فضاءات ريصانة الجنوبية

ريصانة الجنوبية

فضاء أعلام ورجالات وعوائل

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
abdeslam jellouli
مسجــل منــــذ: 2014-02-17
مجموع النقط: 1.2
إعلانات


الأخضر اليابــس

قد يسأل أحدهم ما الذي يُؤهل شابا إلى تأليف كتاب أو كتابة مقال أو حتى خاطرة, ولعلي أكون مقنعا إذا ما قلت أن أكثر شيء يحتاج إليه الشاب هي مساحة للتعبير وتحقيق الذات والتقدير مستجيبا بذلك لهاجسه الأكبر وهو إثبات ذاته، فالشاب ذلك الكائن المعقد المكون من محفزات ودوافع ومشاعر وأحاسيس له حاجيات عدة أريد أن أقف عند إحداها في هذه السطور المملة. إنها مائدة الفيس بوك؛ أكبر وليمة في العالم تشدك إليها موادها الدسمة المدسوس بعضها بالسم, وأخرى ذات مذاق يجعل من رواد هذه المائدة يصابون بالإدمان عليها.

لكن كل هذا ليس إلا عالم شبه افتراضي لكنه استطاع وبجدارة أن يقدم للشباب خصوصا ولغير الشباب مساحة للتعبير، مساحة لجذب التقدير والإحساس بالذات مساحة للتحرك و المشاركة والتدفق والحوار .استطاع وبجدارة أن يكشف عن جانب آخر من شخصية الشاب التي لا نكاد نراها تحت ضوء الشمس أيها السادة. إنها الأمسية الكبيرة التي لا تنتهي، ملايين البشر يشاركون فيها أغلبهم شباب ويمكنني القول أن البقية إما متطفلون أو عابرو سبيل. عندما أتصل بهذا العالم وأبدأ في مراجعة الأخبار والتعليقات وإضافات الأصدقاء المنقسمة بين حكم وخواطر وصور , ألاحظ شيء غريبا… أيُعقل أن يصبح الفيسبوك أحن من صدر الأم والأب عند بعضنا.

نشكو له ونعبر له عن مشاعرنا وما نحس به بكلمة أو صورة أو خاطرة ، ثم نجد من يشاركنا في فرحنا وحزننا فنحس بذواتنا تقدر من تعليق يبارك أو أخر يعزي, ألهذه الدرجة أصبحنا نضيّق على الشباب ونمارس عليهم الخنق حتى أرديناهم قتلى بكل طموحاتهم وأفكارهم ومشاعرهم في بستانهم فأصبحوا في ساحة الفيس بوك وبرامج (المواهب) والمقاهي… يبحثون عن عزاء لهم… الفيس بوك وإن وجد أساسا لتسهيل التواصل إلا أنه لعب أدوارا أخرى , من بينها خلق مساحة للتعبير وهو الشيء الذي يبحث عنه الشباب في مجتمع ينظر إليهم بعين النقد والأفكار المسبقة … فانخطفنا نحو الفيس بوك نُعبّر نتكلم ونبوح وندندن انخطفنا إلى ما نبحث عنه في وقت كنا نصرخ بأعلى صوت ولا أحد يسمع وإن سمع لا يفهم …انخطفنا وكأننا نفر من حلبة يتسابق فيها الكل إلى تسديد اللكمات إلينا، الأسرة، المدرسة، المجتمع …,إلى عالم أكثر أمانا واتساعا يعطي الفرصة للجميع رغم رواجه .

نفسه الذي قد تراه منذ أن تستلم جهاز التحكم بين يديك وأنت تشاهد التلفاز متنقلا بين الفضائيات اللامتناهية حيث سيلفت انتباهك الكم الهائل من البرامج سواء المحلية أو تلك التي خرقت المساحات الجغرافية وامتدت داخل أوطان وشعوب تبحث عن مواهب. وإذا ما اتسعت دائرة ملاحظاتك ستلتقط الكم الهائل من الشباب الذي يسارع نحو هذه المسابقات على اختلاف أنواعها. إنها المساحة التي يبحث عنها الشاب.. كنت أتجول في عالم الفيس بوك يوما فانتبهت إلى إحدى الخواطر المعلقة بجانب صورة صاحبها وقد استوت الكلمات بجانب بعضها مجيبة عن سؤال مر في ذهني ذات يوم … الأغاني؟؟؟.

عندما قرأت تلك الخاطرة قررت أن أقوم بتجربة . فكنت كلما قابلت أحدا يستمع أو يتكلم عن أغنية جديدة أسأله ما هي الأغنية التي يفضلها ولماذا . فكانت أغلب الردود تتجه نحو فرضية واحدة. وهي أن الشاب وجد في الغناء أشياء تعبر عنه أو عن نفسيته أو موقفه من قضية ما. وهذا ما تأكد لي عندما اطلعت على تلك الأغاني فليست كلها تتغنى بالحب كما يظن البعض, الحياة وماهيتها المشاكل وقسوتها الحب وغموضه .. كلها وجد الشاب أجوبتها في الغناء الذي يقدم له الفكرة بغض النظر عن صحتها، يقدمها له بطريقة يسرق بها عقله. وصدقت هنالك الخاطرة عندما قالت ” لو أردت أن تعرف قصة أحدهم فاستمع إلى أغنيته المفضلة “.. نعرف أنها حرام أن الغناء الذي يدعو للفاحشة والذي يزرع في الإنسان الإحباط والسلبية حرام … لكن أليس حراما أن نقتل نفسا بغير حق. نعم حكم الإعدام بكل أشكاله صدر في حقنا منذ أن مُنِعنا من التعبير من حقنا في الحصول على أجوبة لأسئلتنا من أن يراعى سنّنا ومرحلتنا أثناء التعامل معنا . فلا تستغربوا إذا هاجرنا إلى بلاد ما وراء الإنترنت وفررنا من حلبة اللكمات واستمعنا إلى سارق العقول فنحن نبحث عن مساحة… فقط مساحة .

×××××


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع

| إدارة الموقع | طنجة (البلدية) | 21/02/14 |

يرجى تذييل المشاركة بمصدرها، وإلا فإنها ستعتبر قرصنة.

بقلم: بقلم : بلال عبد الحق.

http://www.larache24.com/?p=39696



...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة