فضاءات السهول

السهول

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـجماعة
asami
مسجــل منــــذ: 2011-04-04
مجموع النقط: 68.52
إعلانات


خواطر

بعيدا عن السياسة والسياسيين، والجماعات والمنتخبين، نعطي الكلمة للشباب والشيوخ للتعبير عن آرائهم ومشاعرهم علنا نجد من خلالها ما ينير السبيل لجيل الوسط.
لذا، حاورنا أحد الشبان فكانت أجوبته كما يلي:
سؤال: بعض الأعراف والتقاليد، بل المحيط الاجتماعي يفرض بعض القيود على الأفراد لمسايرته والتقيد بأوامره. فما رأيكم في ذلك ؟
جواب: أنا أعتقد شخصيا أن مسايرة المجتمع، في كل ما يفرض، هي بكل بساطة كبت للإحساس، أو ردع للطموح. مسايرة المجتمع هي في الحقيقة تطويق لحرية الفرد الطبيعية، هي خنق للنفس البشرية، سلب لقوة تحريك الرغبات، تجميد أو تكبيل لكثير من الشهوات.
أحكام المجتمع قاسية، ومسايرته في هذه الأحكام اعتناق للنفاق والحقد والكراهية والأنانية والنميمة والوسواس.
أنا أرفض هذه المسايرة لأنني أحد ضحاياها، فقد داستني بعجلاتها، وشلت حركات انفعالاتي، ومزقت شرايين روحي الباطنية. فقد حرمت النفس من أبسط حقوقها رغبة في إرضاء رب العائلة، سلبت القلب خفقانه خوفا من حدة لسان أفراد المجتمع، طمست حبي خشية تلويث شرف المحبوبة.
مسايرة المجتمع هي سجن في الهواء الطلق، هي منع الرئتين عن الامتلاء بالأكسجين، هي الركون لكثير من الأمراض النفسانية، هي الخضوع لمركبات النقص، لذا كله أرفض هذه المسايرة، أرفضها لاسترجاع حقوقي المسلوبة أو الحفاظ على ما تبقى منها، أرفضها أيضا أملا في إعادة بعض شخصيتي الضائعة.
في الحقيقة، من أراد أن يرضي ضمائر الناس عليه أن يغضب ضميره، علما أن رضا الناس غاية لا تدرك، ومن أراد أن يشار إليه ببنان الخير فليعمل على تكبيل حريته الشخصية.
فحريتي، كما هو معلوم، تنتهي حيث تبتدئ حرية الآخرين، وطبعي يرفض دياسة الحدود في الاتجاهين، لذا أحب أن أعيش في نطاق دائرتي حرا بدون ضغوط،، بدون تأثير وبدون تسيير.
سؤال: تعريف بعض الظواهر أو الإحساسات أو الأشياء الحتمية في حياة الإنسان تتغير بتغير الزمان والمكان، فما رأيكم مثلا في الحب ؟
جواب: الحب هو دمعة وابتسامة كما قال جبران. وتعريفه يتغير بتغير الأشخاص والتجربة، فهو الحرم المحمي، الحرمان المحرق، الحرب الباردة، الإحساس الرهيف، الشعور العميق، الحرة الشديدة . . الحب هو البسمة المغرية، المقلة الدامعة، النفس الباكية، النار الكاوية. . الحب هو أخذ وعطاء، هو عناق السلبي بالإيجابي، هو قبلة الروح للروح، هو قداسة القلوب، هو الجذع الثابت الذي لا تزحزحه العواصف، هو النار الكامنة التي لا تخمد، هو شجيرة عطرة تنعش الأرواح بعبيرها، هو فراشة ترفرف حين ملاطمتها بلطف المعاملة، هو تيار جاذبي يتقمصه المحبان، هو تاج الأمر المطاع على رأس المحبوب.
ولكن، هذا الحب صار اليوم غريق بحر الماديات، يستغيث وصوته لا يكاد يخرج من حلقه، يصاب برصاص المزايدة قبل ولادته، يخنق برنين الدرهم قبل بلوغ النفس إلى رئتيه. لقد صار الحب ذكرى الحنان إلى أيام قيس وليلى، إلى قبلة عنترة لعبلة. حب زماننا هذا حب متلون، يتغير بتغير الزمان والمكان كتغير لون الحرباء، يرفض الرتابة والاستقرار كفراشة تبحث عن الألوان الزاهية بين الزهور، يمل الجمود والخمول كقنوط يتحرى التغيير.
قديما، كان الحب يكبر ويترعرع بكثرة المنع والحرمان، ينمو ويتعاظم بطول الغيبة والانتظار. أما اليوم فلا مانع ولا حرمان، لا غيبة ولا انتظار، لا عذاب ولا خوف، فقطع الغيار جد متوفرة وبأثمان في متناول الجميع. أصبحت رغبة التجديد حتى في العاطفة، صار الحب يسارع الزمن، يسابق التغيير، يبحث عن السعادة المفقودة، يراهن على المستحيل.
سؤال: وهل سبق لك أنت أن أحببت ؟
جواب: سؤال محرج لكن رغم ذلك أجيب بنعم. أحببت بصدق وإخلاص، تعاملت بلطف وحنان، واعدت بنية الوفاء، لكن وجه القمر داسته أحذية الأمريكان، ونسيم الصباح لوثه دخان المصانع، ووردة الربيع أماتها دواء المزروعات، ونحلة العسل شردتها ذبذبات الهواتف النقالة. لقد كان حبا فصار ذكرى القلب للحب، كان رمز المستقبل السعيد فأصبح حنينا للماضي الدفين. لقد ودعت فيه غروب الشمس دون أمل في إشراقة الصباح، واريته جنينا حيث لا أمل في البعث.
إن الأحلام أوسع من الواقع، والجميل هو أن يعيش المرء لما يحب، ودوام العشرة هو تقاسم الآمال والآلام، والهموم والأحزان، والأحلى والأمر. أما حظي أنا، فقد كان ماديا، جافيا، قاسيا، متعاليا ومتمردا.
أنا حين خلوتي للتأمل، لا أكتب ليقرأ لي، ولا أتكلم ليسمع صوتي، لكن دمعة قلمي هي حديثي لروحي، وحين أحدث روحي فإني أحاور من أحب.
سؤال: وما هو رأيك في المرأة ؟
جواب: آه، وآه، ثم آه. المرأة شيء عجيب، لكنه جميل في نفس الوقت. المرأة محيط فسيح دون شواطئ، وبحر عميق دون قعر. هي غابة كثيفة وعرة المسالك، قارة فيحاء لا تعرف الحدود، مخلوق لطيف يتحدى الجمال، غياية عجيبة تشغل العالم، فراشة جميلة تستهوي الألباب. لكن، الأمواج المتلاطمة لا تدهش السباح الماهر، وفسحم البساط لا يبرر عدم وجود النهاية، وزمخرة الأشجار لا توقف القناص المغامر، وغرابة الشيء لا تمنع تكييفه وتوجيهه.
المرأة خلق كثير الانفعال وسريع الإحساس. كم سبحت في بحرها فوجدت من مائه ما يغلي الرأس وما يثلج الصدر، دفنت الروح في أحشائها فأحسست بدفء الالتصاق وعذوبة المذاق، لمست حروف لغزها فعلمت طريق الإيضاح، غمست في غيابة قلبها فبلغت نقطة النبض.
المرأة أرض يزرع فيها الرجل، وطبعا نماء المزروع يتوقف على خصوبة التربة، والمرأة "كالشعلة إذا عرف الرجل كيف يمسكها أضاءت له الطريق، وإذا أخطأ في مسكها حرقت يديه".
صاحبت القلوب فما وجدت أنبل من قلب امرأة أحبت بإخلاص، جسست الأحاسيس فما رأيت أرهف من عاطفة امرأة عانقت بحنان، حللت النفوس فما عثرت على أطيب من مهجة امرأة عاشرت بنية، تغلغلت في طوايا الأرواح فظهر لي أن بقلب المرأة العاشقة متسعا كبيرا للآلام. وقد تجد المسكينة في ذلك إطفاء للوعتها المحرقة، وذوبانا لدموعها الحامية.
باختصار، المرأة شيء جميل جادت به الطبيعة فحارت أمام تحدياته. فأنا أحب المرأة كشخصية قوية، لا كدمية للتسلية وإشباع الغرائز.
ولكن، المرأة ليست دائما ذاك الحمل الجميل والبريء، بل هي أيضا شوكة الورد التي تلسع القاطف من حيث لا يدري. ويكفي، في هذا الصدد، ما قاله الله سبحانه وتعالى في النساء: " إن كيدهن عظيم". وعلى كل، أرجو أن يبقى رأيي هذا نسبيا لأن التعميم غالبا ما يفسد الأحكام.
سؤال: ما رأيك في الزواج المتأخر لبعض الشباب ؟
جواب: شخصية الرجال لا تقاس بالأعمار، والعقول الراجحة لا تميز بعقود النكاح، والنظرة البعيدة لا يخيفها اتساع الأفق، والعين الفاحصة لا تغريها كثرة الألوان، والذوق السليم لا يزيغه تنوع الأطعمة.
إن الزواج بمفهوم العامة هو مجرد اجتماع ذكر وأنثى تحت سقف واحد لصنع الأطفال، أو بمعنى آخر هو نهاية حتمية لستر عورة المتعاقدين.
جميل جدا أن يدخل المرء إلى الدار فتلقاه زوجته فرحة مستبشرة، والأجمل من ذلك أن يصيح في وجهه طفل بريء بكلمة "بابا". لكن عار جدا أن تحمل النفس ما لا طاقة لها عليه، عار أن يربط شخص مصير امرأة بمصيره وهو غير قادر على ذلك، حرام أن يحرمها ما كانت تنتظر، ويخيب آمالها فيما كانت تترقب، ويرغمها على أن تشتهي الأشياء بقلبها دون أن تستطيع لمسها بيدها.
إن الضمير الواعي لا بد أن يلوم من يدخل بالمرأة ولا يعطيها حقها، فالزواج هو التزام مقدس ينبغي احترام مقتضياته، هو خطوة نحو لمس الآمال العريضة الواجب تجسيدها إلى واقع، هو عناق للأحلام قبل أن يكون التصاق للأجسام.
فأنا أمجد الأعزب الذي لا يستطيع الباءة وألوم الزوج الغني الذي يتلاعب بقدسية الزواج.ِ/.
عازم السهلي

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة