أين الملاذ
** أبادر أن أضحك على كل شئ قبل أن أكون مضطراً للبكاء على كل شئ **
تلك مقولة لأحد الحكماء عندما قرأتها لأول مرة علقت بى وظلت راسخة فى ذهنى . ترى ما السبب ؟ ألأنى لا أجد فى دنياى ما يضطرنى أن أضحك عليه أو أضحك من أجله فجميع ما فيها سواء وعلى نفس الدرجة من الحزن والفتور والكآبة أو العبوث الذى لا يفارق ملامح وجهى دائماً .. وعلى النقيض من نظرتى هذه أرى الجميع ضاحكون ومستبشرون لا يحملون نفس تجاعيد الحزن التى تملأ وجهى أو الشروخ التى تفيض بها جدران قلبى ,
فأسأل نفسى هل لهم دنيا باسمة غير دنياى ؟ أم يملكون عيوناً غير عيونى ؟ ترى وجهاً آخر للدنيا غير الذى أراه .
فالرؤى تتداخل وتتشابك وهى فى هذا تعتصرنى دون أن أدرى , فحيناً أرى الجميع ضاحكون مبتسمون فأبحث عن سر لهذا لعله يكون دواء لحالى فأجد فى الأصل هموم وأتراح يلونونها باضحكات قبل أن تطبق على أنفاسهم وتدفنها فى قبور لا قرار لها .وحيناً آخر أجد شفاه لا تنطبق من كثرة الضحكات ولها إنفراجة كفوهة بركان ثائر ولكن يا للحسرة من هذه الثورات وتلك الضحكات فهى ميتة بلا طعم أو رائحة فكثيرها للنفاق والبعض لقضاء حاجات وخدمات والبعض الآخر أو ما تبقى منها خداع ووهم لكل الناس ,
فأنا أريدها تعلو وتصعد من داخلى معبرة عما فبه وما يجول به وأن تصطبغ بشتى ألوان السعادة التى لا تخفى عن الناظرين . ولكن أى صبغة تلك وأى الوان أتحدث عنها وكل جوارحى مطبعة للأحزان لا ترتضى بغير الأسود حبراً لها , ونقش حروفها آلام تدق بها شفاهى وتكسر الإبتسامة على أبوابها قبل أن تولد .
حاولت أن أزرع الإبتسامة فبارت الأرض ومات ساقيها على نبتته الصغيرة التى لم ترى الدنيا وسقطت براعمها مع أول لفحة خريف أصابتها ... ففكرت ثانية أن أقترض الضحكات من العابرين ممن ذهبوا وممن هم قادمون ,
فهل لدى أحدكم ابتسامة يهبها لى ؟ وأنا على وعد منى لكل من يمنحنى ما أريد أن أهديه وألبى له ما يشاء
عذراً هل يمكننى أن أتراجع واتقلص من وعدى فقد بحثت فى أرصدتى وفى دفاترى القديمة فوجدت أن الأحزان لم تُبقى لى شيئاً ولم يبق سواها يملأ خزائنى ولن يرضينى أو يرضيكم أن أهبكم من ثرواتى فحسبى أنا وحدى تؤرقنى أحزانى ..............
إذن أين الملاذ ؟ ألن يفارقنى دائى ؟
