فضاءات العواسجة

العواسجة

فضاء الأخبار والمستجدات

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
تامر بدوي
مسجــل منــــذ: 2011-02-27
مجموع النقط: 1.8
إعلانات


«التنميط» يا عزيزى «شرف»..!

يمكن أن تنظر إلى الأزمة فى محافظة قنا بتركيز على عنصر من عناصرها دون الآخر، لكن المسألة تتحمل أن تجد تفسيراً سياسياً لا يصب فقط فى اتجاه إدانة عناصر تحريضية تشعل الغضب على أساس طائفى، وإنما فى الأداء السياسى لحكومة شرف الذى يجانبه الصواب أحياناً أو يقع فى «سوء التقدير».
لا يمكن أن تعتبر أن كل الغاضبين والمحتجين يدفعهم مبرر أن المحافظ الجديد «مسيحى»، لكن لابد أن تستوعب أن أبناء قنا الذين غادرهم قبل هذا المحافظ سلف مسيحى أيضاً كانوا قبلوه وتصادموا معه مسلمين ومسيحيين على السواء - غير قلقين من تولى مسيحى آخر شؤون محافظتهم، لكنهم منزعجون من «التنميط»، بمعنى أن تكون محافظتهم دائماً هى المكان الأنسب لتعيين أى محافظ مسيحى لإثبات أن الدولة تمنح المسيحيين حقوقهم فى الوظائف العليا.
هذا جزء من الأزمة، وعندما تربطه بخطاب دينى متصاعد بفعل تصاعد نفوذ التيارات الإسلامية السياسية، إلى جانب قطاعات مازالت تملك رفضاً حاداً للآخر، وتعصب طائفى مقيت يمكن أن تعرف لماذا تفجّر الوضع إلى هذه الدرجة التى باتت تهدد استقرار الوطن.
لكننى، وأنا أضع اعتبارات لكل ذلك، أجدنى منصرفاً للتركيز على حالة التنميط تلك، فالمؤكد أن الثورة قامت، وأسقطت من ضمن ما أسقطت وَهْم الطائفية، وكان «ميدان التحرير» نموذجاً رائعاً للتنوع والشراكة على أرضية الوطن التى تقدمت على العقائد، سواء الدينية أو السياسية، لكن المؤسف أن الحكومة التى جاءت لتحقق إرادة الثورة إما أنها تفكر بالنمط ذاته الذى كان يتبعه النظام السابق، وإما أن الثقافة السياسية المشوهة التى زرعها النظام السابق مازالت حاضرة فى عقول أعضاء تلك الحكومة، خاصة أن أغلبيتهم ميراث حقيقى عن النظام السابق وحزبه المنحل.
كان النظام السابق بسياساته جزءاً من عملية تغذية التشاحن الطائفى، وكان يعيش بتصدير هذا الخطر للخارج والداخل على السواء، وعندما كان يضع حلولاً كان يلجأ لمسكنات وأشكال ديكورية لا أكثر، فمثلاً فرض على وزارة «البيئة» نمطاً ثابتاً فى عقيدة الوزير، وحجز تلك الوزارة لوزير مسيحى، تقريباً منذ أن صارت وزارة مستقلة، ليس لشىء سوى أن يقول للناس: «لدىَّ وزير مسيحى». صحيح كان يوسف بطرس غالى وزير المالية السابق استثناء، لكن ذلك لا ينفى أن النظام نجح فى تنميط وزارة البيئة، وخلق شكلاً ديكورياً لا يحل أزمة ولا يتعامل مع المسيحى باعتباره مواطناً من حقه أن يستند على كفاءته دون غيرها فى بلوغ آماله وطموحه، وفى إطار مناخ من التكافؤ والمساواة لا ينفيه ويهدر كفاءته بسبب عقيدته.
وعندما جاءت حكومة شرف يبدو أنها انتهجت السياسة ذاتها واعتمدت الثقافة الشكلية ذاتها، وفرضت على محافظة قنا «تنميطاً» على غرار ذلك المفروض على وزارة البيئة، فأصبحت المسألة هنا متجاوزة كفاءة المحافظ الجديد أو نزاهته لأن هذه الصفات تؤهله لشغل أى محافظة أخرى أو وزارة فلماذا قنا تحديداً؟ خاصة أن المواطن صار مقتنعاً بأنه لم يأت محافظاً لقنا بسبب كفاءته ولا نزاهته فقط، لكن المعيار الأكثر وضوحاً وتأثيراً يظل فى كونه مسيحياً، وعندما يحتج أهالى قنا على «التنميط» فذلك لا يعنى أنهم ضد المسيحيين لأنهم يعيشون معهم وإلى جوارهم ويشاركونهم كل الحياة، لكنهم وأنا كنا ننتظر من حكومة شرف أداء لا يسير على سنن النظام السابق، يتخلص من «بطحة الطائفية» ولا يلجأ للحلول السهلة، فتلك حكومة كنا ننتظر منها أن تدعو لانتخاب المحافظين.. فإذا بها ترسخ معايير النظام السابق فى الاختيار..!

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة