فضاءات بشار

بشار

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
ابو زكرياء ابراهيم
مسجــل منــــذ: 2010-10-15
مجموع النقط: 1579.48
إعلانات


صحابي في أوروبا


صحابي في أوروبا
د . جمال عبد الناصر


خرج مجاهدًا في سبيل الله حتى فتح الله على يديه وإخوانه من الصحب الكرام الكثير من بلدان آسيا وإفريقيا فنشروا الإٍسلام فيها ثم عبروا إلى أوروبا، وفي الطريق إلى عاصمة الدولة الرومية مرض هذا الصحابي مرضًا أقعده عن مواصلة القتال, وكانت آخر وصاياه أن أمر الجنود أن يقاتلوا, وأن يحملوه معهم, وأن يدفنوه عند أسوار مدينة القسطنطينية ولفظ أنفاسه الأخيرة, وهناك حفروا له قبرًا وواروه فيه فضمت أوروبا بين جنبيه جثمانه الطاهر.

إنه الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري، واسمه خالد بن زيد بن كليب بن مالك بن النجار، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم, وعن أُبَيِّ بن كعب، روى عنه: البراء بن عازب, وزيد بن خالد، والمقدام بن معد يكرب, وابن عباس, وجابر بن سمرة, وأنس, وغيرهم من الصحابة وجماعة من التابعين، وشهد العقبة وبدرًا وما بعدها، ونزل عليه النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة فأقام عنده حتى بنى بيوته ومسجده.

أسلم أبو أيوب قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وشهد العقبة، أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربية أبي أيوب الأنصاري: حدث عبد الله بن عباس, فقال: خرج أبو بكر رضي الله عنه في الهاجرة, يعني نصف النهار في شدة الحر, فرآه عمر رضي الله عنه, فقال: يا أبا بكر, ما أخرجك هذه الساعة؟ قال: ما أخرجني إلا ما أجد من شدة الجوع, فقال عمر: وأنا والله ما أخرجني غير ذلك, فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما أخرجكما هذه الساعة؟", قالا: والله ما أخرجنا إلا ما نجده في بطوننا من شدة الجوع, فقال صلى الله عليه وسلم: "وأنا والذي نفسي بيده ما أخرجني غير ذلك, قوما معي, فانطلقوا فأتوا باب أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه". وكان أبو أيوب يدخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم طعامًا, فإذا لم يأت أطعمه لأهله, فلما بلغوا الباب خرجت إليهم أم أيوب, وقالت: مرحبا بنبي الله ومن معه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أين أبو أيوب؟" فسمع أبو أيوب صوت النبي صلى الله عليه وسلم, وكان يعمل في نخل قريب له, فأقبل يسرع وهو يقول: مرحبا برسول الله وبمن معه, ثم قال: يا رسول الله, ليس هذا بالوقت الذي كنت تجيء فيه, فقال: "صدقت", ثم انطلق أبو أيوب إلى نخيله, فقطع منه عذقا فيه تمر ورطب وبسر, وقال: يا رسول الله, كُلْ من هذا, وسأذبح لك أيضًا. فقال: "إن ذبحت فلا تذبحن ذات لبن", وقدم الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأخذ منه رسول الله قطعة من لحم الجدي ووضعها في رغيف, وقال: "يا أبا أيوب, بادر بهذه القطعة إلى فاطمة الزهراء, فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام", فلما أكلوا وشبعوا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خبز ولحم وتمر وبسر ورطب, ودمعت عيناه, ثم قال: والذي نفسي بيده, هذا هو النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة", وبعد الطعام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي أيوب: "ائتنا غدا", وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصنع له أحد معروفًا إلا أحب أن يجازيه, فلما كان الغد, ذهب أبو أيوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فأهداه جارية صغيرة تخدمه, وقال له: استوص بها خيرًا, عاد أبو أيوب إلى زوجته ومعه الجارية, وقال لزوجته: هذه هدية من رسول الله لنا, ولقد أوصانا بها خيرًا وأن نكرمها, فقالت أم أيوب: وكيف تصنع بها خيرًا لتنفذ وصية رسول الله؟ فقال: أفضل شيء أن نعتقها ابتغاء وجه الله وقد كان.

أما عن جهاد أبي أيوب الأنصاري في سبيل الله؛ فقد عاش أبو أيوب حياته غازيًا, حتى قيل: إنه لم يتخلف عن غزوة غزاها المسلمون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وبعد وفاته، ظل جنديًّا في ساحات الجهاد, وكانت آخر غزواته حين جهز معاوية رضي الله عنه جيشًا بقيادة ابنه يزيد لفتح مدينة القسطنطينية, وكان أبو أيوب وقتها بلغ عمره ثمانين سنة, ولم يمنعه كبر سنه من أن يقاتل في سبيل الله, ولكن في الطريق مرض مرضًا أقعده عن مواصلة القتال.

وكانت آخر وصاياه أن أمر الجنود أن يقاتلوا, وأن يحملوه معهم, وأن يدفنوه عند أسوار القسطنطينية، ولفظ أنفاسه الأخيرة, وهناك حفروا له قبرًا وواروه الثرى؛ فصار هو الصحابي الوحيد الذي ضمته أرض أوروبا بين جنباتها رضي الله عنه وعن سائر الصحابة أجمعين.


من مقالات د . جمال عبد الناصر


تقييم:

1

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة