معجزات السماء/ الأهرام

السبت 18 من جمادي الأولى 1445 هــ 2 ديسمبر 2023

فاروق جويدة

 

خرج الطفل الرضيع من تحت الأنقاض بعد شهر كامل من المعارك، وتناقلت وسائل الإعلام صور الطفل وهو يخرج مبتسما مضيئا كأنه عاش شهرا كاملا فى بطن أمه.. إنها معجزة جديدة تقدم للبشر قدرة الخالق سبحانه وتعالى كيف تحمل جسد هذا الرضيع هذه الأيام الطويلة بلا طعام أو ماء وكيف تحمل جسده النحيل تلال الرمال والأطلال والليل الطويل..، هل كان يكمل أشهر الحمل فى بطن أمه وكانت تمده بالطعام والماء والرحمة؟ هل احتضن تراب غزة هذا الطفل الوليد وهو يعلم انه ابن هذه الأرض ولا بد أن تحميه؟ هل هى الأقدار التى منحته عمرا حتى يدافع عن حق هذا الشعب فى الحياة إنها إرادة الله يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير ، إنها رسالة من السماء إلى طغاة الأرض وتجار الدماء، بأن الحياة والموت بيد خالق هذا الكون.. إن طفل غزة الرضيع سوف يبقى قصة تروى لكل عشاق الحياة أن الأرض لا تفرط فى أبنائها وأن الشعوب الحية قادرة دائما أن تسترد إرادتها وتحمى كرامتها، وأن تراب غزة الذى احتضن آلاف الشهداء قد اختار طفلا رضيعا ليكون معجزة فى زمن لم يعد يؤمن بالمعجزات وأن هذا الطفل سوف يكبر وقد يكون رسولا للحرية وكرامة الأوطان.. كانت تكبيرات الناس حول الطفل الرضيع وهو يخرج من بين الأطلال رسالة شكر للخالق سبحانه وتعالى.. كانت صورة الطفل الوليد وهى تخرج من بين الأنقاض وأسرته تحيط به تقدم للعالم صورة حية للمذابح التى قامت بها إسرائيل فى غزة وجعلت العالم يخرج غاضبا ساخطا على حكوماته وآلاف الفلسطينيين الذين ماتوا تحت الأنقاض وهم يلعنون زمنا تآمر عليهم ودمر بيوتهم وقتل أطفالهم وترك غزة تلملم جراحها ومبانيها ودماء أطفالها.

fgoweda@ahram.org.eg
لمزيد من مقالات فاروق جويدة