فضاءات بشار

بشار

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1623.45
إعلانات


خيانة قلّ مثيلها!

خيانة قلّ مثيلها!

سلطان بركاني

2023/12/18

لا نزال نتابع بأسماعنا وأبصارنا وقلوبنا الحدث الجلل الذي قضى الله أن يكون على أرض غزّة امتحانا ليس لأهل غزّة وحدهم، ولكن للأمّة كلّها.. وإنّه لامتحان عسير، نتائجه ستظهر في الدّنيا قبل الآخرة. وستكون خيرا لأهل غزّة وأهل الشام عامّة، ولكنّها ستكون وبالا على كلّ من خان أو خذل أو سكت أو حتى شغلته نفسه ودنياه عن دينه وأمته.

يقول الله تعالى: ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ))، ويقول الحبيب المصطفى -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: “ما من مسلم يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه؛ إلا خذله الله في مواطن يحب فيه نصرته”.
في يوم الثلاثاء الموافق لـ12 من ديسمبر الجاري، وقف النائب التركي المسلم “حسن بيتماز” في برلمان بلاده، لينكر بشدّة ما يفعله الصهاينة في غزّة، ويستهجن استمرار بعض الأنظمة في علاقاتها مع الصهاينة رغم الأهوال التي تحدث في غزّة.. وقال النائب حسن وهو يوجّه كلامه إلى الصهاينة وكلّ من سكت عنهم: “قد تهربون من ضمائركم، لكنكم لن تهربوا من التاريخ ولن تسلموا من غضب الله”.. وما أن أتمّ خطابه حتى سقط مغشيا عليه. نقل إلى المستشفى، ليموت بعد ساعات قهرا لما يحدث في غزة من مجازر وأهوال يشيب لها الولدان وتموت لها القلوب والأرواح.
نحن نعلم أنّ تركيا المسلمة تحاول بصعوبة الانفلات من أنياب العلمانية المتوحّشة ومن قيودها وموروثها، ونعلم أنّ موقفها من العدوان الصهيونيّ على القطاع أفضل من مواقف كثير من الدّول المسلمة، لكنّها ستظلّ ملومة على استمرار علاقاتها بالصهاينة رغم حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال المجرم على المسلمين.. وجود الاحتلال وحده سبب كاف لتقطع دول المسلمين كلّ علاقة لها بالمحتلّ، كيف إذا ارتكب المحتلّ في حقّ المسلمين مجازر قلّ أن يعرف التاريخ لها مثيلا. ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِين)).
وما يقال عن تركيا يقال ما هو أشدّ منه في حقّ دولٍ مسلمة لا تزال تحثّ الخطى نحو الصهاينة لتطبع معهم العلاقات، ودول مسلمة تحرّض الصهاينة ليقضوا على حركة حماس وتغريهم بأنّها ستدفع تكاليف الحرب وتتكفّل بإعادة الإعمار! أيّ خيانة هذه التي كتب لنا أن نشهدها ونعيش أيامها؟ حتى وصل الأمر إلى أنّ الصهاينة يتباهون بأنّ هناك دولا مسلمة مهمّة تحرّضهم على أن يقضوا على المرابطين المسلمين، وتمنح لهم الضوء الأخضر لسفك ما يكفي من الدّماء للقضاء على المجاهدين، كلّ ذلك بتكاليف تدفع من أموال الأمّة المسلمة! هذا الذي نشهده حلم أم كابوس؟! أهذا ما أخبر النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- بحصوله حين قال: “بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم؛ يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، يبيع فيها أقوام خلاقهم بعرض من الدنيا قليل”؟ والأعجب من هذا أن نرى من يبرّر هذه الخيانة الكبرى ويستدلّ بصلح الحديبية وبِردّ النبيّ أبا بصير -رضي الله عنه- إلى المشركين! أيّ علم هذا؟ نكاد نجزم بأنّ هؤلاء هم من أخبر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بخروجهم في آخر الزّمان؛ رجال يشترون الدّنيا بالدّين: “يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من السكر، وقلوبهم قلوب الذئاب، يقول الله -عز وجل-: أبي يغترون أم علي يجترئون، فبي حلفت لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا”.
يلتفت المسلمون إلى أقصاهم المبارك فيرون الصّهاينة يعربدون في ساحاته، ويرون الدّماء تسيل من حوله والصرخات تنبعث من حواليه، فيرجعون بأبصارهم إلى أعزّ البلاد على قلوبهم، حيث الكعبة المشرّفة والمسجد الحرام والمسجد النبويّ، حيث الجسد الطّاهر الغضّ الطريّ الذي حرّم الله على الأرض أن تأكله؛ لعلّهم يسمعون العلماء يستنفرون الجموع ويشحذون الهمم ويحثّون على نصرة المرابطين، لكنّهم يفاجؤون بأنّ تلك الأرض قد شغلها شاغلها!


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة