فضاءات الفحيليه

الفحيليه

فضاء الموروث الثقافي الشعبي

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
غازي الفحيلي
مسجــل منــــذ: 2012-01-28
مجموع النقط: 6.3
إعلانات


قصة


من تراثنا العربي الأصيل
فضيلة الصدق
حكاية موثقة بقلم مالك صلالحه /بيت جن
تتمة لحديث مع الشيخ ابي زاهي منصور طافش
كنا في المرة السابقة قد كتبنا عما حدث مع الشيخ ابي فارس حمود عامر وقبيلة الفحيلي حيث قتل زعيمهم انذاك وردهم على اعقابهم ..ووقوع ابنة زعيمهم في الاسر..حيث بقي العداء قائما بين الطرفين إثر مقتل زعيم قبيلة الفحيلي ..
وقد كان من عادة عشائر بني معروف في جبل العرب ..النزول مرة كل عام الى مدينة دمشق الشام من اجل شراء المؤونة السنوية من مؤن واغذية والبسة وكل ما لم يكن متوفرا في الريف ..ولبعد الشام عن الجبل..ومشقة السفر انذاك..
وحدث ان قام زعيم ال عامرالشيخ ابو فارس حمود برفقة 15 فارسا بالنزول الى الشام من اجل شراء المؤونة السنوية ..
ولما اشتروا ما يلزمهم هموا بالعودة الى الديار ..الا ان مضيفهم ابى الا ان يحلوا ضيوف عليه ليلة واحدة للقيام بواجب الضيافة.. تقديرا لما سمعه عن فعل الشيخ حمود بشان الدفاع عن العرض والكرامة..وكان له ذلك ..وفي صبيحة اليوم التالي شد ابو فارس ورجاله رحل قافلتهم وساروا في طريق عودتهم نحو ديارهم في المقرن الشمالي من جبل العرب (الدروز)..الا انهم تفاجأوا بمضارب وخيام منصوبة لقبيلة الفحيلي في طريق عودتهم ..فاحتار ابو فارس في الامر وادرك خطورة الوضع.. كيف لا ولقبيلة الفحيلي ثأر عند ال عامر وعنده بالذات.. بسبب قتله لزعيمهم عبدالله انذاك..فاخبر جماعته ان لا سبيل للفرار ..اذ ان حال فرارهم سيقوم فرسان قبيلة الفحيلي بمطاردتهم .. اذ لم تعقد راية صلح بين الطرفين حتى تلك اللحظة ..وهم اقلية وليس بامكانهم الهرب بسرعة بسبب احمال القافلة وبعدهم عن الديار لطلب النجدة ..فعزم رأيه على التقدم نحو مضارب قبيلة الفحيلي مسلما امرهم لله..اذ ادرك انهم سرعان ما تعرفوا اليهم من زيهم ولبسهم للعمائم التي تميز بني معروف..فوافقوه الرأي وردوا المشورة والرأي له ووعدوه بالإلتزام بما يطلبه منهم او يأمرهم به..
فقال لهم ابو فارس :" اننا سنتقدم نحو المضارب وكل ما اريده منكم هو التزام السكوت وعدم النطق باي حرف مهما حدث واتركوا الكلام لي "
ولما اقتربوا من المضارب استطاع شيخ قبيلة الفحيلي وجماعته التعرف بسهولة الى الشيخ حمود الذي كان قد قتل اخاه الذي كان زعيمهم اثناء الغزو..كما وتعرفوا الى بعض خيولهم التي وقعت غنيمة بين ايدي فرسان ال عامر اثناء المعركة .وهذا ما كان حيث اقترب ابو فارس بفرسانه وقافلته نحو المضارب والخيام ..فراى القوم جالسين ولم يقف ايا منهم لاستقبالهم ..
عنده ترجل ابو فارس وجماعته عن خيولهم وتقدم بكل جرأة ورباطة جأش.. ووقف امام باب خباء الضيافة ملقيا التحية المتعارف عليها بين العرب قائلا:" العوافي يا غانمين " ..الا ان احدا لم يرد التحية ..!!! فادرك ابو فارس خطورة الامر وكرر مرة اخرى القاء التحية بقوله " السلام عليكم " ..الا ان سلامه قوبل بالسكوت والصمت ..!!!
عندها اوعز ابو فارس لفرسانه بالجلوس ..فجلسوا دون ان يتفوهوا بكلمة منتظرين رد رجال قبيلة الفحيلي وزعيمها ..
وبعد برهة من الزمن تململ زعيم القبيلة وخاطب ابا فارس قائلا " يا حمود اذا كنت ما تخاف من العبيد ..خاف من الله ان يجازيك !!؟؟ فانت قمت بقتل اخي عبدالله ..وجاي اليوم تضيفني وبعده ما انعقدت راية الصلح بينا "
عندها نهض ابو فارس واقفا وخاطبه قائلا: " افتح عينيك واذنيك يا الفحيلي واسمعني منيح ..من مدة طويلة وانا عمال ادور عليك ..وها انا جيتك لقلب بيتك عشان تاخذ ثارك مني ..فافعل ما تريده "
الا ان العادات العربية والاعراف تقضي باحترام الضيف واكرامه حال دخوله الى بيتك حتى لو كان قاتل اباك ..
فما كان من الفحيلي ان رد قائلا:" اذا كنت تريد الصلح يا حمود ..فعليك ان تحلف يمين بانك لم تقتل أخي حتى تسلم "
فأجابه الشيخ أبو فارس:" إبشر يا الفحيلي ..وأنا سأحلف اليمين اللي تريده"
وعندها استل الفحيلي سيفه ورسم على الأرض خطّة (دائرة).. وطلب من الشيخ حمود الدخول الى وسطها لكي يقسم اليمين كما هو العرف والعادة..وبالفعل فقد لبى الشيخ ابو فارس طلبه على الفور ومشى الى وسط الخطة..
فلما رأى شيخ الفحيلي ذلك طلب التشاور مع وجهاء قبيلته ..عن كيفية التصرف مع الشيخ حمود اذا حلف يمينا انه ليس القاتل ..والكل منهم رأه كيف طعن شيخهم عبدااله برمحه وارداه قتيلا اثناء الغزو !!
وقد اشار عليه وجهاء عشيرته بقولهم :" يا شيخنا ..اذا حلف حمود يمينا بانه قاتل أخاك فأنه يكون عندها صادقا ..وعندها الأمر يعود اليك في كيفية التصرف معه ...اما اذا اقسم يمينا بانه لم يقتل اخاك فانه يكون كاذبا ..وعندها سوف نقوم بالثأر منه وقتله لسداد ثأر اخيك .."
فقال شيخ الفحيلي :" نعم الرأي "
فآستجاب لمشورتهم ..وتوجه نحو الشيخ حمود المتواجد داخل الخطة وقال له:" يا حمود بدك تحلف يمين !؟ "
فاجابه حمود :" انا حاضر ويش بدك اقول يا الفحيلي "
فقال له الفحيلي :" بتقول وحياة العود والرب المعبود وخطة سليمان ابن داود ..انك ما شقّيت لأخي عبدالله جلد ولا يتّمت له وُلْد..فاذا حلفت فانت سالم ويا ربعك "
عنده وثب الشيخ حمود واقفا وقال بكل رباطة جأش :" إسمع يا الفحيلي ..وحياة العود والرب المعبود وخطة سليمان ابن داود ..انو اخوك تحت الحزام ( أي انني انا الذي قتلته ) أنا ضربت والله اللي قتل "
عندها صاح الفحيلي من شدة دهشته لجرأة الشيخ حمود ولصراحته واعترافه بالذنب ..وخاطبه قائلا :
" الله يبيّض ثناك يا حمود ..إشهدوا يا عرب ..ترى اخوي عبدالله عند شيخ مثلو ..وحق أخوي وصلني وأنا بدي اعقد راية الصلح بينا وبين حمود وربعه"
وتهلهلت وجوه الحاضرين بالفرح لهذا الموقف الأصيل والمؤثر .وتقدم الفحيلي واخرج حمود من الخطة وتعانقا وتم عقد راية الصلح بين الفريقين ..ليعود بعدها الشيخ حمود حاملا راية الصلح الى ربعه ال عامر سالما غانما هو ورجاله في المقرن الشمالي من جبل العرب (الدروز)..
وبعد مدة قصيرة قام الشيخ ابو فارس حمود بجمع عشيرته ليقصد ديار قبيلة الفحيلي لدفع الدية حسب الاعراف والتقاليد والعادات العربية الأصيلة ..وكان لهم ذلك حيث تلاقا الفريقان وتم دفع الدية وعقد راية الصلح بين العشيرتين..ليعم السلام بينهم لتربطهم بعدها علاقة حسن جوار وصداقة لا زالت قائمة الى اليوم ..
وان دل ذلك على شيء فانما يدل ان قول الصدق فضيلة ..والنطق به واجب في كل ظرف وزمان ..اذ ان جميع الديانات السماوية تنهي عن الكذب وتنادي بقول الصدق ..وان اولى الوصايا التوحيدية هي :صدق اللسان ..
ومن حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر.. والبر يهدي إلى الجنة.. وما زال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور.. وإن الفجور يهدي إلى النار.. وما زال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا). - وقال أيضا: (تحروا الصدق وإن رأيتم أن فيه الهلكة، فإن فيه النجاة).
وما هذه الحادثة الا خير دليل وبرهان على اهمية الصدق وكيف ادى بصاحبه الى النجاة من التهلكة.. ومن هنا تاتي اهمية تربية ابناءنا على النطق بالصدق وعدم الكذب مهما كانت الظروف ..فان هذه عاداتنا وهذه قيمنا وهذا تراثنا الذي يجب التمسك به والحفاظ عليه ..اذ قيل :
ان امة لا تحافظ على تراثها ولا تقدره ليس لها الحق في الحياة !!

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة