شنهور

الصوم فقر إجباري ..!

( يضطرب الاشتراكيون في أوروبا وقد عجزوا عجز من يحاول تغيير الإنسان بزيادة ونقص أعصابه ....... ولو أنهم تدبروا حكمة الصوم في الإسلام لرأوا هذا الشهر الكريم نظاما عمليا أقوى وأبدع الأنظمة الاشتراكية الصحيحة : فهذا الصوم فقر إجباري تفرضه الشريعة على الناس فرضا ليتساوى سواء منهم من ملك المليون من الدنانير ومن ملك القرش الواحد ، ومن لم يملك شيئا ، كما يتساوى الناس جميعا بذهاب كبريائهم الإنسانية بالصلاة التي يفرضا الإسلام على كل مسلم ، وفي ذهاب تفارقهم الاجتماعي بالحج الذي يُفرض على من استطاع إليه سبيلا

............

ولو حققت رأيت الناس لا يختلفون في الإنسانية بعقولهم ولا بأنسابهم ، ولا بمراتبهم ولا بما ملكوا ؛ وإنما يختلفون ببطونهم وأحكام هذه البطون على العقل والعاطفة ... فمن البطن نكبة الإنسانية ، ومن هنا يتناوله الصوم بالتهذيب والتأديب والتدريب ، ويجعل الناس فيه سواء ليس لجميعهم إلا شعور واحد ، وحس واحد ، وطبيعة واحدة تتلبس بها النفس في مشارق الأرض ومغاربها ، فيشيع فيها بهذا الجوع فكرة معينة هي كل ما في مذهب الاشتراكية من الحق ) !

* من مقال للأديب الكبير / مصطفى صادق الرافعي

نشر بمجلة الهلال
مارس 1960 - 3 رمضان 1379هـ