فضاءات كرم عمران

كرم عمران

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
sa3ed
مسجــل منــــذ: 2011-04-09
مجموع النقط: 12
إعلانات


لحظات اعتبار...بقلم معتز عبد الفتاح...الشروق

من تمر به هذه الأيام ولا يعتبر، فليشرع فى إعادة حساباته الأخلاقية والإنسانية. ومن لم يقرأ القرآن الكريم من فترة، فليشرع فى قراءة سورة القصص وتحديدا الآيات من 76 إلى نهاية السورة.
هذه الآيات التى تحكى قصة «قارون» تلخص لنا فتنة البحث المرضى عن المكانة.
وهو اضطراب نفسى وسلوكى، له أعراضه، فهناك أشخاص باحثون عن المكانة بشكل مرضى كما يقول علم النفس السياسى ويسعون إليها من خلال الشهرة أو المال أو السلطة، حتى لو تجاوزا فى سبيل ذلك جميع الاعتبارات الأخلاقية.
وهذا السعى الموبوء نحو المكانة الشخصية هو ما جعل الكثير من كتاب الزهد فى جميع الحضارات والفلسفات يحذرون منها لأنها يمكن أن تفضى إلى الهلكة الشخصية والجماعية.
وأتذكر قول أحد التابعين عن فضل الزهد (الذى هو خلو القلب مما رأته العينان) والقناعة (التى هى خلو القلب مما لا تملكه اليدان) حين قال: «إننا فى راحة بال، لو يعلمها الملوك لحاربونا عليها بالسيوف».
هذه الأيام أيام اعتبار بحق. قارون ليس قصة فى القرآن فقط، وإنما هو جزء من واقع نعيشه. قال له الناصحون: «لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين» أى المبالغين فى الافتخار بأنفسهم ظنا منهم أن عطاء الله لهم دليل رضى وحظوة، وإنما حقيقة هو جزء من الابتلاء، فالإنسان يبتلى بالمنع وبالعطاء. قال له الناصحون «وأحسِن كما أحسن الله إليك، ولا تبغ الفساد فى الأرض، إن الله لا يحب المفسدين». فقال فى صلف: «إنما أُوتيتُه على علم عندى».
فأرانا الله فيه آية بعد أن خسف به وبداره الأرض، «وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن (أى عجبا) الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر، لولا أن مَنّ الله علينا لخسف بنا».
ليس معنى ما سبق أن هناك ما يدعو أو يبرر التكاسل وفتور الهمم، لكن الحذر أن نتخذ وطننا ومجتمعنا مطية لتحقيق مكانتنا الشخصية.
أختم بحكمة قرأتها متفرقة، ولكنى جمعتها اعتقادا فى تمام فائدتها: سبحانه وتعالى يعطى من يشاء بفضله، ويمنع من يشاء بعدله، ولا يسأله مخلوق عن عِلة فعلِه، ولا يعترض عليه ذو عقل بعقله. سبحانه، قد يعطى وهو يمنع، وقد يمنع وهو يعطى، وقد تأتى العطايا على ظهور البلايا، وقد تأتى البلايا على ظهور العطايا، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم. والله يعلم وأنتم لا تعلمون.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة