فضاءات كرم عمران

كرم عمران

فضاء الموروث الثقافي الشعبي

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
sa3ed
مسجــل منــــذ: 2011-04-09
مجموع النقط: 12
إعلانات


اسرار معركة البارود بقنا مع الحملة الفرنسية


أسرار المعركة بين نجع البارود فى قنا والحملة الفرنسية
كان الطريق إلى نجع البارود حلم القائد الفرنسي "ديزيه" وحملة نابليون بونابرت للقضاء على آخر فلول مقاومة المماليك للحملة.
كانت خطته أن يقضي على مراد بك ومماليكه الذين فروا إلى الصعيد لتتفرغ الحملة بعدها لتحقيق حلم فرنسا ونابليون في السيطرة على طريق الهند ورفع رايات الإمبراطورية الفرنسية في مواجهة عدوها التقليدي بريطانيا العظمى.
كانت تقديراته أنه لن يلفي مقاومة من المصريين لميلهم إلى الهدوء وكراهيتهم للمماليك.
كان يتصور أن حملته على الصعيد نزهة على ضفاف النيل فلم تبق هزيمة المماليك في معركة الأهرام لهم قوة تذكر.
وعلى الدرب الصاعد في الطريق إلى الصعيد كانت المفاجاة التي أذهلت ديزيه وقواته فقد كانت رحلتهم إلى الصعيد رحلة إلى الجحيم.
نقلب في مذكرات أحد ضباط الحملة الفرنسية يقول:
"إن المقاومة التي لقيها الجنود الفرنسيين في الوجه البحري في الغالب ذات صبغة محلية لكن فرقة ديزيه هي التي اضطرت أن تواجه حركات حربية حقيقية".
ويقول ضابط آخر:
"كنا هدفاً لأخطار كثيرة كلما أوغلنا في بلاد الصعيد التي حمل أهلها جميعاً السلاح في وجهنا".
نتابع يوميات الحملة في مذكرات القادة الفرنسيين في تاريخ الجبرتي في كتب الرافعي أتلمس نضال أبناء بلدي في محافظة قنا بدءاً من معركة سمهود "إحدى قرى مركز أبو تشت" في 22 يناير 1799 أقف على نتائج المعركة التي انتصر فيها ديزيه على قوات مراد بك وأنهى فيها آخر دور للمماليك في مقاومة الحملة ليبدأ الدور الحقيقي للمقاومة المصرية الخالصة دون أن تختلط فيها الأدوار.
لم يكن من الصعوبة على الجنرال ديزيه بعد انتصاره في سمهود أن يضع لمسات النهاية لعصر المماليك فها هو يتعقب فلول قواتهم في فرشوط ثم هو ثم الوقف في دندرة فدنفيق فطيبة فأرمنت فإسنا التي ترك فيها ديزيه كتيبة من جنوده وواصل سيرة إلى إدفو فأسوان حيث لم يلق من المماليك مقاومة تذكر واكتفوا بالمناوشات الخاطفة على مؤخرة الجيش والفرار في المواقع التي انتهت بغلبة القوات الفرنسية، هنا تنفس ديزيه الصعداء وظن أنه اقترب من تحقيق حلم الإمبراطورية لنابليون، لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن كما يقولون.
لقد خلا مسرح الأحداث إلا من الأبطال الحقيقيين وذاب الكومبارس من قوات المماليك في أودية النوبة ودروب الصحراء وخلف مقاعد المتفرجين ليشهد التاريخ الأدوار العظيمة والخالدة لأبناء محافظة قنا أحفاد الفراعنة العظماء في معارك الصمود والتحدي.
هل كانت قيادة المقاومة تبيت النية على سحق الحملة في طريق العودة بعد أن ينهكها السير أم كانت ترسم على خريطة الأحداث دورها المحدد بعيداً عن مزايدات المماليك حتى لا يكون لغير أبناء مصر فضل في البطولة؟
ما أن انتهى دور المماليك حتى شهدت حملة ديزيه على الصعيد ما لم تشهده طوال رحلتها من مقاومة معركة قنا في 12 فبراير 1799 معركة أبو مناع في 17 فبراير معركة إسنا في 25 فبراير.
تلك المعارك التي أنهكت قوات الجنرال وأحرجت موقفه وجعلته يستنجد بنابليون طالباً المدد والعون، ولما أصابه اليأس غادر إسنا إلى قوص في طريقه إلى أسيوط حيث قواته طلباً للأمان.
ملحمة البارود:
سبق الجنرال ديزيه عند سفره إلى قوص أسطوله الذي كان يسير ببطء في النيل ليلحق بالجيش في أسيوط كان الأسطول مكوناً من اثنتى عشرة سفينة تقل ذخائر الجيش ومؤنته تتقدمها السفينة الحربية إيتاليا.
وعند قرية صغيرة ككل قرى مصر تتلاصق بيوتها في ذعر لا تشعر عندها إلا بالأمان تكسوها الطبيعة برداء أخضر جميل وتكسبها شمس مصر الساطعة الدفء والحنان رغم رائحة اللهيب في اسمها "البارود" لم يكن فيها سوى الدفء والصمت، وفجأة تتأجج هذه القرية الآمنة وتتفجر في رجالها حمية المقاومة وتشتعل في صدورهم نيران الغضب.
رجال ربما لا تحفظ ذاكرة التاريخ اسماً من أسمائهم هاجموا أسطول فرنسا المدجج بالسلاح والعتاد، هاجموه بأسلحتهم التقليدية العتيقة، الشوم والنيابيت ومشاعل النار.
وبرغم الهجوم الناري الذي شنته عليهم سفينة القيادة إيتاليا بمدافعها الحديثة والتي حصدت منهم الكثير لم يزدهم الموت والدمار إلا إصراراً على الصمود والثأر الموت أو الكرامة.
كانت هذه هي طبائعهم الأصيلة وجزء من تكوينهم الفطري وميولهم الغريزية، لقد نزلوا إلى النيل معبودهم القديم ومصدر حياتهم وسر وجودهم وقد شق عليهم أن تلوث مياهه الطاهرة سفن العدو الغاشمة، سبحوا على صفحته غير مبالين بالهول الأكبر، هاجموا السفن واستولوا عليها وافرغوا شحنتها من الذخائر على شاطئ النهر الخالد، ثم امتطوا ظهور السفن وقصدوا سفينة القيادة إيتاليا للاستيلاء عليها، وكان يقودها القومندان موراندي الذي ضاعف إطلاق النار على الثوار، ولكن عزمهم كان أقوى وإرادتهم كانت أصلب وأصلد.
هنا فكر القائد الفرنسي في الانسحاب لكن الريح عاكسته فجنحت به السفينة ولم يلبث أن هرع إليها الأهالي من كل صوب، وتحقق موراندي الخطر المحيط به فأشعل النار في مستودع البارود فنسف السفينة نسفاً وتناثرت شظاياها واختلطت بدماء غير قليل من الأهالي استشهدوا ولكن من بقي منهم قاتل ببسالة نادرة حتى مات موراندي متأثراً بجراحه، وقتلوا جميع الفرنسيين الذين كانوا على ظهر سفن الأسطول الفرنسي.
كانت خسارة الفرنسيين في هذه الموقعة خمسمائة قتيل وهي أكبر خسارة منيت بها الحملة الفرنسية على مصر.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة