فضاءات جديدة المنزلة

جديدة المنزلة

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
عطا درغام
مسجــل منــــذ: 2010-12-13
مجموع النقط: 39.96
إعلانات


النهر الخالد للدكتور محمد رفعت الإمام


النهر الخالد
تعد المياه واحدة من ثلاث ركائز تقوم عليها العقيدة الصهيونية بجانب الأرض والشعب.فقد اهتمت الحركة الصهيونية بمسألة الشعب بين عامي 1850-1920 وركزت علي الأرض خلال الفترة من 1920-1970 وظلت المياه منذ عام 1970 تلعب دورا محوريا وأساسيا في إستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي .ولا تكف تل أبيب عن البحث عن مصادر جديدة بعد ان دفعتها الحاجة إلي المياه لاحتلال جنوب لبنان ورفضت الانسحاب من الجولان ،وفي عام 1995 سعت إلي الحصول علي ((1850)) متر مكعب من المياه تبلغ قيمتها إذا ما أنتجت بواسطة محطات التنقية حوالي ((5550)) دولار حيث ارتفعت تكلفة تحلية مياه البحر في إسرائيل إلي ثلاثة دولارات لكل متر مكعب من المياه (في عام 1991 )كما زادت تكلفة معالجة مياه المجاري لاستخدامها في الزراعة والري إلي أربعة دولارات للمتر مكعب .
ولا ريب أن هذه التكلفة العالية تدفع بإسرائيل إلي إيجاد بدائل أخري أقل تكلفة وأكثر استقرارا مثل ((مياه النيل))
وجدير بالذكر أن الرغبة الصهيونية في الاستظفار بمياه النيل ترجع إلي عام 1903عندما تقدم هرتزل إلي ((الحكومة المصرية))بمشروع إيصال مياه النيل إلي صحراء النقب من أجل استيطان اليهود .ورغم فشل المشروع ،إلا أنه يشير إلي أن نهر النيل يشكل بعدا مهما في الإستراتيجية الصهيونية للمياه حتي قبل قيام الدولة العبرية بوقت ليس بقصير. ولم تقف المساعي الصهيونية لإيصال مياه النيل عند محاولة هرتزل ،بل قدم الإستراتيجيون الإسرائيليون مشروعين لنقل مياه النيل إلي الكيان الصهيوني إبان فترة السبعينات الماضية ،أولهما مشروع ((أليشع كالي ))(1974)ويقوم علي نقل 1%من مياه النيل إلي عبر ترعة الإسماعيلية ،وثانيهما مشروع ((بور))(1977)ويتلخص في نقل مليار متر مكعب بتكلفة 12 سنت للمتر منها أربعة سنتات لمصر،وثمة تيار أكاديمي إسرائيلي يعمل علي إقناع مصر بضرورة منح إسرائيل حصة من مياه النيل لا تتجاوز نسبة (واحد في المائة).
علي أية حال ،إن مساعي تل أبيب الدءوبة لإيصال مياه النيل يدفعها لاختراق منطقة المنابع لتمارس عنصرا ضاغطا علي دول المصب،لا سيما مصر،لتوافق علي مساعيها آنفة الإشارة .ولهذا تعد منطقة البحيرات العظمي من المناطق التي تحرص تل أبيب علي ((التواجد الدائم)) بها منذ ردح من الزمن.ويعد هذا التواجد نتاجا طبيعيا للفكر الإستراتيجي الإسرائيلي الذي يراهن علي ضرورة التواجد في المناطق الحساسة وذات المزايا الإستراتيجية.ناهيك عن أن منطقة البحيرات العظمي تمثل لإسرائيل أهم المناطق الإفريقية علي المستويات الإستراتيجية والاقتصادية والجيو سياسية ،ولذا تلجأ إسرائيل لوسائل شتي للإبقاء علي تواجدها في هذه المنطقة وتقوية علاقاتها مع دولها .علي سبيل المثال،تقديم خبراتها الفنية في مجال الزراعة والري(أوغندا).ولاريب أن التعاون في مجال الري يفتح الباب أمام تل أبيب للحصول علي أي موطيء قدم في المنطقة زولا يخفي أن إسرائيل تقوم بدعم الأطراف المتصارعة بالسلاح .وشهدت منطقة البحيرات انتشار السلاح الإسرائيلي بصورة واسعة(قبائل الهوتو والتوتسي في رواندا وبوروندي وشرق زائير)
وتقوم إسرائيل عبر مؤسسات عسكرية خاصة أسسها ضباط الجيش السابقين وعملاء الموساد بالاشتراك في دوامة الصراع الجاري في منطقة البحيرات ،وتقدم هذه المؤسسات خدمات مختلفة مثل التدريب والحماية والمشاركة في العمليات الخاصة وجمع المعلومات.وقد برز نشاطها في زائير علي عهد الرئيس موبوتو حيث وفرت له الحماية الشخصية وقامت بتدريب الحرس الخاص،وبذا ساعدت هذه المؤسسات تل أبيب علي مد ذراعها عسكريا إلي المنطقة ،وازدهرت صناعة السلاح الإسرائيلية مما أنشأ نوعا من ((التبعية العسكرية))بين المنطقة وإسرائيل!!! كما تعمل تل أبيب علي تهيئة المناخ السيكولوجي الأفريقي في منطقة البحيرات كمقدمة لقبولها واعتبارها طرفا أصيلا في المنطقة. علي سبيل المثال تروج عبر وسائط متعددة روايات ((القبائل اليهودية الضائعة))(التوتسي في رواندا وبوروندي ،الميوداي في أوغندا ،المادي في جنوب السودان).لا شك أن العقل الصهيوني يرمي من وراء هذا الزعم ان تتجاوز السيكولوجية الإفريقية الصورة السلبية السيئة للكيان الصهيوني لاسيما ارتباطاته السابقة بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا
الدكتور/ محمد رفعت الإمام
مدرس التاريخ الحديث-كلية الآداب بدمنهور-جامعة الإسكندرية
رئيس تحرير الملحق العربي لجريدة آريف الأرمنية

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة