فضاءات عين أفقه

عين أفقه

فضاء المرأة وشؤونها

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
gherbi ain fekka
مسجــل منــــذ: 2011-03-01
مجموع النقط: 16.3
إعلانات


تأملات في واقع تعليم المرأة الجزائرية

إ
اننا حين نتطرق بالحديث عن اوضاع المراة عموما واوضاع المراة الجزائرية خصوصا فان هذا يفتح بابا واسعا من الجدل والنقد لمتناول هذا الموضوع. وبالرغم من الاختلاف القائم بين الداعيين لتحسين اوضاع المراة والمؤيدين لذلك وبين المعارضين الذين يشككون في نية هؤلاء الا ان هذه القضية تبقى ذات اهمية كبيرة لاهمية الموضوع نفسه.
لذلك فانه يجب فتح هذا الموضوع مرارا لمحاولة تغيير اوضاعها وتحسينها والعمل على اعادتها الى وظيفتها ومكانتها التي منحها الله اياها وان لم نفعل فنحن بذلك نخالف وصية رسولنا الكريم بالنساء 1 وننقصها حقها وقدرها ونترك ثغرة كبيرة في المجتمع لا يمكن للرجل وحده ان يسدها. وكما قال الشاعر:
الام مدرسة اذا اعدتها***اعددت شعبا طيب الأعراق
إن الأوضاع التي مرت بها المراة في الجزائر قد لا تختلف كثيرا عن اوضاعها في باقي اقطار الوطن الاسلامي، فلقد كانت المراة الجزائرية في زمن الاستعمار تعاني من حرمانها التعلم وان حصلت على بعضه فانه يكون اما في الزوايا التي قد لا تعلم الكثير لنقص الامكانات او في المدارس الفرنسية وهنا تكون مستهدفة بشكل مباشر للتغريب والتبشير المسيحي ، وحتى بعد الاستقلال الذي حققته الجزائرفي 1962م الا ان حالة الحرمان هذه تواصلت مع اختلاف المسببات، ولكن الاوضاع تغيرت مع الزمن وتوفرت بعض الامكانيات ففتح المجال واسعا لتعليم المراة . ولكن التساؤل المطروح هل ادى تعليم المراة في الجزائر الى النتائج المطلوبة؟ وهل غير ذلك من اوضاعها؟ وهل تغيرت نظرة المجتمع نحو المراة؟
بالرغم مما حاوله دعاة تحرير المراة من تغريب لها وفصل لها عن دينها فانهم زادوا من وضعها تازما وتعقيدا، فالحقوق التي ادعاها هؤلاء ودافعوا عنها كمساواتها للرجل في كل المجالات واعطائها مجالا من الحرية الكافية لاثبات وجودها، كما دعوا الى تعليمها لتحظى بفرص اكبر من النجاح ادت الى مساواتها بالرجل مساواة غير عادلة خصوصا من الجانب المادي وبدل ان يتعب الرجل لتحصيل الحياة الكريمة لاسرته اخذت المراة مكانه بجدارة في فرص العمل وبالتالي فقد اصبحت في كثير من الاحيان مطالبة بان تقوت عائلتها و تركت مكانها شاغرا لان الرجل لن يحل مكانها ولو استطاع.
وهكذا كانت المساواة بينها وبين الرجل في كل المجلات تجعلها تاخذ مكان الرجل وتترك دورها الرئيسي فكانت هذه دعوة منهم لترجل المراة لا لمساواتها بالرجل لاستحالة الامر(فانهما يمثلان ثنائية يكمل بعضها بعضا فلا يمكن فصلهما عن بعضهما كما لا يمكن تساويهما).
كما ان الدعوة لتعليم المراة خدمت فكرة عملها بشكل كبير فاصبحت المراة تتعلم وتنال شهادات عالية لتستثمرها في مجال العمل لا العلم ، فاصبحت الدراسة وسيلة للحصول على العمل بدل ان تكون وسيلة للتحصيل العلم والاستفادة منه، وهنا فقد عملت ثقافة التغريب عملها بالاضافة الى ان امتزاجها بالثقافة التقليدية التى لم تخلو من المتناقضات انتج لدينا خليطا غير متجانس من الثقافات وغابت الثقافة الاسلامية الاصيلة؛ فبدعوى التعليم والانفتاح الثقافي الذي انعكس- طبعا-على المراة كما انعكس على الرجل اصبحت اماكن التعليم خصوصا الجامعات منبعا للانحلال الخلقي الذي اثر بشكل كبير على المجتمع الجزائري .هذا الغزو الثقافي قابله من الناحية الاخرى حروب على الاسلام ومحاولة اقناع للمجتمع بان الاسلام يحرمه من انشاء حضارة متطورة فيسبب له التخلف مقارنة بالغرب (وان كانت هذه الحملات لم تلاقي الترحيب الكامل الا انها اثرت سلبا على المجتمع وما يزال تاثيرها مستمرا). وبالرغم من خطا دعواهم من عدة وجوه الا انه كان معهم بعض الحق في ان المراة ظلمت كثيرا، ولكنهم اخطاوا بنسبهم ذلك الى الاسلام بغير دليل وتحميله الخطا الانساني ؛وان كان قد ساهم في هذا بعض الجهال الذين كانوا يحاولون تبرير تسلطهم وظلمهم للمراة بنسبهم ذلك للاسلام .
اضافة الى ذلك فقد كان للثقافة التقليدية -كما سبق- مساهمة كبيرة في ابعاد المراة عن منابع الثقافة الاسلامية فالذي كان سائدا في الجزائر ان المراة ليست بحاجة الى تعليم بقدر حاجتها الى تعلم فنون الطبخ والاعتناء بالبيت وهكذا بدل ان نحصل على امراة صالحة كما قال صلى الله عليه وسلم في حديثه {الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المراة الصالحة 2} نحصل على امراة لا تتعدى ثقافتها ابواب المطبخ ونظرا للفراغ الذي سيتركه ذلك في حياتها تلجا ضرورة الى ملا الفراغ من اماكن مختلفة وان حدث وتعدت هذه الثقافة هذه المساحة فستكون فيما لا يفيد ولا ينفع، ومما يزيد الامر تعقيدا ان هذه الثقافة تحاول ان تقول ان المراة هي من تطبخ وتنظف فان هي لم تقم بذلك لم تعد تصلح لشيء بل لم تعد انسانا كامل التكوين. ورغم ان هذه الثقافة قد تنازل اصحابها قليلا وسمحوا للمراة بان تتعلم الا ان ذلك لم يغير من الوضع شيئا، فمعظم اللواتي يتعلمن يؤمن حقيقة ان وظيفتهن في الحياة لا تتعدى الطبخ والتنظيف لارضاء الزوج والاولاد ،حتى انهم يغفلون على تعلم ضروريات العبادات وقد يغفل الكثير عن اهداف وغايات بناء الاسرة وعن الواجبات والحقوق المترتبة عن هذا البناء لان اهم ما يطلبه منها المجتمع بثقافته هو الطاعة العمياء للرجل ومحاولة ارضائه بشتى الوسائل لانه لها بمثابة الحياة بغض النظر عن كونه انسانا صالحا أم لا3 ، وأحيانا كثيرة تكون الواحدة منهن مدفوعة للدراسة بغير رغبة منها فالظروف حكمت عليها بكل هذه الخطوات التي لا حيلة لها كما حكمت من قبل بعدم دراستها فتحس بانها مسيرة في حياتها بمطالب الاخرين، ومعظمهن لا يعلمن غايتهم من الحياة او اهدافهم فيها لان ثقافتهم محدودة ولان الاهل يرسمون طريق حياة اولادهم كما يخططون لهم ولمستقبلهم دون مراعاة احتياجاتهم. وقد يحصل ان تربط احداهن حياتها باحلام قد يستحيل تحقيقها نظرا لتاثرها بالعالم الغربي فتجدها تجري وراء السراب ؛واحيانا كثيرة تكون الداراسة لدى البعض بدافع المفاخرة والمباهاة فتغيب غايات ونتائج التعليم وراء كل هذا مشكلة نقصا فادحا في المجال العلمي من حيث البحث والانتاج .
وهنا فان اوضاع المراة الجزائرية لم تتغير بفتح الباب واسعا امام التعليم لان هذا الاخير قد عجز عن توعية الافراد واعطائهم الثقافة السليمة فحتى ان وصلت المراة الى الدراسات الجامعية فانها تبقى تعاني من سلب للحقوق وعدم الوعي ويشاركها في ذلك كل المجتمع ؛ فان المراة ان لم تحظى بكل وسائل التثقيف والوعي الصحيح بقيت تجهل اهم اهدافها في الحياة واصبح مصير جيل باكمله في خطر.
وان القصد من كل هذا هو الدعوة لتثقيف المراة-فالتعليم وحده لا يكفي- واعطائها حقها المطلوب لتختار مسار حياتها دون ضغوطات من أي جهة. فكما ان المراة لا تعني ان تكون خادمة لا تستطيع ان تامر وتنهي في بيتها، ولا تعني انها امة للرجل تطيعه طاعة عمياء حتى ان خالف ذلك مصلحتها ومصلحة أسرتها(وهنا يجب الاشارة الى أنه لا يجدربها اخذ مكان الرجل وانما الموازنة بين حقوقها وواجباتها أمر ضروري)، كذلك فانها لا تعني ايضا شهادة يباهى بها امام الناس (فان المواهب نعمة من الله وهو يوزعها على من يشاء فليس بالضرورة ان تحصل كل نساء الجزائر عل شهادة في علم من العلوم فقد تكون موهبة البعض منهن في شيء اخر وقد نضيع امكانية الاستفادة منها) فالحصول على الشهادة من دون فهم ووعي للمسؤولية التي تحملها هذه الاخيرة لصاحبها تجعل منها نفاقا وتتبعها خيانة للامانة.
اذن فان ما يجب ان يحققه التعليم هو خدمة المراة واعادت حقوقها لكي تساهم في بناء المجتمع؛ ولكن المراة هنا لا تحتاج الى التعليم فقط بل تحتاج الى تربية سليمة و اجواء اسرية نقية والى ثقافة اسلامية متكاملة تشعرها بدورها ورسالتها نحو دينها، اسرتها،مجتمعها، وتجعلها مستعدة لمواجهة تيارات التغريب والشبهات المختلفة؛فان وعيها باهمية دورها ورسالتها في الحياة يجعلها تقطع شوطا هاما في مقاومة كل شبهات الغزو الثقافي فنأمن بعدها على الاجيال الصاعدة، لان اعدائنا ما تمكنوا منا الا لانهم وجدوا اذانا صاغية لمذاهبهم دون ادنى مقاومة ووجدوا فراغا هائلا تركناه نحن المسلمون مفتوحا ليجول فيه اتباع الغرب فنهضنا على اجراس تحرر المراة والله اعلم ما الذي سيدق اجراس الخطر في المرة القادمة.
ــــــــ
1 ما ذكره الترمذي في سننه من وصية النبي (صلى الله عليه وسلم) في حجة الوداع, رقم الحديث 1083، باب الرضاع، سنن الترمذي.
2 حديث رقم 2668،كتاب الرضاع ، باب خير متاع الدنيا المراة الصالحة, صحيح مسلم.
3 (فالرجل في نظرالمجتمع يبقى رجلا مهما حصل ولا تتغير نظرة المجتمع اليه في اي ظرف ولكن المراة التي حكم عليها بان تطلق او يموت زوجها او التي لم تتزوج اصلا ينظر اليها المجتمع نظرة دونية لانه ليس لديها زوج).
جريدة الفجر الجزائرية

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة