فضاءات سما الروسان

سما الروسان

فضاء أعلام ورجالات وعوائل

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
orousan
مسجــل منــــذ: 2011-05-17
مجموع النقط: 0.2
إعلانات


محمود الروسان - العسكري الذي احب العلم واحترف الادب


محمود الروسان.. العسكري الذي أحب العلم واحترف الأدب
القسم: اراء وكتاب التاريخ: 2009/3/9
محمود الروسان.. العسكري الذي أحب العلم واحترف الأدبهزاع البراري - ينحدر من عمق تفاصيل المرحلة العابقة بالنضال، فلقد كانت بلدة سما الروسان في قلب بلاد الشام، وفي بؤرة الحدث المتصاعد، فكان نسيج المنطقة مشدودا بعرى الوحدة، والرغبة في مواجهة الظلم والسعي نحو الحرية، الدعامة الحقيقة لنهضة أية أمة، وهذا دأب أهل الأردن منذ فجر التاريخ، ولعل الدور الذي لعبته هذه المنطقة في الثورة السورية ضد الفرنسيين، والثورة الفلسطينية ضد الإنجليز واليهود، لم تكن سوى استمرار لواقع عاشته وأسهمت فيه بلدات ومدن شمال الأردن، بل كانت الحضن الآمن للثور العرب، والدعامة الفاعلة التي أمنت ظهر المقاومة، وناصرة طلاب الحق من أبناء الأمة الواحدة، وهو دور تاريخي مازالت الأردن تضطلع به حتى هذه اللحظة التي يكرر فيها التاريخ نفسه.
محمود الروسان ينهض من عائلة مناضلة بامتياز، أنخرط أبناؤها في الخدمة العسكرية منذ قبيل اندلاع الثورة العربية الكبرى، فلقد التحق عمه بجيش الثورة العربية برتبة ضابط، وكانت له صولاته الظافرة خلال المعارك الحاسمة التي جعلت من هذه الثورة، حدثاً غير الواقع الذي جثم على العرب مدة أربعمائة عام، لذا فأن هذه العائلة انضمت إلى حركة الكفاح العربي مبكراً، ترجمة للهاجس الوحدوي الذي تميز فيه إنسان هذه البلاد، وعندما قام الأمير عبدالله بتأسيس إمارة شرق الأردن، بادر والد محمود الروسان بالالتحاق بالجيش العربي الأردني، الذي كان من أول مؤسسات الدولة الحديثة، مكان والده من الضباط الأوائل الذين كان لهم شرف بناء هذه المؤسسة الوطنية ذات الانتماء العربي الواسع.
ولد محمود الروسان في بلدة سما الروسان شمال اربد، وكان ذلك في عام 1922م، أي خلال الإرهاصات الأولى لتأسيس الإمارة، وكانت بلدته زاخرة بالحراك والمشاعر القومية، ويعتبر تفاعلها مع المحيط الواسع قافزاً على الحدود الطبيعية والسياسية، ومن المؤكد أن المحيط العائلي قد أثر فيه كثيراً، ولعل وخدمة عمه في جيش الثورة العربية، ووجد والده في الجيش الأردني برتبة ضابط، قد جعلت من البديهي أن يعش المؤسسة العسكرية، ويعمل من أجل الانضمام إليها، والعمل على خدمتها، لأن في ذلك حفظ للوطن، وإسهام في دعم أسس بناء الأمة كلها.
التحق محمود الروسان بالمدرسة في اربد، وكانت هذه الخطوة الأولى في طريق تلقي العلم التي لم يكبحها العمل العسكري فيما بعد، وبعد المرحلة الابتدائية، ارتحل بعدها إلى عمان ليدرس المرحلة المتوسطة، وكان من الطلبة المجدين والمتميزين، فما أن أنهى هذه المرحلة حتى شد الرحال من جديد إلى السلط من أجل إكمال دراسته الثانوية، وكانت ثانوية السلط المدرسة الأعرق في الأردن، وهي التي خرج معظم رجالات الأردن في السياسة والأدب، من الجيل المؤسس، لذا فأن فرصة الالتحاق بهذه المدرسة لم تكن متاحة إلا لعدد قليل من أبناء البلاد، وقد تمكن الروسان من الحصول على الثانوية العامة من هذه المؤسسة التربوية المشهود لها، وبذلك يكون قد هيأ نفسه للمرحلة التي طالما حلم بها، وقد حقق هذا الإنجاز عام 1941م.
لم ينتسب الروسان إلى الجيش العربي مباشرة، بل عمل في مجال التدريس، فلقد أصبح معلماً في المرحلة الإعدادية، ومن خلال عمله في مدرسة الهاشمية في عمان عام 1942م، وكانت خدمته في هذا القطاع قصيرة، حيث لم يطل فيه المقام، وسرعان ما قرر الالتحاق بالخدمة العسكرية، ومقتفياً بذلك خطى عمه وأبيه، فدخل الكلية العسكرية، وتخرج منها برتبة ضابط في الجيش العربي الأردني، محققاً حلماً طالما راوده منذ كان يراقب هندام والده العسكري، ولعله أدرك أن هذه أفضل خدمة يقدمها لوطنه، بعدما حصل على قدر جيد من التعليم في تلك الفترة الصعبة، هو دخوله إلى الجيش.
كان الجيش الأردني الفتي تحضر لاستحقاقات إقليمية ومحلية كبيرة، وأصبح هذا الجيش رأس الحربة لجيش الإنقاذ العربي، الذي دخل فلسطين لمحاربة اليهود وحماية الأرض والناس، وقد كان لمحمود الروسان، شرف المشاركة الحقيقية في معارك الجيش الأردني البطولية، على ثرى فلسطين وعلى أسوار بيت المقدس، فحارب ببسالة كبقية الجنود والضباط في معارك باب الواد واللطرون وبوابة القدس الشهيرة، وقد عرف بالشجاعة والإقدام، ولم يتأخر عن أداء الواجب، وقد منح نظير ذلك وسام الإقدام العسكري في الميدان، فناله عن جدارة حقيقية وشجاعة تميز بها منتسبي الجيش الأردني.
لقد كانت خدمة محمود الروسان حافلة بالمنجزات، وكان مثال الضابط المنضبط والمخلص والواعي، وقد تدرج في الرتب العسكرية العليا، وقد كلف بفضل ذلك كله للعمل ملحقاً عسكرياً في واشنطن، لمدة ثلاث سنوات خلال الفترة من عام 1953م وحتى العام 1956م، وفي هذه المرحلة تجددت لديه الرغبة في الاستزادة من العلم، وهي رغبة لم تنطفئ رغم سنوات العسكرية المضنية، فلقد عمل على استغلال الفرصة السانحة، واستثمر عمله في واشنطن بالحصول على شهادة جامعية بالإدارة العامة، فلم يضيع وقته بغير ما هو مفيد ونافع له ولوطنه.
بعد ذلك تم تعيينه وزيراً مفوضاً في العاصمة الأمريكية واشنطن، وهنا أيضاً اقتنص اللحظة العابرة، وأكد أن حبه لتلقي العلم لا يقف عند حد، فبادر إلى الانتساب إلى الجامعة، وتمكن رغم مهام منصبه من الحصول على درجة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات والمنظمات الدولية، وبذلك يكون الروسان قد قدم إنموذجاً رائعاً في العمل والتميز، وعدم الجمود عند مرحلة معينة، ومؤكداً أن الحلم يتحقق مهما طال الزمن، أن وجد المثابرة المتواصلة، وحسن استثمار الفرص وحتى ما دون الفرص الكاملة.
عند عودته من عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية، عين مديراً عاماً لدائرة الإحصاءات، وكان كعادته ناجحاً وصاحب أثر طيب أينما حل، بعد هذا العمل خاض الانتخابات البرلمانية، وقد حالفه الحظ أيضاً لجهوده وصدقه، وحب الناس له، وقد كان العمل النيابي مرحلة جديدة ومختلفة بالنسبة له، وقد مكنه دخول مجلس النواب من خدمة أبناء منطقته بشكل أكثر فعالية، وأسهم في سن القوانين والتشريعات التي كانت البلاد في أمس الحاجة لها.
لم يكن الروسان ضابطا ناجحا، وطالب علم متميز، بل كان أيضاً أديبا كبيرا، أغواه الشعر الجميل، فلم تفارقه هذه الحرفة في أي مرحلة من مراحل حياته المختلفة، وقد تفرد شعره بالعذوبة والسبك الجيد، وقد أصدر ثلاثة دواوين هي: على درب الكفاح 1960م؛ دموع وأناشيد إلى عائدة 1980م؛ عصارة روح 1980م؛ وفي مجال الترجمة باللغة الإنجليزية أصدر (فلسطين وتدويل القدس) وهي الرسالة الأكاديمية التي حاز من خلالها درجة الماجستير.
لقد كان محمود الروسان مثالاً لأبن البلد الناجح، الذي حقق حضوراً لا ينسى أينما حل، ومازالت ذكراه تنثر العطر الطيب، والأثر الباقي أبد الدهر، وقد توفي الروسان عام 1980م بعد حياة سمتها العطاء العلم والحب الذي لا يقف عند حد ولا زمن.
hbarari45@hotmail.com
هذا الخبر من ديوان ووكالة انباء عرار بوابة الثقافة العربية
http://www.sha3erjordan.net
عنوان هذا الخبر هو:
http://www.sha3erjordan.net/article.php?storyid=2663

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة