فضاءات منشأة المغالقة

منشأة المغالقة

فضاء التقنية وعوالمها

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
محمدابوالمواهب
مسجــل منــــذ: 2011-02-20
مجموع النقط: 19.4
إعلانات


ممر الامل

أصوات خائفة
رغم أن الإعلان عن المشروع القومي الجديد (ممر التنمية) أوجد حالة من الفرحة والسعادة ممزوجة بالأمل في مستقبل جديد لمصر، إلا أن ذلك لم يمنع وجود أصوات تتخوف على مستقبل المشروع وتحذر من إمكانية أن يلقى نفس مصير مشروع توشكى الفاشل، والذي تبناه النظام السابق وكلف خزينة مصر أكثر من 14 مليار جنية دون تحقيق أي أهداف.
ويرى البعض أن عرض المشروع في هذا التوقيت في غير محله، فمصر تمر الآن بمرحلة انتقالية، وهو ما يعني أن الحكومة لا ينبغي لها أن تضع التزامات على البلاد في مشروعات طويلة الأجل مثل مشروع ممر التنمية الذي سيتكلف عشرات المليارات دون دراسات كافية وشاملة من جميع الجهات وأخذ الوقت اللازم، بينما تحتاج البلاد في تلك الفترة إلى مشاريع ذات عائد اقتصادي واجتماعي سريع وذات مستوى مخاطرة منخفض، وهو حتما ما لا يوفره هذا المشروع.
وتكمن أهم مخاوف الخبراء في اعتماد المشروع على المياه، في ظل أزمة طاحنة بين مصر ودول حوض النيل حول حصة مصر من المياه، ويتساءل البعض كيف يراد لمشروع التنمية نهضة نصف مليون قرية وحصتها من المياه محدودة وفي سبيلها للنقصان في ظل محاولات بعض دول حوض النيل إقامة سدود على مجرى النيل من شأنها تقليل حصة مصر من المياه لتصل إلى 40 مليار متر مكعب بدلا من 55 مليار، وفي ظل ندرة المياه الجوفية في الصحراء الغربية التي سيقام عليها مشروع ممر التنمية، كما أن السحب الكثيف من المياه الجوفية التي يتطلبها هذا المشروع سوف يجعل المشروع برمته مشكوكا في جدواه الاقتصادية وفى استمراره سواء من حيث توافر المياه الجوفية أو تكلفة استخراجها، بحسب منتقدي المشروع.
وكان الدكتور الباز قد أكد ضرورة توفير مياه الشرب للمنطقة المراد تنفيذ المشروع فيها عبر ضخ أربعة مليارات متر مكعب من المياه في العام ونقل 20 مليون مصري إلي هناك مما جعل خبير الجيولوجيا المصري الدكتور مغاوري دياب خبير جيولوجيا المياه يؤكد ـ خلال ندوة «المياه الجوفية بمصر» أقيمت بساقية الصاوي ـ استحالة تنفيذ المشروع لأن احتياجات 20 مليون مصري ستصل إلي 20 مليار متر مكعب في العام، كما أن محور أسيوط غير صالح للزراعة كما أكد الباز، بحسب الدكتور مغاوري.
بينما رأي الدكتور سامر المفتي إن 80% من مشروعات ممرات التعمير علي مستوي العالم فشلت طبقًا لبيانات وتقارير البنك الدولي والذي أعلن عن عدم قيامه بتمويل مثل هذه المشروعات. وأضاف ـ رداً على إمكانية أن يمول المستثمرون المشروع ـ أن المستثمرين لن يجازفوا بتمويل مثل هذه المشروعات. وقال مغاوري إن المشروع الذي ورطت فيه الحكومة الدكتور الباز من أجل نقل الحياة خارج الوادي الضيق تجاهل الواقع تمامًا واعتمد علي دراسات غير صحيحة.
المخاوف نفسها حذر منها العالم المصري المهندس الاستشاري الدكتور ممدوح حمزة، الذي رأي أن مشروع "ممر التنمية" يعد من أهم الأسباب التي دفعت بوروندي للتوقيع على مبادرة "وادي النيل"، وذلك لاعتماد المشروع على مياه النيل بشكل أساسي، مؤكداً استحالة تنفيذ أهداف المشروع، والممثلة في انتقال 20 مليون مواطن وزراعة مليون فدان، بسبب عدم وجود أراضٍ قابلة للزراعة أو مياه جوفية في الأماكن المحددة له.
وأضاف الدكتور حمزة أن تخطيط مشروع ممر التنمية يعيد نفس الخطأ الذي تم ارتكابه عند إنشاء عدد من المدن الجديدة، مثل 6 أكتوبر والشيخ زايد والتي تم إنشاؤها بالقرب من العاصمة، مما أدى إلى مزيد من الضغط عليها بدلا من التخفيف من الزيادة السكانية بها، حيث إن المشروع في حالة تنفيذه سيشكل ضغطا على وادي النيل بدلا من تخفيف الضغط عليه.
أمل ... رغم الانتقادات
الدكتور فاروق الباز رد على تلك الانتقادات والمخاوف بالتأكيد على أنه ليس هناك أي خطر من السدود الإثيوبية المقامة على نهر النيل على حصة مصر من المياه، مرجعًا ذلك لكون معظمها لتوليد الكهرباء، بل طالب بأن تقوم مصر ببناء تلك السدود في إثيوبيا بنفسها.
ورأي الباز أن مشروع ممر التنمية سيساهم في توطيد العلاقات المصرية الأفريقية، وعودة النفوذ المصري في وسط وجنوب القارة السمراء، وأشار خلال محاضرة بمكتبة الإسكندرية بعنوان: "ممر التعمير في الصحراء الغربية.. وسيلة لتأمين مستقبل الأجيال القادمة في مصر"، إلى إمكانية التوسع في المشروع مستقبلاً، بحيث من الممكن أن يصل إلى السودان، ثم يستمر جنوبًا إلى أن يصل إلى كيب تاون بجنوب أفريقيا، بينما قال الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، إن ممر التنمية يحقق التواصل مع القارة الإفريقية باعتباره طريقاً يربط بين الإسكندرية ومدينة كيب تاون"بجنوب أفريقيا، حيث يمثل ممراً للتجارة الإفريقية كما سيجعل منها بوابة لأفريقيا على العالم.
وحول الانتقادات بأن مشروعات ممرات التعمير علي مستوي العالم مصيرها الفشل طبقًا لبيانات وتقارير البنك الدولي أورد الباز أمثلة على دول طبقت مبدأ الممرات لتحقيق التنمية ونجحت؛ منها الهند التي أصبحت اليوم متقدمة في الكثير من المجالات بعد أن كانت تعاني في الخمسينات من القرن الماضي من مجاعات يموت فيها الآلاف سنويا، بينما أصبحت الآن تصدر القمح رغم تعداد سكانها الكبير.
وأوضح الباز أن مشروع ممر التنمية سوف يحقق العديد من المزايا؛ منها: الحد من التعدي على الأراضي الزراعية التي أثبتت الدراسات، أنه في حال استمرارها بالمعدلات الحالية فإن جميع الأراضي الزراعية في مصر ستختفي على إثر زحف العمران في خلال 183 سنة، كما سيوفر فرصة إعداد عدة مناطق لاستصلاح الأراضي غرب الدلتا ووادي النيل، لافتا إلى أنه على سبيل المثال فإن هناك منطقة بين كوم أمبو وأسوان تعد من أحسن الأماكن للزراعة؛ إذ إن بها حوالي نصف مليون فدان صالح للزراعة.
وبين من يرى أن مصر اليوم وفى ظروفها الراهنة لا تستطيع تحمل العواقب الاقتصادية والاجتماعية لمغامرات بهذا الحجم، ومن يرى أن البلاد تحتاج في تلك الفترة لمشروع قومي يعيد الروح الوطنية إلى الشخصية المصرية، يظل مشروع ممر التنمية ـ رغم المخاوف والانتقادات ـ هو الأمل، الذي يمكنه أن يعزز روح المواطنة لدى المصريين، ويكون نبراساً ينير الطريق نحو مستقبل أفضل لمصر وشعبها، بعد أكثر من ثلاثين عاما عجاف.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة