فضاءات أم دينار

أم دينار

فضاء أعلام ورجالات وعوائل

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
عزالدين الحريرى
مسجــل منــــذ: 2011-01-22
مجموع النقط: 54.37
إعلانات


كلمة الدكتور حكمت بن أحمد الحريري

كلمة الدكتور حكمت بن أحمد الحريري
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال الذي يسجد له من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدو والآصال.
خلقنا من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء وجعلهم شعوباً وقبائل خلائف الأرض ورفع بعضهم فوق بعض درجات ليبلوهم فيما آتاهم أيشكرون أم يكفرون، وما به من حاجة إلى الخلق سبحانه هو الغني الحميد قوي شديد المحال يخلق ما يشاء ويختار، وما للخلق جميعاً دون الله من وال.
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين المبعوث رحمة للعالمين أفضل الخلق وأكرمهم على الله أجمعين محمد بن عبد الله الصادق الأمين المحمود من ربه بقوله: ,{وإنك لعلى خلق عظيم} (1) وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المؤمنين الأوفياء المرضيين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن هذا الجهد القيم: الذي قّدم له وحققه الأخ الفاضل الدكتور بشير زين العابدين نجل شيخنا وأستاذنا الجليل العلامة المجدد محمد سرور زين العابدين بقية السلف الصالحين، متعنا الله بطول عمره وبارك في علمه وعمله ونفع به المسلمين.
فشرفني بالإطلاع عليه وأن أضع هذه المقدمة بين يديه، وصححت شيئاً طفيفاً فيما يتعلق بأسماء بعض أعمامنا الذين هم من قريتي: "الغرية الغربية” فقط لأنني بسبب الغربة لا أتمكن من ضبط أسماء أقربائنا الذين نعرفهم في غير قريتنا.
وأضفت أسماء من أعرفهم لأن الوثيقة التي حققها الدكتور بشير رعاه الله تذكر من الأسماء إلى سنة 1906م، أي إلى من هم في عهد جدي، وكم جاء بعد هؤلاء كثرهم الله وبارك فيهم.
لقد أعجبت بما فعله الدكتور بشير واستحسنت ذلك منه ودعوت له بالتوفيق والسداد والهداية والإرشاد وأن يجعل الله ذلك في ميزان حسناته لأنه أقدم على أمر له في نفسي مكانة وأهمية، وبالي منه في اشتغال، لأنني سمعت أن بعض من أدمن في قلبه كوامن الإحن واشتملت عليه غواشي الغل ينال من ذوي الأحساب الزاهرة والأنساب الطاهرة.
ليس غريباً على الدكتور بشير زين العابدين أن يضطلع بهذه المهمة التي يتحقق له فيها قول الله عز وجل: {ما أسئلكم عليه من أجر إلا المودة في القربى} (2) أن ينجز هذا العمل الجليل فهو ابن بجدتها، وهذا الشبل من ذاك الأسد ومن أشبه أباه فما ظلم.
وأود أن أسجل في هذه المقدمة بعض الملاحظات والمعلومات المفيدة:
1- إن علم الأنساب علم شريف لا يليق جهله بذوي الهمم والآداب، بل هو موضع اهتمام النبلاء والمتوسمين الذين يبصرون في أنساب أصحاب الدعوات فيحكمون عليها ويقيمونها -أي الدعوات والأفكار- من خلال النظر في أنساب الدعاة وأفكارهم وأعمالهم.
فإن هرقل عظيم الروم لما وصله كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه فيه إلى الإسلام، فسأل عنه أقرب الناس وأكثر معرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان وكان في تجارة له بالشام، فكان أول ما سأل عنه: كيف نسبه فيكم؟ فأجابه أبو سفيان: هو من أوسطنا نسباً. وحديث هرقل مع أبي سفيان ذكره البخاري في صحيحه بتمامه.
وعندما كتب السيوطي مؤلفاً يؤرخ فيه للخلفاء المسلمين، لم يورد فيه أحداً من العبيديين وعدّ إمامتهم غير صحيحة، رغم زعمهم وتسترهم بالنسب الطاهر وادعوا أنهم من العلويين، ولكن المحققين متفقون على نفي هذا النسب الطاهر عن بني عبيد لأنهم كانوا على ملة الإسلام شراً من التتار، منهم من أظهر سب الأنبياء، ومنهم من أباح الخمر ومنهم من أمر بالسجود له، والخير منهم رافضي خبيث لئيم يأمر بسب الصحابة رضي الله عنهم.
ولذا قال القاضي أبو بكر الباقلاني: "القداح جد بني عبيد يسمى بالمهدي كان مجوسياً ودخل عبيد الله المغرب وادعى أنه علوي ولم يعرفه أحد من علماء النسب، وسماهم جهلة الناس: الفاطميين”.
ولما جاءت مريم عليها السلام بولد من غير أب لامها الناس وظنوا أنها فعلت فعلاً لا يليق بنسبها الشريف: {فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً}.(3)
خلاصة القول في هذا أن علم الأنساب هو موضع اهتمام النبلاء والمتوسمين قديماً وحديثاً.
2- الاهتمام بالأنساب أمر مندوب إليه في الكتاب الكريم والسنة المطهرة لما فيه من صلة الأرحام، وقطيعتها فساد في الأرض، {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم}. (4)
ولذا قال تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا} (5) وبالتعارف يحصل التآلف.
وفي الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر”. (6)
قال المباركفوري في شرحه: (من أنسابكم)؛ "أي أسماء آبائكم وأجدادكم وأعمامكم وأخوالكم وسائر أقاربكم… فتعلم النسب مندوب”.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "تعلموا أنسابكم تصلوا أرحامكم ولا تكونوا كنبط السواد إذا سئل أحدهم: ممن أنت؟ قال من قرية كذا. فوالله إنه ليكون بين الرجل وبين أخيه الشيء لو يعلم الذي بينه وبينه من دخلة الرحم لردعه ذلك عن انتهاكه”.
3- ما يزال الناس بخير ما تباينوا فإذا تساووا هلكوا، والتفاوت أمر فطري في الخلق والناس معادن منهم النفيس ومنهم الخسيس وفيهم الغالي وفيهم الرخيص وفيهم الشريف وفيهم الضعيف، قال تعالى: {ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ورحمت ربك خير مما يجمعون}.(7)
إن الديانات الوثنية والأحزاب الجاهلية والدعوات العلمانية تسعى لمحاربة هذا الأمر الفطري في البشر وإزالته فهي تدعو إلى الإباحية والاشتراكية.
وهذا ما سمعناه من دعاة الأحزاب القومية ومن المنافقين، إن حب أهل البيت وحب الإنسان لأصله وقبيلته ودفاعه عن نسبه يعدون ذلك دعوات رجعية دعوات قبلية، وذلك لإضعاف الشعور الإيماني وخلخلة الروابط الاجتماعية، وصدق من قال: "الحمايل سياج”.
إن حب النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الطاهرين هو من الديانة وأداء الأمانة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأوصى بالتزامها.
فعن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما”. (8)
وروى مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: "أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي”. (9)
4- إن هذا الكتاب من الأهمية بمكان لاحتوائه على وثيقة محررة قبل مدة تزيد على قرن من الزمان شهد عليها وأثبتها ووثقها أعلام نبلاء ومفتون فقهاء وقضاة منصفون، قدم لها مفتي حماة في زمانه الشيخ محمد الحريري الرفاعي سنة 1324هـ رحمة الله عليهم أجمعين.
حيث ذكر من شهرة انتساب آل الحريري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فيه الكفاية لأهل الدين والدراية كما قال الشاعر:
متى ما قيل الصبح حيا تعين أن مركزه السماء
كما أنه أوضح الفرق -الذي يزيل الوهم- بين علي برهان الدين أبي النصر الحريري الرفاعي بن عبد المحسن المتوفى سنة 620هـ، الذي ينسب إليه آل الحريري، وبين علي أبي محمد الحريري بن أبي الحسن بن منصور المروزي المتوفى سنة 645هـ.
ورحمة الله على من بذل جهده وتنقل في القرى حتى تسنى له جمع هذا النسب الشريف ذلك هو الحسيب النسيب السيد عبد المحسن بن حسين بن إسماعيل زين العابدين عليه رحمة الله ورضوانه.
وترجع أهمية الكتاب إلى أن مؤلف هذا النسب إنما فعل ذلك بناء على المهمة التي أوكلها إليه السلطان العثماني في وقته ولم يكن هذا العمل للفخر ولا للخيلاء بل لأمر مهم اقتضته الأوضاع السياسية في حينها لحماية البلاد وصيانة العباد من الخونة والدخلاء، وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.
وقد أشار الأخ المحقق د. بشير زين العابدين إلى بعض الوقائع الشهيرة التي صدرت عن بعض أبناء هذا النسب الطاهر الشريف.
وأود أن أذكر الأخ الفاضل د. بشير وفقه العليم الخبير إلى أن هنالك نسخاً أخرى موجودة عند بعض أقربائنا في بعض القرى لعل الله أن ييسر له الحصول عليها، حتى يتم إنجاز العمل على أحسن وجه يرضيه.
وفقه الله ويسر له كل عسير إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
د. حكمت بن أحمد بن ذيب الحريري
(1) سورة القلم، آية: 4.
(2) سورة الشورى، آية: 23.
(3) سورة مريم، آية: 27.
(4) سورة محمد، آية: 22.
(5) سورة الحجرات، آية: 13.
(6) رواه الترمذي في السنن، وأحمد في المسند، والحاكم في المستدرك.
(7) سورة الزخرف، آية: 32.
(8) رواه الترمذي في أبواب المناقب وقال حديث حسن غريب.
(9) باب فضائل الصحابة.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة