فضاءات الروضة

الروضة

فضاء المرأة وشؤونها

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
alaaabonada
مسجــل منــــذ: 2011-02-27
مجموع النقط: 26.2
إعلانات


المرأة و الجاب

المرأة والحجاب
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مُضِلَّ لَه ، ومن يُضْلِلْ فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ،أما بعد :
فلقد بعث الله تعالى محمدًا e بالهدى ودين الحق ليُخْرِجَ الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ، بعثه الله لتحقيق عبادة الله وحده لا شريك له ، وذلك بتمام الذل والخضوع له تبارك وتعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، وتقديم ذلك على هوى النفس وشهواتها ، وبعثه الله متمماً لمكارم الأخلاق داعياً إليها بكل وسيلة ، وهادمًا لمساوئ الأخلاق محذراً عنها بكل وسيلة ، ومما لا شك فيه أن من مكارم الأخلاق التي بُعِثَ بها محمد e ذلك الخلق الكريم ، خُلُق الحياء الذي جعله النبي e من الإيمان وَشُعبةً من شُعَبِه ، ولا يُنْكر أحد أن من الحياء المأمور به شرعًا وَعُرْفًا احتشام المرأة وَتَخَلُّقَها بالأخلاق التي تُبْعِدُها عن مواقع الفِتَن ومواضع الرَّيب ، ويكون احتشام المرأه في حجابها الحجاب الكامل الذي يحفظ حياءها ، والحياء من أقوى البواعث على الفضائل ، كما أنه يُناسب الغيرة ، والغيرة من صميم أخلاق الإيمان ، وفيه حماية الأعراض ، وإغاظة شياطين الجن والإنس ، والسلامة من الفِتَن ، والنجاة من الوعيد ، وهو على خلاف التبرج ، فالتبرج معصية لله ولرسوله e ، وهو كبيرة من الكبائر ، يُجْلِب اللَّعنَ والطَّردَ من رحمة الله ، وهو فاحشةٌ وَنِفاق ، وَتَهَتُّكٌ وفضيحة ، وهو من صفات أهل النار ، وهو سوادٌ وظلمةٌ يوم القيامة ، وهو سُنَّةٌ إبليسيةٌ جاهليةٌ مُنتنة من سنن اليهود والنصارى ، وهو حيوانيةٌ وتخلفٌ وانحطاطٌ وتقليدٌ أعمى لأعداءِ الله ، وهو سبب لانعدام الغيرة ، واضمحلال الحياء ، وكثرة الجرائم ، وفساد أخلاق الرجال ، وشيوع الفواحش ، والإعراض عن الزواج ، وبه تتحطَّم الروابط الأسرية ، وتنعدم الثقة بين أفرادها ، وهو إساءةٌ للمرأة ، وإهدارٌ لكرامتها ، وهو يُسهِّل معصية الزنا بالعين ، وَيُسبِّب انتشار الأمراض ، ويوجب نزول العقوبات ، ولا شك أن فتنةَ النساءِ فتنةٌ عَظيمةٌ أخبرَ عنها النبي e بأنها من أكبر الفِتَن ، فعن أبي سعيد الخدري t عن النبي e ، قال : " إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها ، فينظر كيف تعملون؟ فاتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " ، وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قال رسول الله e : " ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء " ، وعن علي بن أبي طالب t . عن النبي e أنه قال : " أخوف ما أخاف على أمتي : النساء والخمر" ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه قال : " لم يَكْفُر من كَفَرَ ممن مَضَى إلا من قِبَل النساء ، وَكُفْرُ من بَقِيَ من قِبَل النساء "، وعن معاذ بن جبل t : أنه قال : " ابتليتم بفتنة الضَرَّاء فصبرتم ، وَسَتُبْلَوْنَ بفتنة السرَّاء ، وأخوف ما أخاف عليكم : فتنة النساء إذا تَسَوَّرْنَ الذهب والفضة ، ولبسن رِيَاطَ الشام وعصب اليمن ، فأتعبن الغني ، وكلفن الفقير ما لا يجد " ، وعن أبي سعيد الخدري t : أن رسول الله e قال للنساء : " ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهبُ لَلُبِّ الرجل الحازم من إحداكن " ، وعن علي بن أبي طالب t : أنه قال لفاطمة رضي الله عنها : " ما خير للنساء ؟ قالت : أن لا يرين الرجال ولا يرونهن ، فذكره للنبي e ، فقال : إنما فاطمة بضعةٌ مني " ، وهذا إقرار من النبي e على ذلك ، ومن الفِتَن التي طغت أيضًا على هذا الزمان ظهور النساء الكاسيات العاريات اللائي يغطِّين بعض جسدهن ويكشفن بعضًا ، أو يُغطِّين بالملابس الضيقة والشفافة وما هن بمغطيات ، أو يلبسن الحجاب القصير الذي لا يستر الشعر ولا يستر الرقبة ، وقد وصفهن النبي e في الحديث الذي رواه أبو هريرة t حيث قال : " صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " ، وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله e يقول : " سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرِّحال ، ينزلون على أبواب المساجد ، نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف ، العَنُوهُنَّ فإنهن ملعونات ، لو كان وراءكم أمة من الأمم ، لخدمن نِساؤكُم نِسَاءَهُم كما يخدمنكم الأمم قبلكم " ، وفي هذا الحديث دلالةٌ واضحةٌ على لعن المتبرجات ، كما أن هناك أمورًا حذر منها النبي e : ونهى عنها لأنها تؤدي إلى الافتتان بالنساء ، بل وقد تكون سببًا في فساد الأخلاق ، نذكر منها على سبيل المثال :
  1. الخلوة بالأجنبية :-
    الشيطان حريص على فتنة الناس وإيقاعهم في الحرام ، ولذلك حذرنا الله سبحانه بقولهِ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ . وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ " ، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، ومن سبل الشيطان في الإيقاع في الفاحشة الخلوة بالأجنبية ، ولذلك سدَّت الشريعة هذا الباب كما في قوله e : " لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان " ، فلا يجوز لرجل أن يختلي في بيت أو حجرة أو سيارة بامرأة أجنبية عنه ، سواء كانت زوجة أخيه أو ابنة عمه أو ابنة خاله أو غير ذلك ، ومما يدل على ذلك أيضًا قول النبي e في الحديث الذي رواه عقبة بن عامر t : " إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار : أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت " ، وكثير من الناس يتساهلون في هذا ، إما ثِقَةً بنفسه أو بغيره ، فيترتب على ذلك الوقوع في الفاحشة أو مقدماتها والعياذ بالله .ه
  2. مصافحة المرأة الأجنبية :-
    وهذا مما طغت فيه بعض الأعراف الاجتماعية على شريعة الله في المجتمع ، وَعَلاَ فيه باطل عادات الناس وتقاليدهم على حكم الله ، حتى لو خاطبت أحدهم بحكم الشرع وَأَقَمْتَ الحجة وَبَيَّنت الدليل ، اتَّهَمَكَ بالرجعية والتعقيد وقطع الرحم والتشكيك في النوايا الحسنة ، فصارت مصافحة بنت العم وبنت العمة وبنت الخال وبنت الخالة وزوجة الأخ وزوجة العم وزوجة الخال أسهل في مجتمعنا من شرب الماء ، ولو نظروا بعين البصيرة في خطورة الأمر شرعًا ما فعلوا ذلك ، فعن رسول الله e قال : " لأَنْ يُطْعَن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " ، ولا شك أن هذا من زِنَا اليد كما قال e : " العينان تزنيان واليدان تزنيان والرِّجْلاَن تزنيان والفرج يزني " ، وهل هناك أطهر قلباً من محمدٍ e ، ومع ذلك قال : " إني لا أصافح النساء " ، وقال أيضًا : " إني لا أمسُّ أيدي النساء " ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " ولا والله ما مسَّت يد رسول الله e يد امرأة قط غير أنه يبايعهن بالكلام " ، ألا فليتق الله من يترك زوجته أو أخته أو ابنته تصافح من لا يحل لها سواء كان قريبًا أو بعيدًا ، وليتق الله أناس يُهَدِّدون زوجاتهم الصالحات بالطلاق إذا لم يُصافحن إخوانهم ، كما ينبغي العلم بأن وَضع حائل والمصافحة من وراء ثوب لا تُغني شيئًا ، فهو حرام في الحالين .ه
  3. سفر المرأة بدون محرم :-
    فَفِي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله e : " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " ، وقال عليه الصلاة والسلام " من كانت تؤمن بالله واليوم الآخر لا تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم " وهذا يعم جميع الأسفار حتى سفر الحج ، وسفرها بغير محرم يُغْرِي الفُسَّاق بها فيتعرضون لها وهي ضعيفة فقد تنجرف وأقل أحوالها أن تُؤْذَى في عِرْضِها أو شرفها ، وكذلك ركوبها بالطائرة ولو بِمَحْرَمْ يُودِّع وَمَحْرَمْ يستقبل فإنه لا يجوز أيضًا ، فمن الذي سيركب بجانبها في المقعد المجاور ولو حصل خلل فهبطت الطائرة في مطار آخر ، أو حدث تأخير واختلاف موعد ، فماذا يكون الحال ؟! ، والقصص كثيرة .ه
    هذا ويشترط في المحرم أربعة شروط وهي أن يكون مسلماً بالغا عاقًلا ذكرًا كما قال رسول الله e " (0000 أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو محرم منها ".
  4. تعمد النظر إلى المرأة الأجنبية :-
    قال الله تعالى : " قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ . ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ . إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ " وقال e : " فزنا العين النظر " أي زنا العين النظر إلى ما حَرَّمَ الله ، ويُستثنى من ذلك ما كان لحاجة شرعية كالخطبة وغيرها ، ويحرم كذلك على المرأة أن تنظرإلى الرجل الأجنبي نظر فتنة ، قال تعالى ه: " وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ " ، ويحرم كذلك النظر إلى الأَمْرَد والحَسَنْ بشهوة ، ويحرم نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة ، وكل عورة لا يجوز النظر إليها لا يجوز مسها ولو من وراء حائل ، وَمِنْ تَلاعُب الشيطان ببعضهم ما يفعلون من النظر إلى الصور في المجلات ومشاهدة الأفلام بحجة أنها ليست حقيقية ، وجانب المفسدة وإثارة الشهوات في هذا واضح كل الوضوح .ه
  5. الدِّياثة :-
    عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله e : " ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة : مدمن الخمر والعاقّ والديوث الذي يُقر في أهله الخبث " ومن صور الدياثة في عصرنا الإغضاء عن البنت أو المرأة في البيت وهي تتصل بالرجل الأجنبي يحادثها وتحادثه بما يسمى بالمغازلات ، وأن يرضى بخلوة إحدى نساء بيته مع رجل أجنبي ، وكذا ترك إحدى النساء من أهل البيت تركب بمفردها مع أجنبي كالسائق ونحوه ، وأن يرضى بخروجهن دون حجاب شرعي يتفرج عليهن الغادي والرائح ، وكذا جلب الأفلام أو المجلات التي تنشر الفساد والمجون وإدخالها البيت .ه
  6. وصل الشعر بشعر مستعار لآدمي أو لغيره للرجال والنساء :-
عن أسماء بنت أبي بكر قالت : جاءت امرأة إلى النبي e : " فقالت يا رسول الله إن لي ابنة عريساً أصابتها حصبة فَتَمرَّقَ (أي تساقط) شعرها أَفَأَصِلَه فقال : " لعن الله الواصلة والمستوصلة " وعن جابر بن عبد الله قال : " زجر النبي e أن تصل المرأة برأسها شيئًا " ومن أمثلة هذا ما يعرف في عصرنا بالباروكة أو الشعر المستعار كما يفعله بعض من لا خلاق لهم من الممثلين والممثلات في التمثيليات والمسرحيات . ه
7- خروج المرأة من بيتها دون حاجة :
من الملاحظ خروج المرأة من بيتها وهي غير محتشمة ولا ملتزمة بآداب الإسلام ، وقد يكون خروجها من غير حاجة ملحة والله تعالى يقول : " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى " ، والنبي e يقول في الحديث الذي رواه عبدالله بن مسعود t : " المرأة عورة ، فإذا خرجت استَشْرَفَهَا الشيطان ، وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها " ، وفي رواية للطبراني ، قال : " النساء عورة ، وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها بأس ، فَيَسْتَشْرِفَهَا الشيطان ، فيقول إنَّكِ لا تمرين بأحد إلا أعجبتيه ، وإن المرأة لتلبس ثيابها ، فَيُقال : أين تريدين ؟ فتقول : أعود مريضًا ، أو أشهد جنازة ، أو أصلي في مسجد ، وماَ عَبَدَتْ امرأة ربها مثل أن تعبده في بيتها " ، فعلى المسلمة أن تتجنب الخروج إلاَّ عند الضرورة الملحة سواء إلى الأسواق أو غيرها مع الإلتزام بالحجاب والآداب الشرعية ، ومن المصائب التي تقع من كثير من النساء أنها تخرج متى شاءت وكيف شاءت وبأي لباس رغبت وإلى أي سوق أو مكان تريد دون قيد ولا مُرَاقَبَةِ وَلِيٍّ ولا خوف من الله عز وجل .ه
وكل ما ذكرناه وللأسف واقع في زماننا من المقلدات لنساء الإفرنج والمتشبهات بهن ، فكان هؤلاء النسوة الضائعات على الحقيقة يمشين في الأسواق ، ويحضرن في مجامع الرجال ومعارضهم ومؤسساتهم شبه عاريات ، قد كشفن رؤوسهن ، ورقابهن وأيديهن إلى المناكب أو قريب منها أو أكثر ، وَكَشَفْنَ عن سوقهن وبعض أفخاذهن ، وقد طَلَيْنَ وجوههن بالمساحيق ، وصبغن شفاههن بالأصباغ ، وتصنعن غاية التصنع للرجال ، وَمَشَيْنَ بينهم متبخترات مائلات مميلات يَفْتِنَّ من أراد الله بهم الفتنة ، وَنَسْينَ أو تناسين أن للرجال شعور كما قال الناظم في ذلك :
لِحَـدِّ الرُّكْبَتَيْنِ تُشَمِّرِينـا بِرَبِّكِ أَيُّ نَهْرٍ تَعْبُرِينـا
كأنَّ الثَّوبَ ظَلَّ في صَباحٍ يَزيدُ تَقَلُّصًا حينًا فَحِينا
تَظُنينَ الرجال بِلا شُعورٍ لأنَّكِ رُبَّما لا تَشْعُرينـا
وللحجاب شروط يجب توافرها وهي :ه
الشرط الأول :-
استيعاب جميع البدن إلا ما استثني:-
قال تعالى : " وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَاَرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبَعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبَآئِهِنَّ أَوْ أَبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِيِ إِخْوَاَنِهِنَّ أَوْ بَنِيِ أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَاَ مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ اَلتَّاَبِعِيِنَ غَيْرِ أُوْلِي اَلإِرْبَةِ مِنَ اَلرِّجَاَلِ أَوِ اَلطِّفْلِ اَلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىَ عَوْرَات اَلِنّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِيِنَ مِن زِيِنَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " ه
ففي الآية التصريح بوجوب ستر الزينة كلها ، وعدم إظهار شئ منها أمام الأجانب وهذا أمر من الله عز وجل للنساء المؤمنات وغَيْرَةً منه تعالى لأزواجِهِنَّ عِبادَهُ المؤمنين وتمييز لهن عن صفة نساء الجاهلية وَفِعال المشرِكات كما بيَّن ذلك ابن كثير في تفسيره ، فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُبدي زينتها لمن لا يحل له النظر إليها ، وفي الآية أيضًا التصريح بوجوب ستر العنق والصَّدر وذلك بقوله تعالى : " وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ " ، وقد ذكر القرطبي : " أن النساء كن في ذلك الزمان إذا غطين رؤوسهن بالأخمرة ، وهي المقانع ، سدلنها من وراء الظهر كما يصنع النبط ، فيبقى النحر والعنق والأذنان لا سِتْرَ على ذلك ، فأمر الله تعالى بِلَىِّ الخمار على الجيوب " ، وفي قوله سبحانه : " وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ " يدل على أن النساء يجب عليهن أن يسترن أرجلهن أيضًا ، وهذا نص على أن الرجلين والساقين مما يُخفى ولا يحل إبداؤه ، ويشهد لهذا من السنة حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله e : " من جَرَّ ثوبه خُيَلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، فقالت أم سلمة : فكيف يصنع النساء بذيولهن ؟ قال : يُرْخِينَ شِبرًا ، فقالت : إذن تنكشف أقدامهن ، قال : فيرخينه ذراعًا ولا يزدن عليه "، وفي الحديث رخصة للنساء في جر الإزار لأنه يكون أستر لهن ، وقال البيـــهقي: " وفي هذا دليل على وجوب ستر قدميها " اهـ ، ومن خالف هذا فقال : إن القدمين ليسا من العورة ، فإنه ليس معه دليل .
ثم إن الله تعالى بعد أن بَيَّن في الآية السابقة ما يجب على المرأة أن تخفي من زينتها أمام الأجانب ، ومن يجوز أن تُظهرها أمامهم ، أمرها في الآية الأخرى إذا خرجت من دارها أن تلتحف فوق ثيابها وخمارها بالجلباب أو الملاَّءة ، لأنه أستر وأشرف لسيرتها ، وهي قوله تعالى : "يَاَ أَيُّهَا اَلْنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاَجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاَء اَلْمُؤْمِنِيِنَ يُدْنِيِنَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيِبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَىَ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَاَنَ اَللهُ غَفُورًا رَّحِيِمًا " والجلباب : هو الملاَّءة أو العباءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها على أصح الأقوال كما بيَّن ذلك الشيخ الألباني ، لذلك ينبغي على المرأة إذا خرجت من دارها أن تستر بدنها كامِلاً وأن تلبس العباءة كما جاء ذلك في الآيَتَيْنِ السَّابِقَتَيْن ، وذلك أستر لها وأبعد عن أن يصف حجم رأسها وأكتافها ، وهذا أمرٌ يطلبه الشارع ، وقد أبان الله تعالى عن حكمة الأمر بإدناء الجلباب بقوله : " ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ " ، يعني أن المرأة إذا الْتَحَفَتْ بالجلباب ، عُرِفت بأنها من العفائف المحصنات الطيبات ، فلا يؤذيهن الفُسَّاق بما لا يليق من الكلام ، بخلاف ما لو خرجت متبذلة غير مستترة ، فإن هذا مما يُطمِعْ الفُسَّاق فيها كما هو مُشاهد في كل عصر . فأمر الله تعالى نِساءَ المؤمنين جميعًا بالحجاب سدًا للذريعة .
مشروعية ستر الوجه :-
كثير من أهل العلم يرى أن وجه المرأة عورة لا يجوز كشفه ، وهناك طائفة يَرَوْنَ أن ستر الوجه بدعة وتنطُّع في الدِّين ، والشيخ الألباني بيَّن بالأدلة الكثيرة المُقْنِعَة أن ستر الوجه سنة ومستحب وليس بواجب ولا تنطع في الدين ، وأن له أصل في السنة ، وقد كان ذلك معهودًا في زمنه e كما يشير إليه e بقولــه : " لا تنتقب المرأة المُحْرِمَة ولا تَلْبَسْ القفازين " ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يَحْرِمْنَ ، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن " اهـ ، والأحاديث والآثار التي تؤيد ذلك كثيرة : ه
فعن عائشة رضى الله عنها قالت : " خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها ، وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها ، فرآها عمر بن الخطاب ، فقـال : يا سودة : أما والله ما تخفين علينا ، فانظري كيف تَخْرِجِين ، قالت : فَانْكَفَأَتْ راجعة ، ورسول الله e في بيتي ، وإنه يَتَعَشَّى وفي يده عَرْق ( هو العظم إذا أخذ منه معظم اللحم ) ، فَدَخَلَت عليه ، فقالت : يا رسول الله : إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر : كذا وكذا ، قالت : فأوحى الله إليه ، ثم رفع عنه وإن العَرْق في يده ما وَضَعَه ، فقال : إنه أُذِنَ لَكُنَّ أن تخرجن لحاجتكن" ، وفي الحديث دلالة على أن عمر t إنما عرف سودة بنت زمعة رضي الله عنها زوج النبي e من جسمها ، وذلك يدل على أنها كانت مستورة الوجه ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله e مُحْرِمات ، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه " ، وعن أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما قالت : " كنا نُغطِّي وجوهنا من الرجال ، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام " ، وعن عاصم الأحول قال : " كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا : وتنقبت به ، فنقول لها : رَحِمَكِ الله : قال الله تعالى : " وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ " قال : فتقول لنا : أي شئ بعد ذلك ؟ فنقول : " وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ " فتقول : هو إثبات الحجاب " ، وهذه الأحاديث تدل على أن ستر الوجه سنة ومستحب وليس كما يقول البعض بأنه غير مشروع ، ويكون غطاء الوجه واجب إذا وضعت المرأة الزينة على وجهها من مكياج وغيره ، وذلك لقوله تعالى : " وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ " ، ولا سيما في هذا العصر الذي تَفَنَّنَ فيه النساء بتزيين وجوههن وأيديهن بأنواع من الزينة والأصبغة ، مما لا يشك مسلم عاقل في تحريمه ، ولا شك أن غطاء الوجه أفضل للمرأة وأستر لها وإن لم يكن واجبًا .
الشرط الثاني :-
أن لا يكون زينة في نفسه :-
لقوله تعالى : " وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ " ، وهذا يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مُزَيَّنَة تلفت أنظار الرجال إليها ، ويشهد لذلك قوله تعالى : " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى " ، وقوله e : " ثلاثة لا تسأل عنهم : رجل فارق الجماعة وعصى إِمَامَهُ ومَاتَ عاصيًا ، وَأَمَةٌ أو عَبْدٌ أَبِقَ فمات ، وامرأة غاب عنها زوجها ، قد كفاها مؤونة الدنيا ، فتبرَّجت بعده ، فلا تسأل عنهم " ، والتبرُّج أن تُبدي المرأة من زينتها ومحاسنها وما يجب عليها ستره مما تستدعي به شهوة الرجل ، والمقصود من الأمر بالجلباب إنما هو ستر زينة المرأة ، فكيف بمن جَعَلَتْ جلبابها نفسه زينة ، فأي إخفاء للزينة يكون ذلك ، ولقد بالغ الإسلام في التحذير من التبرج إلى درجة أنه قَرَنَهُ بالشرك والزنى والسرقة وغيرها مِنَ المُحَرَّمات ، وذلك حين بَايَعَ النبي e النساء على أن لا يفعلن ذلك ، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : " جاءت أُمَيْمَة بنت رُقَيْقَة إلى رسول الله e تبايعه على الإسلام ، فقال : أُبايعكِ على أن لا تُشركي بالله شيئًا ، ولا تسرقي ، ولا تزني ، ولا تقتلي ولدكِ ، ولا تأتي ببهتان تَفْتَرِينَهُ بين يديكِ ورِجليكِ ، ولا تنوحي ، ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى " ، وقال الآلوسي : " ثم اعلَم أن عندي مما يلحق بالزينة المنهي عن إبداؤها ما يلبسه أكثر مترفات النساء في زماننا فوق ثيابهن ، ويستترن به إذا خرجن من بيوتهن ، وهو غطاء منسوج من حرير ذي عدة ألوان ، وفيه من النقوش الذهبية والفضية ما يبهر العيون ، وأرى أن تمكين أزواجهن ونحوهم من الخروج بذلك ، ومشيهن به بين الأجانب ، من قلة الغيرة ، وقد عمَّت البلوى بذلك " اهـ ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
الشرط الثالث :-
أن يكون صفيقًا لا يشف :-
لأن الستر لا يتحقق إلا به ، وأما الشفاف فإنه يزيد المرأة فتنة وزينة ، فعن أم علقمة بن أبي علقمة قالت : " رأيت حفصة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر دَخَلَتْ على عائشة وعليها خمار رقيق يشف عن جبينها ، فشقته عائشة عليها ، وقالت : أما تعلمين ما أنزل الله في سورة النور ؟ ثم دعت بخمار فَكَسَتْهَا " ، وفي هذا إشارة إلى أن من تَسَتَّرَت بثوب شفاف ، فإنها لم تستتر ، ولم تأتمر بقوله تعالى : " وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ " ، وعن هشام بن عروة رضي الله عنه : " أن المنذر بن الزبير قَدِمَ مِنَ العراقِ ، فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر بكسوة من ثياب مروية (ثياب مشهورة بالعراق) وَقُوهِيَّة (نوع من النسيج) رقاق عتاق بعد ما كف بصرها ، قال : فلمستها بيدها ثم قالت : أُف ، ردوا عليه كسوته ، قال : فَشَقَّ ذلك عليه ، وقال : يا أُمَّه ، إنه لا يشف . قالت إنها إن لم تَشِفْ ، فإنها تَصِفْ " ، ولذلك قال العلماء : " يجب ستر العورة بما لا يَصِفُ لَوْنَ البَشْرَةِ من ثوب ضعيف أو جلد ، فإن سَتَرَ بما يظهر فيه لون البشرة من ثوب رقيق ، لم يَجُزْ ، لأن الستر لا يحصل بذلك " اهـ .
الشرط الرابع :-
أن يكون فضفاضًا غير ضيق :-
لأن الغرض من الثوب إنما هو رفع الفتنة ، ولا يحصل ذلك إلا بالفضفاض الواسع ، وأما الضيق فإنه وإن سَتَرَ لون البشرة ، فإنه يصف حجم جسمها ، أو بعضه ، وَيُصَوِّرُهُ في أَعْيُن الرجال ، وفي ذلك من الفساد والدعوة إليه ما لا يخفى ، فوجب أن يكون واسعًا ، وقد قال أسامة بن زيد t : " كساني رسول الله e قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي ، فَكَسَوْتَهَا امرأتي ، فقال : ما لك لم تَلْبَس القبطية ؟ قلت : كسوتها امرأتي ، فقال : مرها فلتجعل تحتها غلالة ، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها " ، وفي هذا دليل على أن المرأة يجب عليها أن تلبس الملابس التي لا تصف بدنها ، ومما يحسن إيراده هنا ، ما رُوي عن أم جعفر بنت محمد بن جعفر أن فاطمة بنت رسول الله e قالت : " يا أسماء : إني قد استقبحت ما يُصنَعُ بالنِّساء ، أن يُطرح على المرأة الثوب فيصفها ، فقالت أسماء : يا ابنة رسول الله : ألا أُرِيكِ شيئًا رأيته بالحبشة ؟ فَدَعَتْ بِجَرائد رطبة ، فَحَنَّتْهَا ، ثم طَرَحَتْ عليها ثوبًا ، فقالت فاطمة : ما أحسن هذا وأجمله ، تُعرف به المرأة من الرجل . فإذا مِتُّ أنا فاغسليني أنتِ وعلي ، ولا يدخل عَلَيْ أحد ، فلما توفيت غسلها علي وأسماء رضي الله عنهما " ، فانظروا إلى فاطمة بنت الرسول e كيف استقبحت أن يصف الثوب المرأة وهي ميتة ، فلا شك أن وصفه إياها وهي حية أقبح وأقبح ، فليتأمل في هذا مسلمات هذا العصر اللاتي يلبسن من هذه الثياب الضيقة التي تصف خصورهن وصدورهن وسوقهن وغير ذلك من أعضائهن ، ثم لِيَسْتَغْفِرْنَ الله تعالى ، وَلْيَتُبْنَ إليه ، وليذكرن قوله e : " الحياء والإيمان قُرِنَا جَميعًا ، فإذا رُفِعَ أَحَدَهُما رُفِعَ الآخر " .
الشرط الخامس :-
أن لا يكون مبخرًا مطيبًا :-
وهذا مما فشا في عصرنا رغم التحذير الشديد من النبي e بقوله : " أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية " ، وعند بعض النساء غفلة أو استهانة يجعلها تتساهل بهذا الأمر عند السائق والبائع وبواب المدرسة ، بل إن الشريعة شددت على من وضعت طِيبًا بأن تغتسل كغسل الجنابة إذا أرادت الخروج ولو إلى المسجد ، قال e : " أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد لِيُوجَد ريحها لم يُقبل منها صلاة حتى تغتسل اغتسالها من الجنابة " ، وعن أبي هريرة t قال : قال رسول الله e : " أيما امرأة أصابت بخورًا ، فلا تشهد معنا العشاء الآخرة " ، وعن موسى بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنهما : " أن امرأة مرت به تعصف ريحها ، فقال : يا أَمَةَ الجَبَّار : المسجد تُريدين ؟ قالت نعم ، قال : وَلَهُ تَطَيَّبْتِ ؟ قالت : نعم ، قال : فارجعي فاغتسلي ، فإني سمعت رسول الله e يقول : ما من امرأة تخرج إلى المسجد تعصف ريحها فلا يقبل الله منها صلاة حتى ترجع إلى بيتها فتغتسل " ، وسبب المنع من الطِّيب هو ما فيه من تحريك داعية الشهوةه. ه
فإلى الله المُشتكى من البخور والعطور في الأعراس وحفلات النساء قبل خروجهن ، واستعمال العطورات ذات الروائح النفاذة في الأسواق ومجتمعات الاختلاط وفي المساجد في ليالي رمضان ، نسأل الله ألاَّ يمقتنا ، وأن لا يؤاخذ الصالحين بفعل السفهاء والسفيهات ، وأن يهدي الجميع إلى صراطه المستقيم .
الشرط السادس :-
أن لا يشبه لباس الرجل :-
من الفطرة التي شرعها الله لعباده أن يحافظ الرجل على رجولته التي خلقه الله عليها ، وأن تحافظ المرأة على أنوثتها التي خلقها الله عليها وهذا من الأسباب التي لا تستقيم حياة الناس إلا بها ، وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال هو مخالفة للفطرة ، وفتح لأبواب الفساد ، وإشاعة للانحلال في المجتمع ، وحكم هذا العمل شرعًا هو التحريم ، وإذا ورد في نص شرعي لعن من يقوم بعمل فإن ذلك يدل على تحريمه وأنه من الكبائر ، وقد جاءت الأحاديث بذلك ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا قال : " لعن رسول الله e المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال " وعنه مرفوعًا أيضًا قال : " لعن رسول الله e المُخَنَّثِينَ من الرجال والمُتَرَجِّلاتِ من النساء " وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله e يقول : " ليس منا من تَشَبَّهَ بالرجال من النساء ، ولا من تَشَبَّهَ بالنساء من الرجال " ، وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله e : " ثلاث لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه ، والمرأة المترجلة المُتَشَبِّهَة بالرجال ، والديوث " ، وقد ذكر الإمام الذهبي رحمه الله أن المرأة إذا لبست زي الرجال لحقتها لعنة الله ورسوله ، ولحقت زوجها إذا أمكنها من ذلك ، أو رضي به ولم ينهها ، لأنه مأمور بتقويمها على طاعة الله ، ونهيها عن المعصية ، لقول الله تعالى : " قُوا أَنْفُسَكُم وَأَهْلِيكُم نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ والحِجَارَةُ " ، ولقول النبي e : " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ، الرجل راعٍ في أهله ومسؤول عنهم يوم القيامة " اهـ . والتشبه قد يكون بالحركات والمشية ، ويكون التشبه في اللباس ، فلا يجوز للمرأة أن تلبس ما اختصَّ الرجل بلبسه من ثوب أو قميص ونحوه ، بل يجب أن تخالفه في الهيئة والتفصيل ، فالفرق بين لباس الرجال والنساء يعود إلى ما يصلح للرجال ، وما يصلح للنساء ، وهو ما ناسب ما يؤمر به الرجال ، وما يُؤمر به النساء ، فالنساء مأمورات بالاستتار والاحتجاب دون التبرج والظهور ، والدليل على وجوب مخالفة كل من الجنسين للآخر في اللباس هو ما رواه أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي e قال : " لعن الله الرجل يَلْبَس لِبْسَة المرأة ، والمرأة تَلْبَس لِبْسَة الرجل " .
الشرط السابع :
أن لا يشبه لباس الكافرات :-
وذلك لأنه لا يجوز للمسلمين التشبُّه بالكفَّار سواء في عباداتهم أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم ، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله e : " بُعِثْتُ بين يدي الساعة بالسَّيف ، حتى يُعبدَ اللهَ وحده لا شريك له ، وَجُعِلَ رزقي تحت ظِلِّ رمحي ، وَجُعِلَ الذِّلَّة والصَّغار على من خالف أمري ، ومن تشبَّه بقوم فهو منهم " ، والحديث دال على أن من تشبه بالفسَّاق أو الكفار أو المبتدعة في أي شئ مما يختصون به ، من ملبوس أو مركوب أو هيئة ، كان منهم .
الشرط الثامن :_
أن لا يكون لباس شهرة :-
وذلك لحديث ابن عمر t قال : قال رسول الله e : " من لبس ثوب شُهرة في الدنيا أَلْبَسَهُ الله ثوب مذلَّة يوم القيامة ، ثم ألهب فيه نارًا " ، وفي الحديث دليل على تحريم الثياب التي يَقْصِدُ منها صاحِبُها الاشتهار في الناس ، ولا فرق في ذلك بين رفيع الثياب ووضيعها ، وإنما التحريم في قصد الاشتهار في الناس بهذا اللباس .ه
هذا وصلَّ اللهُ وسلَّمَ وباركَ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .ه

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة