فضاءات قوص

قوص

فضاء الثقافة والمواضيع العامة

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
الطيب الشنهوري
مسجــل منــــذ: 2013-10-27
مجموع النقط: 823.73
إعلانات


من أيام العرب

من أيام العرب

أيام العرب في الجاهلية على أضرب:
فمنها أيام وقعت بين بطون القبيلة الواحدة، وهي شر أنواع الحروب وأخطرها على وحدة القبيلة، وربّما أدت إلى فنائها، وكان ذوو الرأي في القبيلة يحاولون إطفاء نار الحرب بين بطونها حرصاً على بقائها. ومن هذه الحروب تلك التي وقعت بين بطون قبيلة عدوان القيسية وأدّت إلى فناء كثرة رجالها بعد أن كانت ذات شوكة وعدد. ومنها حرب الفساد التي وقعت بين بطني جَديلة والغَوث من قبيلة طيّئ واضطرت جديلة على أثرها إلى الجلاء عن مواطنها. ومنها الأيام التي وقعت بين بطون بني مُرّة الذبيانية، والحروب التي نشبت بين بطون قبيلة بَجيلة بنت أنمار.
والضرب الثاني الأيام التي نشبت بين قبائل تَمتّ إلى أصل واحد، كحرب البَسُوس بين قبيلتي بكر وتغلب، وكلتاهما من ربيعة. ومنها حرب داحس والغبراء بين عبس وذبيان. ومنها كذلك الحروب التي وقعت بين الأوس والخزرج بيثرب، وكلاهما من قبيلة الأزد، ومن وقائعها: حرب سمير، وحرب كعب بن عمرو، وحرب حاطب، وكان آخر أيامها يوم بُعاث.
والضرب الثالث أيام دارت بين قبائل من أصول شتى، وهي أكثرها، ومن أشهرها يوم الكلاب الأول، ويوم الكُلاب الثاني الذي انتصرت فيه قبيلة تميم العدنانية على قبيلة مذحج القحطانية، ويوم رَحْرحان لبني عامر على بني تميم. ومن هذه الأيام كذلك حروب الفجار التي دارت بين قبيلة كنانة وقريش من جانب وبين قبائل تنتمي إلى قيس عيلان من جانب آخر. وأشهر هذه الأيام يوم شِعب جَبَلة لبني عامر وبني عبس على بني تميم وأسد وذبيان يناصرهم بعض أمراء كندة.
وضرب آخر من هذه الأيام، وهي الحروب التي نشبت بين إمارتي الغساسنة أمراء الشام والمناذرة أمراء الحيرة. وكانت إمارة الغساسنة تخضع لسلطان دولة الروم في حين كانت إمارة المناذرة تستظل بسلطان دولة الفرس، وقد وقعت الحرب أحياناً بين إحدى هاتين الإمارتين وبين إحدى القبائل العربية، كيوم السُلاّن الذي انتصر فيه بنو عامر على النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وكيوم طِحفة الذي انتصر فيه بنو يربوع التميميون على المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة.
والضرب الأخير من هذه الأيام هو الأيام التي شبت نارها بين قبيلة عربية أو عدة قبائل وبين الأعاجم من الفرس والروم ومن يواليهم من قبائل العرب، وأشهر هذه الأيام يوم الصَّفقة الذي أوقع فيه كسرى أنوشروان ببني تميم في حصن المشقَّر لعدوانهم على قوافله، ويوم ذي قار الذي انتصر فيه بنو شيبان على جيش كسرى أبرويز ومن والاه من قبائل العرب.


حرب الفِجار
نشبت هذه الحرب بين قبيلة كنانة ـ ومنها قريش ـ وبين قبيلة قيس عيلان، ودُعيت بالفجار لأنها وقعت في الأشهر الحُرم، وهي الأشهر التي كانت الحروب محرّمة فيها، وهي: ذو القعدة، وذو الحجّة، والمحرَّم، ورجب. وقد امتدّ القتال في هذه الحروب أربع سنين، وهما فجاران، في كلّ منهما أيام دار فيها القتال بين الفريقين.
فأيام الفجار الأول ثلاثة، ولم يقع فيها قتال في اليوم الأول، ثم نشب القتال في اليوم الثاني، وكانت حصيلته مقتل نفر قليل من المتحاربين، ثم توسط بينهما حرب بن أميّة، واحتمل دماء القتلى، وكذلك لم يقع قتال في اليوم الثالث لتفاهة الدافع إليه.
وأيام الفجار الثاني خمسة وكان القتال فيها أشد من أيام الفجار الأول، والأيام الخمسة هي: يوم نخلة، وكان النصر فيه لقيس عيلان على كنانة وقريش، واليوم الثاني يوم شَمْطة، وكان كذلك لقيس على كنانة، واليوم الثالث يوم العبلاء، وانتصرت فيه قيس عيلان كذلك، واليوم الرابع يوم عكاظ. وكان القتال فيه عنيفاً وأسفر عن هزيمة قيس عيلان، وقد شارك الرسولe في هذا اليوم وكان فتى حديث السن، فكان يناول أعمامه النبل، وفي اليوم الخامس، وهو يوم الحريرة ثأرت قيس عيلان لهزيمتها في يوم عكاظ.


يوم ذي قار
هذا اليوم هو أول يوم انتصف فيه العرب من العجم. ويقال إنه حدث في زمن النبي . وكان سببه أن كسرى أبرويز غضب على النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وقد أوغر صدره عليه زيد بن عدي العباديّ لأنه قتل أباه عدي بن زيد، فلجأ النعمان إلى هانئ بن مسعود الشيباني فاستودعه أهله وماله وسلاحه، ثم عاد فاستسلم لكسرى، فسجنه ثم قتله. وأرسل كسرى إلى هانئ بن مسعود يطلب إليه تسليمه وديعة النعمان، فأبى هانئ دفعها إليه دفعاً للمذمة، فغضب كسرى على بني شيبان وعزم على استئصالهم، فجهّز لذلك جيشاً ضخماً من الأساورة الفرس يقودهم الهامرز، ومن قبائل العرب الموالية له، من تغلب والنمر بن قاسط وقضاعة وإياد، وولى قيادة هذه القبائل إياس بن قبيصة الطائي، وبعث معهم كتيبتيه الشهباء والدوسر. فلما بلغ النبأ بني شيبان استجاروا بقبائل بكر بن وائل، فوافتهم طوائف منهم، واستشاروا في أمرهم حنظلة بن سيّار العجلي، واستقر رأيهم على البروز إلى بطحاء ذي قار، وهو ماء لبكر بن وائل قريب من موضع الكوفة. والتقى الفريقان في ذي قار، وبدافع العصبية للعرب تخلّت قبيلة إياد عن مواقعها وعادت أدراجها. وقد وقعت في بدء المعركة مبارزة بين الحوفزان بن شريك الشيباني والهامرز قائد جيوش كسرى، فقتل الحوفزان الهامرز، وبعد معركة حامية الوطيس وقعت الهزيمة بجيش كسرى ومن والاه، وقد افتخر شعراء بكر بن وائل بما أحرزوه يومئذ من النصر المبين ومن ذلك قول الأعشى:
وجند كسرى غداةَ الحِنو صَبّحهم

منّا كتائب تزجي الموت فانصرفوا
إذا أمالوا إلى النُشاب أيديهم

مِلنا ببيض فظلّ الهامُ يختطف
وخيلُ بكرٍ فما تنفك تطحنُهم

حتى تولَّوا وكاد اليوم ينتصف
لو أنّ كلَّ مَعَدٍّ كان شاركنا

في يوم ذي قار ماأخطاهم الشَرَفُ


يوم خَزَاز (أو خزازى)
كان هذا اليوم من أعظم أيام العرب في الجاهلية، وهو أول يوم انتصفت فيه القبائل المعدّية من قبائل اليمن، وهو من أقدم أيام العرب زمناً. كانت قبائل ربيعة ومضر تدين في ذلك الحين لسلطان اليمن، ثم تمرّدت عليه، فجمعت اليمن جموعاً لقتال المعدّيّين، وكثرتها من مذحج، ورأّست قبيلة ربيعة عليها كليب وائل، فأمر كليب سلمة بن خالد الملقّب بالسفّاح التغلبيّ، أن يوقد ناراً على جبل خزاز حين يرى جموع اليمن مقبلة عليهم، ففعل. والتقى الفريقان فكان النصر لكليب ومن معه من القبائل، وكان هذا النصر من مفاخر قبيلة تغلب التي أشاد بها شعراؤها، ومنهم عمرو بن كلثوم القائل في معلقته:
ونحن غداة أُوقد في خزازى

رفدنا فوقَ رِفد الرافدينا



حرب داحس والغبراء
نشبت هذه الحرب بين قبيلتي عبس وذبيان، وكلتاهما من غطفان، وسببها رهان وقع بين حُذيفة بن بدر الفزاري الذبياني وبين قيس بن زهير بن جذيمة العبسي على سَبَق عيّناه (مايناله الفائز في السباق)، فأجرى كل منهما فرسه، فسبقت فرس قيس بن زهير، وكان حذيفة قد أكمن لها رجالاً يردّونها عن الغاية، فلما جاءت سابقة ردّوها لتكون السابقة فرس حذيفة. وتنازع الرجلان أيهما أحق بالسبق، وأدّى هذا النزاع إلى نشوب الحرب بين القبيلتين، وقتل في وقائعها نفر من أشرافهما، وقد شارك عنترة العبسي في هذه الحرب، وطال أمد القتال حتى دخل بينهما شريفان من بني مُرّة هما الحارث بن عوف وهرم بن سنان المرّيّان الذبيانيان، فأديا من مالهما ديات القتلى الذين فضلوا بعد إحصاء قتلى الحيين وأطفآ بذلك نار الحرب. وقد مدح زهير بن أبي سلمى هذين الشريفين في معلقته.


حرب البسوس
نشبت هذه الحرب بين قبيلتي بكر وتغلب، وكلتاهما من ربيعة، وكان الذي هاجها مقتل كليب، سيد بني تغلب، بيد جَسّاس بن مُرة البكري. كان كليب في ذلك الحين سيد ربيعة كلها بلا منازع، وهو الذي هزم قبائل قحطان في يوم خَزاز، وكان جبّاراً متسلّطاً، بلغ من جبروته وعزّته أنه كان لا يسمح لأحد أن يورد إبله مع إبله، وكانت القبيلة لا تنزل ولا ترحل إلاّ بأمره، وكان لا يحتبي أحد في مجلسه، وكانت ربيعة لا تصدر إلاّ عن رأيه في جميع أمورها، حتى ضُرب المثل بعزّته فقيل: أعزّ من كليب وائل.
واتفق أن امرأة تدعى البسوس نزلت في جوار بني مُرّة البكريين، وهي خالة جَسّاس بن مُرّة، فوردت ناقتها الماء مع إبل كليب، فغضب كليب وأمر برميها بسهم فقتلها، فغضب لذلك جسّاس وانتهز غِرّة من كليب فقتله، فشبّت الحرب بين بكر وتغلب لهذا السبب وهبّ مُهلهل، أخو كليب، للطلب بثأر أخيه، وكانوا يلتقون في الوقعة بعد الوقعة، ومن أيامها: يوم التحالق، ويوم واردات، ويوم القصيبات، واستمرت الحرب بين القبيلتين أمداً طويلاً. وكان آخر من قتل من جرّائها جسّاس بن مُرّة، قتله الهجرس بن كليب، وأخيراً دخل ملك الحيرة بين الطرفين فتكافّا عن القتال.


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة