الزعيم الراحل
تمر اليوم 28 سبتمبر 2010 - الذكرى الأربعون على رحيل جمال عبد الناصر ، هذا الزعيم الذى حقق مشروعا نهضويا كبيرا لمصر وبسواعد وطنية خالصة ، رغم المكائد التى صنعها الغرب له خاصة على الصعيد العسكري المتمثل فى تسليح إسرائيل بترسانة من الأسلحة المتقدمة ودفعها لمهاجمة مصر للحد من سرعة تقدمها باستنزافها ، وكذلك على الصعيد الاقتصادي المتمثل فى عدم تقديم أى تسهيلات مالية تساعدها فى تحقيق نهضتها الكبرى ..
لم يحقق أى رئيس خلفه أى نهضة بالبلاد رغم حالة الاسترخاء العسكرى الذى نعيشها وبلايين المساعدات التى تنهال على مصر ، ولا نبالغ أن نقول أن ما يحدث بمصر منذ رحيل عبد الناصر هو تخريب فى مقدراتها وهدم الأسس الاجتماعية لشعبها ونهب ثروة البلاد التى أسسها عبد الناصر وتهريبها بالخارج وتعمد إفقار الشعب وإذلاله ..
لقد كان أعداء عبد الناصر يكمنون عبر الحدود ولهذا كان من الطبيعى أن يعملوا على إسقاطه ، بينما كان أعداء من جاء من بعده هم الشعب المصرى نفسه ، ولهذا كان من الطبيعى أن يطلب من خلفه العون من الخارج لمواجهة شعبه والحيلولة دون سقوطه..
لقد أحدث عبد الناصر تغييرا جذريا فى حياة المصريين إلى الأفضل وعلى كل الأصعدة ، وأصبح رمزا لتحرر الشعوب المظلومة حول العالم ..
يقول يافل أكوبوف سفير سابق ورئيس جمعية الدبلوماسيين الروس فى عام 2008 والذى كان يعمل مستشارا اقتصاديا فى السفارة السوفيتية فى القاهرة فى عام 1959 ما يلى : ( فى العام المذكور استدعى عبد الناصر سفيرنا فى القاهرة لمناقشته فى إنشاء مصنع للحديد والصلب فى حلوان واصطحبني السفير معه ، بدأ عبد الناصر حديثه لسفيرنا قائلا : بعض أعضاء الحكومة هنا يريدون تقنية ألمانية غربية لإنشاء هذا المصنع ولكنني أريد اليوم منك أن تقنعنى بأن أتجه لكم كى أقوم بإقناعهم .. هنا قال سفيرنا : سيدى الرئيس ، أنت تعرف الغرب فهو لن يقدم لكم أى مساعدة إلا نظير إملاءات تمس سيادتكم الوطنية ، نحن أصدقاء لكم ونقدم لكم ما هو أفضل لدينا .. تدخلت فى هذه اللحظة وطلبت الإذن بالحديث من السفير وقلت : خبرتنا فى هذا المجال هى أننا وراء الألمان بخطوة ، لكننا من الناحية الاقتصادية أفضل كثيرا منهم ، خبرتنا نقدمها دون فوائد اقتصادية ويستطيع المهندس المصرى والعامل المصرى أن يبدأ العمل بها بعد شهر واحد من التدريب لأنها بسيطة وغير معقدة ، أما خبرة الألمان فى الحديد والصلب فتحتاج إلى وجود خبراء منهم لعدة سنوات هنا فى مصر وسيتقاضى كل واحد منهم عشرات الآلاف من الدولارات سنويا منكم أو ربما ترسلون المصريين للتعلم هناك لخمس سنوات ، فى النهاية سيرتفع ثمن المنتج النهائى ولن يكون منافسا وستأخذون وقتا أطول لتقديم فرص العمل للمصرين .. هنا سألنى عبد الناصر من أكون وماذا أعمل فى السفارة واقتنع بوجهة نظرى .. لقد قابلته فى العام المذكور ثلاث مرات .. عبد الناصر كان مصريا خالصا وينطلق من مصالح بلده ويقبل بما هو أفضل لمصر سواء كان من الغرب أو الشرق .. هيبة عبد الناصر تكمن فى إخلاصه الكامل لمصالح بلاده وبذل أقصى ما لديه للحصول على ثقة شعبه وتواضعه ، لهذا أصبح رمزا للتحرر فى الكثير من دول العالم ) ..
أما أناتولى ياغورين فهو سفير سابق أيضا ويعمل حاليا كرئيس لفريق " الحوار الروسى العربى " وألف كتابا فى 2001 بعنوان " مصر فى عصرنا الحديث " ، وكان يعمل دبلوماسيا فى السفارة السوفيتية فى بداية الستينات ، فيقول ما يلى : ( قدم الغرب شروطا مهينة لمصر لإنشاء السد العالى ، وقد أدرك عبد الناصر ذلك وتقدمنا نحن بشروط اقتصادية أفضل منهم دون المس بالسيادية المصرية ، لقد تكلف السد العالى مليارىْ دولار وقدم الإتحاد السوفيتى 60 % من هذا المبلغ كقروض ميسرة وبدون فوائد تقريبا
