الجوار
الجوار
عقد له ابن جني بابًا في الخصائص ولخصه ابن هشام في المغني فقال:
( القاعدة الثانية ): إن الشيء يعطى حكم الشيء إذا جاوره كقول بعضهم:
( هذا جحرُ ضبٍّ خربٍ ) بالجر وقوله:
............................. كبيرُ أناسٍ في بجادٍ مزمّلِ
قال ابن هشام: وقيل في ( وأرجُلِكم ) بالخفض أنه عطف على أيديكم لا على رؤوسكم إذ الأرجلُ مغسولة لا ممسوحة، ولكنه خفض لمجاورة ( رؤوسكم ) والذي عليه المحققون أن خفض الجوار يكون في النعت قليلًا وفي التوكيد نادرًا كقوله:
يا صاح بلغ ذوي الزوجات كلهمِ
ولا يكون في النسق لأن العاطف يمنع التجاور.
قال: ومن ذلك قولهم: هو رِجْس نِجْس، بكسر النون وسكون الجيم والأصل نَجِس بفتح النون وكسر الجيم.
وقالوا: ( أخذه ما قَدُمَ وما حَدُثَ ) بضمّ دال حدُث، وقرأ بعضهم ( سلاسلًا وأغلالًا ) بصرف سلاسل.
وفي الحديث ( ارجعن مأزورات غير غير مأجورات والأصل موزورات بالواو لأنه من الوزر )
قال ابن جني: وعليه أيضا أجازوا النقل لحركة الإعراب إلى ما قبلها في الوقف نحو: هذا بَكُر ومررت ببَكِر.
وقال ابن يعيش: اختار البصريون في باب التنازع إعمال الثاني لأنه أقرب إلى المعمول فروعِي فيه جانب القرب وحرمة المجاورة.
قال: ومما يدل على رعايتهم جانب القرب والمجاورة أنهم قالوا: ( جُحْرَ ضبٍّ خربٍ ) ( وماء شنٍّ باردٍ ) فأتبعوا الأوصاف إعراب ما قبلها وإن لم يكن المعنى عليه، ألا ترى أن الضبّ لا يوصف في الخراب، والشنّ لا يوصف بالبرودة، وإنما هي في وصف الجحر والماء.
وقال: من الدليل على مراعاة القرب والمجاورة قولهم ( خشّنت بصدره وصدرِ زيد )، فأجازوا في المعطوف وجهين أجودهما الخفض فاختاروا الخفض هنا حملًا على الباء وإن كانت زائدة في حكم الساقط للقرب والمجاورة، فكان إعمال الثاني في ما نحن بصدده أولى للقرب والمجاورة والمعنى فيهما واحد.
وقال أبو البقاء في التبيين: قد أجرت العرب كثيرا من أحكام المجاور على المجاور له، حتى في أشياء يخالف فيها الثاني الأول في المعنى كقولهم: ( إني لآتية بالغدايا والعشايا ).
والغداة لا تجمع على غدايا، ولكن جاز من أجل العشايا وهو كثير.
وقال في موضع آخر: ذهب الكوفيون إلى أن جواب الشرط جزم لمجاورته المجزوم وللمجاورة أثر. ثم قال: وكل موضع حمل فيه على الجوار فهو خلاف الأصل إجماعًا للحاجة.