، كَمَا يُرَبِّي أحدكم فَلُوَّهُ أو فَصِيلَهُ ". رواه مسلم.
وإن النفقة تسترك من النار، فعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أن يَسْتَتِرَ مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ " رواه مسلم.
7- كن بارًّا بوالديك:
فعنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ أحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: "أمك "، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أمك " قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " ثُمَّ أمك " قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أبوك " رواه مسلم.
وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "رَغِمَ أنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ "، قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "مَنْ أدرك أبويه عِنْدَ الْكِبَرِ أحَدَهُمَا أو كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ " رواه مسلم.
8- كن واصلاً لرحمك:
فاعلم أن وصلك للرحم هو وصلٌ مع الله، فعَنْ أبى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إذا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أما تَرْضَيْنَ أن أصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى ، قَالَ فَذَاكَ لَكِ "، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "اقْرَءُوا إن شِئْتُمْ ?فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)?" رواه مسلم.
وإليك بشرى رسول الله، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ سَرَّهُ أن يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أو ينسأ فِي أثره فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ " صحيح مسلم.
9- كن عونًا لأهل بيتك:
فقد كان رسول الله في خدمة أهله: فقد قِيلَ لِعَائِشَةَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: "كَمَا يَصْنَعُ أَحَدُكُمْ؛ يَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيُرَقِّعُ ثَوْبَه" رواه أحمد، كما ينبغي أن يتعاون الزوجان على طاعة الله فعن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ الله رَجُلاً قام مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا الْمَاءَ، وَرَحِمَ الله امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ في وَجْهِهِ الْمَاءَ".
10- كن محسنًا إلى جارك:
فقد حضَّ رسول الله على إكرام الجار، وجعله دليلاً وعلامةً على الإيمان، فعَنْ أبى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ" صحيح مسلم.
وحذَّر من إيذائه وعدَّه حابسًا لصاحبه عن الجنة، فعَنْ أبى هُرَيْرَةَ أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لاَ يَأمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " صحيح مسلم.
11- كن ورعًا عن المعاصي:
فهذه أيام عظيمة الحرمة لكونها في ذي الحجة، وهو من الأشهر الحرم؛ حيث قال سبحانه: ?إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ? (التوبة: من الآية 36)، وتذكير النفس بذلك يكبح جماح شهواتها، ويذكرها بأن الذنب يعْظم كلما كانت حرمة الزمن أعظم، ولهذا حذّر الله تعالى عباده مِنْ تَعَدِّي الحدود فيها، فقال بعد بيان حرمتها: ?فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ?(التوبة: من الآية 36)، وذكّر الرسول عليه الصلاة والسلام الناس بذلك في شهر ذي الحجة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خطب الناس يوم النحر فقال: "يا أيها الناس أي يوم هذا". قالوا: يوم حرام، قال: "فأي بلد هذا"، قالوا: بلد حرام، قال: "فأي شهر هذا"، قالوا: شهر حرام، قال: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام؛ كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا"، فأعادها مرارًا ثم رفع رأسه فقال: "اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت"، قال ابن عباس- رضي الله عنهما-: فوالذي نفسي بيده، إنها لوصيته إلى أمته: "فليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض" رواه البخاري.
12- عليك بذبح الأضحية:
فينبغي للمسلم المستطيع القادر ألاَّ يفرِّط في ذبح الأضحية، لقول أَنَسٍ رضي الله عنه: "ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا" (متفق عليه)، وأنه كما أخبر ابنُ عمرَ رضي الله عنه- قال: "أقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشرَ سنين يضحي" رواه أحمد، والترمذي، بإسناد حسن، وقال ابنُ القيم رحمه الله: ولم يكن صلى الله عليه وسلم يدعُ الأضحية.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة